شبكات الأمان الاجتماعي بالمغرب في ضوء مشروع تعميم الحماية الاجتماعية
عبد الرفيع زعنون

المغرب

Loader Loading...
EAD Logo Taking too long?
Reload Reload document
| Open Open in new tab

Download [737.77 KB]

ملخص

أبانت جائحة كورونا عن هشاشة شبكات الأمان الاجتماعي بالمغرب، وأبرزت محدودية أثر التدخل العمومي في المجال الاجتماعي، الأمر الذي حتم بلورة إجابات استراتيجية شكل القانون الإطار رقم 09.21 المتعلق بالحماية الاجتماعية ركيزتها الأساسية، من خلال وضع الآليات التمويلية والتدبيرية اللازمة لتعميم استفادة جميع المواطنات والمواطنين من أنظمة الحماية الاجتماعية بحلول سنة 2026. تهدف هذه الدراسة إلى تتبع خلفيات اعتماد مشروع تعميم الحماية الاجتماعية بالمغرب وشروط إسهامه في تقوية شبكات الأمان الاجتماعي، وتخلص الدراسة إلى الآفاق الواعدة التي سيفتحها تنفيذ القانون الإطار رقم 09.21 في التجسيد العملي للدولة الاجتماعية إذا ما تم إسناده بإصلاحات تشريعية ومؤسسية تروم القطع مع التدابير الظرفية، والارتقاء بحكامة تدبير السياسات الاجتماعية.

الكلمات المفتاحية: الحماية الاجتماعيةالدعمدولة الرعايةشبكات الأمانالعدالة الاجتماعية

مقدمة

كشفت تداعيات الأزمة الصحية كوفيد19 حقيقة الوضع الاجتماعي بالمغرب، حيث لم تفلح السياسات المتخذة منذ السنوات الأولى للاستقلال في الحد من مظاهر التفاوت الاجتماعي، بل على النقيض من ذلك أصبحت الإشكالات الاجتماعية تأخذ أبعادا جديدة أكثر عمقا وامتدادا، أمام عقم المقاربات المعتمدة التي أصبحت عاجزة عن معالجة ظواهر الفقر والإقصاء، وقاصرة عن بلوغ حلم العدالة الاجتماعية، خاصة في ظل ظرفيات استثنائية غير معهودة طرحت على المحك ضرورة عقلنة السياسات الاجتماعية قصد جعلها أكثر فعالية ونجاعة، وأقدر على استهداف الفئات المستفيدة من الدعم العمومي.

لرفع هذه التحديات، عرفت منهجية وضع السياسات الاجتماعية بالمغرب تغيرا جوهريا، سواء تعلق الأمر بالمساعدة الاجتماعية عبر وضع قانون إطار عمل على تحديد الشروط التنظيمية الكفيلة بجعل البرامج الاجتماعية تستهدف الفئات المستحقة1، أو بالحماية الاجتماعية من خلال القانون الإطار رقم 09.212، الذي حدد خارطة الطريق نحو دولة الرعاية خلال الفترة الفاصلة بين 2020-2025، عبر تعميم التأمين الإجباري الأساسي عن المرض والتعويضات العائلية وتوسيع قاعدة المنخرطين في أنظمة التقاعد وتعميم الاستفادة من التعويض عن فقدان الشغل، وهو ما سيقود نحو إصلاحات تشريعية ومؤسسية يمكن أن تدعم شبكات الأمان الاجتماعي بالمغرب.

في ضوء ذلك، يبرز التساؤل حول الدروس المستفادة من جائحة كورنا على صعيد ترتيب الأولويات الاجتماعية وتوفير الضمانات الضرورية لتحسين المؤشرات السوسيو-اقتصادية في أفق تكريس فعلي ومستدام لشبكات الأمان الاجتماعي؟ وتنبثق عن هذا السؤال المركزي عدة أسئلة فرعية تُسائل سياقات وضع القانون الإطار المتعلق بالحماية الاجتماعية ورهاناته وآليات وممكنات تنزيله، وضمانات تقاطعه مع باقي التدابير الاجتماعية، وكذا طبيعة الإكراهات التي قد تحول دون تجسيد الإصلاحات الجارية، والبدائل الممكنة للرفع من فعالية التدخل العمومي الاجتماعي بالمغرب.

تفترض هذه الدراسة أن الشروط السياسية الحالية تشكل ضمانة مهمة لتزيل القانون الإطار، في ظل المتابعة الملكية المستمرة ولوجود حكومة متجانسة جعلت الدولة الاجتماعية أساس برنامجها، إلى جانب ذلك ثمة فرضية ثانية تتوقع صعوبة تعميم الأنظمة الأربعة لمنظومة الحماية الاجتماعية في أفق 2025 بالنظر للمتغيرات الاقتصادية والاجتماعية غير المستقرة، وبحكم عدم تجانس الإطار المؤسسي وغياب أية بوادر لمراجعة جذرية لحكامة تدبير السياسات الاجتماعية بالمغرب.

لمعالجة إشكالية الدراسة وفحص فرضياتها، سنخصص المحور الأول لرصد مظاهر أزمة التدخل الاجتماعي بالمغرب منذ الاستقلال إلى الآن في ضوء المؤشرات التي أفرزتها جائحة كورونا، وما ترتب عنها من تداعيات وخيمة حتمت مراجعة منظومة تدبير السياسات الاجتماعية، وفق أولويات ومقاربات جديدة تتمثل أساسا في تعميم الحماية الاجتماعية والنهوض بمنظومة الاستهداف، على أن ننتقل في المحور الثاني إلى استشراف مسار تفعيل القانون الإطار الخاص بالحماية الاجتماعية، وإبراز أهم الضمانات الضرورية لتحقيق رهاناته ولإسهامه في تجسيد الاستحقاقات الجديدة للدولة الاجتماعية.

1 القانون رقم 72.18 المتعلق بمنظومة استهداف المستفيدين من برامج الدعم الاجتماعي وبإحداث الوكالة الوطنية للسجلات، جريدة رسمية عدد 6908 بتاريخ 13 أغسطس 2020.

2 قانون إطار رقم 09.21 يتعلق بالحماية الاجتماعية، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.21.30 الصادر في 9 شعبان 1442 (23 شعبان 2021)، جريدة رسمية عدد 6975-22 شعبان 1442(5 أبريل 2021).

Start typing and press Enter to search