د. عبد الإله سطي
المغرب
هذه الأوراق نتاج سمينار داخلي وتصدر بصفة غير دورية
وتعبر فقط عن رأي كتابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي منتدى البدائل العربي للدراسات أو أي مؤسسة شريكة
جرت الانتخابات العامة المغربية بشكل متزامن بين الانتخابات التشريعية والانتخابات الجهوية والانتخابات الجماعية؛ بمشاركة 31 حزبا أبرزهم ما يعرف بأحزاب الإدارة (حزب التجمع الوطني للأحرار وحزب الأصالة والمعاصرة)، ثم أحزاب الحركة الوطنية (حزب الاستقلال وحزب الاتحاد الاشتراكي)، ثم الحزب ذي التوجه المحافظ (حزب العدالة والتنمية)، التي تنافست على ما يقارب 18 مليون ناخب مقابل 16 مليون في انتخابات 2016.
وقد كشفت النتائج النهائية لهذه الانتخابات؛ عن مفاجآت عديدة تغيرت معها الخريطة السياسية والانتخابية في المغرب بشكل كلي، إذ تراجع حزب العدالة والتنمية المحافظ وذي المرجعية الإسلامية إلى مراتب متأخرة مقارنة مع النتائج التي تحصل عليها في الانتخابات التشريعية لسنة 2016، حيث انتقل الحزب من 125 نائبا ممثلا بمجلس النواب إلى 13 نائبا ثلثيها من النساء. بينما لم يحصل إلا على 777 مقعدا من أصل 32000 مقعدا بالانتخابات الجماعية (البلدية)، بخلاف انتخابات 2015 التي استطاع من خلالها أن يحصل على أغلبية المقاعد المحلية بالمدن والبلديات الكبرى.
مفسحا بذلك الصدارة لحزب التجمع الوطني للأحرار ذي الميولات الليبرالية، والمعروف تاريخيا بقربه من السلطة السياسية بالمغرب1. ويبقى السؤال الذي يفرض نفسه هنا هو ما هي المسببات الموضوعية والذاتية التي ساهمت في هذا السقوط المدوي لحزب ظل يتمتع بشعبية كبيرة منذ مشاركة أعضائه في الانتخابات التشريعية (البرلمانية) لسنة 1997؟ وما هي التفسيرات التي يمكن تقديمها لقراءة هذا التراجع الذي لم يكن متوقعا حتى من أكثر المعارضين والمنافسين للحزب؟
نظام انتخابي غير عادل
أجمعت التقارير الأولية للملاحظين المحليين والدوليين؛ على سلامة الانتخابات العامة التي أجريت في المغرب في تزامن واحد (الانتخابات التشريعية والانتخابات الجهوية والانتخابات الجماعية/البلدية)، والتي عرفت نسبة إقبال على المشاركة فاقت 50 في المائة من الناخبين المسجلين في اللوائح الانتخابية، حيث سجل المجلس الوطني لحقوق الإنسان بالمغرب أن الانتخابات مرت في ظروف شفافة وعادية باستثناء بعض الحالات الفردية، وقد أقر المجلس من خلال تقريره الصادر صبيحة الإعلان عن نتائج الانتخابات، أن السلطات المغربية التزمت الحياد خلال الحملات الانتخابية، وسجل المجلس أن عملية افتتاح مكاتب التصويت مرت في ظروف عادية خلال مواقع الملاحظة. كما ثمن تقرير المجلس احترام موعد إجراء الانتخابات رغم الظروف الاستثنائية وغير المسبوقة، وذلك لضمان سير المؤسسات التمثيلية للمجتمع، من جهة أخرى سجل التقرير بعض الممارسات التي تمس من شفافية التنافس الانتخابي الحر بين المنتخبين، كاستمرار ظاهرة شراء الذمم لاستمالت أصوات الناخبين نحو مرشح دون آخر، أيضا سجل المجلس رصده لبعض حالات الاعتداء على مقرات أحزاب سياسية، والتعرض للتعنيف والسب والقذف لبعض المرشحين خلال الحملة الانتخابية 2.
وهو ما أثار حفيظة بعض الأحزاب المتضررة من استعمال المال في العملية الانتخابية، كحزب العدالة والتنمية الذي أدان في بلاغ صدر عن أمانته العامة عقب الإعلان عن النتائج الانتخابية النهائية، “الخروقات التي عرفتها الاستحقاقات الانتخابية سواء في مرحلة الإعداد لها من خلال إدخال تعديلات في القوانين الانتخابية مست بجوهر الاختيار الديمقراطي إضافة إلى عمليات الترحال السياسي، أو ممارسة الضغط على مرشحي الحزب من قبل بعض رجال السلطة وبعض المنافسين وذلك من أجل ثنيهم عن الترشيح، وكذا من خلال الاستخدام المكثف للأموال”3. من جانبه نبه حزب التقدم والاشتراكية إلى ما اعتبره “ظاهرة خطيرة تتجلى في استعمال المال في هذه الانتخابات بدرجة غير مسبوقة”4.
لكن بالرغم من الشفافية النسبية التي مرت بها الانتخابات المغربية الأخيرة، إلا أن التمعن في طبيعة النظام الانتخابي المغربي الذي تم اعتماده قبل أسابيع قليلة من الاستحقاقات الانتخابية، فضلا عن السياق السياسي الذي تجرى فيه هذه الأخيرة وطبيعة القواعد المتحكمة في اللعبة الانتخابية، يطرح أكثر من ملاحظة حول فعالية هذا النظام في إنتاج مخرجات انتخابية تخدم العملية الديمقراطية من عدمها.
فتعديل النظام الانتخابي بأسابيع قليلة قبل موعد الاقتراع كان هدفه في البداية قطع الطريق أمام أي حزب سياسي من الحصول على غالبية المقاعد. حيث أن الهدف من اعتماد قاسم انتخابي قائم على احتساب عدد المسجلين بالدوائر الانتخابية وليس عدد المصوتين في الانتخابات التشريعية، على غرار ما كان معتمدا في الانتخابات السابقة، بالإضافة إلى إلغاء عتبة 3 % كشرط لمشاركة اللوائح في توزيع المقاعد بالدوائر المحلية، إلى جانب إلغاء نظام الاقتراع باللائحة في العديد من المدن الصغرى وتعويضه بنظام الاقتراع الفردي. كان الغرض منه ألا تفوز أي لائحة انتخابية بأكثر من مقعد انتخابي في الدائرة الواحدة، وهو ما سيفسح الطريق أمام الأحزاب الصغيرة من التواجد بالبرلمان. وأيضا ما سيساهم في بلقنة المشهد السياسي، بالشكل الذي لا يسمح بحصول أي حزب على أغلبية مطلقة لمقاعد البرلمان، مما يضطره للبحث عن تحالفات تكون في أغلب الأحيان تحالفات هجينة ومفتقدة للتجانس الحكومي.
الفائزون في الانتخابات: عودة الأعيان5 للحياة السياسية
بوأت النتائج الانتخابية حزب التجمع الوطني للأحرار صدارة الخريطة الانتخابية بحصوله على 102 مقعدا بمجلس النواب من أصل 395 مقعدا، بعدما كان يحتل المرتبة الرابعة بالانتخابات التشريعية السابقة لسنة 2016 ب 36 مقعدا فقط. متبوعا بحزب الأصالة والمعاصرة الذي حصل على 86 مقعدا، ثم حزب الاستقلال الذي تحصل على 81 مقعدا، بينما جاء حزب العدالة والتنمية في المرتبة الثامنة ب 13 مقعدا مقابل 125 مقعدا بالانتخابات التشريعية لسنة 2016.
القراءة الأولية لهذا النتائج على ضوء السياق السياسي العام الذي جرت فيه، تحيل على ثلاث مستويات من التحليل:
أولا: عودة ظاهرة الأعيان لتطفوا على المشهد السياسي بقوة؛ فبقراءة بسيطة لبروفايلات اللوائح الفائزة بمقاعد انتخابية لحزب التجمع الوطني للأحرار، سنجد أنفسنا أمام حزب قاعدته الرئيسية ورأسماله الرمزي يرتكز أساسا على قوة الرأس المال المادي والرمزي لمرشحيه، وذلك باستفادته من شبكة واسعة من الأعيان ممتدة على معظم التراب المغربي. ومعروف عن هذه الفئة ما تلعبه من أدوار في تقريب الخدمات الاجتماعية للمواطنين والتي تكون بسيطة في كثير من الأحيان، نظرا لتواجدهم الدائم بدوائرهم المحلية، وقدرتهم على بناء شبكة وطيدة من الزَبونية وتقديم الخدمات التي تتحول في الزمن الانتخابي إلى آلة للتعبئة وجلب الأصوات.
هذا فضلا عن استقطابه لأعيان سبق وأن كانوا ممثلين باسم أحزاب أخرى، وهنا نرصد ظاهرة الترحال السياسي التي ميزت العملية الانتخابية خلال هذه السنة، حيث استفاد حزب التجمع الوطني للأحرار الذي تصدر النتائج الانتخابية من موجة ترحال سياسي واسعة، من مرشحين انتخابيين ناجحين داخل أحزاب سياسية أخرى وصل إلى حدود 30 مرشحا، فيما استفاد حزب الاستقلال الذي احتل المرتبة الثالثة في الانتخابات من 20 مرشحا كانوا منتمين لأحزاب أخرى، بينما استفاد حزب الأصلة والمعاصرة الذي احتل المرتبة الثانية في الانتخابات من عشرة مرشحين كانوا منتمين لأحزاب أخرى.
ثانيا: ضبط اللعبة الانتخابية من خلال استفراد وزارة الداخلية بجميع الترتيبات التنظيمية واللوجستيكية التي تحتاجها العملية الانتخابية، بدل لجنة عليا مستقلة كما هو معمول به داخل الأنظمة الديمقراطية. فضلا عن تزامن إجراء الانتخابات التشريعية والجهوية والجماعية/البلدية في وقت واحد هذه السنة، مما كان له تأثير أيضا في ضبط النتائج الانتخابية وتحركات الأحزاب السياسية. فقد ظل المناخ العام الذي يميز الانتخابات بالمغرب يختلف في مخرجاته ما بين الانتخابات التشريعية والانتخابات الجماعية، حيث تلعب ضوابط ومحددات خاصة في كل واحدة منهما، مما يجعل النتائج العامة تتمايز بينهما.
الأمر الذي تم تفاديه من خلال الانتخابات الأخيرة التي أجريت في يوم واحد، حتى يسهل ضبط المشهد الانتخابي، سواء من حيث نسبة التصويت التي كانت تمتد نسبيا في الانتخابات المحلية وتتقلص في الانتخابات التشريعية، ثم من حيث النتائج فطالما تميزت الانتخابات التشريعية بفوز أحزاب الأعيان نظرا للاعتبارات التي تناولناها سابقا، وتراجع أحزاب الأطر لذات الاعتبارات.
فالملاحظ من خلال النتائج العامة للانتخابات أن من تحصل على المرتبة الأولى في الانتخابات الجماعية هو من تصدر ترتيب النتائج الانتخابية البرلمانية. الأمر الذي لم يخدم حزب العدالة والتنمية بخلاف الأحزاب الثلاثة الأولى المتصدرة للنتائج، نظرا لعدم تغطيته لأغلبية الدوائر الانتخابية الجماعية، التي كانت نتائجها مؤثرة وحاسمة في نتائج الانتخابات التشريعية البرلمانية. فلم يتمكن حزب العدالة والتنمية من تغطية سوى 26 في المائة من عدد الترشيحات بالدوائر الجماعية/البلدية، كما عانى الحزب من ظاهرة الترحال السياسي لمجموعة من أعضائه ومنخرطيه تجاه أحزاب سياسية أخرى أبرزها حزب التجمع الوطني للأحرار الفائز بالانتخابات، وهو ما طرح إشكالية الالتزام الحزبي الذي يعتبر من السمات البارزة التي ميزت تجربة حزب العدالة والتنمية طيلة مساره الانتخابي.
لهذا خدمت الانتخابات الأخيرة الأحزاب التي تتميز بشبكة أعيان واسعة، نظرا لقدرتها على الانتشار الواسع والتأثير في الناخبين بشكل مباشر، ثم كان لمحدد القبيلة والانتماء العشائري أيضا دورا في ترجيح كفة الأعيان عن باقي المرشحين، لأن المواطن المغربي ينظر للأشخاص في عملية التصويت أكثر ما ينظر للبرامج والخطابات والشعارات.
لكن بالرغم من العوامل السابقة لا يمكن إخفاء حقيقة التصويت العقابي الذي مني به الحزب من قبل الناخبين، فقد أسهمت السياسات التي أقدم عليها هذا الأخير، بخصوص قضايا التوظيف بالتعاقد، وإلغاء صندوق المقاصة، وزيادة سن التقاعد، والاقتطاعات المتتالية، وتراجع القدرة الشرائية للمواطنين، لا سيما بعد الأزمة الاقتصادية التي خلفتها جائحة كورونا، هيأت الظروف إلى إلقاء اللوم عل حزب العدالة والتنمية القائد للحكومة. وقد تحمل الحزب عواقب سياسات هو غير مسؤول عنها، وذلك لأنه يدير الحكومة. فلترؤس الحكومة من دون الحكم فعلًا ثمن وافق حزب العدالة والتنمية على دفعه؛ إذ يضطر أن يمرر سياسات لا يتفق معها، أو لا تتفق معها قواعده6.
انتخابات بعنوان القطيعة مع الإسلاميين
بداية الهزيمة
قبل التطرق إلى العوامل الموضوعية والذاتية التي أدت إلى تراجع حزب العدالة والتنمية في الانتخابات التشريعية الأخيرة، لا بأس من الرجوع إلى المؤشرات الأولى التي كانت تنذر بهذا التراجع. فقد أجرى المغرب منتصف شهر يونيو/حزيران 2021 انتخاب ممثلي الموظفات والموظفين في حظيرة اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء، حيث كشفت النتائج المتحصل عليها تراجع بين للذراع النقابي للحزب المتمثل في الاتحاد الوطني للشغل، الذي تراجعت نتائجه بأكثر من ثلثي ما تحصل عليه في انتخابات ممثلي الموظفين لسنة 2015 التي تمكنت فيها النقابة الأخيرة من الحصول على 261 منتخبا أي بنسبة 6,31 في المائة من ممثلي المأجورين، مقابل نسبة 2,85 في المائة في انتخابات ممثلي الموظفين لهذه السنة التي لم يتجاوز عدد المنتخبين الذي حصلت عليهم النقابة أكثر من 107 من المنتخبين. شكلت هذه النتائج البوادر الأولى التي كانت تؤشر لتراجع شعبية الحزب لدى فئة الموظفين والمأجورين، من خلال تصويتهم العقابي على ممثليه النقابيين باللجان المتساوية الأعضاء.
غير بعيد عن هذا التراجع الانتخابي أسفرت نتائج النهائية للغرف المهنية التي أجريت بتاريخ 6 غشت/آب 2021، عن تأكيد فرضية تراجع شعبية حزب العدالة والتنمية الذي لم يستطع الحفاظ على المرتبة التي حصل عليها في الانتخابات المهنية السابقة لسنة 2015، فانتقل الحزب من 196 مقعدا بنسبة 8,99 بالمائة سنة 2015 التي احتل فيها المرتبة الرابعة، إلى المرتبة الثامنة بـ49 مقعدا في انتخابات الغرف المهنية لسنة 2021 بنسبة 2,20 بالمائة.
وبالرغم من الخصوصية التي تميز الانتخابات المهنية التي تكون موجهة أساسا لفئة التجار والفلاحين، وهي الفئة التي لا تشكل الطبقة الشعبية لحزب العدالة والتنمية، إلا أنه بقراءة النتائج التي حصل عليها هذا الأخير في الانتخابات لسنة 2015 مع انتخابات 2021، يوحي بأن هناك مياه كثيرة مرت تحت جسر حزب العدالة والتنمية، وأن الحزب على منعرج سياسي سيؤدي به مستقبلا إلى تراجع أيضا على مستوى الانتخابات التشريعية والجهوية والجماعية.
العوامل الذاتية والموضوعية
بالرغم من أن حزب العدالة والتنمية تمكن من بناء قاعدة شعبية عريضة وثابتة من الناخبين داخل المدن الكبرى والصغرى، خلال الانتخابات التشريعية لسنة 2011 وسنة 2016، إلا أن النتائج المحصل عليها في الانتخابات التشريعية الأخيرة كشفت عن تقلص كبير في هذه القاعدة وصلت لحد الاندثار. فالحزب الذي كان يحوز على 125 مقعدا خلال الانتخابات السابقة، لم يستطع الحصول إلا على أربع مقاعد انتخابية في اللوائح التشريعية المحلية، مضاف إليها تسعة مقاعد من اللائحة النسائية الجهوية وهو ما لن يمكَنه حتى من تشكيل فريق نيابي.
هذا فضلا عن أن القاسم الانتخابي الذي تمت مراجعته قبيل الانتخابات، على أساس احتساب الأصوات على عدد المسجلين وليس على عدد المصوتين، والذي عارضه بشدة حزب العدالة والتنمية كان هو المنقذ الفعلي للحزب، فلو تم الإبقاء على النظام الانتخابي السابق لما استطاع الحزب التحصَل على أي مقعد انتخابي. لكن على العموم فهذه النتائج تعيد الحزب إلى مرحلة البداية أي إلى سنة 1997، لما حصل الحزب على 12 مقعدا في أول مشاركة انتخابية له، لكن هذه المرة من موقع ضعف وليس من موقع قوة.
وعلى العموم يظل هذا التراجع المدوي في حاجة إلى تفسير وتأويل يمكن قراءته من خلال أربع مداخل أولية أساسية:
أولا: إرجاع تراجع الحزب الانتخابي لأسباب ودوافع من خارج الذات الحزبية كما ذهبت الأمانة العامة للحزب في بلاغها7 الصادر عقب الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات، ينطوي على تقدير فيه القليل من الدقة. فالحاصل أن الحزب خرج خالي الوفاض من جل دوائر المدن الكبرى الانتخابية، حيث شكلت معقله الانتخابي الثابت منذ تدشينه للمشاركة الانتخابية سنة 1997، كمدن الدار البيضاء وطنجة والرباط وفاس وأكادير. كما سجل غيابه التام من الدوائر الأخرى التي ميزت اختراقه خلال الانتخابات التشريعية الماضية كدوائر الصحراء الجنوبية والشرق.
ولهذا يذهب بلال التليدي الناشط السياسي بالحزب إلى أن بعض المعطيات المرتبطة بالذات الحزبية قد تعين على فهم جزء من هزيمة الحزب والتي يلخصها أساسا، في فقدان نقاط قوته في انتخابات 2016، والمقصود بذلك أولا التماسك التنظيمي، فالحزب دخل الانتخابات في حالة شرخ قيادي مزدوج، صراع بين جناحي الحزب (العثماني8/ بن كيران9) وصراع داخل القيادة التي أدارت المرحلة (العثماني/ الرميد10) فضلا عن شرخ امتد للقاعدة بين تيارين، لم تستطع القيادة جمعهما، واعتمدت نهج التغلب بتقريب الموالين وإقصاء المعارضين. ثاني هذه الاعتبارات، وهو الأخطر في تقدير التليدي والمتمثل في أثر تعديل القاسم الانتخابي على الداخل الحزبي، ففعالية هذا التعديل في القانون الانتخابي، ساهمت في إحداث تصدع خطير في بنية الحزب، ذلك أن نقص الحظوظ الانتخابية (القاسم الانتخابي لا يمكن إلا لمقعد واحد فقط في كل لائحة انتخابية) ساعد في تأجيج الخلافات والصراع على وكيل اللائحة، مما أثمر آلية الكولسة والزبونية والعلائقية في التزكية، وأثمر في المقابل تصدعات واستقالات وتمردات، بل أضعف الجاهزية الانتخابية بشكل كامل، فكان واضحا امتناع شرائح كبيرة من مناضلي الحزب عن تقديم الإسناد الانتخابي لمرشحي الحزب في عدد من الدوائر11.
يحيل هذا المعطى أن حزب العدالة والتنمية دخل للانتخابات بضعف غير مسبوق في بيته داخلي، بدأ بالتصدع الذي شهده كيان الحزب إبان ما سمي بتعطيل مهمة تشكيل الحكومة الذي كلف الأمين العام السابق للحزب عبد الإله بنكيران بإعداد أغلبيتها سنة 2016، مما أدى إلى إعفائه من قبل الملك، وتكليف خلفه سعد الدين العثماني، وما أسفر عن ذلك في اختلاف القراءات والتقديرات التي كادت أن تعصف بتماسك الحزب إبانه. فبدأ الحديث عن جناحين داخل الحزب جناح عبد الإله بنكيران وجناح سعد الدين العثماني، حيث يبدو أن الحزب لم يستطع التخلص من هذه الثنائية إلى حدود الساعة. وقدر برز هذا الشرخ أيضا في مرحلة الترشيحات التي شهدت اعتراضات داخلية غير مسبوقة، بالرغم من اعتماد الحزب على آلية ديمقراطية في انتقاء المرشحين.
علاوة على ذلك شكلت الولاية الأخيرة للأمين العام للحزب سعد الدين العثماني، أول ولاية في تاريخ الحزب بدون أطروحة مذهبية التي كانت تمثل ميزة الحزب عن باقي الأحزاب الأخرى. فبعد أطروحة الإصلاح السياسي وأطروحة النضال الديمقراطي وأطروحة محاربة الفساد، دخل حزب العادلة والتنمية لانتخابات 8 شتنبر/أيلول بدون أطروحة سياسية. التي على أساسها كان يبني خطابه الانتخابي، والتي لطالما شكلت محط جذب لفئات واسعة من الطبقة المتوسطة التواقة للإصلاح في المغرب. غياب الأطروحة السياسية خلال المؤتمر الأخير للحزب يمكن إيعازه لحالة الشرخ والانقسام الذي شكل عنوان الحزب طيلة السنوات الخمس الماضية.
ولهذا فمعطى ضعف البيت الداخلي للحزب لا يجب إغفالها في أي عملية تحليل للنتائج التي حصل عليها في الانتخابات الأخيرة، إذ أن المتتبع للشأن الداخلي لبيت العدالة والتنمية سيلاحظ أن الحزب دخل منهزما ذاتيا للمنافسة الانتخابية.
ثانيا: المدخل التفسيري الثاني يدفعنا إلى الحديث عن المسببات الموضوعية للانتكاسة الانتخابية لحزب العدالة والتنمية؛ من خلال البحث في أسباب تحول الكتلة الناخبة التي بوأته الصدارة في الانتخابات الماضية لسنة 2016، والمتمثلة في أزيد من مليون ونصف صوت. فمن المعروف أنه كان للحزب قاعدة اجتماعية متمثلة في الطبقة الوسطى مستقرة في المدن والحواضر، لطالما شكلت البنية الانتخابية الصلبة للحزب.
لكن قيادة الحزب للحكومة المغربية لعشر سنوات كانت كفيلة بتآكل هذه القاعدة وتقلصها، نظرا لحجم الوعود والانتظارات الكبرى التي كانت تعلقها على كاهله شرائح واسعة من فئات المجتمع المغربي، والتي لم يستطع أن يفي بمعظمها. بل البرامج الإصلاحية التي أقدم عليها الحزب في الجانب الاجتماعي اعتبرت في مجملها ضد مصالح الطبقة المتوسطة، وبالتالي كان من المنتظر مع مرور السنوات أن تتراجع هذه الطبقة عن دعمها للحزب.
وذهبت بعض التحليلات إلى أن هذه الكتلة الناخبة أعطت أصواتها خلال هذه الانتخابات لأحزاب الحركة الوطنية التقليدية خصوصا حزبي الاستقلال والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، اللذان عرفت نتائجهما تصاعدا ملفتا خلال هذه الانتخابات.
وهو مالم يعره الحزب اهتماما ففائض الثقة التي بدى الحزب منتشيا به طيلة العشر سنوات الماضية، جعلته يفرط في دينامية التعبئة والتنشئة التي كانت ميزته الأساسية عن باقي الأحزاب السياسية، فلم يعد أمر توسيع قاعدة المنتسبين والمنخرطين والمتعاطفين مع الحزب من أولوياته وانشغالاته الرئيسية، الأمر الذي أضعف رأسماله من المناضلين الذي كان يشكل قوة صلبة لصالحه خلال الحملة الانتخابية بأقل التكاليف المالية.
من جانب آخر يمكن القول أن النتائج المتدنية التي حصل عليها حزب العدالة والتنمية خلال هذه الانتخابات، لا تحيل، فقط، إلى تصويت عقابي شرس ألحقته هذه الكتلة (أو جزء منها) بالحزب الإسلامي، بل تحيل، أيضا، إلى مقاطعة كبرى لعرضه الذي يقدم أحد أكثر النماذج فجاجة في التناقض بين الخطاب والممارسة. هذا التناقض يغذي، في النهاية، المأزق الإصلاحي للدولة والسلطة والنخب والمجتمع، بمعنى أن هذه المقاطعة موجهة، في الوقت نفسه، ضد تردّد الفاعلين، على اختلاف مواقعهم، في القيام بإصلاح سياسي واجتماعي شامل، يأخذ بالاعتبار تزايد الطلب على الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية وإعادة توزيع الثروة.12
ثالثا: وهو معطى متعلق بقواعد اللعبة السياسية المغربية؛ المبنية على التوازن السياسي بين مختلف مكونات المشهد السياسي المغربي. فهذه الانتخابات كشفت عن تلاقي موضوعي ما بين إرادة السلطة في المغرب في توقيف تصاعد الإسلاميين خصوصا مع وصول حلقة الإدماج السياسي لهذا المكون السياسي منتهاها، مع إرادة جزء كبير من الشرائح المجتمعية في إحداث القطيعة مع هذه التجربة. فتآكل شعبية الحزب وتراجع مصداقيته لدى النخب المتوسطة وشرائح مجتمعية واسعة، برز من خلال تراجع حجم التعبئة الانتخابية التي ميزت ظهور الحزب في الفضاءات العامة خلال الحملة الانتخابية، مقارنة مع باقي الأحزاب السياسية المتصدرة للنتائج الانتخابية الحالية.
علاوة على ذلك يبرز في الواجهة المنطق الذي تقوم عليه العملية السياسية في المغرب، من خلال ضبط الحقل السياسي سواء على مستوى الخطاب أو مستوى الفاعلين الأساسيين داخل هذا الحقل.
وقد أعادت نتائج هذه الانتخابات إلى الواجهة، بروز السيناريو الذي كانت تعدّه السلطة قبل هبوب رياح الربيع العربي، والمتمثل في احتكار الحقل السياسي، والرهان على دوائر المال والأعمال والتكنوقراط والأعيان، وضبط الفضاء العمومي، ومراقبة الاحتجاج الحضري، وتنزيل الجهوية المتقدّمة، وإعادة بناء شبكة النخب المحلية، كي تواكب مخرجات المشاريع الاقتصادية الكبرى التي تشرف عليها الدولة، بما يحيل إليه ذلك من رؤية إصلاحية تنطلق من الأعلى في اتجاه الأسفل، من دون حاجة إلى مؤسسات وسيطة قوية. ويمكن القول إن تصدر التجمع الوطني للأحرار هذه النتائج لا يحيي، فقط، على هذا السيناريو، بل يمده بطاقة إضافية، في ظل التحديات التي يطرحها تنزيل مقتضيات النموذج التنموي الجديد واستخلاص عائداته السياسية، سواء على المستوى الداخلي، أو على المستوى الخارجي ذي الصلة بالتحالفات الإقليمية والدولية الجديدة للمغرب13.
رابعا: إلى جانب المداخل السابقة تم تغييب معطى مهم ورئيسي قد يساعد أيضا في إعطاء بعض التفسيرات في تراجع شعبية حزب العدالة والتنمية، وهو غياب ما كان يدعى بالذراع الدعوي للحزب، أي حركة التوحيد والإصلاح14، التي كانت الحاضنة المنتجة لنخب الحزب الحاليين.
فالملاحظ خلال هذه الانتخابات غياب تام لأي دعم معنوي أو مادي من قبل الحركة بخلاف التجارب الانتخابية السابقة. حيث كانت تسارع الحركة لبعث رسائل وإشارات تعبوية من أجل التصويت لصالح الحزب، الأمر الذي لم يحدث خلال هذه الانتخابات. حيث تركت الحركة مسافة بينها وبين الحزب، ولعل ذلك راجع لاعتبارين، الاعتبار الأول هو الانقسام غير المعلن بين قيادات الحزب الرئيسية والذي أشرنا إليه سابقا، وهو ما يفسر تواري الرموز التاريخية للحزب عن الظهور خلال الحملات الانتخابية.
فضلا عن الحياد غير مسبوق الذي التزمت به حركة التوحيد والإصلاح طيلة فترات الحملة الانتخابية، حيث لم يشهد لها أي نداء أو دعوة أو بلاغ يوجه أعضائها وباقي الناخبين للتصويت للحزب. ولعل ذلك يرجع إلى تمايز الخطاب بين الحزب والحركة في الكثير من الملفات والقرارات التي اتخذتها الحكومة بقيادة العدالة والتنمية، خصوصا ما تعلق بإدخال اللغة الفرنسية إلى المقررات التعليمية، وقانون تشريع الاستعمال الشرعي لنبتة القنب الهندي، إلى جانب عملية التطبيع المعلن الذي انخرط فيه المغرب خلال مطلع هذه السنة بمباركة رسمية من الحزب القائد للحكومة.
علاوة على ذلك نجد أن استراتيجية استمالة المنافس نحو معترك المظلومية والمزايدة السياسوية، التي كنت تشكل ورقة رابحة في يد الحزب؛ لم يفلح فيها شيوخ الحزب بالشكل الذي نجحوا فيه في المراحل الانتخابية السابقة، “لأن طبيعة الثقافة والمزاج الانتخابي بعد أي حراك مر في تاريخ الأمم يتغير، وعشر سنوات كانت كافية من أجل الخروج من الخطاب الشعبوي والدخول في معترك العقلنة، وفق مبدأ المصلحة ووفق اختيارات سياسية برغماتية”15. كما أن خصوم الحزب الرئيسين تنبهوا لهذه الاستراتيجية التي أثبتت التجارب الانتخابية الماضية أنها تبني رصيد شعبي معتبر لحزب العدالة والتنمية، من خلال الاستقواء بسلطة الشارع عبر ترويج خطاب المظلومية، القائم على وجود قوى خفية تستهدف الحزب وتعرقل مساره السياسي.
ماذا بعد القطيعة الانتخابية
تتميز تجربة المغرب في إدماج الحركة الإسلامية باللعبة السياسية الرسمية، بخصوصية وبنوع من الاستثناء مقارنة بما جرى في بعض البلدان العربية. فالسلطة السياسية بالمغرب التي اعتمدت في علاقتها بهذه الحركة على عملية الدمج مقابل الاعتدال، التي اعتبرت الانتخابات الأخيرة أحد حلقاتها النهائية. استطاعت أن تدفع بالحزب القادم من تحت عباءة الحركة الإسلامية، بعد أزيد من خمسة وعشرون سنة من المشاركة الانتخابية والمشاركة المؤسساتية، من اعتماد مجموعة من التغيرات والمراجعات، على مستوى هويته المرجعية وخطابه السياسي الذي لا طالما اتسم بالركون إلى المرجعية الدينية والهوياتية.
فالحزب منذ قيادته للحكومة أدخل سلسلة من التحولات على خطابه السياسي، وأحداث مراجعات جوهرية في مرجعياته الأيديولوجية والمذهبية، حتى تصير أكثرا انسجاما مع طبيعة الحقل السياسي الرسمي والضوابط المتحكمة فيه، كما أقدم على الحفاظ على مسافة تنظيمية بينه وبين ذراعه الدعوي المتمثل في حركة التوحيد والإصلاح.
وهكذا سجَل خلال العشر سنوات التي قضاها الحزب على رس الحكومة، أنه كلما انخرط في الممارسة السياسية المؤسساتية، من خلال استوزار معظم أطره القيادية ورئاسة محافظات وبلديات كبرى بالمغرب، كلما ابتعد عن خطابه الأصلي القائم على المرجعية الإسلامية، متبنيا سلوكا وخطابا براغماتيا، جعله في نهاية المطاف كباقي الأحزاب السياسية. لهذا إذا ما رجعنا إلى الخطاب المعتمد في الانتخابات التشريعية الأخيرة نجده خطابا كباقي الأحزاب بدون حمولة سياسية قوية كما كان في السابق.
وعليه فإذا كانت صناديق الاقتراع هي التي أعطت لحزب العدالة والتنمية قوته الشعبية خلال العشر سنوات الماضية، فإن ذات الصناديق هي التي قلصت من حجم تواجده داخل المؤسسة البرلمانية، وأعادته إلى حجم تواجده الأول داخل قبة البرلمان المغربي، لكن هذه المرة بضعف سياسي وليس بقوة تنظيمية، مما سيصعب عليه عملية الرجوع والعودة إلى زخمه التعبوي على الأقل خلال السنوات القليلة القادمة. فالحزب وفق النتائج التي تحصل عليها في هذه الانتخابات، دخل في أزمة مركبة يحتاج معها إلى وقت طويل من أجل تدشين انطلاقة جديدة.
1 التجمع الوطني للأحرار (RNI) هو حزب مغربي، أسسه أحمد عصمان رئيس وزراء سابق وصهر الملك الحسن الثاني في أكتوبر 1978، ليبرالي من يمين الوسط , وينعت بأنه حزب (نخبة البرجوازية الصناعية والتجارية) لأن جل كوادره أعيان محليين أو رجال أعمال أو كوادر إدارية. يقول قياديوه أن برنامجه السياسي يرتكز على “الديمقراطية الاجتماعية”، وقد تأسس عقب الانتخابات التشريعية المغربية 1977 وتشكل من عشرات النواب المستقلين الذين كانوا يشكلون أغلبية البرلمان المغربي. ينعت أيضا بأنه حزب «إداري» تشكل بإيعاز من القصر الملكي لتحقيق توازن مقابل أحزاب أخرى ظلت منذ الاستقلال تنازع ملك المغرب حول الشرعية السياسية في البلاد، ومرد ذلك لأن مؤسسه أحمد عصمان هو صهر الملك الراحل، ورأس الحكومة المغربية بين 1972 و1977. وفي المقابل يرفض قياديو الحزب ذلك التوصيف بشكل قاطع. أنظر: https://bit.ly/3u1wi19.
2 المجلس الوطني لحقوق الإنسان المغرب، التقرير الأولي عن ملاحظة الانتخابات التشريعية والجهوية والجماعي، شوهد في 12 شتنبر 2021، في: https://bit.ly/2XlwsUK
3 بلاغ الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، شوهد في 12 شتنبر 2021، في: https://bit.ly/3AiKLrV.
4 بلاغ المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، شهود في 12 شتنبر 2021، في: https://pps.ma/elections2021/?p=918
5 الأعيان هم فئة أصحاب رأسمال رمزي ومادي/اجتماعي واقتصادي، يشكلون أداة للتعبئة في الزمن الانتخابي، وقناة للوساطة بين الإدارة والمواطنين لتوفير خدمات اجتماعية نظرا لما يتمتعون به من نفوذ قبلي وعائلي.
6 كيف غيرت انتخابات الثامن من سبتمبر الخارطة السياسية في المغرب؟ تقدير موقف، 13 شتنبر 2021، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، شوهد في 15 ستنبر 2021، في: https://bit.ly/2Xs6Xle
7 عقب الإعلان عن النتائج الأولية للانتخابات التشريعية، أصدرت الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية بلاغا، تدين فيه الممارسات اللا أخلاقية التي شابت العملية الانتخابية، كما اعتبر الحزب النتائج المتدنية التي حصل عليها في الانتخابات نتائج غير مفهومة ولا تعكس حجمه السياسي. أنظر بلاغ الأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية، شوهد في 12 شتنبر 2021، في: https://bit.ly/3AiKLrV
8 رئيس الحكومة والأمين العام الحالي لحزب العدالة والتنمية.
9 الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية، ورئيس الحكومة لسنة 2012.
10 وزير دولة وحقوق الإنسان، وقيادي بارز بحزب العدالة والتنمية.
11 بلال التليدي، أكبر من انتكاسة انتخابية، شوهد في 13 شتنبر 2021، في: https://bit.ly/3nCKfBp
12 محمد بنيس، انهيار العدالة والتمية المغربي.. محاولة للفهم والتفسير، شوهد في 14 شتنبر 2021، في: https://bit.ly/2XhWubC
13 المرجع نفسه.
14 حركة التوحيد والإصلاح هي حركة دعوية وتربوية، شكلت الذراع الدعوي لحزب العدالة والتنمية قبل أن تقدم على مراجعات كانت آخرها إحداث تمايز وظيفي بينها وبين الحزب، كما طالما ما شكلت الحاضنة الرئيسية للنخب القيادية للحزب.
15 مصطفى اليحياوي، البيجيدي تعرض للعقاب من قواعده التي تمردت على مشيخته السياسية، شوهد في 14 شتنبر 2021، في: https://bit.ly/3hUk8mb.