نصاف براهمي
فلسطين
المقدمة:
لم تجرِ أي انتخابات في التاريخ الفلسطيني بسبب دوافع محلية مجردة، بل كانت هناك تحولات استراتيجية إقليمية ودولية دومًا وراء حدوث أي انتخابات، فانتخابات 1996 جاءت إثر” اتفاقية أوسلو“، وهو تحول كبير في الموقف الفلسطيني عامةً وفي موقف “منظمة التحرير” و“فتح” على وجه التحديد، الأمر الذي نتج عنه سلطة الحكم الذاتي في الضفة والقطاع.
أما انتخابات 2006 فكانت نتيجةً لتحولات المشهد الفلسطيني إثر انتفاضة الأقصى، فقد فرضت هذه الانتخابات على القيادة الفلسطينية إثر الانتفاضة الفلسطينية التي اندلعت ضد الاحتلال الإسرائيلي عام 1999 من الأميركيين والأوروبيين والأمم المتحدة، وكان يرفضها الرئيس الراحل عرفات واشترط لإنجازها تنفيذ كامل بنود اتفاق أوسلو، وقادت نتائج الانتخابات التي جرت عام 2006 وفازت فيها حركة “حماس” بالأغلبية، انقسامًا لا تزال تداعياته تؤثر على المشهد الفلسطيني.
في 15 يناير/ كانون الثاني 2021 أصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس مرسومًا رئاسيًّا حدد فيه مواعيد إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني (برلمان منظمة التحرير) على ثلاث مراحل، لتكون المرة الأولى منذ 15 عامًا التي تنظم فيها مثل هذه الانتخابات. وحُدِّد يوم 22 مايو/ أيار 2021 لإجراء الانتخابات التشريعية، ويوم 31 يوليو/ تموز 2021 للانتخابات الرئاسية، على أن تُعتبر نتائج انتخابات المجلس التشريعي المرحلةَ الأولى في تشكيل المجلس الوطني الفلسطيني، وعلى أن يتم استكمال انتخابات المجلس الوطني في 31 أغسطس/ آب 2021. 1
نتناول في هذه الورقة الانتخابات الفلسطينية ونضعها في سياقها الداخلي والدولي. وتنبع أهمية الورقة من ارتباط الشأن الداخلي الفلسطيني بالضرورة بالتغيرات في المنطقة العربية، بل وفي العالم أيضًا.
وتتناول الورقة الإشكالية الآتية “ما هي أهمية الانتخابات الفلسطينية وما هو الإطار السياسي العام الذي يحيط بها”؟
إن ارتباط السياسة في فلسطين بما يجري من أحداث على المستويين الإقليمي والدولي يجعل هذه الانتخابات التي ستجري تحت وطأة الاحتلال، وفي إطار يتميز بفقدانه السيادة الفعلية على الأرض والقرار، مرتبطةً هي الأخرى بمواقف الأطراف الإقليمية والدولية من الصراع العربي /”الإسرائيلي”.
نتعرض في الجزء الأول من الورقة إلى خلفيات إعلان إجراء الانتخابات، ثم نتناول موقف مختلف الفصائل الفلسطينية وموقف الاحتلال من إجراء هذه الانتخابات في جزئها الثاني.
الجزء الأول: خلفيات المرسوم الرئاسي للانتخابات
سنتعرض في هذا الجزء إلى الخلفيات الداخلية الخاصة بالشأن الفلسطيني أولاً والتغيرات الدولية ودورها في إجراء الانتخابات ثانيًا.
1-السياق الداخلي
خلال السنوات العشر الأخيرة استطاع الاحتلال “الإسرائيلي” فرض حقائق جديدة على الأرض وطبيعة علاقته وتموضعه الإقليمي على النحو الذي يُحدث تحولات في مجمل الصراع: التوسع الاستيطاني وخطط الضم للضفة والجولان وإعلان القدس عاصمة واتفاقات التطبيع مع دول عربية وإسلامية”.2
يأتي هذا التموضع الإقليمي وفق المشروع الأمريكي لحل الصراع الذي سمي بـ”خطة ترامب” أو “صفقة القرن”. وتضمَن الخطة استمرار السيطرة الإسرائيلية على معظم الضفة الغربية التي احتلتها إسرائيل عام 1967، وضم الكتل الاستيطانية الضخمة في الضفة الغربية إلى دولة إسرائيل وبقاء مدينة القدس موحدة وتحت السيادة الإسرائيلية3. شكّل هذا الأمر ضغطًا على السلطة الفلسطينية لاتخاذ إجراءات توحي بالرفض ضمن محددين أساسيين: الاحتفاظ بخيار المفاوضات في التعاطي مع الاحتلال، وامتصاص الحالة الفلسطينية السياسية والشعبية لتجنّب مواجهات مباشرة معه.
نتيجة حوارات مطولة وعديدة جرت بين ممثلي حركتي “فتح” و”حماس” في إسطنبول جاء إصدار مرسوم الانتخابات.
أسفرت حوارات إسطنبول عن إعلان الحركتين، في 24 سبتمبر/ أيلول 2020، عن “رؤية مشتركة” تستند إلى المسارات التي توصّل إليها مؤتمر الأمناء العامِّين للفصائل الفلسطينية الذي انعقد مطلع سبتمبر/ أيلول 2020، في كل من بيروت ورام الله؛ حيث كان التوافق على إجراء الانتخابات التشريعية، والرئاسية وانتخابات المجلس الوطني، أحد هذه التوافقات.4
ومما مهَّد لإصدار الرئيس “أبو مازن” لمرسوم الانتخابات تراجُع “حماس” عن مطالبتها بإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية وانتخابات المجلس الوطني بشكل متزامن؛ حيث وافقت بدلًا من ذلك على أن تتم بالتوالي والترابط. في حين أن هناك تسريبات تشير إلى أن “فتح”، في المقابل، وافقت على طلب حركتي “حماس” و”الجهاد الإسلامي” باعتبار المجلس الوطني والمؤسسات المنبثقة عنه “مرجعية الشعب الفلسطيني وكل المؤسسات بما فيها السلطة الفلسطينية”.5
وفي إطار التحضير للانتخابات، عدّل الرئيس عباس قانون الانتخابات للعام 2007، فجرى استبدال عبارتَي “السلطة الوطنية” و”رئيس السلطة الوطنية” بـ”دولة فلسطين” و”رئيس دولة فلسطين”،6وهذا ما عبّر العديد من الفلسطينيين عن رفضهم له ذلك أنهم يرون أن انتخاب “رئيس فلسطين” يجب أن يتم من قِبل عموم أبناء الشعب الفلسطيني، وليس فقط من قِبل الفلسطينيين في الضفة وقطاع غزة.
رعَت مصر جولة جديدة من الحوار الفلسطيني بين 8 و9 شباط/ فبراير 2021 نتج عنها اتفاق جديد. وفي 9 شباط/ فبراير 2021، أعلن 14 فصيلاً فلسطينيًّا حضروا قمّةً في القاهرة عن توصّلهم إلى اتفاق جديد من شأنه أن يحدّد المبادئ التوجيهية للانتخابات الوطنية الفلسطينية الأولى منذ ما يقرب من 15 عامًا.
وخلافًا للاتفاقيات السابقة، تركّز الاتفاقية الأخيرة على الأدوات الفنية لتأمين انتخابات حرّة ونزيهة في خضمّ الانقسام الداخلي وغياب الثقة المتبادلة. واستخدمت مصر نفوذَها لإبرام اتفاقية خارطة طريق جديدة لتحقيق هذه الغاية. ودعت الاتفاقية إلى تشكيل محكمة انتخابية تكون مسؤولة وحدها عن متابعة العملية الانتخابية ونتائجها. كما دعت إلى الحريات السياسية الشاملة والحقّ في المشاركة بحرية في هذه الانتخابات، والإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين في الضفّة الغربية وقطاع غزة، وهي أمور نصّ عليها مرسومٌ رئاسي جديد في 20 شباط/ فبراير 2021. ودُعي مراقبون دوليون وإقليميون أيضًا لمراقبة هذه الانتخابات. 7
2- التغيرات الدولية والإقليمية ودورها في الدعوة إلى الانتخابات
تزامن الإعلان عن إجراء انتخابات فلسطينية مع فوز جو بايدن في الرئاسة الأمريكية، وكانت حملته الانتخابية قد صرّحت أنه سيسعى إلى استئناف المفاوضات بين الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني، وأنّ مرحلة ترامب وقراراته الأحادية بالتنسيق مع إسرائيل فقط انتهت.
لقد وضعت إدارة ترامب ضغوطًا كبيرةً على السلطة الفلسطينية عبر قطع المعونات المالية من جهة وخلق حقائق جديدة على الأرض تتعلق بالقدس والمستوطنات في ما جمعته مبادرته «صفقة القرن».
كما استغل الاحتلال وجود ترامب فعزّز الاستيطان وسارع في تهويد القدس عبر جملة من القرارات، كما تم التركيز على دور المستوطنين وتشديد الحصار على غزة مما أدى إلى تصاعد بعض الاحتجاجات لرفض الحصار والأوضاع الصعبة وغلاء المعيشة، وقد حملت التظاهرات شعار «بدنا نعيش» وقد قُمعت بالقوة.8
هناك من يعتبر أنّ هذه الانتخابات فرصة لتجديد شرعيات كلّ من السلطة الفلسطينية ممثلةً بالرئيس أبو مازن من جهة وحركة “حماس” من جهة ثانية. من هنا جاء التجاوب مع الضغوط والمساعي الإقليمية والدولية لإجراء الانتخابات.
وقد نتج عن حوار “فتح” و”حماس”، برعاية مصرية في القاهرة، التوافق على الالتزام التام بتعليمات لجنة الانتخابات في ما يتعلق بسير العملية الانتخابية وبما يحقق الشفافية والنزاهة، واحترام دور الشرطة في تأمين الانتخابات، وكذلك دور المراقبين الدوليين، والالتزام بالحفاظ على مبدأ سرية التصويت والالتزام بالدعاية وعدم إثارة النعرات.
أصدرت الفصائل بيانها الختامي لحوارها المنعقد في القاهرة، وتضمّن الاتفاق على بنود أبرزها تشكيل “محكمة قضايا الانتخابات” بالتوافق بين قضاة القدس والضفة الغربية وقطاع غزة، وأن يصدر الرئيس عباس مرسومًا بتشكيل المحكمة. 9
الجزء الثاني: موقف الفصائل الفلسطينية والاحتلال “الإسرائيلي” من الانتخابات
1- موقف الفصائل الفلسطينية:
– حركة “فتح“: الصراع داخل الحركة
إنّ احترام مخرجات الحوار الذي جمع “فتح” بـ”حماس” برعاية مصرية قد يساعد السلطة الفلسطينية على الحفاظ على قدر من التوافق الوطني خاصةً في ظل عدم وضوح الرؤية حول علاقتها مع سلطات الاحتلال بسبب الانتخابات “الإسرائيلية”، التي من الوارد جدًّا أن تسفر عن حكومة جديدة لا تقلّ تشددًا وستتبنى مواقف حاسمة تجاه الصراع مقارنةً بحكومة نتنياهو، وهذا ما سيؤدي طبعًا إلى تواصل سياسة فرض الأمر الواقع عبر مشاريع الاستيطان وتهويد القدس والتضييق على الفلسطينيين.10
بالإضافة إلى أنّ إجراء الانتخابات قد يعني إضفاء شرعية على مؤسسات السلطة الفلسطينية، التشريعية والتنفيذية، سيّما أن ولاية الرئيس عباس قد انتهت منذ 11 عامًا، في حين أن المجلس التشريعي الذي انتهت ولايته قبل 10 سنوات، قد تم حلّه من قِبل المحكمة الدستورية. في المقابل، إنّ إجراء الانتخابات في ظروف مماثلة قد يمثّل مخاطرة بالنسبة لـحركة “فتح”؛ خاصةً بعد إعلان الحركة أن الرئيس عباس سيكون مرشحها الوحيد في الانتخابات الرئاسية، فبحسب آخر استطلاع للرأي العام في الضفة الغربية وقطاع غزة، يتمتّع عباس بشعبية متدنية؛ إذ أظهر الاستطلاع أنّ أكثر من 60% من الفلسطينيين يطالبون باستقالته.11
– حركة “حماس“
كانت “حماس” تراهن على أن تُرسي نتائج الانتخابات موازين قوى جديدة داخل المجلس التشريعي القادم تسمح بإحداث تحول جذري في سياسة السلطة تجاه القطاع.
لقد منحت الانتخابات “حماس” فرصةً حقيقية، ولو محدودة، لتَبرز من جديد في الضفة الغربية، التي كانت تحت سيطرة السلطة الفلسطينية وقوات الاحتلال، ومن ثم الانخراط في الهياكل الوطنية الفلسطينية، المتمثّلة خاصةً في البرلمان و”منظمة التحرير الفلسطينية”.
لقد كان أمل “حركة حماس” كبيرًا في السيطرة على كتلة هامة داخل برلمان منقسم، ولو تحقّق ذلك لوجدت نفسها منخرطة في عملية صنع القرار الفلسطيني وطرفًا فاعلًا لا يمكن احتواؤه أو تجاهله بعد الآن.12
– بقية الفصائل (الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، حركة الجهاد الإسلامي)
تدلّ المؤشرات الأولية على أنّ عددًا من الفصائل ذات التأثير على الساحة الفلسطينية لن تشارك في الانتخابات. وتشي المواقف الصادرة عن حركة “الجهاد الإسلامي” بأنها ستواصل موقفها الرافض للمشاركة في الانتخابات. كما اعترضت “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين” على إجراء الانتخابات قبل حلّ القضايا الجوهرية التي أفضت إلى الانقسام الداخلي. وأصدرت “الجبهة الشعبية” بيانًا اعتبرت فيه صدور مرسوم الانتخابات قبل الحوار الوطني “لا يُشكّل ضمانة لإنهاء الانقسام السياسي والجغرافي” المستمر منذ منتصف عام 2007.13
2- موقف الاحتلال من الانتخابات:
إنّ موقف سلطات الاحتلال من إجراء الانتخابات من عدمه يُعدّ حاسمًا في توفير البيئة التي ستسمح بتطبيق مرسوم الانتخابات؛ ذلك أنّ سلطات الاحتلال تحتل القدس والبلدات والقرى الفلسطينية المحيطة بها، في حين أن المدن والتجمعات السكانية الفلسطينية في الضفة الغربية تُعدّ أيضًا مسرحًا للعمليات اليومية التي ينفّذها جيشها وأجهزتها الاستخبارية؛ عبر ممارسة الاعتقالات اليومية لنشطاء فلسطينيين بحجة الانتماء إلى هذا الفصيل الفلسطيني أو ذاك.
أعلن الاحتلال في أكثر من مناسبة رفضه السماح بإجراء الانتخابات في القدس المحتلة. في الوقت نفسه، لا يمكن أن تسمح سلطات الاحتلال بإمكانية فوز “حركة حماس” في هذه الانتخابات خصوصًا في ظلّ الانشقاقات في صفوف “حركة فتح”.
ومن الممكن أن تؤثّر سلطات الاحتلال على مسار الانتخابات الفلسطينية عبر منع تنظيمها في القدس ومحيطها، إلى جانب اعتقال الأشخاص الذين يمكن أن يترشحوا على القوائم المختلفة والفاعلين في الحملات الانتخابية.
حذرت سلطات الاحتلال قيادات في حركة “حماس” من خوض الانتخابات، ثم أتبعت التحذير باعتقالات لعدد من رموز الحركة، فاعتقل جيش الاحتلال في مدينة نابلس النائب السابق عن “حماس” ياسر منصور، والقيادي في الحركة عدنان عصفور، وهما من أبرز قادتها في الضفة الغربية. وجاء ذلك بعد اعتقال قياديَّين آخرَين في مدينة جنين هما: عبد الباسط الحاج، وخالد الحاج.14
“وتأتي الاعتقالات بعد عشرات الاستدعاءات والاتصالات الهاتفية للمخابرات الإسرائيلية مع قيادات وعناصر “حماس” تحذرهم فيها من خوض الانتخابات بأي شكل من الأشكال”.15
– القوائم والتحالفات الانتخابية:
اشترطت حركة “حماس” إجراء انتخابات متزامنة تشمل المجلس التشريعي الفلسطيني، ورئاسة السلطة الفلسطينية، وإصلاح المجلس الوطني الفلسطيني، الهيئة التشريعية لمنظمة التحرير. لكنّ الرئيس الفلسطيني اشترط أن تكون الانتخابات البرلمانية قائمةً على قوائم الأحزاب، وليس على التمثيل الجغرافي. ومن جديد، أبدت “حماس” مرونة في الاستجابة لهذا الشرط، لاعتقادها بإمكانية الفوز في الضفة الغربية، وراهنت على تراجع شعبية حركة “فتح” والانشقاقات داخلها، وهو ما قد ينبئ بانهيار “فتح” وعباس في الضفة الغربية في صورة القيام بانتخابات في الظروف الحالية.
حرص الطرفان الفلسطينيان على تبادل رسائل إيجابية بشأن الانتخابات، وتميّزت المحادثات بالمرونة والتفاعل بينهما بصورة جيدة جدًّا فكانت “حماس” قد طالبت بإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في اليوم نفسه، ثم تراجعت، ووافقت على اقتراح “فتح” تحديد موعد الانتخابات الرئاسية لمدة ثلاثة أشهر بعد الانتخابات البرلمانية، بشرط تحديد موعدٍ فعلي، كما تمسّكت بشرط السماح للفلسطينيين في القدس المحتلة بالتصويت.16
والواضح أن “حماس” هي التي ترغب في تحالف انتخابي مع “فتح” والفصائل الأخرى، إذ قال رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية إن خيار الدخول في قائمة موحدة يعدّ الخيار المفضل بهدف “الحفاظ على الثوابت”. بحسب هنية، إن الذهاب إلى القائمة الموحدة مبني على وثيقة الوفاق الوطني التي كانت ضمن مخرجات اجتماع الأمناء العامّين، الذي عُقد في سبتمبر (أيلول) 2020 برئاسة محمود عباس.
التحالف الانتخابي قد ينقذ عباس من المزيد من الانشقاقات داخل “فتح” ويكون الخيار الأمثل له باعتباره الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني. كما أن دخوله مع “حماس” في قائمة واحدة يزيدها قوة، بما يضمن أكبر تضييق على القوائم المنافسة أو التي خرجت من “فتح”.17
موقع فلسطينيي القدس في الانتخابات
امتنعت سلطات الاحتلال عن الرد على طلب فلسطيني بإجراء الانتخابات التشريعية في 22 مايو/ أيار، بمدينة القدس الشرقية. وقد حذّر الفلسطينيون من إلغاء أو تأجيل العملية الانتخابية برمّتها في حال عرقلةِ إسرائيل إجراء الانتخابات في القدس.
وتجدر الإشارة إلى أنه سبق للفلسطينيين من سكان القدس الشرقية أن شاركوا في الانتخابات الفلسطينية في الأعوام 1996 و2005 و2006 ضمن ترتيبات خاصة متّفق عليها، بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
الخاتمة:
أصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس يوم الجمعة 30 أبريل/ نيسان، مرسومًا أجّل فيه إجراء الانتخابات العامة التي تمّت الدعوة لها في 15 يناير/ كانون الثاني الماضي.
جاء هذا المرسوم “بعد منع سلطات الاحتلال الإسرائيلي التحضير للانتخابات وإجرائها في القدس المحتلة، وعلى ضوء قرار اجتماع القيادة الفلسطينية الموسع، الذي شمل اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، واللجنة المركزية لحركة “فتح”، وقادة فصائل العمل الوطني الفلسطيني، وشخصيات وطنية”.
وقد طُرح احتمال قرار التأجيل قبل اتخاذه بأسابيع، إذ صدرت تصريحات وإشارات من الفريق السياسي المحيط بالرئيس عباس، بالإضافة إلى عدة معطيات داخلية، أشارت إلى أن الهزيمة محققة بالنسبة إلى قائمة “فتح” التي يقودها الرئيس بسبب الانقسام داخل الحركة إلى ثلاث قوائم “أولها تابعة لعباس المسمّاة “العاصفة”، وثانيها تابعة لمروان البرغوثي المسمّاة “الحرية”، وثالثها تابعة لمحمد دحلان المسمّاة “المستقبل”. البرغوثي ودحلان خصمان لدودان لعباس، وينتظران موعد الاستحقاق الدستوري لإجراء الانتخابات، للإطاحة به”18.
ساعد هذا القرار على إحداث هدوء نسبي ومنع انفجار حركة “فتح” مؤقتًا، لكنه لم يلغِ تداعيات التشظّي في الحركة والتي سيكون لها آثار على المدى البعيد في صورة عدم التدارك ومواصلة الرئيس عباس التعنّت وإقصاء كوادر في الحركة بمجرد معارضتها له أو تأييدها لترشح مروان البرغوثي للرئاسة.
إن قرار التأجيل سيعيد ملف الانقسام الفلسطيني إلى واجهة الاهتمام من جديد، لكنّه هذه المرة انقسامٌ متعدد الأوجه. لقد كان في ما مضى انقسامًا بين “حماس” و”فتح”، أما الآن فهناك بعدٌ داخلي أيضًا للانقسام داخل “فتح”.
إثر قرار التأجيل توالت ردود الفعل الداخلية بالإدانة والرفض لهذا القرار واعتبر البعض أنّ عباس يمارس سياسة إقصائية ضد بقية الفصائل.19
أما إقليميًّا فقد قوبل قرار التأجيل بردود فعل إيجابية في أغلب عواصم المنطقة خاصةً القاهرة وعمان لأنهما خشيتا من فوز حماس والإطاحة بمحمود عباس. أما الاحتلال الإسرائيلي فقد اعتبر أنه نال ما كان يسعى إليه بتأجيل الانتخابات.20
واندلعت إثر ذلك المواجهات العنيفة بين الشباب الفلسطيني الغاضب على تهجير العائلات الفلسطينية من حي الشيخ جراح والسياسة الاستيطانية للاحتلال تلتها عملية “سيف القدس” والقصف على غزة.
1 “صالح النعامي”، “الانتخابات الفلسطينية: السياق والتوقعات”، “مركز الجزيرة للدراسات”، 29 يناير/ كانون الثاني 2021 https://studies.aljazeera.net/ar/article/4902
2 “عبد الله عقرباوي”، “السياق السياسي للانتخابات الفلسطينية”، “موقع الأخبار” 29 يناير/ كانون الثاني 2021 https://al-akhbar.com/Opinion/299509
3 “موقع بي بي سي”، “صفقة القرن في سطور”، يناير/ كانون الثاني 2020 https://www.bbc.com/arabic/middleeast-51300005
4 “صالح النعامي”، مرجع سابق
5 “حسام الدجني”، “مراسيم الانتخابات والسيناريوهات المحتملة”، “وكالة شهاب للأنباء”، يناير/ كانون الثاني 2021 https://bit.ly/3xynLmY
6 “ناهض زقوت”، “التعديلات التي أجراها الرئيس محمود عباس على قانون الانتخابات الفلسطينية”، “أمد”، 15 يناير/ كانون الثاني 2021 https://bit.ly/394Xtzq
7 “مخيمر أبو سعدة”، “الانتخابات الفلسطينية وضرورة التغيير السياسي”، “منتدى فكرة”، مارس/ آذار 2021 https://bit.ly/3zGfmzN
8 “مهند حامد”، “بدنا نعيش هل يتطور الى ربيع ضد حماس في غزة”، “صحيفة القدس العربي”، مارس/ آذار 2016 https://bit.ly/3xGhJRe
9 “أشرف عبد الحميد”، “حوار القاهرة: اتفاق فلسطيني على ميثاق شرف واحترام نتائج الانتخابات”، “موقع العربية”، مارس/ آذار 2021 https://bit.ly/3wNSwV8
10 “صالح النعامي”، مرجع سابق
11 “المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية”، ديسمبر/ كانون الأول 2020 https://www.pcpsr.org/ar/node/830
12 “ناثان براون، وعماد الصوص”، “فرصة حماس الذهبية”، “موقع كارنيجي”، 21 مايو/ أيار 2021 https://carnegie-mec.org/diwan/84585
13 “الجبهة الشعبية تعلن عدم مشاركتها في الانتخابات”، “القدس العربي”، 17 يناير/ كانون الثاني 2021 https://bit.ly/3vQztId
14 “محمود السعدي”، “الاحتلال يعتقل مرشحين عن حركة حماس”، “موقع العربي الجديد”، 6 أبريل/ نيسان 2021 https://bit.ly/3qhSkuA
15 المرجع السابق
16 “حسام أبو حامد”، “في جدية الانتخابات الفلسطينية وجدواها”، “موقع العربي الجديد”، https://bit.ly/3wM5Nxb
17 “حسام الدجني”، مرجع سابق
18” عدنان أبو عامر”، “تأجيل الانتخابات الفلسطينية الأسباب والتداعيات”، “مركز كارنيجي”، 7 مايو/ أيار 2021 https://carnegieendowment.org/sada/84493
19 “حسام كنفاني”، “تأجيل الانتخابات الفلسطينية وتداعياته”، “موقع العربي الجديد”، مايو/ أيار 2021 https://bit.ly/3xdGCE2
20 “عدنان أبو عامر”، مرجع سابق