زينب سرور
الجزائر
مقدمة
في 13 كانون الأول/ ديسمبر 2019 فاز عبد المجيد تبّون برئاسة الجزائر ليصبح الرئيس الثامن للبلاد. جاء فوز تبّون بعد أشهرٍ طويلةٍ من الاحتجاجات الشّعبيّة والتي أدّت إلى استقالة عبد العزيز بوتفليقة وذلك بعد عقدين من ترؤّسه البلاد، فخلفه عبد القادر بن صالح رئيسًا مؤقّتًا للبلاد بحسب ما ينصّ عليه الدستور الجزائري، لتشهد البلاد بعدها انتخاباتٍ رئاسية فاز على إثرها تبّون. وكان بوتفليقة قد قدّم استقالته بهدف “الإسهام في تهدئة نفوس”1 الجزائريّين، النفوس التي أراد تهدئتَها مئاتُ آلاف الجزائريين الذين جابوا الشوارع غاضبين، فارتفع سقفُ مطالبهم من رفض ترشّحه إلى المطالبة بتغييراتٍ جذرية في النظام.
بعد ركود الاحتجاجات في الجزائر خلال السّنوات القليلة الماضية والتي انطلقت بالتّزامن مع “الربيع العربي”، عادت لتشهد في شباط/ فبراير 2019 تحرّكاتٍ شعبية استثنائية. كان للكثير من العوامل يدٌ في ركود الأعوام الأخيرة أهمُّها
النّظام الذي أظهر “قدرًا كبيرًا من المرونة والتّكيّف”،2 إذ استجابت الحكومة الجزائريّة حينها لعددٍ من المطالب المطروحة، الأمر الذي لعب دورًا في تهدئة الأوضاع وتشرّب الغضب الشّعبي، من بينها تبنّيها “إجراءات من شأنها تخفيف هذه الأزمة… وهو ما تجسّد في إعلان وزير التّجارة الجزائري عن تراجع الدّولة في قرار رفع أسعار السّلع الغذائية على الفور”.3 هذا بالإضافة إلى وعود بوتفليقة بإجراء إصلاحات وخطوات تقدّمية أوّلها رفع حالة الطّوارئ المقرّة منذ حرب العشريّة السّوداء وتحسين المرافق والخدمات العموميّة وإعطاء مساحة للأحزاب والقوى السياسية للتّعبير عن أنفسها في أجهزة الإعلام وإطلاق حزمة جديدة من قوانين تنظيم الأحزاب والنّقابات والجمعيّات”.4
أوائل شهر آذار/ مارس 2020 دخل الحراك الجزائري أسبوعه الخامس والخمسين. أكثر من عامٍ مرّ على الحراك الشّعبيّ الذي شهدت الجزائرُ خلاله محطّاتٍ كثيرةً أبرزها وفاة بوتفليقة وتعيين رئيس مؤقّت ثمّ انتخابات رئاسيّة وتشكيل حكومة جديدة برئاسة عبد العزيز جرّاد،5 ومن بين أبرز الأحداث التي شهدتها البلاد وفاة رئيس الأركان الجزائري أحمد قايد صالح، أحد أقوى اللاعبين في البلاد، والذي خلفه اللواء السعيد شنقريحة.6 وعلى الرّغم من تلك الأحداث وانحسار زخم الحراك عدديًّا أسبوعًا تلو الآخر من جهة، وعلى الرغم من أنّ تبّون “أفرج عن أشخاصٍ تمّ احتجازهم في الاحتجاجات وأنشأ لجنة لتعديل الدّستور وعرض إجراء محادثات مع المعارضة”،7 لا تزال البلاد تشهد استنفارًا شعبيًّا كبيرًا في احتجاجاتٍ تطالب من جملة ما تطالب بـ“المزيد من التنازلات بما في ذلك إطلاق سراح مزيد من النشطاء ورحيل مزيد من الشخصيات البارزة من السلطة”.8 كما أنّ الجزائر، المبنيّ نظامُها على ركيزةٍ أمنيّةٍ – عسكريّة تؤمّن منفعة لأوليغارشيّة اقتصاديّة، ما زالت ترزح تحت خطر ركوب موجة حراكها من قبل المنتفعين وتحويرهم الحراك والاستيلاء عليه، وما زالت تعيش مرحلةً، لا تقلّ أهميّةً ودقّةً عن فترة انطلاقة الحراك العام الماضي، تطرح أسئلةً كثيرةً لعلّ أبرزها ذاك المتعلّق بمستقبل النظام السياسي في البلاد، ما إذا كان مرهونًا بقوّة الحراك واستمراريّته أم بقدرات النّظام نفسه واستراتيجيّته في مواجهة الحراك عبر سياسات الاحتواء، خصوصًا أنّ الحراك لم يتمكّن من منع انتخاب رئيس جديد للبلاد محسوب على النظام بعد أن كان معارضًا للانتخابات الرئاسية، ولم يتمكّن حتى الآن من الانتقال إلى خطوة أخرى، أقلّه على المستوى التنظيمي، غير التظاهرات الأسبوعية. ومن الأسئلة المطروحة كذلك: ما دور الجيش في المرحلة المقبلة وما الخيارات الموضوعة أمام قوى الحراك للتعامل مع المرحلة المقبلة؟ هل يمكن للحراك الشعبي إقصاء الجيش، أكثر المؤسسات رسوخًا في البلاد، عن الانخراط في المرحلة المقبلة خصوصًا أنّ من الشعارات التي باتت ملحوظة في الحراك شعار “لا للسلطة العسكرية، دولة مدنيّة لا عسكريّة”؟ وهل يمكن تأمين حيادية قوى المرحلة الانتقالية وتأكيد تمثيلها للجماهير وهم من حكام العهد الحالي؟ وهل فعلاً دخلت البلاد مرحلةَ الانتقال السياسي؟ أم أنّ الجزائر وقوى الحراك لا تزال في مرحلة التفكير فيه؟ هل يجب أن ينتظم الحراك ويقوم بتعيين ممثلين له؟ وهل ينبغي له أن يتفاوض مع الرّئيس الذي أبدى استعدادًا للتفاوض وتزدحم أجندته بالكثير من الملفّات والتحديات؟ تسعى هذه الورقة البحثية إلى الإضاءة على الإشكالية الآنفة الذّكر وغيرها من الأسئلة في محاولةٍ للبحث في مختلف السيناريوهات المحتملة.
ليس بـ“البوتفليقات” وحدها تحيا الجزائر
بعد عقدٍ من حربٍ أهليّة عُرفت بـ”العشريّة السوداء”9، فاز بوتفليقة، الضّابط السّابق في جيش التّحرير الوطني، في 15 نيسان/ أبريل 1999، و”بدعمٍ من الجيش بالانتخابات الرئاسية التي خاضها وحيدًا بعد انسحاب ستّة منافسين ندّدوا بما قالوا إنّه تزوير”.10
في 2004 انتُخب مجدّدًا. ولأنّه عدّل الدستور ليُسمح له بالترشّح لفتراتٍ غير محدودة11، أعيد انتخابه لمرّةٍ ثالثة عام 2009. في نيسان/ أبريل 2013 أُصيب بجلطةٍ دماغيةٍ نُقل على إثرها إلى فرنسا12. لم يمنع المرض بوتفليقة من الترشح الذي صاحبته عدّة تظاهرات احتجاجية13 لم تفلح في إعراضه عن ذلك. وفي 17 نيسان/ أبريل 2014 فاز بولايته الرابعة على التوالي.
في شباط/ فبراير 2019 أعلن بوتفليقة ترشّحه لولايةٍ خامسة.14 واجه الغضبَ الشّعبي، فعزف عن الترشح، وأجّل الانتخابات الرّئاسية وأقال حكومة أحمد أويحيى، داعيًا إلى تشكيل حكومة كفاءات، وشرح أنّ الندوة الوطنية، التي أعلنها سابقًا، ستعدّ مشروع دستور سيتمّ عرضه على الاستفتاء الشعبي، ليتمّ بعدها تنظيم الاستحقاق الرّئاسي.15 عيّن بوتفليقة لاحقًا نور الدين بدوي في منصب الوزير الأول (رئيس الحكومة) فتشكّلت حكومة تصريف أعمال فيها “6 وزراء من الفريق السابق”.16
لم يُخمد هذا المحتجّين الذين تبدّلت مطالبهم من رفض الترشح إلى رفض تمديد العهدة الرابعة، والدعوة إلى رحيل أركان النظام، معتبرين أنّ إعلان الاستقالة ليس سوى مراوغة وتمديدٍ للأزمة. وعلى وقع هدير الجزائريين في الشوارع أعلن بوتفليقة استقالته في 2 نيسان/ أبريل 2019، فاستلم رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح الحكم مؤقّتًا ريثما يتمّ التّحضير للانتخابات الرّئاسيّة المقرّرة في الرّابع من تموز/ يوليو المقبل، غير أنّ “بن صالح فشل في إجراء الانتخابات تحت ضغط الحركة الاحتجاجية واضطرّ المجلس الدستوري إلى إلغاء تلك المقررة أساسًا في 4 تموز/يوليو لعدم وجود مرشّحين”،17 ليعيد بن صالح تحديد موعدها في الثاني عشر من كانون الأول/ ديسمبر 2019 بدعمٍ كبيرٍ وتوجيهٍ من قيادة الجيش التي اعتبر رئيس أركانها حينها قايد صالح أنّ الانتخابات الرئاسية المقبلة “تكتسي أهمية قصوى، والتي يتم التحضير الجدي لها ماديًّا ومعنويًّا باعتبارها مرحلةً هامّةً من المراحل التي سيجتازها الشعب الجزائري بكل عزيمة وإصرار”،18 وذلك على الرّغم من رفض الجزائريون إجراء الانتخابات والتي كانوا يرون فيها “وسيلة النّظام للبقاء في السّلطة عن طريق التزوير”.19
يوكل الدّستور الجزائري المعدّل عام 2016 إلى الرئيس مهامًا كبيرة،20 وفي ظلّ وضع بوتفليقة الصحي طوال فترة حكمه السابقة، وعلى ضوء الاحتجاجات الحاليّة، يخرج إلى الواجهة السؤال حول هوية الحاكم الفعليّ للبلاد.
يمكن في الجزائر الحديث عن منظومة رباعيّة حاكمة قوامها صنّاع قرارٍ يتكوّنون أساسًا “من أعضاء الجيش الوطني، ومن الأحزاب السياسية وثيقة الصلة بالمؤسسة العسكرية.. وغيرها من النخب السياسية والاقتصادية الوازنة”.21
ويُعتبر الجيش اللاعب الأقوى بين هذه الأركان، فـ”المركز الحقيقي للسلطة لا يزال كامنًا في عرين الجيش”.22 وقد لعبت عوامل عدّة دورًا في منح الجيش سلطة سياسيّة، وإن بطريقةٍ غير مباشرة، أبرزها “الشرعيةُ الوازنةُ التي حصدها خلال قيادته حرب الاستقلال”23. وقد انعكست هذه الأهمية لاحقًا على التشريعات الدستورية.24 ثمّ الدّور الذي لعبه إبّان الحرب الأهليّة، وخلال تنامي خطر التيارات الجهادية بُعيد الربيع العربي.
هنا تبرز أهمية وجهة الصّراع فـ”بالنسبة إلى القادة العسكريين، التخلّي التام عن أدوارهم السياسية لصالح مسؤولين مدنيين منتخبين، يخاطر بتعريض الأمة إلى المهالك”.25 ولا يقتصر دور الجيش على الحياة السّياسية في البلاد، فللجيش الجزائري دورٌ وازنٌ في الحياة الاقتصاديّة. ويشكّل دوره هذا عاملاً أساسيًّا في اعتباره من أقوى المؤسسات في البلاد وأكثرها رسوخًا، فـ”خلال العهدات الأربع لبوتفليقة سيطر الجيش ولوبيّات رجال الأعمال المقرّبين من السلطة على الحياة الاقتصادية والمشروعات الاستثمارية والتجارية الكبرى، وتبرهن ذلك الحساباتُ البنكيّة لجنرالات الجيش في البنوك الأوروبية”.26 “ويعمل الجيش الجزائري، بدعمٍ من الحكومة، على توسيع نطاق أنشطته الاقتصادية من خلال تملّك قطاعات مرشحة للخصخصة. وهو تمكّن من أن يصبح، وبطريقة هادئة، لاعبًا مهمًّا في قطاع الميكانيك، وفي قطاع النسيج أيضًا، مع احتمال توسيع نشاطه الاقتصادي دوليًّا.. كما أنّ صناعاتٍ بحيلها كانت متعثّرة، وإنّ الجيش، وليس جهاز الدولة المدنيّ المعنيّ، هو من أنقذها، وهذا يعني في ما يعنيه، أنّ الجيش تحديدًا، مجدّدًا، قادر على تسديد ديون وقروض هذه الشركات لرفعها من كبوتها”.27
ولا تنحصر سطوة الحكم والامتيازات ذات الأرضيّة الاقتصاديّة في الجزائر بيد المؤسسة العسكرية، فلرجال المال والأعمال دورٌ كبيرٌ برز خلال العقدين الماضيين. وقد “بدأت العلاقة التي تربط عالم المال بدوائر الحكم بالبروز سريعًا خلال العام 2016، إذ انخرطت مجموعة من الشّخصيات ذات الوزن المالي عام 2016 في الصّراع السياسي والإيديولوجي من أجل التّمدّد داخل السّلطة وصياغة قانون المالية السنوي. ويُرجع بعض المتابعين والسّياسيين في الجزائر رغبةَ دوائر في السلطة التّمكين لرجال المال والأعمال في محاولةٍ منهم لتخليص الحكم من مؤسّسة الجيش والعسكر”.28 وعلى الرّغم من الثّقل الوازن الّذي لعبه رجال المال والأعمال خلال السنوات الماضية، والامتيازات والرّاحة شبه المطلقة الّتي حظيوا بها (تُستثنى منها قضيّة عبد المؤمن الخليفة29) ، إلا أنّ الحراكَ الحاليّ ورغبةَ النّظام الظّهور بمظهر المصلح امتصاصًا للغضب الشّعبي من جهة، ووجود بعض القضاة المنتفضين على النّظام الحاكم، دفعت برجال المال والأعمال نحو دائرة الاتّهام والمحاكمة، إذ “باشرت السلطات القضائية الجزائرية التّحقيق مع رجال أعمال يشتبه بضلوعهم في تبديد المال العام، وذلك بعدما منعت الطائرات الخاصة من الإقلاع والهبوط في مطارات البلاد لمدة شهر”،30 كما أمرت المحكمة بإيداع رجال أعمال في السّجن المؤقّت على ذمّة قضايا فساد على رأسهم رجل الأعمال البارز علي حدّاد، أحد الحلفاء القلائل لبوتفليقة والذي استقال من رئاسة منتدى رؤساء المؤسّسات، ومنعه من السّفر وإخضاعه للتحقيق وتحويله إلى السجن بعدما وجد بحوزته 3 جوازات سفر بطريقة غير قانونية، وكذلك “أغنى رجل أعمال في البلاد يسعد ربراب”،31 وغيرهما.
وعلى الرّغم من الواقع الصعب الذي يعيشه مجتمع رجال المال والأعمال، إلا أنّه يحاول جاهدًا الحفاظ على الوضع القائم مخافة التعرّض للسّجن. “وتشير بعض الأخبار الأمنيّة إلى أنّ بعض رجال الأعمال استعانوا بشباب مرتزقة لإخماد عزيمة القضاة المنتفضين والرّافضين لاستكمال حكم النظام الحالي، بحيث يتمّ التّشكيك في نزاهتهم ومحاولة تسويد صورتهم في الحراك الشعبي عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي”.32
بموازاة واقع رجال المال والأعمال الصّعب، وعلى الرغم من قوّة الجيش ومناعته الّتي بدت غير قابلةٍ للاضطراب، عانى الجيش في المرحلة السابقة تحديدًا من انقساماتٍ داخلية برزت في تنافس ثلاث مجموعات، خضعت الأولى لسلطة الراحل قايد صالح والثانية للجنرال بشير طرطاق (المعروف أيضًا بعثمان طرطاق)، المكلّف بالاهتمام بجميع أعمال السعيد بوتفليقة، شقيق الرئيس، والثالثة تمثّلت في الشبكات الموالية للجنرال محمد الأمين مدين، المعروف باسم توفيق.33 غير أنّه وبعد استقالة بوتفليقة واستلام رئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح الحكم مؤقّتًا، أوقفت السّلطات الجزائرية قائدي اثنتين من المجموعتين المتنافستين في الجيش: بشير طرطاق ومحمد مدين إضافةً إلى السعيد بوتفليقة بتهم “المساس بسلطة الجيش والمؤامرة ضدّ سلطة الدولة في عقوبةٍ تتراوح بين 20 سنة سجنًا نافذًا، والمؤبّد، وقد تصل إلى الإعدام”.34 وفي شباط/ فبراير من العام الحالي “قضت محكمة الاستئناف العسكريّة في ولاية البليدة الجزائرية بالسّجن 15 عامًا على كلٍّ من السعيد ومدين، المعروف بالجنرال توفيق، وعثمان طرطاق”.35 وكان قد سبق أن ورد اسم طرطاق ومدين في “الاجتماع المشبوه الذي تحدّث عنه قايد صالح”،36 وكانت وسائل إعلام تحدّثت عن مقابلة توفيق رجال استخبارات، لكن توفيق نفى تلك الاتّهامات.37
وعلى الرّغم من مطالبة صالح بإعلان شغور منصب الرئاسة وفق المادة 102،38 وتعهّده بـ”تسليم السلطة للشعب وعدم الترشح لمنصب الرئيس”،39 والمطالبة بتفعيل المادتين 7 و8 من الدستور40، وكذلك “إعلان الجيش الجزائري أنّ هناك أبواقًا تسعى إلى السطو على الحراك الشعبي والتحدث باسمه ودفع القوّات المسلّحة للتّدخّل في السياسة”،41 غير أنّ تصريحاتٍ عن اعتكاف أكثر المؤسسات ثباتًا في الجزائر، سواءً لناحية عمل المؤسسات الحكومية أو الاقتصاد وغيرها، عن قيادة المرحلة الانتقالية تبدو غير واقعية ومتلوّنة، خصوصًا أنّ “الجيش يسعى لتعزيز نفوذه السياسي الهائل بضبط أجندة وآليات المرحلة الانتقاليّة بالعمل من خلف الكواليس”.42
على الرغم من أن شعار الحراك “الجيش والشعب خاوة خاوة (إخوة)، وفي ظلّ مواصلة الجزائريّين التّظاهرات “تعبيرًا عن تصميمهم على مواصلة حركة الاحتجاج، مطالبين برحيل نظام بوتفليقة السّابق بكلّ رموزه، بمن فيهم الرئيس المؤقّت”،43 ورفضهم نتائج الانتخابات التي أسفرت عن انتخاب تبّون، الرئيس الجزائري السابق، والذي كان من ضمن الدائرة المقرّبة من بوتفليقة44 إلا أنّ المرحلة الحاليّة ما زالت تضع قوى الحراك أمام احتمالين: إما المضيّ في الإطار الدّستوري الذي يدعمه الجيش نفسه ممّا يعني تقاسم السلطة مع الرّموز السّابقة خلال المرحلة الانتقاليّة، والجيش على رأسها وهو أكثر المؤسسات رسوخًا في البلاد تمهيدًا لاستلام السّلطة لاحقًا، خصوصًا في ظلّ ضعف الأحزاب، وهذا الأمر لم يحصل مع استلام تبّون واستمرار منظومة الحكم السابقة نفسها وإن شهدت محاكماتٍ من هنا وهناك، وإمّا الإصرار على إسقاط الرّموز السابقة وتحييد المؤسسة العسكرية تمامًا عن المشهد السّياسي،45 وقد بدأت معالم الاتّجاه الثاني بالتبلور داخل الحراك عبر شعاراتٍ تطالب بدولة مدنيّة تُبعد المؤسسة العسكرية عن الحكم. وهذان الأمران يضعان قوى الحراك أمام مسؤوليّات وأسئلةٍ كثيرة على رأسها أهمية وضرورة التنظيم وإمكانيّة أو أهمية اختيار قيادات، وكذلك الانتقال بالتحرّكات من الاحتجاجات الأسبوعيّة نحو شكلٍ أكثر فاعليّة.
في المقابل، تتمثّل تحدّيات الجيش بمدى قدرته على تقديم تنازلاتٍ حقيقية للشعب وتأمين شراكة في الحكم مع شرائح واعية أنّ بوتفليقة “لم يكن الحاكم الفعلي، بل المحيطون به هم الذين يديرون الأمور”،46 ما يطرح تساؤلاتٍ حول قدرة الجيش في قيادته الجديدة على السّير بالمرحلة الانتقالية، وقادته هم الحكّام الحاليون، خصوصًا في ظلّ دعوة بعض الأحزاب الجيش “للقيام بتحوّله الجمهوري ليصبح جزءًا من الدولة يرضخ.. إلى حكم الشعب السيد”.47
الحراك الشعبي والسلطة
ليست الأزمات داخل الحزب الحاكم بالجديدة، فـ”منذ انقلاب العام 1995، الذي أطاح بالأمين العام للحزب الحاكم، عبد الحميد مهري، لم تنتهِ أزمات الحزب ومشاكله، والتي تبدو في الغالب انعكاسًا لأزمات السلطة وصراع مجموعات النفوذ داخل دوائر الحكم”.48 غير أنّه ومع إعلان بوتفليقة ترشّحه لعهدةٍ خامسة، بدأت تحتدّ النّزاعات ويتّضح أكثر فأكثر التّعبيرُ عنها، وقد أعلنت قياداتٌ بارزةٌ في الحزب الحاكم رفضها ترشّح بوتفليقة لعهدةٍ خامسة أبرزها “عبد الكريم عبادة الذي قرّر الانسحاب من هيئة تسيير الحزب بسبب ترشّح بوتفليقة لعهدةٍ خامسة”.49 ومع إعلان بوتفليقة التّرشّح وقُبيل تقديم استقالته وصلت الانقسامات حدّ إعلان “شخصيات بارزة وعشرات القياديين في حزبه تأييدهم دعوة رئيس الأركان لإعلان شغور منصب الرئيس”.50 وفي السّياق أتت تصريحات حسين خلدون، المتحدّث باسم الحزب، الذي قال إنّ “الندوة الوطنية التي دعا لعقدها بوتفليقة لم تعد مجدية ولا بدّ من انتخاب رئيسٍ جديدٍ الآن”،51 وإنّ “بوتفليقة بات من التاريخ”.52 كما أعلن معاذ بوشارب، رئيس حزب “جبهة التحرير، والرجل الذي كان بوتفليقة قد منحه مفاتيح تسيير الحزب ولو بشكلٍ مؤقّت”،53 “مساندتَه للحراك الشعبي”.54 وقد وصلت الانقسامات والرغبة في التّغيير حدّ دعوة 72 محافظًا، من إجمالي 120، “جبهةَ التحرير الوطني” إلى انتخاب قيادة “شرعية” لحزبهم، معبّرين عن دعمهم لكل مطالب الحراك”.55 وأخيرًا وصل الأمر إلى تعيين الحزب الحاكم نهاية شهر نيسان/ أبريل الحالي محمد جميعي أمينًا عامًّا جديدًا له خلفًا لجمال ولد عبّاس.
وعلى عكس الاحتجاجات السابقة، والتي كان فيها “غياب ملموس للقوى الحزبية”،56 دعمت المعارضة وكذلك الأحزاب والنقابات والتي كان الكثير منها سابقًا من المؤيّدين لبوتفليقة، الحراكَ الحالي.
من الأطراف المؤيدة للحراك “حزب العمال” الذي “استقال نوّابه جماعيًّا من المجلس الشعبي الوطني”57 و“حزب تجمّع أمل الجزائر، الموالي لبوتفليقة”،58 و”الاتحاد العام للعمال الجزائريين”، الذي كان لفترةٍ طويلةٍ من أشد مؤيّدي الرئيس.59 وانضمّ متقاعدو الجيش للتظاهرات. وبدأت التحركات تتسلّل إلى شركة “سوناطراك”، العمود الفقري للاقتصاد الجزائري.60 كما أعلنت “13 نقابة رفضَها إجراء “مناقشات مع هذا النظام لأنها تنتمي للشعب”.61
وبعد استقالة بوتفليقة، تعالت أكثر الأصوات المرحّبة والداعية إلى البحث في خطوات المرحلة الانتقالية.
في المقابل، أبدى البعضُ موقفًا وسطًا يميل إلى السلطة، كموقف وزير الشؤون الدينية السابق محمد عيسى، والذي قال إنه لجمعٍ غفيرٍ من شيوخ الزوايا، طالبوا فيه الحفاظ على كرامة ذوي الفضل.62 والتيار السلفي الذي “اعتبر التظاهر ولو بطريقةٍ سلميّةٍ خروجًا عن الحاكم المسلم”.63
وبين دفّتي العنف والاحتواء، تأرجحت ردّة فعل النظام تجاه الحراك. استخدمت الشرطة خراطيم المياه والقنابل المسيّلة للدّموع لتفريق المتظاهرين، وأوقفت النقل العام قبيل انطلاق عددٍ من التظاهرات، كما ذكرت منظّمة “هيومن رايتس ووتش” أنّ “السلطات الجزائريّة زجّت في السّجن عشرات الأشخاص في الاحتجاجات السلمية.. وأنّ السلطات اعتقلت أشخاص يحملون بسلميّة علمًا أو لافتة احتجاجية”.64 “وبحسب منظّمات جزائرية للدّفاع عن حقوق الإنسان فإنه منذ بداية الحراك في 22 شباط/ فبراير 2019 تعرّض ما لا يقل عن 1400 شخص للمتابعة القضائية”.65وعلى الرّغم من أنّ السلطات أفرجت عن عددٍ من المعتقلين منذ استلام تبّون الحكم، غير أنّ “منظّمة العفو الدولية” أشارت إلى أنّه منذ انتخاب تبّون “تمّ توقيف 76 شخصًا على الأقل بشكلٍ تعسّفي في حملة توقيفات واسعة”،66 معتبرةً أنّ “السّلطات الجزائرية تهدّد عشرات المتظاهرين السّلميين بالمحاكمة الجنائيّة بهدف، على ما يبدو، إسكات الأصوات الناقدة”،67 وداعيةً السلطات إلى إطلاق سراح جميع المعتقلين. وعلى الرّغم من ذلك، لم ينغمس النّظام، سواءً خلال عهدة بوتفليقة أو بن صالح أو تبّون في دوّامة العنف بشكلٍ كبيرٍ ومباشر فلم نشهد اشتباكاتٍ بين قوى الأمن والمتظاهرين أو مواجهاتٍ عنيفة كما هي الحال في دول عربيّة عدّة، خصوصًا وأنّ الجيش أبدى موقفًا مساندًا للشعب، ففضّل النّظام سياسةَ الاحتواء التي بدأت بمحاولة “تجنيد أئمة المساجد لإقناع الشّباب بالعدول عن التّظاهر كل جمعة”.68 ثمّ راح يردّ بتنازلات “أملاً في الخروج من الامتحان العصيب”،69 وصلت إلى حدّ سحب بوتفليقة ترشّحه وتأجيل الانتخابات دون سند قانوني، واقتراح ندوة تبحث مسودة دستور جديد يعرض على الاستفتاء وذلك بعد أن كان بوتفليقة “عازفًا على الاستفتاء في تعديلاته الثلاثة للدستور خلال 20 سنة من حكمه”،70 ليختار بعد ذلك “أحمد أويحيى فأبعده عن الواجهة.. وبلغت التنازلات من وجهة نظر النظام مداها عندما ذكر صالح أن المادة 102 تصلح كمخرج لمأزق”.71 ولم تتوقّف محاولات الاحتواء الّتي انتهجها الحزب الحاكم عند هذا الحدّ، فقد وصل الأمر بطلب جميعي، الأمين العام الجديد للحزب، “الصّفح من الجزائريّين عن أيّ مآخذ تكون قد تسجّلت على الحزب.. معتبرًا أنّ الحزب انتهج سياسات معيّنة سابقًا تحت ضغطٍ من جهاتٍ لم يسمّها.. كما ثمّن الحراك السّلمي الذي أبهر العالم”،72 وصولاً إلى إعلان تبّون تشكيل لجنة لتعديل الدستور. كل ذلك لم يمتصّ الغضب، فمع كل تنازل يحيد عن المطلب الشعبي الأساسي، كان الجزائريون يزدادون غضبًا، فهناك أصوات كثيرة في الحراك الشعبي ترفض إجراءات تبّون كاملةً انطلاقًا من أنها تعتبره “غير شرعيّ وامتدادًا لنظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة”،73 كما أنّ “بعض المعارضين استغربوا لجوء تبّون إلى طريقة الرئيس السابق نفسها في تعديل الدستور عبر لجنة خبراء، في حين أنّ الدستور هو في نظرهم قضية سياسية بالأساس وليست تقنية، وبالتالي ينبغي أن يكون دور الخبراء فيها مقتصرًا على صياغة المواد النّهائيّة، بناءً على التّوافقات الحاصلة في المجتمع حول طبيعة النّظام السياسي وتوجّه الدولة العامّ.. في المقابل، لم تعبأ الرئاسة كثيرًا بهذه الانتقادات، وبدا من خلال تصوّرها للتعديل الدستوري أنّها لا ترى تعارضًا بين إنشاء لجنة خبراء وبين إطلاق مشاورات سياسيّة”،74 كما أنّ العديد من الجزائريّين اعتبروا أنّ “تشكيل اللجنة الدستوريّة الجديدة لا يكاد يختلف عن تنظيم الانتخابات الأخيرة الّتي ساهمت في استمرار نظام الرئيس الجزائري السّابق عبد العزيز بوتفليقة”.75 وعلى الرّغم من ذلك ومن منطق “عدم الاكتراث” السائد عمومًا في منهج النّظام المتّبع، غير أنّه ولأنّ “الحراك أظهر وعيًا سياسيًّا منقطع النظير”،76 وحافظ على سلميّته، تبدو مهمّة النّظام للمرحلة المقبلة صعبةً، خصوصًا في ظلّ الأسئلة والتحدّيات الكثيرة التي تواجه تبّون في المرحلة الحاليّة والمقبلة.
الحراك بين التنظيم السياسي والتفاعل الشعبي
ساهمت الحرب الأهلية والخوف من العودة إلى العنف المسلّح في تراجع موقع المعارضة. ترك هذا الخوف “هامش فعل سياسي للحكومات وللرئيس بوتفليقة تحت لافتة الوئام المدني فتقدّم النظام.. بينما لاحقته الأحزاب فلم تنل الحظوة اللازمة من موقع المشاركة في السلطة، ولا من موقع المعارضة. وكان استبعاد الإسلاميين من المشهد السياسي كافيًا لكثيرٍ من اليسار لكي يتوقّف عن ممارسة عمل المعارضة.77
وفي خضمّ شرعيّة السؤال حول “ماذا بقي من جبهة الإنقاذ الإسلامية (الفيس)؟ وحزب القوى الاشتراكية؟ واليسار الجزائري غير (الأمينة العامة لحزب العمّال الجزائري) لويزا حنون؟”،78 خرجت تجربة “حركة مواطنة- ديموقراطية” التي أطلقتها المعارضة، وتعرّف عن نفسها بأنها “تهدف الى التغيير الحقيقي و الجاد الذي تحتاجه البلاد”.79 شاركت “مواطنة” في الحراك عبر الدعوة إلى التظاهرات، لكنّها حازت نقدًا ممّن اعتبروا أنّ “مؤسّسيها يريدون قطف ثمار ثورة لا يكونون أطرافًا فيها”.80
برغم تجارب ومحاولات الإصلاح ووعي المعارضة في عدم الانجرار خلف مساراتٍ عنفيّة، لا يمكن رؤية دور بارز للمعارضة خلال المرحلة الانتقالية أو قيادة الحراك، خصوصًا أنها فشلت “في الاتّفاق على مرشّح توافقي”81، كما أنّ “الكثير من المواطنين يرى في قوى المعارضة جزءًا من المنظومة الحاكمة وهناك عددٌ من الشّخصيات تمّ طردها من طرف متظاهرين خلال المسيرات”،82 وأيضًا في ظلّ حرص “الشارع الجزائري.. على بقاء الحراك دون رؤوس ولا قيادة، خوفًا من اختراقه وفتح باب التنافس والفرقة بين مكوناته”.83 تجدر الإشارة هنا إلى أنّ المحكمة العسكريّة أودعت لويزة حنون “الحبس المؤقّت إلى غاية استكمال التحقيق بشأن التهم المنسوبة إليها، وهي المساس بسلطة الجيش والمؤامرة ضدّ سلطة الدولة، وذلك بعد استدعائها للإدلاء بشهادتها في إطار مواصلة التّحقيق المفتوح ضد سعيد بوتفليقة والجنرال توفيق والجنرال بشير”،84 لتعود وتطلف سراحها بعد إبطال حكم سابق عليها بالسّجن لمدّة 15 عامًا.
أما الطّلاب فقد لعبوا دورًا كبيرًا في الحراك. خرج الآلاف منهم إلى الشوارع متحدّين قرار الحكومة “المفاجئ غلق الجامعات وتسريح الطلبة إلى ولاياتهم، ومنعهم من تنظيم مسيرات”.85 أعطى الطلاب دفعًا استثنائيًّا للحراك رغم أنّ مشاركتهم لم تكن مفاجئة، فالحراك الطلابي شكّل في تاريخ الجزائر منعطفًا غيّر مجرى الأحداث منذ الثورة بوجه الفرنسيين. ويعتبر بعضُ الناشطين الحراكَ الطلابي “منعرجًا مصيريًّا في مسار الجزائر يعلن عن ميلاد جيلٍ جديدٍ من السياسيين”.86
للأقليات كذلك، والأمازيغ تحديدًا، دورٌ كبيرٌ في الحراك إذ “شاركت منطقة القبائل، ذات الغالبية الأمازيغية، في المسيرات بكثافة، والكثير من الفعاليات والأحزاب الجزائرية المدافعة عن المكوّن الأمازيغي دعت بدورها للاحتجاجات، خاصةً حزب التجمع من أجل الثقافة”87 الذي كان من بين الأحزاب القليلة التي شاركت في احتجاجات الأعوام السابقة ورفعت مطالب عامة لا تتعلق بوضعيتهم فقط بل تمتد لفكرة المواطنة التي تضم مختلف مكونات المجتمع الجزائري. إلا أن المجتمع المدني الجزائري لم يكن ظاهرًا في بداية الحراك لأسبابٍ عديدة أبرزها “تنفيذ المؤسسة الحاكمة مختلف الوسائل الهادفة إلى السيطرة على نشاطات هذه القوى (المجتمع المدني)”.88 والمنظّمات نفسها كذلك “لم تقدّم في الغالب بدائل متّسقة عن الأحزاب التي تحظى بدعم قادة البلاد، بالإضافة إلى المشاكل الداخلية”.89 على الرّغم من ضبابيّة مستقبلها، إلا أنّها رفعت الصوت خلال الحراك عبر تقديم “ائتلاف المجتمع المدني”90 خارطة طريق لتحقيق مراحل الانتقال الديمقراطي وعلى رأسها “إنشاء الهيئة العليا للانتقال الديموقراطي”.91
تمرّد الإعلام الرّسمي
يمكن القول إنّ الحراك إعلاميًّا تموقع “على مستويين: الأول رسمي مثّلته وسائل الإعلام الرسمية، يُضاف إليه القنوات الفضائيّة الجزائرية الخاصّة، والثاني افتراضي الكتروني عبر شبكات التواصل الاجتماعي في مقدّمتها موقع فايسبوك”.92
وعلى الرغم من سلوك وسائل الإعلام التّقليدية الحذر والمتفرّج في بداية الحراك، إلا أنّ الأمور تبدّلت مع اشتعال الاحتجاجات، خصوصًا على مستوى الإعلام الرسمي، إذ “وجد الإعلام أن مصداقيته، ستضيع إن لم يتبنّ مطالب الشعب، فتدارك الخطأ بسرعة”.93
على المستوى الرسمي، كان لافتًا للغاية نقل التلفزيون الرّسمي صور المحتجّين واستقبال الإذاعة الوطنية معارضين راديكاليين للنّظام، وكذلك تغطية وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية التظاهرات، إلى جانب احتجاجات الصحافيين العاملين في المؤسّسات الرسمية تنديدًا بما وصفوه بـ”التعتيم على واقع الحراك”.94 في المقابل، “تشجّعت القنوات الخاصة أكثر، وكانت لديها الجرأة الأكبر”،95على الرّغم من القمع والرّقابة الشّديدين عليها.
ولأنّ احتكار الفضاء الالكتروني أصعب من احتكار الشارع، لجأ الجزائريون إلى الإعلام البديل للتعبير عن غضبهم، فنقلوا الاحتجاجات من خلال التصوير عبر هواتفهم الجوّالة ونقلها على مواقع التواصل الاجتماعي، كما استخدموا تلك المواقع للدعوة والحشد للتظاهرات، لتصبح “أخبار المسيرات وفيديوهاتها متوفّرة لدى جميع الشبكات الإعلامية في العالم، وبأحسن جودة دون الحاجة إلى إرسال مراسلين إلى قلب الحدث”.96 واجهت السلطة ذلك باعتماد “أسلوب التحكم بتدفق الانترنت في البلاد، غير أن المتظاهرين كانوا على وعي بهذه الخطوة قبل أن تعتمدها السلطة، فقد كان أغلبهم قد قام بتحميل تطبيقات الشبكة الافتراضية الخاصة أو ما يُعرف بـVPN على هواتفهم، حيث تسمح هذه التطبيقات بتغيير بيانات المستخدم ليصبح متّصلاً بالانترنت من عنوان انترنت (IP Address) خارج الجزائر”.97
لا للتدخل الخارجيّ!
مع اندلاع الاحتجاجات مطلع العام الحالي، خرج الجزائريون ليعلنوا رفضهم كل أشكال التدخّل الخارجيّ في شؤون بلادهم. “هاجموا الدبلوماسيّ المخضرم الأخضر الإبراهيمي، لاتّصالاته الفرنسيّة والأميركيّة، ووزير الخارجيّة رمطان لعمامرة، لزيارته موسكو”98 وحملوا كذلك شعاراتٍ مندّدة بالتدخّل الخارجيّ منها “لا واشنطن لا باريس الشعب من يختار الرئيس، وزيتنا في دقيقنا”.99
“لقد نظرت الجزائر على الدّوام بتحفّظٍ كبيرٍ إلى كل أشكال التدخّل الأجنبي في الشأن الداخلي”،100 و”مناعة الجزائريين ضدّ التدخّلات الخارجيّة لا ترتبط فقط بالأحداث القريبة المحلية والإقليمية، بل بتاريخ هذا البلد الطويل والطّبيعة الخاصّة لصراعه الدّامي والمديد مع الظاهرة الاستعمارية الغربية”.101 لهذه الأسباب التّاريخيّة، المرتبطة بحقبة الاستعمار الفرنسي للبلاد وما رافقها من مجازر بحق الجزائريين، لا سيّما مجازر 8 أيار 1945،102 مرورًا بحرب التّحرير والاستقلال، بدا تركيز الجزائريّين في حراكهم منصبًّا بشكلٍ لافتٍ على الموقف الفرنسيّ بشكلٍ خاصّ، فـ”تُرجمت مظاهر الرفض، في تداول عدة فيديوهات لجزائريين اتصلوا بقصر الإليزيه، للتعبير عن رفضهم التصريح الأخير الذي أدلى به الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، على قرارات بوتفليقة، والتي اعتبروها تدخّلًا في شؤون بلادهم، وكان ماكرون، قد حيّا من جيبوتي، قرار عبد العزيز بوتفليقة عدم الترشح لعهدة خامسة متتالية، داعيًا إلى مرحلة انتقالية بمهلة معقولة، كما اتّهمت أقطاب المعارضة السلطة بالسعي إلى الاستعانة بالخارج، أبرزها فرنسا، ما دفعها إلى التّنديد بالتدخّل في الشأن الداخلي”.103
وترتبط حساسية الجزائريّين من فرنسا أيضًا بمسألة العلاقة بين “ضبّاط فرنسا” والمستعمِر السابق. فمع كل مناسبة وطنيّة يتجدّد الجدل حول “وصول الضبّاط الفارّين من الجيش الفرنسي، ممّن يُطلق عليهم وصف ضبّاط فرنسا، إبان الثورة إلى سدة الحكم، مصحوبًا بتضارب تصريحات وشهادات كل من عايشوا تلك المرحلة بين من يعتبر التحاق البعض منهم بالثورة ووصولهم إلى الحكم تحوم حوله شكوك وبين من يعتبره ضرورةً تاريخيّةً أملتها الظروف آنذاك”.104
ويبدو من خلال المواقف الإقليمية والدولية الحرص على استقرار الجزائر وتفادي تمتين الأرضيّة لإعادة سيناريوهات الفوضى الّتي شهدتها الدول العربية خلال الأعوام السابقة، الأمر الذي لا يجعل التدخل الخارجيّ حدثًا ذا قيمة في الحراك الجزائريّ على عكس سائر الدول العربية. “والواقع أن الموقف الدولي، والإقليمي، حين يرى تظاهرات بهذا الزخم والاطراد اليومي، تتعقّد حساباته بشكلٍ كبير، إذ ترتبط مصالحه بالاستقرار، ويرتبط الاستقرار عنده بموازين القوى الداخلية، فالمغرب على سبيل المثال، نأى بنفسه كليًّا وأخذ مسافةً ممّا يجري في الجزائر. أما الولايات المتحدة، فدعت إلى احترام حقّ التظاهر، وحملت نفس الموقف الفرنسي، في ما يخصّ قضية المتابعة والمراقبة للوضع. فيما دعت المفوضية الأوروبية إلى احترام حق التعبير والتجمع في الجزائر”،105 في المقابل “عبّر البرلمان الأوروبي عن دعمه للمتظاهرين الجزائريين. وقالت رئيسة لجنة حقوق الإنسان في البرلمان الأوروبي النائب ماريا أرينا، في فيديو مصور: نحن في السابع والعشرين من شهر سبتمبر وهي المسيرة الثانية والثلاثون التي تُنظّم في الجزائر ضد النظام الحالي. المتظاهرون هم رجال، نساء وشباب يطالبون بالديمقراطية في الجزائر.. نحن نساندهم في البرلمان الأوروبي، وننظّم جلسات استماع مع نشطاء من الحراك، الذين يطالبون بتنظيم انتخابات رئاسية لكن ليس وفق خطة النظام الحالي. وهو ما أثار جدلًا واسعًا في أوساط الجزائريين، إذ اعتبر البعض حديثَ الهيئة الأوروبية عن الحراك الشعبي تدخلاً سافرًا في الشؤون الداخلية للبلاد.106
خاتمة
حتّى فترةٍ قليلةٍ سابقة، كان النّظام الجزائريّ يعتمد آليّاتٍ معيّنةٍ لإعادة إنتاج ذاته، على رأسها نوستالجيا النّضال التحرري، والتّرهيب من عودة الإرهاب. ومع بدء الاحتجاجات، أعاد النظام تشغيل سياسات احتوائه، وراح يخفض السّقف كلّما تعاظم غضبُ الجماهير. بدأ بمؤتمرٍ وطنيّ والوعد بإصلاحات، ووصل حدّ التّضحية ببوتفليقة والمطالبة بعزله، وما زال مستمرًّا بالسياسات نفسها وإن قدّم الرئيس الجديد نفسه على أنّه مستقلّ، لكنّ الاحتجاجات المتصاعدة أكّدت للنّظام أنّ ذاك ليس يسيرًا، فالجزائريّون تجاوزوا حاجز الخوف، ووعوا أهمية النضال السلمي ورفض التدخّل الخارجي.
على وقع الاحتجاجات الهادرة، غادر بوتفليقة وأتى تبّون وتشكّلت حكومة جديدة في تعديلاتٍ بدت شكليّة حتّى أنها لم تطل بعض الوزراء السابقين. عمليًّا، في الشارع الجزائريّ قوّتان: الشّعب والجيش. ساند الأخير الأوّل عبر المطالبة بعزل بوتفليقة، في خطوةٍ رآها البعض تضحيةً برأس النّظام لإنقاذ النظام نفسه، ثمّ عاد ليدعم إجراء انتخابات رئاسيّة رفضها معظم الشعب الجزائريّ، وشكرت أطيافٌ كثيرةٌ من الشّعب الجيش مؤكّدةً احتضانه في هذه المرحلة كمؤسّسة أساسيّة في البلاد مطالبةً في الوقت عينه بكفّ يده عن السّياسية وبالعمل على التأسيس لدولة مدنيّة.
لا محرّك فعليًّا للشارع سوى أبنائه. المعارضة أعجز عن قيادة الدّفة على رغم وعيها الكبير. رأسُ النّظام، بشكله التقليديّ المنظّم في الحزب الحاكم، خارج السلطة، لكنّ أركانَه موجودون. يقف مستقبل النظام السياسي أمام قوّتين كبيرتين: نظامٌ متماسك يشهد بعض الاهتزازات ومحاولات محاسبة فاسدين من العهد السابق107، وحراكٌ فاق التوقّعات. وبين هذا وذاك، مخاوف من إحكام الجيش قبضته على الحكم، ودعواتٌ إلى قيادة المرحلة الانتقالية بوعيٍ وحكمة. واللاعب الخفي هنا هو مجتمع المال والأعمال الذي يحاول أعضاؤه جاهدين الحفاظ على الوضع القائم، فالنظام السابق بتكوينه فتح أمامهم أبواب الفساد مما يعني أنّ أيّ تغييرٍ بالنسبة إليهم لا يمثّل فقط فقدان الامتيازات بل قد يقودهم إلى ساحات المحاكم.
على رأس الدولة اليوم رئيسٌ جديد من “رائحة” بوتفليقة، وأمام الجزائريين امتحانٌ عسير. برحيل بوتفليقة تحقّق المطلب الأول، ومع انتخاب تبّون لم تكتمل “فرحة” الجزائريّين. مع تجاوز الحراك الجزائريّ عامه الأوّل يقف الجزائريون اليوم أمام امتحانٍ دقيق إذ عليهم التّحضير جيّدًا للمرحلة المقبلة والإجابة عن أسئلةٍ ضروريّة متعلّقة بالتّنظيم وتعيين ممثّلين وتوحيد الشعارات والصّفوف لتقرير ما إذا كان الحوار ممكنًا وذا منفعة مع الرئيس الجديد خصوصًا بعد تشكيل لجنة الحوار، والالتفات إلى أنّ النّظام، وإن أبدى لينًا، فإنّه لن ينعى نفسَه وسيحاول مجدّدًا وبشتّى الطّرق اختراقَ الحراك وتلبيسَ أحزابٍ جديدةٍ عباءةَ الحراك تمهيدًا لإنشاء قاعدة انتخابيّة له في أيّ انتخابات مقبلة، فهل ستكون قوى الحراك والمعارضة قادرة على مواجهة ذلك؟
1 الرّئيس بوتفليقة يخطر المجلس الدستوري بقراره إنهاء عهدته، وكالة الأنباء الجزائرية، 2/ 4/ 2019، http://www.aps.dz/ar/algerie/68987-2019-04-02-18-49-16
2 دالية غانم، الحدّ من التغيير عبر التّغيير: ما وراء ديمومة النظام الجزائري، مركز كارنيغي للشّرق الأوسط، 8/ 5/ 2018، https://carnegie-mec.org/2018/05/08/ar-pub-76277
3 الحركات الاحتجاجية في الوطن العربي (مصر- المغرب- لبنان- البحرين- الجزائر- سورية- الأردن)، مجموعة من الكتّاب والباحثين، مركز دراسات الوحدة العربيّة، الطبعة الثانية 2014، ص 326
4 المرجع السابق
5 في 2 كانون الثاني/ يناير 2020 أعلنت الجزائر تشكيل حكومة جديدة للبلاد برئاسة عبد العزيز جرّاد، وقد حافظ فيها وزراء الخارجيّة والداخليّة والعدل على مناصبهم، وتولّت راوية عبد الرحمن حقيبة الماليّة وكمال نصري الإسكان ومحمد عرقاب الطاقة.
6 قائد القوات البرّية منذ أيلول/ سبتمبر 2018 وحتى تعيينه رئيسًا للأركان، “وجعل منصب قائد القوات البرية من شنقريحة الرّجل الثاني في قوات الجيش الوطني الشعبي من حيث الأهمية بعد منصب رئيس الأركان وهو تقليد معروف في الجيش الوطني الشعبي. شارك في حرب 1967 و1973 على الجبهة المصريّة. بزع نجم شنقريحة في الحرب ضدّ الإرهاب خلال العشرية السوداء، وهو حائز على وسام الجيش الوطني الشّعبي من الشارة الثّالثة، ووسام مشاركة الجيش الوطني الشعبي في حروب الشرق الأوسط 1967 و1973 ووسام الاستحقاق العسكري ووسام الشرف. (الجزائر: من هو سعيد شنقريحة الرئيس الجديد لأركان الجيش الوطني الشعبي بالإنابة؟، يورو نيوز، 23/ 12/ 2019، https://arabic.euronews.com/2019/12/23/algeria-profile-said-chengriha-new-chief-staff-national-people-army-ahmed-gaid-salah
7 آلاف المتظاهرين بشوارع العاصمة الجزائريّة مع اقتراب حلول الذّكرى الأولى للحراك الشعبي، فرانس 24، 14/ 2/ 2020، https://bit.ly/2PZgYiQ
8 المرجع السابق
9 حرب استمرّت من 1991 حتى 2002، وهي صراع مسلّح قام بين النظام الجزائري وفصائل متعدّدة تتبنى أفكارًا موالية لـ”الجبهة الإسلامية للإنقاذ“ والإسلام السياسي. بدأ الصراع عقب إلغاء نتائج الانتخابات البرلمانية لعام1991 والتي حقّقت فيها “الجبهة الإسلامية للإنقاذ“ فوزًا مؤكّدًا، مما دفع الجيش إلى التدخل لإلغاء الانتخابات البرلمانية مخافة فوز الإسلاميين فيها.
10 أطولهم حكمًا للجزائر… من هو عبد العزيز بوتفليقة؟ الحرّة، 4/ 3/ 2019، https://arbne.ws/2GZWZhe
11 موقع المجلس الدستوري للجمهورية الجزائرية http://www.conseil-constitutionnel.dz/index.php/ar/1996/2008
12 الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة يتعرّض لجلطة دماغيّة “عابرة”، موقع France 24، 21/ 5/ 2013، https://www.france24.com/ar/20130427-الرئيس-الجزائري-تعرض-جلطة-دماغية-مستشفى-صحة-تدهور
13 تقرير لقناة فرنسا 24 https://www.youtube.com/watch?v=QcWzeqLiHnQ
14 النص الكامل لرسالة الرئيس بوتفليقة إلى الأمة للإعلان عن ترشّحه للانتخابات الرئاسية، 10/ 2/ 2019، الإذاعة الجزائرية، http://www.radioalgerie.dz/news/ar/article/20190210/162051.html
15 الرئيس بوتفليقة يوجّه رسالة إلى الأمة يعلن فيها عن تأجيل الانتخابات الرئاسية، وكالة الأنباء الجزائرية، الاثنين 11/ 3/ 2019، http://www.aps.dz/ar/algerie/68239-2019-03-11-17-39-30
16 حكومة جديدة بالجزائر… 27 وزيرًا بينهم 6 من السابقين، العربية، الاثنين 1/ 4/ 2019، https://bit.ly/2WEwjX1
17 رغم الاحتجاجات.. انتخاب رئيس جزائري جديد في 12 ديسمبر المقبل لطيّ صفحة بوتفليقة، يورونيوز، 15/9/ 2019، https://arabic.euronews.com/2019/09/15/algeria-interim-president-address-to-nation-expected-announcement-election-date-protests
18 الفريق قايد صالح يؤكد على “الأهمية القصوى” التي تكتسيها الانتخابات الرئاسية المقبلة، الاثنين 30/ 9/ 2019، وكالة الأنباء الجزائرية، http://www.aps.dz/ar/algerie/77158-2019-09-30-17-57-56
19 بزاز، محمد، جمعة جديدة من المظاهرات في الجزائر تنادي برفض الانتخابات التي يطالب بها الجيش، يورونيوز، 13/ 9/ 2019، https://arabic.euronews.com/2019/09/13/demonstrations-in-algeria-calls-for-the-rejection-of-the-elections-claimed-by-the-army
20 تشير المادّتان 91 و92 إلى أنّ الرئيس، بالإضافة إلى السّلطات التي تخوّلها إيّاه صراحةً أحكامٌ أخرى في الدّستور، يتمتّع بصلاحيّاتٍ عديدة أبرزها أنه القائد الأعلى للقوات المسلحة، وأنه يتولّى مسؤولية الدفاع الوطني ويقرّر السياسة الخارجية للأمة ويوجّهها، ويبرم المعاهدات الدولية ويصادق عليها، بالإضافة إلى التعيينات الواسعة في الوظائف من الدّرجة الأولى التي يحقّ له القيام بها.
21 الحدّ من التغيير عبر التّغيير، مرجع مذكور.
22 المرجع السّابق
23 الحدّ من التغيير، مرجع مذكور
24 تشترط المادة 87 من الدستور الجزائري أن تثبت مشاركة المترشّح لرئاسة الجمهورية مشاركته في ثورة 1954 إذا كان مولودًا قبل 1942، أو عدم تورّط أبويه في أعمال ضدّ الثورة إذا كان من مواليد بعد 1942.
25 الحدّ من التغيير عبر التغيير، مرجع مذكور
26 سهام معط الله، الاقتصاد الجزائري في مرحلة ما بعد بوتفليقة، العربي الجديد، 9/ 4/ 2019، https://bit.ly/2Ji3ZHn
27 حبيب فرحي، الجيش الجزائري لاعب اقتصادي بارز، السّفير العربي، 27/ 11/ 2013، https://bit.ly/2W5djEr
28 إبراهيم الهواري، هكذا انتقلت السّلطة إلى رجال المال في الجزائر 2016، ساسة بوست، 13/ 12/ 2016، https://bit.ly/2JmFJDP
29 عبد المؤمن الخليفة: رجل أعمال تقرّب من السّلطة كثيرًا. كان سقوطه مدوّيًا وسريعًا إذ خسرت خزينة الجزائر أكثر من 7.5 مليارات دولار، بالإضافة إلى خسارة عدد كبير من المؤسسات والمواطنين أموالهم التي تمّ ادّخارها في بنك الخليفة المفلس. وتعود قضية الخليفة إلى إرادة رئيس البلاد عبد العزيز بوتفليقة في إسقاط الفتى لأسباب سياسية لها علاقة بمواقفه وتأييده للغريم علي بن فليس في انتخابات الرئاسة عام 2004. (المرجع السّابق)
30 الجزائر تحقّق مع عددٍ من رجال الأعمال بتهمة الفساد، 1/ 4/ 2019، https://bit.ly/2HsMbWt.
31 أغنى رجال أعمال في الجزائر إلى “الحبس”، سبوتنيك، 32/ 4/ 2019، https://bit.ly/2Ebs3Y8
32 العربي سفيان، رجال المال والأعمال في الجزائر، من الرّفاه إلى الحساب، 15/ 4/ 2019، https://www.ica-dz.com/2019/04/blog-post_727.html
33 من يحكم الجزائر؟ صحيفة فرنسية: الجنرال قايد صالح سيد اللعبة، لكنّ السلطة مبهمة وهؤلاء ينافسونه، عربي بوست، الجمعة 29/ 3/ 2019 https://bit.ly/2U2lSjb
34 عقوبة قد تصل إلى الإعدام في انتظار شقيق بوتفليقة ومسؤولين جزائريّين سابقين، روسيا اليوم، 7/ 5/ 2019، https://bit.ly/2ZZaFPG
35 تبرئة حنّون وأحكام نهائيّة بسجن السعيد بوتفليقة ومسؤولين أمنيّين، الجزيرة، 10/ 2/ 2020، https://bit.ly/2THUSnv
36 المرجع السابق
37 الجزائر: رئيس الأركان يتعهّد بعدم الترشّح للرئاسة وبتسليم السلطة للشعب، الميادين. نت، 2/ 4/ 2017، https://bit.ly/2uGbsa0
38 تنصّ المادة (102) على أنه إذا استحال على رئيس الجمهوريّة أن يمارس مهامه بسبب مرض خطير ومزمن، يجتمع المجلس الدستوري وجوبًا، وبعد أن يتثبّت من حقيقة هذا المانع بكل الوسائل الممكنة، يقترح بالإجماع على البرلمان التصريح بثبوت المانع. ويكلّف بتولّي رئاسة الدولة بالنيابة مدّة أقصاها خمسةً وأربعين (45) يومًا رئيس مجلس الأمة الذي يمارس صلاحياته مع مراعاة أحكام المادة (104) من الدستور.
وفي حالة استمرار المانع بعد انقضاء خمسةٍ وأربعين (45) يومًا، يُعلن الشّغور بالاستقالة وجوبًا.
39 الجزائر: رئيس الأركان يتعهّد بعدم الترشّح للرئاسة، مرجع سابق.
40 تنص المادة 7 من الدستور على أن “الشّعب مصدر كلّ سلطة، وأن السّيادة الوطنيّة ملك للشّعب وحده”. أما المادة 8 فتنصّ على أن “السّلطة التّأسيسيّة ملك للشّعب”. ويمارس الشّعب سيادته بواسطة المؤسّسات الدّستوريّة الّتي يختارها. يمارس الشّعب هذه السّيادة أيضًا عن طريق الاستفتاء وبواسطة ممثليه المنتخَبين. ولرئيس الجمهوريّة أن يلتجئ إلى إرادة الشّعب مباشرة.
41 جيش الجزائر: أبواق تحاول دفعنا للتّدخّل في السياسة ورافضو الحلول المتاحة باعوا ضمائرهم، روسيا اليوم، 8/ 5/ 2019، https://bit.ly/2WIs51b
42 الجزائر: موقف الجيش مؤشر على تفاقم الانقسامات بين أركان النظام، دولتشي فيلي، 31، 3، 2019، https://bit.ly/2WCk0KN
43 في الجمعة الـ11 على التّوالي.. الجزائريون يواصلون الاحتجاج مطالبين برحيل رجال بوتفليقة، روسيا اليوم، 3/ 5/ 2019، https://bit.ly/2vJlFD7
44 عبد المجيد تبّون هو رئيس حكومة سابق، يبلغ من العمر 74 عامًا، كان ضمن صفوف حزب جبهة التحرير الوطني لكنّه رشّح نفسه بصفته مستقلّا. وقد تقلّد تبّون، خلال عهدة بوتفليقة، العديد من المناصب في الدولة. ويعتبر الكثير من الجزائريّين أنّ تبون، وإن ترشّ؛ عن الانتخابات بصفته مستقلاًّ وحاول قبل ذلك التمايز عن الحزب الحاكم، غير أنه أحد أركان النظام، وبالتالي فإنّ الحراك يرفض استلامه للحكم ويعتبر ذلك استمرارًا للنهج السابق.
45 دعا سيف الإسلام بن عطية، وهو أبرز زعماء المحتجّين في الجزائر، إلى تمديد الفترة الانتقالية إلى ستّة أشهر، بهدف الإعداد لانتخابات حرّة، مطالبًا بإسناد دور قيادي خلال الفترة الانتقاليّة لأحمد طالب الإبراهيمي (87 عامًا) وهو وزير سابق ومؤلف له توجّهات محافظة. واعتبر بن عطية أنّه لا يمكن للرئيس الانتقالي ولا لرئيس الوزراء قيادة المرحلة الانتقالية لأنهما جزءٌ من النّخبة. (أبرز زعماء الاحتجاجات بالجزائر يدعو لتمديد الفترة الانتقاليّة، روسيا اليوم، 27/ 4/ 2019، https://bit.ly/2YBOPR1).
46 نشطاء: استقالة بوتفليقة وحكومة تصريف الأعمال تمديد للأزمة، محي الدين حسين، دولتشي فيلي، 1/ 4/ 2019، https://bit.ly/2WHvhJF
47 سعدي يندّد بإعادة تموقع بعض السياسيين، الخبر، 2/ 4/ 2017، https://bit.ly/29moeEl
48 عثمان لحياني، الحزب الحاكم في الجزائر… أزمة ما قبل الرّئاسيّات، العربي الجديد، 23/ 6/ 2018، https://bit.ly/2Q6fbaC
49 جلال مناد، قيادي بارز في الحزب الحاكم بالجزائر يرفض ترشّح بوتفليقة، إرم نيوز، 7/ 3/ 2019، https://www.eremnews.com/news/maghreb-news/1715507
50 تأييدًا لقيادة الجيش… حلفاء بوتفليقة يدعونه للاستقالة، الجزيرة، 28، 3، 2019، https://bit.ly/2CHelMa
51 احتدام الانقسامات داخل الحزب الحاكم بالجزائر بشأن “الندوة الوطنية”، دولتشي فيلي، 25، 3، 2019، https://bit.ly/2HV4oOx
52 بسام بونني، مظاهرات الجزائر: مأزق تشكيل حكومة جديدة، بي بي سي، 18/ 3/ 2019، http://www.bbc.com/arabic/middleeast-47612415
53 أصبح الرجل الأول بالحزب الحاكم والبعض يرشّحه لتولّي الرئاسة.. من هو الشاب الذي بات ثالث أهم شخصيّة في الجزائر، عربي بوست، 27/ 11/ 2018، https://bit.ly/2CRRYn0
54 احتدام الانقسامات داخل الحزب الحاكم، مرجع مذكور.
55 مظاهرات الجزائر، مرجع مذكور
56 الحركات الاحتجاجية في الوطن العربي، مرجع سابق، ص 236
57 استقالة جماعية لنوّاب حزب العمال من البرلمان، حكيم ش، النهار أونلاين، 27/ 3/ 2019، https://bit.ly/2FRyFMx
58 ترحيب بمقترح إعلان شغور الرئاسة بالجزائر، روسيا اليوم، 29/ 3/ 2019، https://bit.ly/2VbVWOx
59 احتجاجات عارمة في الجزائر، مرجع سابق
60 مظاهرات الجزائر، مرجع سابق.
61 المرجع السابق
62 محمد بلعليا، الجزائر- الحراك الشعبي: شيوخ الزوايا يمسكون العصا من الوسط ويدعون للحفاظ على “كرامة ذوي الفضل”، TSA عربي، 21/ 3/ 2019، https://bit.ly/2OEhAsk
63 وقف ضدّ الحراك.. الفكر السّلفي في الجزائر، الحرّة، 21/ 3/ 2019، https://arbne.ws/2CHiBLk
64 Algeria: Tightening the Screws on Protests, Arrests, Roadblocks Curbing Peaceful Marches, Human Rights Watch, 9/ 11/ 2019, https://bit.ly/2xuCfdY
65 العفو الدولية تطالب السلطات الجزائرية لإطلاق سراح المتظاهرين المشاركين بالحراك، يورونيوز، 6/ 3/ 2020، https://arabic.euronews.com/2020/03/06/amnesty-international-calls-algerian-authorities-release-protestors
66 المرجع السابق
67 المرجع السابق
68 وقف ضدّ الحراك، مرجع سابق
69 حميد يس، جمعة الإصرار..#يتنحاو فع، الخبر، 28/ 3/ 2019، https://bit.ly/Hj0rYX
70 المرجع السابق
71 المرجع السابق
72 الأمين العام الجديد لحزب بوتفليقة: تعرّضنا لضغوط ونطلب الصّفح من الجزائريّين، روسيا اليوم، 1/ 5/ 2019، https://bit.ly/2w09kKN
73 تبّون يبحث عن الشرعيّة في تعديل الدّستور… جزائريّون: لا تعديل إلا مع رئيس شرعي، موقع رصيف 22، 9/ 1/ 2020، https://bit.ly/33dW4SG
74 محمد العيد، تبّون بعد شهر على انتخابه: تحدّيات داخليّة وخارجيّة، جريدة “الأخبار”، 14/ 2/ 2020، https://bit.ly/33bIdwc
75 تبّون يبحث عن الشرعيّة في تعديل الدستور، مرجع سابق.
76 المرجع السابق
77 نور الدين العلوي، احتمالات الحراك الجزائري، TRT عربي، 13/ 3/ 2019، https://bit.ly/2uGej2t
78 المرجع السابق
79 موقع حركة “مواطنة- ديمقراطية”، https://mouwatana.org/
80 فيصل زقاد، حركة مواطنة.. فصل آخر من بؤس شعب، موقع زاد دي زاد، 1/ 10/ 2018، https://bit.ly/2HQRHoN
81 أيمن تيجاني، اتفقوا على كل شيء إلا أهم شيء.. المعارضة الجزائرية تخفق في التوصّل لمرشّح توافقي، وتلوم بوتفليقة على ذلك، عربي بوست، 21/ 2/ 2019، https://bit.ly/2uDH3sJ
82 هل يستطيع الحراك الجزائري تشكيل قيادة لا تُخترق؟ مروان لوناس،TRT عربي، 21/ 3/ 2019، https://bit.ly/2TLzSsA
83 المرجع السابق
84 محمد أمير، عقب استدعائها للشّهادة… اعتقال زعيمة حزب العمّال بالجزائر، الجزيرة، 10/ 5/ 2019، https://bit.ly/2HfYRQF
85 عثمان لحياني، حراك الطلاب مستمر في الجزائر.. والأساتذة يعتبرون غلق الجامعات “مناورة دنيئة”، العربي الجديد، 10/ 3/ 2019، https://bit.ly/2HT0gzb
86 المرجع السابق
87 إسماعيل عزام، الجزائر.. تعرّف على 9 قوى داعمة للحراك ضدّ استمرار بوتفليقة، موقع msn، 2/ 3/ 2019، https://bit.ly/2FONm1X
88 الحد من التغيير عبر التغيير، مرجع مذكور
89 المرجع السابق
90 يتألف “ائتلاف المجتمع المدني” من 21 جمعيّة هي: جمعية جزائرنا، النّساء الجزائريات المطالبات بحقوقهن FARD، الرابطة الجزائرية لحقوق الإنسان، الرابطة الجزائرية للدّفاع عن حقوق الإنسان زهوان/ بن يسعد، جمعية RAJ، SOS مفقودين، ثروى فاطمة نسومر، شبكة وسيلة، SOS باب الواد ثقافة، النقابة الوطنية لمستخدمي الإدارة، النقابة الجزائرية لعمّال التربية والتكوين SATEF، المجلس الوطني CNAPEST، مجموعة الدعم واليقظة لحراك 22 فبراير، جمعية تمليلي، النقابة الوطنية لعمال البريد، مجموعة الشباب المناضل من أجل الجزائر، جمعية من أجل التغيير الديمقراطي في الجزائر، مبادرة إعادة البناء الديمقراطي، اللجنة الوطنية للدفاع عن حقوق البطّالين، ائتلاف عائلات الحراقة المفقودين في البحر، شبكة المحامين للدفاع عن حقوق الإنسان.
91 ائتلاف المجتمع المدني الجزائري من أجل الخروج السلمي من الأزمة. خارطة الطريق لإقامة الجمهورية الجديدة، الرابطة LADDH، 18/ 3/ 2019، https://bit.ly/2JWzHLd.
92 عادل خالدي، كيف ساهم الإعلام الاجتماعي في حراك الجزائر، الجزيرة، 17/ 3/ 2019، http://institute.aljazeera.net/ar/ajr/article/669
93 المرجع السابق
94 الجزائر.. توقيف صحافيين متضامنين مع الاحتجاجات، الحرة، 28/ 2/ 2019، https://arbne.ws/2VkiXPe
95 حراك الجزائر يضع الإعلام المحلي، مرجع سابق
96 كيف ساهم الإعلام الاجتماعي في حراك الجزائر، مرجع سابق.
97 المرجع السابق
98 فواز طرابلسي، السودان، الجزائر، إلخ: استئناف البدايات، مجلة “بدايات”، شركة الناشرون لتوزيع الصحف والمطبوعات، بيروت- لبنان، ص 5.
99 إيمان عويمر، الجزائر: إجماع على رفض التدخّل الخارجي في الحراك الشعبي، TSA عربي، 14/ 3/ 2019، https://bit.ly/2HG13Bc
100 الحركات الاحتجاجيّة في الوطن العربي، ص 325.
101 المناعة الجزائريّة ضدّ التدخّلات الخارجيّة استغلال الأزمة!، المرصاد، 7/ 3/ 2019، http://www.almersad.net/2013-10-31-22-27-28/13540-2019-03-07-10-59-27
102 8 أيار 1945 ذكرى المجازر الفرنسية بحق الجزائريين المحتجّين والتي راح ضحيّتها عشرات آلاف الجزائريين. وقد تزامنت المجازر مع احتفال الحلفاء بالنّصر على قوات المحور خلال الحرب العالمية الثانية.
103 إيمان عويمر، مرجع سابق.
104 الجدل تجدّد مع ذكرى الاستقلال… كيف وصل ضبّاط فرنسا إلى سدّة الحكم في الجزائر؟، سي أن أن بالعربيةـ 14/ 7/ 2016، https://arabic.cnn.com/middleeast/2016/07/15/algerian-army-independence-france
105 بلال التليدي، حراك الجزائر وتناقضات الموقف الدولي، القدس العربي، 7/ 3/ 2019، https://bit.ly/2WVBxyc
106 البرلمان الأوروبي يثير الجدل بمساندته للحراك في الجزائر، TSA عربي، 29/ 9/ 2019، https://bit.ly/2VexJrM
107 إلى جانب محاكمة رجال أعمال بارزين بتهم فساد، إنّ أبرز محاولات محاسبة فاسدين من رموز النّظام السابق اعتقال سعيد بوتفليقة ومستشاره وكذلك الجنرالين توفيق وعثمان. ومثول الوزير الأول السابق أحمد أويحيى أمام المحكمة في قضايا تتعلّق بتبديد المال العام ومنح امتيازات غير مشروعة. ومثول وزير المالية والمحافظ السّابق للبنك المركزي الجزائري محمد لوكال أمام القضاء بتهم فساد واستغلال للنّفوذ. ومثول المدير العام السّابق للأمن الوطني اللّواء المتقاعد عبد الغني هامل وابنه أمام القضاء بتهم تتعلّق بقضايا فساد. ومن بين المحاولات أيضًا إعلان قايد صالح أنّه سيتمّ الكشف عن ملفّات كبيرة متعلّقة بالفساد وتكشف نهب أموال عامّة.