رجاء كساب
المغرب
المقدمة
تعرِّف منظمة الصحة العالمية الصحة بصفتها” حالة من اكتمال السلامة بدنيا وعقليا واجتماعيا، لا مجرد انعدام المرض أو العجز”[1]
وتعتبر الصحة حق من حقوق الإنسان تعترف به العديد من المواثيق الدولية، خاصة دستور منظمة الصحة العالمية الذي ينص على أن “التوفر على أفضل حال صحية يمكن للإنسان بلوغها هو أمر يعد من بين الحقوق الأساسية لكل كائن بشري ” والمادة 25 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمادة 12 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. كما أن هناك ضمانات صحية إضافية، ترمي إلى حماية الحق في الصحة للمجموعات المهمشة، تم النص عليها في الاتفاقيات الدولية الموجهة خصيصا لمجموعات معينة.
غير أن الاعتراف بالحق في الصحة، كما هو منصوص عليه في المواثيق الدولية، لم يكن كافيا لتجسيده تجسيدا فعليا، حيث لا زال العالم يعرف تفاوتات كبيرة بالنسبة للسياسات الصحية المتبعة والموارد المالية التي تنفقها مختلف الدول على الصحة.
وقد التزمت الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية، في عام 2005، بتطوير نظم التمويل الصحي لديها لتحقيق التغطية الصحية الشاملة.
في هذه الورقة نعرض في المحور الأول، لسياسات تمويل الخدمات الصحية، كما نتطرق في المحور الثاني لبعض نماذج النظم الصحية في العالم المرتبطة بهذه السياسات، بهدف المساهمة في تسليط الضوء على بعض النظم الصحية الناجحة. أما المحور الثالث فيحاول استخلاص الدروس من النماذج الناجحة من أجل تفعيل الحق في الصحة للجميع كما تنص عليه المواثيق الدولية.
المحور الأول: سياسات تمويل الخدمات الصحية
ترتبط عملية تمويل الخدمات الصحية بالسياسة الصحية والنظم الصحية المعتمَدة في كل بلد، وهو ما يحدد طرق تجميع الموارد المالية واستعمالها وقواعد توزيعها.
وتعتبر منظمة الصحة العالمية التمويل الصحي عنصرا أساسيا في قدرة النظم الصحية على الحفاظ على رفاه الإنسان وتحسينه، حيث تعتبره لا يقتصر على تجميع الموارد فحسب، بل يجب أيضا أن يحقق هدفا أساسيا وهو تمكين السكان من الاستفادة من الخدمات الصحية اللازمة دون التعرض لخطر الصعوبات المالية الشديدة.
I. مصادر تمويل الخدمات الصحية
تختلف مصادر تمويل الخدمات الصحية من منظومة صحية إلى أخرى، وقد تتعدد هذه المصادر في بعض النظم الصحية كما قد تكون واحدة في نظم أخرى.
ويمكن تقسيم مصادر التمويل الرئيسية في العالم إلى مصادر عمومية أو خاصة أو مصادر خارجية، كما يمكن تمويل النظم الصحية بواسطة التأمينات.
1. مصادر التمويل العمومية
تساهم السلطات العمومية في تمويل الخدمات الصحية في كل المنظومات الصحية العالمية، إلا أن مساهمتها تختلف بين منظومة صحية وأخرى.
2. مصادر التمويل الخاصة
يمكن التمييز بين مصدرين للتمويل الخاص:
§ التمويل الذي تقوم به مؤسسات خاصة أو عامة والذي يتجلى في إنشاء مراكز صحية من أجل تقريب الخدمات الصحية من أجرائها ومن أجل التحكم في النفقات التي كانت تعطى لمؤسسات أخرى لتسييرها (مؤسسات التأمين مثلا):
§ التمويل الناتج عن تسديد المستهلكين للخدمات الصحية من مصادرهم المالية الخاصة مقابل الخدمة المقدمة والذي يمكنه أن يكون كليا أو جزئيا. ويصعب قياس هذا التمويل بدقة في الكثير من البلدان النامية إلا أن حجمه يبقى مرتفعا ويشكل عائقا كبيرا للولوج للخدمات الصحية.
3. التأمينات
يوجد هذا المصدر في معظم المنظومات الصحية في العالم، وينقسم إلى نوعين:
§ أنظمة تأمين غير هادفة للربح كالضمان الاجتماعي.
§ أنظمة تأمين هادفة للربح كشركات التأمين الخاصة.
ويلجأ الأشخاص إلى شركات التأمين بشكل اختياري أو بشكل إجباري بمجرد ممارستهم لعمل داخل مؤسسة ما. كما يمكن الجمع بين التأمين الإجباري والاختياري في إطار التأمين التكميلي.
4. مصادر التمويل الخارجية
تواجه البلدان النامية صعوبات كبيرة من أجل تمويل نظمها الصحية، مما يجعلها تلجأ إلى مساعدات مجموعة من الدول المانحة وذلك عن طريق تمويل مشروعات وبرامج في مجال الصحة؛ وتمنح هذه المساعدات على شكل هبات أو قروض. كما أن العديد من الوكالات الثنائية، تقوم بمساعدة هذه البلدان على تطوير نظم التمويل الصحي من أجل تحقيق التغطية الصحية الشاملة.
II. أنماط تمويل الخدمات الصحية
هناك أربعة أنماط رئيسية لتمويل الخدمات الصحية.
1. التأمين الاختياري أو الطوعي على المرض
في هذا النمط، للأشخاص الحرية في الانخراط في صندوق ضمان اجتماعي أو إبرام عقد تأمين خاص. ويوجد هذا النمط في أغلب دول العالم الثالث، كما نجده أيضا في بعض الدول المتقدمة كسويسرا والولايات المتحدة الأمريكية.
2. التأمين الإجباري على المرض
في هذا النمط يكون الانخراط إلزاميا في صندوق الضمان الاجتماعي؛ وتسدد مبالغ الانخراط إما من طرف المشغل أو الأجير نفسه، أو حسب نسبة معينة تقتسم بين الاثنين. يوجد هذا النمط في الكثير من الدول الغربية وبعض الدول النامية (ألمانيا، النمسا، هولندا، المغرب).
3. التأمين الشامل
هو تأمين إجباري تسدد فيه أقساط الانخراط من طرف المشتركين في الضمان الاجتماعي والصناديق التابعة له ويهم أجراء القطاع العام والخاص والعمال المستقلين؛ لكن ما يميزه عن التأمين الإجباري على المرض هو كونه يعطي لكل السكان الحق في الاستفادة من الخدمات الصحية سواء كانوا منخرطين أم لا (العاطلين عن العمل، المسنين، الفقراء….) ويوجد هذا النمط من التمويل في بعض الدول الاسكندنافية كالسويد والنرويج. ونجده أيضا في بلدان عربية كالجزائر.
4. التأمين ضمن الخدمة الصحية الوطنية
يختلف هذا النمط عن التأمين الشامل في كون الدولة هي مصدر التمويل الوحيد وفي نفس الوقت هي من يقوم بتقديم العلاج. ويستفيد من الخدمات الصحية كل أفراد المجتمع. ونجد هذا النمط أساسا في المنظومة الصحية الكوبية.
المحور الثاني: النظم الصحية
تتألف المنظومة الصحية من مجموع المؤسسات والموارد والأعمال المنظمة لتحقيق الأهداف الأساسية للصحة على أساس مبادئ التضامن والمساواة في الولوج إلى العلاج والخدمات الصحية والإنصاف في التوزيع المجالي للموارد الصحية والتكامل بين القطاعات.[2]
ويمثل التأمين على المرض ومنظومة العلاج أهم عنصرين في المنظومة الصحية.
I. لمحة عن تطور النظم الصحية
في أواخر القرن التاسع عشر، ومع التحولات التي نتجت عن الثورة الصناعية بدأت المجتمعات تعي الثمن الباهظ الذي يؤديه العاملون من أمراض مفضية إلى العجز أو الموت في الكثير من الأحيان، بسبب الالتهابات أو العدوى أو بسبب حوادث العمل أو الأمراض المهنية. إضافة، لم يكن لهذه الوفيات والأمراض تكلفة بشرية فقط بل تسببت أيضا في خسائر كبيرة في الإنتاج، مما دفع بأرباب العمل إلى توفير بعض الخدمات الطبية للعمال.
ومن جهة أخرى، أصبحت في هذه الفترة صحة العمال قضية سياسية في بعض الدول الأوروبية، حيث قام المستشار بسمارك (Bismarck) بمجموعة من الإجراءات الاجتماعية لاستمالة العمال وقطع الطريق على الحركات الاشتراكية في ألمانيا؛ فقام باسترجاع إدارة وتدبير صناديق التأمين الصحي من النقابات لحرمانها من أحد مصادر التمويل[3]، وقام سنة 1883 باستصدار قانون يلزم أرباب العمل للمساهمة في الرعاية الطبية لبعض العمال ذوي الدخل المحدود، وقد تم توسيع هذا التأمين في وقت لاحق ليشمل فئات أخرى من العمال.
ويعتبر هذا هو أول نموذج للتأمين الاجتماعي الذي تم فرضه من طرف الدولة. وقد أدت شعبية هذا القانون بين العمال إلى اعتماد قانون مماثل ببلجيكا سنة 1894، وتلتها النرويج سنة 1909، ثم بريطانيا سنة 1911.
وفي روسيا، وبعد الثورة البولشيفية سنة 1917، أصدرت الدولة مرسوما يقضي بتقديم الرعاية الطبية المجانية لجميع السكان. ويعد هذا النظام الذي استمر لما يقارب 80 سنة، أول مثال لنظام صحي مركزي تديره الدولة.
وخلال الحرب العالمية الثانية، ساهمت الخدمة الوطنية البريطانية لمساعدة الجرحى في إنشاء ما أصبح يعرف ابتداء من سنة 1948 بهيئة الخدمات الصحية الوطنية.
ويعرِّف تقرير بيفيريدج (Beveridge) لسنة 1942 الخدمات الصحية كأحد الشروط الثلاثة لإنشاء نظام للضمان الاجتماعي قابل للاستدامة[4]. وقد أكدت الحكومة البريطانية في كتابها الأبيض سنة 1944 على مبدأ وجوب أن تكون لجميع المواطنين نفس الفرص للوصول إلى الخدمات الطبية تتسم بالكفاءة والحداثة وبالشمولية وتهدف إلى تعزيز الصحة الجيدة وعلاج المرض. وقد كانت نيوزيلندا أول بلد يقر نظام الخدمة الصحية الوطنية وذلك سنة 1938.
وبعد الحرب العالمية الثانية، قامت اليابان وشيلي ومجموعة من الدول الأوروبية خاصة بتوسيع التغطية الصحية لتشمل جميع السكان.
وتعتمد النظم الصحية اليوم بدرجات متفاوتة على واحد أو أكثر من النماذج الأساسية التي تم تطويرها وتحسينها منذ أواخر القرن التاسع عشر.
II. نماذج من النظم الصحية
تختلف النظم الصحية حسب مصادر وأنماط تمويل الخدمات الصحية بشكل أساسي، بالإضافة إلى مجال وشكل تدخل الدولة في تقديم تلك الخدمات.
لكن الأساسي هو قدرة النظم الصحية على توفير الخدمات لكل شرائح المجتمع بغض النظر عن مستواها الاقتصادي والاجتماعي وذلك دون المساس بقدرتها الشرائية أو تفقيرها.
1. المنظومة الصحية في بريطانيا
تعتبر الخدمة الصحية الوطنية في بريطانيا (National Health Service: NHS) التي تأسست سنة 1948 بفلسفة “الصحة لجميع أفراد المجتمع” من المنظومات الصحية الاجتماعية، التي تعرض خدماتها لأكبر نسبة من أفراد المجتمع.
وتتميز الخدمة الصحية الوطنية بكون المؤسسات الصحية وعملية تسييرها تعود للدولة، حيث تمتلك هذه الأخيرة نسبة كبيرة من المستشفيات، وهي من تسهر على تدبيرها وتسييرها[5].
وتوجد هذه المنظومة الصحية أيضا في الدول ذات التأثير البريطاني كأستراليا، ونيوزيلندا، وجنوب أفريقيا.
§ التغطية الصحية
تمول الخدمة الصحية الوطنية من الضرائب العامة للدولة كما أن نظام تأمينها ليس مستقلا عن الدولة بل تابع لها، وتسهر على تسييره عن طريق أجهزتها؛ وتقدم خدمات مجانية للسكان شريطة أن يكونوا مسجلين في لوائحها. وتجدر الإشارة إلى أن المريض يؤدي جزءا بسيطا من تكلفة بعض الخدمات الصحية كالعلاج الخاصة بالأسنان وبالعيون والأدوية الموصوفة من طرف طبيب يعمل لدى الخدمة الوطنية (N.H.S.). [6]
وتفاديا لطوابير الانتظار ومن أجل خدمات تكميلية، أصبح العديد من المشغلين يقدمون لأجرائهم تغطية صحية تكميلية عبر شركات التأمين الخاصة وعلى رأسها الشركة غير الهادفة للربح BUPA التي كانت من أهم شركات الـتأمين الصحي قبل اعتماد نظام الخدمة الصحية الوطنية (N.H.S.).
§ منظومة العلاج
يوجد بالمملكة المتحدة مستشفيات عمومية وأخرى خاصة.
– القطاع العمومي
يتكون من عيادات ومستشفيات عمومية يشتغل بها أطباء عامون واختصاصيون بالإضافة للممرضين وباقي الأطر شبه طبية والإدارية. ويقدر عددهم بأكثر من 1.6 مليون شخص. وتختلف العلاقة التي تربط الأطباء بنظام (N.H.S)، حسب كونهم أطباء عامين أم أخصائيين.
ويمارس 80% من الأطباء العامين (GP) نشاطهم في عيادات مشتركة تابعة للخدمة الوطنية الصحية (N.H.S)، حيث يستفيد المواطنون من الخدمات مجانا، شريطة أن يكونوا مسجلين لدى هؤلاء الأطباء.
وباستثناء المناطق الريفية، أصبحت العيادات تتطور على شكل مراكز صحية، يشتغل بها عدد من الأطباء والممرضين وغيرهم من العاملين في المجال الطبي وشبه الطبي.[7]
أما الأطباء الأخصائيون فيمارسون كل نشاطهم في المستشفيات، ولا يتم طلب خدمات أخصائي إلا بعد الموافقة من طرف طبيب عام.
– القطاع الخاص
إلى جانب القطاع العمومي، يوجد ببريطانيا قطاع خاص، فالأطباء لهم الحق في فتح عيادات خاصة لممارسة نشاطهم خارج أوقات العمل المتعاقد عليها مع (N.H.S) إن كان الطبيب منخرطا في ذلك النظام. ويتحمل المريض الذي يلجأ للقطاع الخاص أتعاب الطبيب بالإضافة إلى تكلفة الأدوية الموصوفة له من طرفه.
2. المنظومة الصحية الفرنسية
تعتبر المنظومة الصحية الفرنسية مزيجا من النموذج البسماركي والنموذج البيفريدجي. ونجد هذا النموذج أيضا في معظم الدول اللاتينية لكن مع بعض الاختلافات في منظومة العلاج وفي مصادر التمويل.
§ التغطية الصحية
يعود التأمين الاجتماعي في فرنسا إلى سنة1930. وهو تأمين إجباري على كل الأُجراء تم توسيعه سنة 1967 ليشمل جميع السكان، مما أدى إلى تعدد الأنظمة.[8]
تعتمد المنظومة الصحية الفرنسية في تمويلها على الضمان الاجتماعي والتأمينات التكميلية بالإضافة إلى مساهمة الأفراد والعائلات المباشرة، ويعهد تسييرها إلى صندوق التأمينات المرضية. وقد تمكن هذا الأخير من تغطية 100% من المجتمع الفرنسي و70% من التكاليف الصحة[9]. ويتم التسجيل في الضمان الاجتماعي الفرنسي وفقا للعمل الممارس. ويمول صندوق التأمين المرضي عن طريق الاشتراكات التي يؤديها الأجير والمشغِّل على السواء.
وللإشارة، فالخدمات الصحية المقدمة من طرف المنظومة الصحية الفرنسية ليست مجانية كليا، بل يؤدي المريض جزءا يسمى (Ticket modérateur).
§ منظومة العلاج
تضم منظومة العلاج الفرنسية مؤسسات صحية عمومية تدخل ضمن الخدمة العمومية الاستشفائية (65 بالمئة من الأسِرّة) وتقوم بمهام التكوين والتكوين المستمر والبحث العلمي والوقاية والعلاج ومؤسسات صحية تابعة للقطاع الخاص إما هادفة للربح أو غير هادفة للربح.[10]
وتتكون هذه المنظومة من المراكز الاستشفائية التي كان يطلق عليها من قبل المستشفيات المحلية، وهي مراكز الرعاية الأساسية، تقدم خدمات التطبيب والجراحة والولادة؛ ومن المراكز الاستشفائية الجهوية (32 بما فيها 30 مركز استشفائي جامعي) التي تتميز بمستوى عالي من التخصص، يمكن اللجوء إليها مباشرة أو بعد المرور من المركز الاستشفائي.
3. المنظومة الصحية الأمريكية
§ التغطية الصحية تتمحور التغطية الصحية بالولايات المتحدة حول التأمين الخاص وغالبا ما تكون مرتبطة بالعمل. ومن جهة أخرى، تقدم الحكومة الفيدرالية تأمينا صحيا محدودا للمسنين أو المحتاجين.
– التأمين الصحي الخاص
تمثل نفقات الصحة بالنسبة للإنتاج الداخلي الخام في الولايات المتحدة الأمريكية أكبر نفقات الصحة في العالم حيث وصلت إلى حوالي 16% سنة 2016 من الناتج الداخلي الخام، وهو ما يقارب ضعفين ونصف من متوسط مصاريف البلدان الأخرى ذات الدخل المرتفع. ويتمحور تمويل الخدمات الصحية في الولايات المتحدة، إلى حد كبير حول التأمين الخاص والاختياري المقترح من قبل معظم أرباب العمل لأجرائهم حيث يشمل حوالي ثلثي الأمريكيين. وتختلف الخدمات المقدمة من شركة إلى أخرى، حيث عادة ما تقدم الشركات الكبيرة تغطية أفضل.[11]
– التأمين الصحي العام
يوفر نظام الرعاية الصحية الاجتماعي في الولايات المتحدة التغطية الأساسية للمسنين والفقراء، وينقسم إلى نظامين:
1. الرعاية الطبية “Medicare” لمن هم فوق 65 سنة أو ذوي إعاقة: تقدم هذه الرعاية تأمينا إجباريا على الخدمات الاستشفائية الذي يمول من مساهمات العمال وأرباب العمل، وتأمينا تكميليا اختياريا ممولا من طرف الدولة ومساهمات المنخرطين.
2. المساعدة الطبية للأسر ذات الدخل المحدود “Medicaid“: تمول من طرف الولايات والحكومة الفدرالية وتدعم فئات معينة من السكان المعوزين تحددها الولايات (حوالي 27% من السكان)، مما يجعل التغطية الصحية تختلف من ولاية إلى أخرى[12].
ومن جهة أخرى، تبقى شرائح من السكان بدون أي تغطية لأنها لا تستطيع الدفع لشركات التأمين الخاصة بسبب دخلها المحدود أو انعدامه أصلا في بعض الأحيان، بالإضافة إلى كونها لا تستطيع الاستفادة من نظامي التأمين العام “Medicaid“و”Medicare” بحجة أنها لا تتوفر فيها الشروط اللازمة؛ مما يجعلها محرومة من الخدمات الصحية ذات التكلفة الباهظة. وقد جاء نظام التغطية الصحية ” Obama care” والذي يريد الرئيس الأمريكي الحالي التراجع عنه، ليعالج هذه الإشكالية وسيمول بواسطة الزيادة في أقساط التأمين وفرض ضرائب جديدة.
§ منظومة العلاج
تنتظم الرعاية الصحية في الولايات المتحدة، إلى حد كبير، في شبكات مندمجة. وتحاول هذه الشركات الخاصة، في إطار بحثها عن حلول لمواجهة الصعوبات المالية المتزايدة، استنساخ، ولو جزئيا، بعض التجارب الدولية الناجحة كالتجربة الفرنسية في مجال تنظيم الرعاية.
– منظمات الرعاية (MCO: managed care organisations)، وهو النموذج السائد في الولايات المتحدة. وهي عبارة عن شبكات للرعاية أنشئت لتجاوز تكاليف التأمين الصحي تجمع بين التأمين والرعاية. وترتكز على الشراكة بين الممولين ومقدمي الخدمات، وهو ما يساعد على ترشيد النفقات. ويتم تشجيع المؤمنين للجوء للمهنيين الصحيين المتعاقد معهم ولا يتم اللجوء إلى الأطباء الأخصائيين إلا بعد مراجعة طبيب العائلة.[13]
– “managed care“: تضطلع بدور وقائي هام حيث تم إنشاء برنامج “تدبير الأمراض (Disease Management) الخاص بالمرضى الذين يعانون من أمراض خطيرة ومكلفة، ويقدم لهم متابعة ودعما شخصيا. [14]
4. المنظومة الصحية الكوبية
تعتبر الرعاية الصحية في كوبا حقا من حقوق الإنسان يتمتع به جميع المواطنون؛ وتعمل الحكومة الكوبية على ترجمة هذا الحق على أرض الواقع من خلال توفير خدمات صحية مجانية لجميع مواطنيها عبر الاهتمام الكبير الذي توليه للوقاية والرعاية الأولية وخدمات القرب والمشاركة النشطة للمواطنين. وقد أدت هذه السياسة، رغم الحصار والمشاكل الاقتصادية التي تعاني منها كوبا، إلى تحسن ملحوظ في المؤشرات الصحية الرئيسية، حيث يعتبر متوسط العمر المتوقع في كوبا أعلى من متوسط العمر المتوقع في بعض الدول المتقدمة كالولايات المتحدة مثلا (72.5 مقابل 71.9). كما أن كوبا استطاعت أن تقضي على مجموعة من الأمراض كشلل الأطفال والسل وحمى التيفويد والدفتيريا.
وقد مرت المنظومة الصحية الكوبية من عدة مراحل، حيث كانت ذات أهداف ربحية قبل الثورة ثم باشرت الحكومة الجديدة سنة 1959 إصلاحها لكي تصبح منظومة عمومية تسيَّر من طرف الحكومة وتوفِّر الخدمات لجميع المواطنين بالمجان.
وقد أدى سقوط الكتلة الاشتراكية وتشديد الحصار الأمريكي في أوائل التسعينات إلى أزمة اقتصادية حادة، مما أثر سلبا على نظام الرعاية الصحية وهدده بالانهيار حيث تقلصت ميزانية الأدوية والمعدات الطبية بنسبة 70%؛ غير أن المؤشرات الصحية لسكان كوبا ظلت مستقرة. ويرجع ذلك إلى أن الرعاية الصحية ظلت أولوية كبيرة للحكومة.
ومن بين أسرار نجاح المنظومة الصحية الكوبية رغم قلة الموارد، لجوء الحكومة إلى الاستثمار وبدرجة كبيرة في التكنولوجيا الحيوية والدراسات الوبائية في مجال الأمراض المزمنة. وقد واصلت الحكومة الكوبية دعمها السياسي والمالي للتكنولوجيا الحيوية حتى في الأوقات الصعبة اقتصاديا. حيث استثمرت على مدى السنوات العشرين الماضية حوالي مليار دولار أمريكي في البحث والتطوير. وتمتلك صناعة التكنولوجيا الحيوية الكوبية اليوم حوالي 1200 براءة اختراع دولية وتُسوِّق المستحضرات الصيدلانية واللقاحات في أكثر من 50 بلدا. وقد حقق الباحثون والعلماء الكوبيون مؤخرا تقدما كبيرا في مجال علاج السرطان وتشخيصه والوقاية منه. ففي عام 2008، على سبيل المثال، سجلت وزارة الصحة أول لقاح لسرطان الرئة المتقدم الذي اكتشفه مركز علم المناعة الجزيئية بهافانا. وقد سُجلت براءة اختراع لقاح ثانٍ ضد نوع السرطان نفسه في أوائل عام 2013.[15]
كما أن كوبا أصبحت أول بلد في العالم يحصل على مصادقة منظمة الصحة العالمية على النجاح في القضاء على انتقال مرض الزهري وفيروس نقص المناعة البشرية من الأم إلى الطفل.[16]
ومن جهة أخرى، لم تقتصر ثورة القطاع الصحي الكوبي على الرعاية الصحية الأولية والبحث العلمي فقط بل واكبت هذه الإجراءات إجراءات أخرى لا تقل أهمية تكمن في النهوض بالتعليم الطبي وشبه الطبي يمكن من تكوين أطر على مستوى عال من المعرفة والتدريب والثقافة المجتمعية. وتعرف كوبا أكبر معدلات الأطباء في العالم حيث تتوفر على 6.7 طبيب لكل 1000 مواطن وهو معدل يفوق ما تتوفر عليه الدول المتقدمة. وقد أسهم المورد البشري الطبي عالي التدريب والكفاءة إسهاما كبيرا في الطفرة التي تشهدها كوبا في الرعاية الصحية الأولية وطب الأسرة.
§ منظومة العلاج
قامت الحكومة الكوبية انطلاقا من السبعينيات والثمانينيات من القرن العشرين، بتحويل المنظومة الصحية من منظومة علاجية استشفائية إلى منظومة للرعاية الصحية الأولية تبتدئ من الجماعات المحلية /المحافظات وتتألف من ثلاث مستويات للرعاية:[17]
– المستوى الأول حيث نجد طبيب وممرضة الأسرة ويتكون من مصحات وعيادات. وفي هذا المستوى يمكن معالجة معظم الأمراض التي تؤثر على السكان، وذلك لأن المنظومة الصحية ترتكز كثيرا على الوقاية، وبالتالي يمكن منع المخاطر والأمراض وشفاؤها إذا لزم الأمر. وقد أدى التركيز على أطباء الأسرة إلى مراقبة الأمراض مما ساعد على جمع وتدقيق المعطيات عن الحالة الصحية وخصائص السكان.[18]
– المستوى الثاني حيث نجد المستشفيات التي تعنى بعلاج الأمراض التي لا يمكن علاجها في المستوى الأول.
– المستوى الثالث يتكون من المعاهد الصحية الوطنية وبعض المستشفيات أكثر تخصصا من المستوى الثاني حيث يتم اللجوء إلى تقنيات أكثر تقدما كزرع الأعضاء وحيث تنجز دراسات حول الأمراض كالأمراض المعدية وأمراض المناطق الاستوائية.
وفي بداية هذا القرن، قامت كوبا بالعديد من الاجراءات من أجل إصلاح وتطوير القطاع الصحي، أهمها إعادة تحديث وتوزيع العيادات الخارجية بحيث تكون الخدمات الصحية متوفرة وقريبة من المواطنين. [19]
5. المنظومة الصحية المغربية
التزم المغرب بانضمامه إلى إعلان الألفية للأمم المتحدة بتبني استراتيجيات تمكنه من بلوغ الأهداف الثمانية من أهداف الألفية للأمم المتحدة، كما التزم مع باقي الدول الأعضاء بمنظمة الصحة العالمية سنة 2005 بتعميم التغطية الصحية لتشمل جميع الناس، وهو الالتزام الذي تم تأكيده من خلال البروتوكول الموقع من طرف منظمة الصحة العالمية والحكومة المغربية سنة 2017. ولقد اعترف دستور 2011 بالحق في الصحة، لكن هذا الاعتراف جاء مشوها لأنه لا ينص على ضرورة ضمان الحق في الصحة ولكن ينص فقط على عمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية على تيسير أسباب استفادة المواطنين والمواطنات، على قدم المساواة، من هذا الحق.[20]
كما أن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أحال في تقريره حول الميثاق الاجتماعي والمتبنى في نونبر2011، على الحق في الصحة الجسمانية والعقلية.[21]
§ التأمين على المرض أو التغطية الصحية بالمغرب
– التأمين الإجباري على المرض (AMO)
أقدم المغرب سنة 2005 على وضع نظام إجباري على المرض كتغطية صحية أساسية لفائدة أجراء ومتقاعدي القطاعين العام والخاص وذوي حقوقهم وذلك في أفق تحقيق التغطية الصحية الشاملة لجميع المغاربة.
ويتم تدبير وتسيير هذا النظام من طرف الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي (CNOPS) لفائدة موظفي ومتقاعدي القطاع العام وذوي حقوقهم، والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS) لفائدة مستخدمي ومتقاعدي القطاع الخاص وذوي حقوقهم. أما التمويل فيتم من خلال المساهمات التي يؤديها الأجراء والمشغلين.
– نظام المساعدة الطبية (RAMED)
يمثل نظام المساعدة الطبية أحد أنظمة التغطية الصحية الأساسية، وهو يستند إلى مبادئ المساعدة الاجتماعية والتضامن الوطني لفائدة ذوي الدخل المحدود والفقراء والذين لا يستفيدون من نظام التأمين الإجباري على المرض. ويتم تمويله من طرف الدولة. وقد تم تعميمه بقرار سياسي بعد الاحتجاجات التي عرفها الشارع المغربي بقيادة حركة 20 فبراير، على كل تراب المملكة سنة 2012 بعد فترة تجريبية بجهة بني ملال-أزيلال باءت بالفشل.
– التغطية الصحية لفائدة الطلبة التي تم اعتمادها ابتداء من السنة الجامعية 2015-2016
– التأمين التكميلي على المرض
يستفيد أجراء القطاعين العام والخاص وذوي حقوقهم من التأمين التكميلي على المرض سواء عن طريق التعاضديات أو مؤسسات التأمين العامة (مؤسسات الأعمال الاجتماعية نموذجا) أو الخاصة.
– التغطية الإجبارية على المرض للمستقلين (AMI)
إن الأنظمة السالفة الذكر لا توفر التغطية الصحية إلا لحوالي 60% من المغاربة، لذلك يلجأ من له القدرة على الدفع إلى شركات التأمين الخاصة، أما السواد الأعظم من المغاربة فيبقى بدون أي تغطية صحية. وقد ناضل مجموعة من المهنيين المستقلين لعقود طويلة من أجل إحداث نظام للتغطية الصحية خاص بهذه الفئات يمول من طرفهم ويرتكز على مبدأ التضامن فيما بينهم. وبالفعل فقد صادق البرلمان خلال شهر يونيو 2017 على مشروع قانون رقم 98.15 الذي سيوفر التأمين الصحي للمهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الأجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا. ويبقى الرهان بالنسبة للتطبيق الأمثل لهذا القانون مرتبطا بالمراسيم التي ستصدرها الحكومة لتطبيقه والتي يمكنها أن تختلف من فئة إلى أخرى نظرا لخصوصيات الفئات المعنية.
§ منظومة العلاج
تتكون منظومة العلاج بالأساس في المغرب من ثلاثة قطاعات: قطاع عمومي وقطاع خاص ذو هدف ربحي وقطاع خاص ذو هدف غير ربحي.[22]
– القطاع العمومي
تخضع منظومة العلاج العمومية لتراتبية هرمية تمثل فيها المراكز الصحية الحضرية والقروية أول مستوى يلجأ إليه المرضى من أجل توجيههم إلى المستويات الأخرى. وتقدَّم فيها علاج وقائية وخدمات تقوم على التوعية الصحية وعلى العلاج الأساسية. وتعتبر شبكة العلاج الصحية الأساسية بمثابة القاعدة الفعلية للقطاع أما المستويات الأخرى فتتكون من المراكز الاستشفائية الإقليمية والجهوية، والمراكز الاستشفائية الجامعية.
وقد أصدرت وزارة الصحة القانون الإطار،[23] المتعلق بالمنظومة الصحية والعرض العلاجي سنة 2011، وهو القانون الذي كان من المفترض أن يحدد إطارا لتنظيم المنظومة الصحية وتخطيط العرض العلاجي حسب خريطة صحية وطنية تشمل القطاع العمومي والخاص وتقلص الفوارق المجالية كما كان وزير الصحة يصرح بذلك عند دفاعه عن تحرير رأسمال المصحات والمستشفيات، لكن هذا القانون عرف تعترا في تفعيله وجاء المرسوم بمثابة الخريطة الصحية الذي أصدرته الوزارة الوصية لتفعيله مخيبا للآمال حيث أغفل القطاع الخاص واقتصر على العرض الصحي العمومي.[24]
وتجدر الإشارة إلى أن الخدمات الصحية بالمستشفيات العمومية ليست مجانية بل تخضع لتعريفة تحددها وزارة الصحة حسب الخدمات، وتستخلصها المستشفيات العمومية بناء على سياسة التدبير الذاتي للمستشفيات التي اعتمدتها المستشفيات بعد فرض سياسة التقويم الهيكلي من طرف المؤسسات المالية المانحة في أواسط الثمانينيات من القرن الماضي.
– القطاع الخاص ذو الأهداف الربحية
يتطور القطاع الخاص ذو الأهداف الربحية في المغرب بوتيرة كبيرة، بسبب السياسات المتبعة منذ عقود والتي تسارعت في السنوات الأخيرة خاصة مع الحكومة نصف الملتحية، التي حررت رأس مال المصحات والمستشفيات الخاصة وقلصت من الميزانية الخاصة بالصحة. ويضم هذا القطاع حوالي نصف الأطباء، و90% من الصيادلة وجراحي الأسنان، وحوالي %10 من المهنيين شبه الطبيين في المغرب.
وقد تطور هذا القطاع على الخصوص في التجمعات السكنية الكبرى والمدن المتوسطة على حساب القطاع العمومي نتيجة لعزم الدولة التخلي عن قطاع الصحة والاقتصار على لعب دور المراقبة (Régulateur)؛ وهذا ما تتم ترجمته على أرض الواقع بالنقص الحاد في الموارد البشرية والتجهيزات إضافة إلى تهالك البنيات التحتية العلاجية مما يؤدي إلى تردي الخدمات الصحية. كما أن القانون الإطار المتعلق بالمنظومة الصحية وعرض العلاج يكرس هذا التوجه من خلال تنصيصه على إمكانية التخلي عن المؤسسات الصحية العمومية للقطاع الخاص في إطار الشراكة مع الخواص (PPP) بواسطة التدبير المفوض أو بواسطة شراء بعض الخدمات التي لا يستطيع توفيرها القطاع العام. ومن جهة أخرى، أدى اعتماد نظام المساعدة الطبية (RAMED) إلى ارتفاع الطلب على المؤسسات الصحية العمومية وبالتالي إلى تفاقم مشاكلها وهو ما سوف يجعلنا في المستقبل أمام خدمات صحية بسرعتين أو أكثر، خدمات قطاع عام للفقراء وخدمات قطاع خاص للميسورين.
– قطاع خاص ذو أهداف غير ربحية
يتكون هذا القطاع من العيادات والمصحات التي يديرها كل من الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وجمعيات ومؤسسات وطنية. ويقدم هذا القطاع خدمات صحية لعدد كبير من المواطنين المغاربة، مما يستوجب الاهتمام به وتطويره.
ومن جهة أخرى يوجد في المغرب عدد كبير من الجمعيات المحلية والوطنية العاملة في مجال الصحة، كما أن مجالات تدخلها وعملها تمتاز بتنوع كبير؛ غير أن توزيعها الترابي يبقى غير متساوٍ، وكفاءاتها ووسائلها البشرية والمالية وكذا نوعية أعمالها تظل كلها شديدة التباين.
كما أن تطور الإطار التشريعي والتنظيمي المتعلق بممارسة الطب وبالتغطية الصحية الأساسية لم يراعي الخصوصيات الاجتماعية والمساهمة النوعية للتعاضديات في المنظومة الوطنية الصحية.[25]
وفي نفس السياق، قد يسفر اعتماد مشروع مدونة التعاضد في صيغته الحالية على إغلاق المنشآت والمصالح الموجودة. وبالفعل وعلى الرغم من أن القطاع التعاضدي في مجال الصحة لا يزال متعثرا، ويرتكز نشاطه بالخصوص على علاج الأسنان، ومراكز بيع النظارات، والفحوص التخصصية، تحاول لوبيات القطاع الخاص الضغط على السلطتين التشريعية والتنفيذية من أجل منع التعاضديات من تقديم أي نوع من الخدمات الصحية على اعتبار أن ذلك يشكل لها منافسة غير متكافئة، وكأن الأمر يتعلق بمجرد سلعة في السوق وليس صحة المواطنين، علما بأن العرض العلاجي الحالي، الذي توفره القطاعات جميعها، لا يستجيب بطريقة مُرضية ولا كافية للحاجيات الصحية الأساسية. فبدل العمل على تطوير وتنظيم القطاع التعاضدي، حتى يساهم في تحسين الولوج إلى الخدمات الصحية ببلادنا، تحاول هذه اللوبيات القضاء عليه من خلال الضغط لتبني المادة 144 من الفصل الثاني من مشروع قانون التعاضد الذي يجري مناقشته حاليا في البرلمان والتي من شأنها الحد من مجال عمل التعاضديات.
6. المنظومة الصحية المصرية
§ التغطية الصحية
على الرغم من أن الدستور المصري الذي تم الاستفتاء عليه سنة 2014 أكد على التأمين الصحي الاجتماعي الشامل لجميع المصريين، إلا أن هذا النص لازال قيد التنفيذ ولم يصدر أي تشريع قانوني يضمن ترجمة هذا الحق الدستوري وتنفيذه على أرض الواقع.
وفي الوقت الحالي، لا يغطي التأمين الصحي الذي يعتبر تامينا إجباريا يمول من اشتراكات المنتفعين والمشغلين، سوى% 52 من المصريين رغم الدور الهام الذي يقوم به خاصة فيما يتعلق بالمستوى الثالث من الخدمة الصحية (الخدمات العلاجية المتخصصة)، ومن ثم هناك %48 من الشعب المصري لا يتمتع بالتأمين الصحي حيث يلجأ إلى العلاج على نفقته الخاصة أو على نفقة الدولة. ويتكون التأمين الصحي المصري من عدة أنظمة إضافة إلى نظام خاص[26].
– نظام التأمين الصحي الاجتماعي الذي تم سنه بمقتضى قانون سنة 1964 وتم تطبيقه على شرائح محددة.
– نظام علاج تأميني للعاملين الحكوميين الذي تقرر سنة 1975.
– نظام التأمين الصحي على الطلاب الذي شرع في تطبيقه سنة 1992.
– نظام الرعاية الصحية للأطفال الذي تم اعتماده انطلاقا من 1997.
– التأمين الخاص وهو اختياري وتقدمه بعض الشركات الخاصة.
§ هيكلة منظومة العلاج في مصر
ترتكز منظومة العلاج في مصر على ثلاث مستويات أساسية:
– المستوى الأول: الرعاية الصحية الأولية في الريف والحضر موزعة بين مكاتب صحة (329)، عيادات أحياء (90)، مراكز رعاية الطفولة والأمومة (149)، ووحدات طب الأسرة (359 بالحضر، 4245 بالريف).[27] وتقوم هذه الوحدات بتقديم خدمات الرعاية الصحية الأولية، التي تشتمل على خدمات التوعية الصحية ورعاية الطفولة والأمومة والصحة الإنجابية وصحة المرأة وتنظيم الأسرة. كما تعنى أيضا بمكافحة الأمراض المستوطنة ومكافحة أمراض الإسهال عند الأطفال والتطعيمات والرعاية العلاجية لبعض الأمراض الشائعة[28]. وتقوم بتقديم الخدمة الصحية لـ5000 من السكان.
– المستوى الثاني من الخدمة: تقدمه المستشفيات المركزية وتقدم الخدمات من خلال عيادات خارجية وأقسام داخلية للتخصصات المختلفة. كما أن هذا النوع من المستشفيات يقدم الخدمات للعديد من القرى التي تتواجد بها الوحدات الصحية من خلال الإحالة العلاجية التي تتم من خلال الوحدة الصحية إلى المستشفى المركزي التابعة لها. ويوجد 250 مستشفى مركزي على مستوى الجمهورية.
– المستوى الثالث من الخدمة: تقدمها المستشفيات العامة في عواصم المحافظات ويدعم هذا المستوى من الخدمة، المستشفيات الجامعية والمعاهد التعليمية ومستشفيات القطاع العام ومستشفيات التأمين الصحي وكذلك مستشفيات القطاع الخاص والمستشفيات التابعة لوزارة الصحة والمستشفيات التابعة للنقابات وهيئات مختلفة مثل الشرطة، القوات المسلحة، السكك الحديدية… الخ.
ومن جهة أخرى، هناك العديد من الاختلالات التي يعرفها قطاع الصحة في مصر، من بينها التفاوت الكبير في أعداد المنشآت العلاجية والأسِرّة بين مستشفيات وزارة الصحة والقطاع الخاص، وتنافص عدد مستشفيات القطاع العام فيما أعداد منشآت القطاع الخاص في تزايد. ورغم ذلك يبقى القطاع العام في الرتبة الأولى من حيث تشغيل الأطباء وهيئات التمريض وتقديم الخدمة العلاجية مقارنة بالقطاع الخاص.[29]
كما يسجل غياب العدالة في توزيع المرافق الصحية بين المحافظات المختلفة كما يتزايد التفاوت بين الريف والحضر وتستأثر بعض المحافظات الكبرى بحصة كبيرة من الخدمات الصحية مقارنة بعدد السكان؛ فمحافظة القاهرة على سبيل المثال تمثل %11 من السكان وتستحوذ على %22 من الخدمات الصحية ومحافظة الإسكندرية %5.4 من السكان وتستحوذ على %8.8 من أسرة المستشفيات. بينما نجد محافظة الدقهلية التي تضم 7% من السكان لديها %6.1 من الأسرة.
وفي نفس السياق، نجد تفاوت بين الريف والحضر فيما يتعلق بتوزيع الخدمة الصحية، ففي الوقت الذي كان سكان الريف يمثلون نسبة %57.5 من مجموع السكان سنة 2005، نجد أن نصيبه من أسرة المستشفيات لا يتجاوز 7.3%.[30]
المحور الثالث: دروس وبدائل -التغطية الصحية الشاملة
إن المقارنة بين بعض النظم الصحية في العالم استنادا إلى بعض المؤشرات التي تعتمدها المؤسسات الدولية ذات الصلة وعلى رأسها منظمة الصحة العالمية، كمستوى الإنفاق على الصحة ومستوى تغطية السكان، يوضح لنا أن نجاح أي منظومة ليس مرتبطا بمستوى الإنفاق بقدر ما هو مرتبط بالسياسات الصحية المتبعة في البلدان المعنية. وحسب معطيات البنك الدولي لسنة 2014 فإن أعلى مستوى الإنفاق في العالم كان من نصيب الولايات المتحدة بنسبة %17.1 من الناتج الإجمالي المحلي (الناتج الداخلي الخام)، وتأتي فرنسا في المرتبة الثالثة بعد سويسرا (%11.7) بنسبة 11.5% ثم كوبا في المرتبة الرابعة بنسبة 11.1%. وتنفق المملكة المتحدة 9.1% من ناتجها المحلي بينما لا ينفق المغرب إلا 5.9%، ومصر 5.6%.[31]
وفيما يخص المؤشر الثاني والمتعلق بالإنفاق الشخصي المباشر كنسبة من مجموع النفقات على الرعاية الصحية الذي يدلنا على نسبة تحمل الأفراد لنفقات الرعاية الصحية وبالتالي إمكانية تعرضهم للهشاشة والفقر، فنجد كوبا في آخر الترتيب بنسبة 4.4%، تليها فرنسا بـ6.3%، ثم المملكة المتحدة بنسبة 9.7% ثم الولايات المتحدة بنسبة 11%، أما في مصر والمغرب فتصل نسبة إنفاق الفرد على التوالي إلى 55.7% و 58.4%. [32]
وبالنسبة للمؤشر الثالث والمتعلق بالتغطية الصحية الاجتماعية الشاملة أي توفير التغطية الصحية لجميع المواطنين، فنجد أن كوبا تأتى في المرتبة الأولى بنسبة 100%، تليها فرنسا، فإنجلترا، بينما تأتى الولايات المتحدة الأمريكية في أدنى المراتب حيث لا تتجاوز 25% من السكان وفى الوقت ذاته ليس تأمينا اجتماعيا شاملا بل يغطى فقط بعض الأمراض دون غيرها. أما في مصر والمغرب فنسبة التغطية الصحية لا تتعدى 52% و60% على التوالي.
إن أنماط النظم الصحية الناجحة هي التي توفر رعاية صحية شاملة لمواطنيها دون تعريضهم للإنفاق المباشر الذي قد يشكل عائقا حقيقا لاستفادتهم من حقهم في الرعاية أو قد يؤدي بهم إلى الفقر والهشاشة. ونجد على رأس هذه الأنماط الناجحة، المنظومة الصحية الكوبية والمنظومتين الفرنسية والإنجليزية.
فالمنظومة الصحية الكوبية كما ذكرنا أعلاه، تغطي جميع المواطنين وتدير الحكومة جميع المرافق والخدمات ذات الصلة بالصحة، حيث لا توجد مستشفيات خاصة ولا عيادات خاصة ولا أي نوع من المرافق الصحية الخاصة. وقد أشادت المديرة العامة لمنظمة الصحة العالمية، سنة 2014، بالمنظومة الصحية الكوبية لكونها رائدة عالميا، ليس فقط في مجال الرعاية ونوعيتها، بل أيضا لارتباطها الكبير بالبحث والابتكار.
كما أن المنظومة الصحية بالمملكة المتحدة جديرة بالاهتمام لأنها توفر التغطية الأساسية لمواطنيها وتمولها عن طريق الضرائب.
وتجدر الإشارة إلى أن ما يميز النظم الصحية بكوبا وبريطانيا ليس فقط مصادر التمويل بل أيضا منظومة العلاج والأطر العاملة بالقطاع التي تتميز بأعدادها وكفاءاتها.
أما المنظومة الفرنسية والتي تعتبر مزيجا بين النموذج البسماركي والنموذج البيفردجي فهي ناجحة أيضا لأنها توفر تغطية شاملة ترتكز على المساهمات القبلية في إطار تعاضديات تدير مختلف الأنظمة المتواجدة بها.
إن القاسم المشترك بين النظم الصحية لهذه البلدان الثلاثة المختلفة هو نظام تجميع المخاطر. ويمكّن هذا النظام مجموعة واسعة من الأشخاص، من تقاسم مخاطر الإصابة بالمرض واللجوء إلى رعاية مكلّفة. ويعني ذلك أنه يتم جمع الأموال المخصّصة للرعاية الصحية عن طريق الدفع المسبق، وإدارتها بطريقة تضمن تحمّل جميع أفراد تلك الجماعة تكاليف الرعاية الصحية في حال الإصابة بالمرض، بدلا من أن يتحمل كل فرد تلك التكاليف لوحده.[33]
ويمكن إدارة نظام تجميع المخاطر بطريقتين اثنتين هما:
– التمويل الصحي القائم على الضرائب (كوبا، المملكة المتحدة): تستخدم الحكومة الدخل المتأتي من الضرائب العامة لتمويل خدمات الرعاية الصحية، ويحق لجميع الناس الاستفادة من تلك الخدمات؛ وبالتالي تكون التغطية شاملة.
– التأمين الصحي الاجتماعي (فرنسا): تُجمع مساهمات الرعاية الصحية من العمال والمشغّلِين والمؤسسات والدولة. ويتم تجميع تلك الأموال في صندوق أو صناديق للتأمين الصحي الاجتماعي (تعاضديات أو تعاونيات). ولا يمكن تحقيق التغطية الشاملة عن طريق هذا النظام التمويلي إلا إذا دفع كل السكان مساهماتهم وإذا تم تحديد مساهمة كل فرد وفق قدرته على الدفع. وتقوم الحكومة بدفع مساهمات الأشخاص غير القادرين على سدادها.
وعلى العموم، ولبلوغ التغطية الشاملة بالنسبة للدول التي لا زال مواطنوها يعانون من إشكالية الوصول إلى الخدمات الصحية، يجب الرفع من الميزانية الخاصة بالصحة لتوفير المنشآت والتجهيزات وكذا الأطر اللازمة لتقديم خدمات كافية وجيدة. أما بالنسبة للدول الفقيرة، فيمكن للحكومات، تنفيذا لتوصيات منظمة الصحة العالمية، فرض ضرائب على المواد المضرة بالصحة كالسجائر أو المشروبات الغازية أو المواد التي تحتوي عل كميات كبيرة من السكر أو الملح، للحفاظ على الصحة من جهة ولتوفير موارد مالية إضافية من جهة أخرى.
أما فيما يخص منظومة العلاج، فإن النموذجين الكوبي والبريطاني يقدمان أجوبة على سؤالي تقديم الخدمات الصحية من جهة، وترشيد نفقات هذه الخدمات من جهة أخرى، دون إغفال جودة هذه الخدمات. وترتكز هذين المنظومتين على:
§ إعطاء الأولوية للرعاية الأولية والوقائية.
§ الاعتماد على مؤسسات صحية هرمية وقريبة من المواطنين حيث يمكن منع المخاطر والأمراض وشفاؤها إذا لزم الأمر.
§ إعطاء الأولوية لأطباء الأسرة لمراقبة الأمراض مما يمكن من جمع وتدقيق المعطيات عن الحالة الصحية وخصائص السكان ولا يتم طلب خدمات الأطباء الأخصائيون إلا بعد موافقة طبيب عام.
§ تكوين أطر طبية وشبه طبية وإدارية كفء وكافية.
§ الاستثمار في البحث العلمي.
في ختام هذه الورق وجب التنبيه إلى خطورة خصخصة قطاع الصحة وتسليع الخدمات التي تحاول فرضه المؤسسات الدولية المالية، فالقطاع الخاص لا يهتم بالخدمة الصحية إلا من خلال الأرباح التي تدرها عليه. وفي المقابل يجب التركيز على القطاع العمومي وتدعيمه والقطع مع فكرة أنه غير منتج؛ فقطاع الصحة يساهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية من خلال الرعاية الصحية والوقاية من الأمراض وبالتالي توفير موارد بشرية قوية ومنتجة، ومن خلال الخدمات التي يقدمها ومن ضمنها الصناعة الدوائية. كما لا يمكن فصل الصحة عن المحددات الاجتماعية ولا يمكن تحقيق العدالة الصحية والمساواة في الحصول على العلاج والأدوية دون تقليص الفوارق الاجتماعية، وذلك من خلال تلبية احتياجات المواطنين في التربية والتغذية الملائمة والسكن اللائق والماء الصالح للشرب والكهرباء والبيئة السليمة.
[1] Préambule à la Constitution de l’Organisation Mondiale de la Santé, 1946.
[2] الظهير رقم 1.11.83 الصادر في 2 يوليو 2011 بتنفيذ القانون رقم 34.09 المتعلق بالمنظومة الصحية وبعرض العلاج
[3] Taylor ASP. Bismarck – the man and the statesman. Londres, Penguin, 1995: 204. In « le rapport de la santé dans le monde 2000
[4] 18. Social insurance and allied services. Report by Sir William Beveridge. Londres, HMSO, 1942. In « le rapport de la santé dans le monde 2000
[5] Charles PHELPS, Les Fondements de l’économie de la santé, Union Editions, Paris 1995.
[6] Le National Health Service et le système de santé. Origines et fonctionnement du National Health Service.
http://angleterre.org.uk/civi/sante-health.htm.
[7] Le National Health Service et le système de santé. Origines et fonctionnement du National Health Service.
http://angleterre.org.uk/civi/sante-health.htm
[8] Etienne BARRAL, op.cit, p 402. In “مراقبة التكاليف في مؤسسة استشفائية. دراسة حالة مستشفى بحي البير بقسنطينة. نصر الدين عيساوي. جامعة الإخوة منتوري قسنطينة”.2004-2005
[9] In. Charles PHELPS , op.cit , p 289 ” مراقبة التكاليف في مؤسسة استشفائية. دراسة حالة مستشفى بحي البير بقسنطينة. نصر الدين عيساوي. جامعة الإخوة منتوري قسنطينة”.2004-2005
[10] Emeline LAURENT. Organisation du système de santé français. 2013. https://is.gd/Y5KqnW
[11] Groupement d’intérêts publics santé et protection sociale (GIP SPSI). États-Unis, Paris: GIP SPSI ; 2009. [www.gipspsi.org]. in https://is.gd/HEX8yA -2009-4-page-309.
[12] نفس المرجع
[13] Rédaction de familydoctor.org. Health Insurance: Understanding Your Health Plan’s Rules. Chicago (USA): American Academy of Family Physicians; 2006. [https://is.gd/wk7TZh]. In https://is.gd/HEX8yA -2009-4-page-309.
[14] Bras P, Duhamel G, Grass E. Améliorer la prise en charge des malades chroniques: les enseignements des expériences étrangères de « Disease management ». Paris: La documentation française ; 2006. In https://is.gd/HEX8yA -2009-4-page-309.
[15] Healthcare and Education in Cuba. https://is.gd/ru4ulr -in-cuba-
[16] WHO in Healthcare and Education in Cuba. https://is.gd/ru4ulr -in-cuba-
[17] Cuba: les avantages d’un système public de soins de santé. Tous ensemble pour la Santé. https://is.gd/ryURh9
[18] Cuba’s health care policy: prevention and active community participation. Iatridis DS1. https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pubmed.
[19] د. أحمد الديب (عن مجلة روز اليوسف http://www.rosaelyoussef.com/article/22053)
[20] دستور المملكة المغربية. الباب الثاني، الفصل 31 الأمانة العامة للحكومة، يوليو 2011
[21] المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، “من أجل ميثاق اجتماعي جديد: معايير يتعين احترامها، وأهداف يتعين التعاقد حولها”، ص 26-27، يناير 2012
[22] الخدمات الصحية الأساسية – نحو ولوج منتصف ومعمم. المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي. إحالة رقم 4/2013. www.cese.ma
[23] الظهير رقم 1.11.83 الصادر في 11 يوليو 2011 بتنفيذ القانون إطار رقم 34.09 المتعلق بالمنظومة الصحية وبعرض العلاج
[24] المرسوم رقم 2.14.562 الصادر في 24 يوليو 2015 بتطبيق القانون إطار رقم 34.09 المتعلق بالمنظومة الصحية وبعرض العلاج. الجريدة الرسمية عدد 6388 الصادرة بتاريخ 20 أغسطس 2015
[25] القانون رقم 65.00 بمثابة مدونة التغطية الصحية الأساسية.
[26] يحيى طموح. قانون التامين الصحي الحالي: تحليل فني ونقدي. سياسات الاصلاح والتامين الصحي في مصر. اعمال الندوة التي نظمتها جمعية التنمية الصحية والبيئية بالتعاون مع مركز البحوث ودراسات الدول النامية. ص 21-28، 2008
[27] الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، 2014
[28] د. نجوى خلاف، ضمن تقرير الحالة والخدمات الصحية في مصر، جمعية التنمية الصحية والبيئية، القاهرة، 2005، ص 57
[29] توزيع الخدمة الصحية بين القطاع العام والخاص. الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، 2010
[30] إلهامي الميرغني، ضمن تقرير الاتجاهات الاقتصادية، مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، 2010
[31] Dépenses en santé, total (%du PIB). Base de données sur les Comptes nationaux de la santé de l’Organisation Mondiale de la Santé. apps.who.int/nha/database.
[32] البنك الدولي للإنشاء والتعمير عن الفترة من 1998 إلى 2014
[33] OMS. Rapport sur la santé dans le monde. Le financement des systèmes de santé. Le chemin vers une couverture universelle. 2010.