مينا سمير
مصر
مقدمة:
تعد مقاطعة الانتخابات أحد الأدوات التي تتبعها القوى السياسية أو الناخبون، والتي تندرج تحت مظلة الاحتجاج للتعبير عن الرفض للنظام الانتخابي أو أحد مظاهره مثل وجود احتمالية وقوع تزوير أو شبهة عدم حيادية أو نزاهة، أو كآلية ضمنية مفادها عدم الاعتراف بشرعية النظام السياسي ككل، أو عدم المبالاة المصاحبة للإحباطات المرتبطة بالوضع السياسي. بيد أن المقاطعة لن تحدث أثرا وقانونيا ملموسا إلا في حالة وجوب الوصول إلى نسب معينة من التصويت كشرط لصحة نتيجة الانتخابات، وهذا لا يعني أنه لا جدوى من المقاطعة دون هذا الشرط، بل في هذه الحالة تكون قوى المقاطعة نظريا بمثابة النواة لتشكيل معارضة قوية تستمد شرعيتها من خلال الكتلة المقاطعة. وتختلف المقاطعة عن التصويت الاحتجاجي، أو إبطال الأصوات، وهو فعل يتبناه الناخبون كأحد أشكال الرفض للخيارات المطروحة في العملية الانتخابية، بينما تعبر المقاطعة عن رفض للمسار السياسي ككل.
مقاطعة الانتخابات واعتبارات النجاح والفشل:
على الرغم من أن المقاطعة هي أحد الآليات السلمية في التغيير السياسي، إلا أن التغيير ذاته مرهون بعدة اعتبارات لا بد من توافرها للوصول إلى نتائج إيجابية للمقاطعة، حيث أن المقاطعة في النهاية لا تتعدى كونها جزءا من استراتيجية سياسية أشمل، من الممكن أن تحتل فيها صفة الحدث الرئيسي، إلا أنها لا يمكن أن تكون الهدف النهائي لتطلعات المعارضة، كما أنها لن تكون ذات فعالية من دون المضي في العديد من الإجراءات الهادفة إلى الضغط من أجل التغيير.
ومن أجل ضمان تحقيق الدعوة إلى المقاطعة لأهدافها، لا بد من التفهم الجيد للأحزاب السياسية والفاعلين الداعين إلى المقاطعة، والغرض من المقاطعة، ولماذا تم اختيارها ووضعها في المرتبة الأولى بين الآليات المختلفة للمعارضة، ويتحقق ذلك عن طريق دراسات حقيقية وواقعية للواقع السياسي، ومدى التقارب بين أطراف المعارضة، وطبيعة النظام السياسي الحاكم، والحجم الفعلي للمعارضة في الشارع السياسي، وأخيرا الأطراف الدولية المهتمة وردة فعلها حول المقاطعة.
وتشير الإحصاءات إلى أنه وبعد انتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفييتي، وما أعقب ذلك من موجات للتحول الديمقراطي في شرق أوروبا، والتي سرعان ما انتقلت إلى أمريكا اللاتينية وأفريقيا، فإن مقاطعة الانتخابات كآلية ضغط موفقة من قبل المعارضة بدأت في التزايد، حيث كانت نسبة الانتخابات التي شهدت حملات تدعوا للمقاطعة عام 1989 هي 4% فقط من جميع الانتخابات حول العالم، وهي النسبة التي ارتفعت إلى 15% بحلول عام 2002.[1]
وقد شهدت الحياة السياسية المصرية عدد من حالات المقاطعة، فقد عرفت الأحزاب المصرية طريق مقاطعة الانتخابات كآلية احتجاجية منذ العهد الملكي، حين قاطعت أحزاب الوفد والأحرار الدستوريين الانتخابات العامة عام 1931 اعتراضا على إلغاء دستور 1923 واستبداله بدستور 1930 الذي عزز من سلطات الملك على حساب البرلمان. وقاطع الوفد مرة أخرى الانتخابات بعدما أقال الملك حكومة الوفد في عام 1944 وشكل حكومة جديدة قامت بحل البرلمان وعمل انتخابات مبكرة في عام 1945.
أما في ظل الجمهورية، فأول مقاطعة للانتخابات كانت عام 1990، عندما قاطعت أحزاب الوفد، العمل، الأحرار وجماعة الإخوان المسلمين انتخابات عام 1990 احتجاجا على إلغاء نظام الانتخاب بالقوائم النسبية والعمل بالنظام الفردي.
ومن خلال الخبرة المصرية تلك يتضح أن النظام الانتخابي ذاته يعد أحد المؤشرات التي قد تؤدي إلى تبني المعارضة لآلية المقاطعة، كأحد صور الاحتجاج التي تعبر عن رؤية تلك القوى السياسية التي تفيد بغياب العدالة عن النظام الانتخابي، حيث أن إلغاء نظام القوائم الانتخابية، أو إلغاء صفة النسبية عنها وجعلها مطلقة، هو انتقاص للعدالة الانتخابية، التي تعد أحد أهم المبادئ التي يجب مراعاتها عند وضع أي قانون للانتخابات، حيث أن الأولى ترجح كفة المرشحين أصحاب السطوة أو العزوة المناطقية كما أنها تفتح المجال أمام المال السياسي في توجيه الأصوات، أما الثانية، فتهدر الأصوات الانتخابية التي توجهت للقائمة الخاسرة، مما يخل بمبدأ مساواة قوة الصوت.
وتعد المقاطعة أحد التكتيكات التفاوضية الجيدة لدى المعارضة، ولكن الوصول لما أبعد من المكتسبات المحدودة الناتجة عن عملية التفاوض قد يختلف باختلاف وضع الدولة وأهمية دورها في الساحة السياسية الدولية، فالدول الصغيرة أو التي لا تلعب أدوارا كبيرة في العلاقات الدولية أو الإقليمية، عادة ما تمر الانتخابات بها من دون اهتمام دولي يذكر إلا في حالات ذات طبيعة خاصة، ويعد مثال على ذلك حالة انتخابات جنوب أفريقيا بعد انتهاء سياسات الفصل العنصري عام 1994، والتي كانت كل المؤشرات فيها تشير إلى حصول المؤتمر الوطني الأفريقي بقيادة نيلسون مانديلا على الأغلبية الساحقة، وهو ما جعل المجتمع الدولي يضغط بشدة على مانديلا لضمان تمثيل كل الأطياف في الحكم، حيث كان البديل عن ذلك هو الحرب الأهلية. وهو ما استغله مانجوستو بوتيليزي زعيم الزولو والممثلة سياسيا في حزب انكاثا، والذي كان يخشى من ممارسات انتقامية للمؤتمر الوطني الأفريقي بعد الوصول إلى السلطة، فطالب بوتيليزي بالاستقلال بإقليم كوازولو، أو مقاطعة الانتخابات، مما جعل بوتيليزي يذهب إلى طاولة المفاوضات ويحصل على مكاسب كبيرة أهمها نظام اقتراع يضمن المساواة في قوة الصوت، وتعديلات دستورية بحكم ذاتي محدود لإقليم كوازولو، وهي مكاسب ضخمة إذا ما قارناها بنسبة الأصوات التي حصل عليها انكاثا والتي بلغت 6.2%.[2]
ومن هنا يتضح أن المعارضة الفردية غير المنظمة أو تتمتع بإجماع قوى سياسية منظمة، لا تتعدى كونها موقفا أخلاقيا لا سياسيا، معه تضيع فرص التفاعل مع الجماهير، إلا أنه لا يمكن أيضا وصفها بالسلبية كما هو سائد.
على الرغم من ذلك، فإن المقاطعة لا تعني إطلاقا ضمان تحقيق الأهداف السياسية باستخدامها آلية ضغط على النظام، فمن دون أن تكون المقاطعة آلية في استراتيجية سياسية كبيرة، قد يؤدي ذلك إلى تهميش قوى المعارضة المنادية بالمقاطعة، وتحولها إلى ظاهرة صوتية تستمد بقاءها من دعم الجماهير الغاضبة، إلا إنها في واقع الأمر باختيارها لنهج المقاطعة تتخلى عمدا وإراديا عن دورها في السلطة، وشراكتها للنظام، وهو ما إذا حدث يزيد من صعوبة وصولها إلى الحكم وتحقيق أجندتها بشكل كبير عما فيما مضى. أو ما يمكن وصفه بتعزيز سلطة النظام القائم وتقوية مركزه بغياب المعارضة.
وتعتبر فنزويلا مثالا على ما ينتج عن المقاطعة غير المدروسة، حيث قررت أحزاب المعارضة انتهاج منهج المقاطعة في انتخابات الأقاليم والبرلمان في 2004- 2005، اعتراضا على قمع نظام الرئيس السابق هوجو شافيز، إلا أن واقع الأمر أنه بانسحاب المعارضة وجد النظام نفسه يغرد منفردا، وعقدت انتخابات الأقاليم في 2004، وحصل أنصار شافيز على 20 من أصل 22 مقعدا، وفي انتخابات البرلمان في 2005، وأمام مقاطعة الأحزاب المعارضة الأربعة الكبرى والتي كان لها 41 مقعدا في البرلمان قبل ذلك، حصد النظام جميع المقاعد، مما فتح المجال إلى تعديلات تشريعية ودستورية تخدم مصالح النظام، ومنها تعديل المواد المتعلقة بفترات الرئاسة، والتي ساهمت في بقاء شافيز في الحكم لأكثر من فترتين.[3]
وبالنظر إلى تجارب جنوب أفريقيا وفنزويلا، يمكن أن نعدد أسباب نجاح حملات مقاطعة الانتخابات في وجود الآتي:
- وجود رؤية سياسية استراتيجية محددة لا تتوقف عند فعل المقاطعة بل تتجاوزه لتحقيق أهداف محددة وممنهجة.
- تتعاون قوى المعارضة على تحقيق تلك الاستراتيجية.
- خلق حالة من الاهتمام الدولي بالعملية الانتخابية المزمع مقاطعتها.
- تقديم أسباب موضوعية يمكن من خلالها إقناع الجماهير بجدوى المقاطعة لكسب تأييدها. فالمقاطعة ليست الأداة المناسبة طول الوقت، فعلى سبيل المثال إذا كانت قوى المعارضة في تشيلي اعتمدت رأي الحزب الشيوعي وقاطعت الاستفتاء وانتهجت الثورة المسلحة، لكان بينوشيه ظل في السلطة حتى عام 1997.
السياق السياسي المصري وأثره على حجم المشاركة:
عاشت مصر منذ العام 2005 حالة من الحراك الثوري، سياسيا واجتماعية مناهضا لنظام مبارك، بدأ زخم الحراك الاجتماعي الرافض لسياسات اقتصادية توصف بالنيوليبرالية، في أعقاب انتخابات الرئاسة في 2006، وكانت الاحتجاجات في مجملها مطلبية أو فئوية ذات أبعاد اجتماعية واقتصادية بعيدة عن المطالب السياسية المباشرة التي سبق لحركات مثل كفاية طرحها، ولهذا كان حجم التضييق الأمني عليها أقل وطأة من تلك التي كانت على كفاية، وهو ما أدى إلى انتشار حالات التظاهر والاحتجاج وتصاعد أعدادها تباعا، وتبلورت تلك الظواهر ووصلت إلى حالة النضج حين عبرت عنها حركات اجتماعية تنتهج الفعل الاحتجاجي، لتعتبر ظهير سياسي متجاوز للإيديولوجية السياسية في تكوينها، ومعبرا عن قطاعات اجتماعية كبيرة تشعر بالاستبداد والتهميش من دون أن تصطبغ بألوان طيف سياسي معين. وكانت الحركة المصرية من أجل التغيير “كفاية” والتي تأسست عام 2004، أول كيان ينتج عن ذلك الفعل الاحتجاجي وفق تلك المعايير، والتي هدفت لإيجاد شرعية بديلة عن نظام مبارك ورفعت شعار “لا للتمديد، لا للتوريث”.
لذلك فقد شهدت الانتخابات البرلمانية في 2010 توجها نحو المقاطعة ليس بالجديد على الأحزاب السياسية المصرية، إلا أن الظاهرة الجديدة كانت انضمام كيانات غير حزبية للمرة الأولى إلى المقاطعين، حيث دعت قيادات أحزاب الغد، وحزب الجبهة الديمقراطية، وحركة كفاية، والجمعية الوطنية للتغيير، وحركة 6 أبريل إلى مقاطعة شاملة للانتخابات، وعدم المشاركة فيما أسموه «مسرحية انتخابية»، ما لم يتم تعديل قوانين الانتخابات، وفي جولة الإعادة واعتراضا على التزوير الفاضح في الجولة الأولى، قرر كل من حزب الوفد وجماعة الإخوان المسلمين المقاطعة.[4]
وكان في انضمام الكيانات غير الحزبية تدشين لمشاركة سياسية شعبية أكبر خاصة بعد ثورة 25 يناير التي ألغت ما يمكن وصفه بتأميم المجال العام واقتصاره على النخب الحاكمة والتي دشن لها نظام يوليو 1952 واستمر حتى سقوط نظام مبارك في 2011، وفي ظل ما تعانيه الأحزاب المصرية من شخصنة، ووجود تصورات مغلوطة لدى الجماهير عن دور الأحزاب، وضعف الثقة فيها والمعرفة بها، وضعف تواصلها مع المواطنين.[5]فقد لعب ذلك الحراك الشعبي، خاصة المتمثل منه في شكل حركات شبابية، أدوارا بالغة الأهمية في تشكيل عقل جمعي بين الفئات المستهدفة وتحديد وجهتها السياسية والتصويتية.
ومن ثم قد قام ائتلاف من عدد من تلك الحركات منضما إليهم عدد من الشخصيات العامة، بتأسيس حملة “مقاطعون” والتي دعت في بيانها الصادر في 21 مايو 2012، إلى مقاطعة الانتخابات، قبل يومين فقط من فتح باب التصويت أمام الناخبين لاختيار رئيسا للجمهورية.[6]
وذكر المقاطعون 7 أسباب تمنعهم من المشاركة في الانتخابات الرئاسية التي وصفوها “بمسرحية الانتخابات الهزلية”، وهي عدم الثقة في اجراء الانتخابات تحت حكم عسكري وعدم الثقة في ادارته للعملية الانتخابية، وأن المجلس العسكري احتفظ عن عمد بكل مؤسسات وآليات وخبراء التزوير في عهد مبارك، وأن رئيس المحكمة الدستورية العليا الذي عينه مبارك تمهيدا للتوريث هو رئيس اللجنة العليا للانتخابات والتي تم تحصينها بموجب المادة 28، واستمرار تسجيل الموتى في قاعدة بيانات الرقم القومي ولهم حق التصويت مما يؤكد نية التزوير، بالإضافة لأفراد القوات المسلحة والمجندين الذين لهم حق التصويت بالمخالفة لقانون مباشرة الحقوق السياسية”. ولمعرفة ما إذا كانت قد حققت تلك الحملة الهدف منها أو لا، فإن المعيار الوحيد للقياس لدينا هو نسبة المشاركين في العملية الانتخابية، ومقارنته بنسب المشاركة في العمليات السابقة عليه.
فمنذ ثورة 25 يناير صوت في المصريون في استفتاء 19 مارس 2011 على الإعلان الدستوري المؤقت، وكانت نسبة المشاركة 41.2% من إجمالي عدد من لهم حق التصويت المقدر بنحو 45 مليون ناخب، أما في انتخابات مجلس الشعب في نوفمبر2011، ومع الزيادة الملحوظة في عدد من لهم حق التصويت بواقع 5 ملايين ناخب عن عدد من كان لهم حق التصويت في استفتاء 19 مارس، فقد ارتفعت نسبة المشاركة لتصل إلى 54% بتصويت 32 مليون ناخب من 50 مليون ناخب تقريبا، لهم حق التصويت[7]. وفي انتخابات مجلس الشورى في بداية 2012 كان عدد المشاركين 7 مليون ناخب بنسبة مشاركة حوالي 15%[8]، وفي الجولة الأولى لانتخابات رئاسة الجمهورية 23 و24 مايو 2012، كان عدد المشاركين 23 مليون و700 ألف تقريبا من أصل مجموع عدد الناخبين المقارب لـ51 مليونا، بنسبة مشاركة حوالي 46.4%[9]، ارتفعت لتصل إلى 50.1% في جولة الإعادة بين محمد مرسي وأحمد شفيق.
ومن هذه الأرقام نجد أن نسبة المشاركة كانت 41.2% في الاستفتاء على التعديلات الدستورية وارتفعت إلى 54% في انتخابات مجلس الشعب ثم انخفضت إلى 46.4% في المائة في هذه الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، إلا أنه يمكن أن نعزي الارتفاع في نسبة المشاركة في الانتخابات البرلمانية السابقة وانخفاض نسبة المشاركة عنها في الانتخابات الرئاسية إلى أن الأولى لها دينامية خاصة أعلى بطبيعتها من دينامية الاستفتاء وانتخابات رئاسة الجمهورية، بحكم حيوية المصالح الفردية والمحلية في مختلف الدوائر الانتخابية وقوة الحشود المرتبطة بها[10]، لذلك ووفقا للأرقام يمكننا القول بأن حركة “مقاطعون” لم تنجح فيما سعت إليه في الحشد لمقاطعة الانتخابات. حيث أنه وعلى الرغم من توافر شرطي الاهتمام الدولي بالانتخابات، ووجود حالة من التعاون بين القوى السياسية الداعية للمقاطعة، إلا أنها لم تقدم استراتيجية سياسية واضحة لما بعد المقاطعة ولم تستطع توضيح الجدوى من المقاطعة، فغابت أيضا الأسباب الموضوعية الدافعة للجماهير إلى فعل المقاطعة، وغني عن القول إن العزوف عن المشاركة في الانتخابات لا يعني البتة مقاطعة ذات طابع سياسي كانعكاس لحملة قوية ومؤثرة.
وعلى الرغم من تبلور الصراع السياسي عقب انتخابات مجلس الشعب إلى صراع بين تيارين أحدهما مدني والأخر مغلف بالصبغة الدينية، مما جعل الطريق أمام حملة “مقاطعون” ممهد لمزيد من التطوير، وتدشين استراتيجية سياسية واضحة المعالم والرؤى الجامعة للكتل التصويتية المدنية بمختلف انتماءاتها، إلا إننا لا يمكن أن نعزي نسب التصويت في انتخابات مجلس الشورى التي لم تتجاوز 12%[11] إلى نجاح حققته الحملة، حيث أن غياب اهتمام القوى السياسية وضعف حملات الترويج وسط حالة من التسويق إلى عدم جدوى البرلمان ذو الغرفتين في دولة مثل مصر،[12] كانت الأسباب الحقيقية وراء انخفاض نسب التصويت.
كذلك لم تتمكن حملة “مبطلون” من تحقيق نسب ذات شان في إبطال الأصوات في كل عمليات التصويت التي تمت بعد ثورة يناير وحتى اليوم، اللهم في المفارقة التي جعلت الأصوات الباطلة أعلى من النسبة التي حصل عليها المرشح المنافس حمدين صباحي (757 ألف و511 صوتا بنسبة 2.96%) للمرشح الفائز عبد الفتاح السيسي، حيث بلغت مليون و40 ألف و608 أصوات[13] بنسبة 0.04%. وقد بلغ عدد الأصوات الباطلة في استفتاء مارس 171.190[14] بنسبة 0.92% من جملة المصوتين، بينما بلغ في استفتاء دستور 2012 عدد 303.395[15] بنسبة 0.018%، وفي الجولة الأولى لانتخابات الرئاسة 2012 بلغ 406.720 بنسبة 1.7%، وفي جولة الإعادة وصل إلى 843.252[16] بنسبة 3.29%، هذا وقد بلغ عند التصويت على دستور 2014 العدد إلى 246.947[17] بنسبة 0.011%.
في الأول من ديسمبر 2012، سلم المستشار الغرياني المسودة النهائية للدستور المصري الجديد، للرئيس السابق محمد مرسي، الذي أعلن عن موعد الاستفتاء عليه من قبل الشعب يوم 15 ديسمبر 2012، وعلى الرغم من حالة الانقسام التي كانت تسود الشارع المصري نتيجة لذلك الدستور وظروف وضعه، فقد زاد مرسي من حالة الانقسام تلك بإصداره لإعلان دستوري، في 22 نوفمبر 2012، حصن فيه قراراته من الطعن، وكذلك مجلس الشورى واللجنة التأسيسية للدستور، وعزل النائب العام الأسبق، مما دفع قوى المعارضة للدعوة إلى النزول للشارع مرة أخرى، واستجاب الألاف من الشباب وتوجهوا إلى قصر الاتحادية في 5 ديسمبر 2012، حين قابلهم أعضاء تابعين لجماعة الإخوان المسلمين بالعنف، وبدأت الاشتباكات بين الطرفين، استمرت حتى 8 ديسمبر، سقط خلالها قتلى وجرحى.
وبدأت دعوات مقاطعة الاستفتاء على الدستور الموصوف بالـ”إخواني” تتعالى من جهات عدة، فجبهة الإنقاذ الممثلة للمعارضة انقسمت حول المقاطعة والتصويت بـ”لا”[18] وكذلك أعلن نادي القضاة مقاطعة القضاة للدستور والإشراف على عملية الاستفتاء،[19] وكذلك الكنيسة المصرية[20] وأقباط المهجر.[21]
وتم إجراء الاستفتاء على الدستور في 15 ديسمبر 2012، بنسبة مشاركة بلغت 32.86%، بموافقة 63.8% فقط من المشاركين، وعارضه 36.2%[22]، وهي النتائج التي تشير إلى نجاح حملة المعارضة، سواء بالمقاطعة أو التصويت بـ”لا”. وهو ما يعني انخفاض نسبة المشاركة ما يقرب من 22% عن حجمها في الانتخابات البرلمانية نهاية 2011.
تحديد حجم المقاطعة في انتخابات برلمان 2015:
في الثالث من يوليو 2013، بعد انتفاضة شعبية تدخلت على إثرها القوات المسلحة، تمت تنحية الرئيس السابق محمد مرسي عن الحكم، وقد أعلن وزير الدفاع آنذاك عبد الفتاح السيسي خارطة طريق لاستعادة مأسسة الدولة المصرية، وقد اشتملت على ثلاثة استحقاقات تصويتية يتم دعوة الناخبين إليها، وهي بالترتيب الاستفتاء على الدستور، انتخاب رئيسا للجمهورية، وانتخاب برلمان جديد.
وقد حقق الاستفتاء على دستور 2014، نسبة مشاركة بلغت 38.6% من عدد من لهم حق التصويت البالغ عددهم 53 مليون و423 ألف و485 ناخبا[23]، أما الاستحقاق الثاني والمتمثل في انتخاب رئيسا للجمهورية، فقد بلغت نسبة المشاركة 47.45% من إجمالي عدد الناخبين البالغ 53 مليون و909 ألف و306 ناخبا،[24] وبذلك يبلغ متوسط نسبة التصويت منذ تم إعلان مسار الثالث من يوليو نسبة 43.025%.
وبالرغم من هذه النسبة، إلا أن نتائج الانتخابات التشريعية التي تمت الدعوة لها في أكتوبر ونوفمبر من عام 2015، قد جاءت أقل من هذا المتوسط بنسبة كبيرة جدا، حيث بلغت نسبة المشاركين في التصويت في هذه الانتخابات 28.20% تقريبا، وذلك بعد أن بلغت نسبة المشاركة في المرحلة الأولى نسبة 26.56%، وفي المرحلة الثانية 29.83%[25]، وذلك ما يعني انخفاض المشاركة عن انتخابات الرئاسة بنسبة 19.25%، أما مقارنة بالاستفتاء على دستور 2014، فتنخفض النسبة بـ9.86%، كما تنخفض نسبة التصويت عن متوسط نسب المشاركة في ظل مسار الثالث من يوليو بنسبة 14.825%، وهي النسبة التي يمكننا أن نشير إليها وفق المعطيات الكمية، واعتبارها نسبة المقاطعة في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، والتي شكلت العوامل التالية أسبابا جوهرية للوصول إليها.
لا شك في أن لهذا الانخفاض الحاد في نسب المشاركة العديد من المسببات، ففي ظل حاجة النظام المنبثق عن مسار 3 يوليو لتدعيم شرعيته وتثبيتها، خاصة بعد الجدل السياسي والقانوني الذي صاحب نشوءه، والاتهامات التي مسته بأنه ناتج عن انقلابا عسكريا، فقد كان لا بد من وجود أدوات مضادة لدى النظام الجديد لتدحض من الفرضيات التي تتهمه بالاستيلاء على السلطة عن طريق الانقلاب العسكري، ويمكننا أن نصنف الإعلام على أنه أحد أكثر تلك الأدوات فاعلية وتحقيقا لمصالح النظام.
وأمام حاجة النظام إلى مشاركة شعبية واسعة في الاستحقاقات الانتخابية كضمان لشرعيته أمام منافسيه، بدأت الألة الإعلامية في بث شحنات من المحفزات للمواطنين، الوطنية تارة والتخوينية الترهيبية تارة أخرى. إلا أن الغلو في التحفيز بالإضافة إلى تخوين المعارضة ومحاولة النيل منها بتشويهها سواء فيما يتعلق بالمجال العام أو حتى الخاص، قد انعكس بالسلب على نظرة قطاعات كبيرة من المواطنين تجاه مصداقية وحرفية تلك الألة الإعلامية، وبالتبعية تجاه النظام السياسي نفسه، وهو ما انعكس سلبا على ما يتلقاه المواطن من دعوات من قبل الإعلام، ومنها الدعوة للمشاركة في العملية الانتخابية.
النتائج المؤثرة:
بادئ ذي بدء، تجدر الإشارة إلى ضرورة التفرقة بين المقاطعة والعزوف كموقفين ينتج عنهما نفس الفعل السياسي مع اختلاف تام في الرؤى، ولعل أبرز المقاطعون لتلك الانتخابات، هم أتباع تيارات الإسلام السياسي، نظرا لإقصاء أحزابهم عن السلطة، وأبرز تلك الأحزاب، حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين بكل ما تملكه من تنظيم وقدرة على الحشد ناتجة عن انتشارها في المجتمع المصري، ويستثنى من الأحزاب الإسلامية، حزب النور الذي شارك في العملية الانتخابية، إلا أنه تعرض إلى صدمات فقهية نتيجة مواقفة السياسية، جعلت من أتباعه ينفضون عنه، ومن تلك الصدمات الفقهية ضم الحزب لمسيحيين إلى قوائمه، في موقف لا يتسق مع ما تطلقه قياداته من تصريحات معادية للمسيحيين، وهو ما انعكس على الكثير من أعضاءه الذين قرروا مقاطعة الانتخابات.[26]
وبالتالي غاب عن المشهد السياسي أحد التيارات جماهيرية، وبكل تأكيد ساهم ذلك الغياب في انخفاض نسبة المشاركة في الانتخابات، ليس في الانتخابات البرلمانية فقط، بل في انتخابات الرئاسة واستفتاء الدستور الأخيرين.
وتعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة أداة لقياس مدى مشاركة الشباب في العملية السياسية، وقد بلغت نسبة المشاركة التصويتية في تلك الانتخابات في مرحلتيها الأولى[27] والثانية ما يقرب من 22% فقط من نسب التصويت، مما يشير إلى عزوفا شبابيا عن المشاركة، وقد أشارت بعض الإحصاءات إلى أن نسبة مشاركة الشباب بلغت 29% فقط من الشباب في الانتخابات بمرحلتيها.[28]
فلا شك أن هناك إشكالية حقيقية بينهم وبين مسار 30 يونية بشكل عام، ذلك المسار الذي لم يتوانى من اللحظة الأولى له على محاولة فك الارتباط بينه وبين يناير، فمنذ الأيام الأولى لتدشين مسار 30 يونية لم تكف رموزه عن التنكيل المعنوي بكل ما يمت لثورة يناير بصلة، وإن كان النظام نفسه يبجل على استحياء تلك الثورة وشبابها، وكان الصدام الأكبر بين مسار 30 يونية والشباب بوجه عام وشباب الثورة على الأخص، حين تم اصدار قانون التظاهر الذي قوبل بمعارضة شديدة من شباب الثورة، وبأحكامه يقبع عدد كبير منهم في السجون حتى الأن، والذي كان له انعكاسات سلبية جمة عليهم، فالشباب الذي خرج من العالم الافتراضي إلى ميادين الواقع في 25 يناير 2011، ثم نظم نفسه في حراك ثوري يهدف إلى تحقيق مطالب الثورة، في مجتمع وصف بالمجتمع الشاب، حيث بلغت نسبة الشباب في المجتمع المصري حوالي 67% من السكان أقل من 35 سنة[29]، عاد إلى التقوقع داخل العالم الافتراضي مرة أخرى في عملية قد تكون إعادة استنساخ لتجربته الأولى قبيل يناير 2011.
كما أنه بتحليل الأرقام المعبرة عن نسب المشاركة في العمليات الانتخابية منذ ثورة 25 يناير، يتضح أن هناك علاقة طردية بين نسب المشاركة واحتمالية الدمقرطة، يتضح منها مدى أهمية التأثير النفسي في كتل الجماهير، وقد شارك 41.2% ممن لهم الحق في التصويت في استفتاء 19 مارس، أول عملية تصويتية بعد الثورة، كما وصلت نسبة المشاركة في انتخاب أول برلمان بعد الثورة إلى 54%[30]. فالأمل في التغيير، والتعددية الحزبية الناشئة كان أحد المحركات الرئيسية للناس في المشاركة.
وبدأ التصويت يرتفع مرة أخرى، بعد تنحية نظام الإخوان المسلمين عن الحكم، مما يشير إلى الدور الذي تلعبه الحالة النفسية للناخبين في حجم المشاركة، فقد شهد الاستفتاء على دستور 2014، نسبة مشاركة بلغت 38.6%، وهي النسبة الي ارتفعت إلى 47.46% في الانتخابات الرئاسية التي تلتها[31] في ظل حالة من التفاؤل سادت بين أوساط عديدة من المجتمع المصري مع تغيير النظام السياسي.
وهي الأرقام التي انخفضت بشكل ملحوظ في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، فقاطع قطاع غير قليل من الناخبين غير المسيسين حيث شعروا أنها تأتى في سياق سياسي لا يعبر عنهم أو يرحبوا به. أمام غياب حاجتهم المجتمعية فعلا بالحاجة إلى التغيير، فـأحلام الديمقراطية لم تكن أبدا أولوية لمن يعاني تعب الحصول على قوت يومه، فذهب لاختيار من يلبى له احتياجاته. كما أن دولة القانون أو تعديل إدارة الدولة غير الديمقراطية وغير الكفؤة، لم تكن من الأصل هدف الكثيرين من أبناء الطبقة الوسطى خاصة من الجيل الأكبر. فقد سعوا رغم مستوى تعليمهم المرتفع ليس إلى انتخاب من يرفع راية الإصلاح[32] بل من يلبي حاجتهم الاجتماعية والاقتصادية في المقام الأول.
وأمام تلك المعطيات، عاد الشباب مرة أخرى ليستخدم وسائله الجديدة للمشاركة السياسية؛ وهي وسائل غير تقليدية فمع تطور المجتمع السياسي ظهرت وسائل حديثة لمحاكة هذا التطور، ولحاجة الجيل الجديد إلى أسلوب وآليات جديدة ابتكر وسائل جديدة للمشاركة والتعبير عن الرأي[33]. فبفضل تطور وسائط تكنولوجيا الاتصالات، أضحى الفضاء الإليكتروني واستخدامه كأداة للتعبير، بمرور الوقت أصبح الانترنت في أشكاله ومحطاته بمثابة مسرح للذات بالنسبة للشباب، الذي وجد في ذلك الفضاء مساحه من الحرية تتيح له الإفصاح عن أفكاره ومعتقداته وتبادل الجدل والنقاش مع شباب التيارات الأخرى التي تختلف معه إيديولوجيا، في ظل وجود حدا من القبول المشترك، جعل من الشباب ينزوي بعزلته لتترجم فيما بعد إلى حالة احتجاجية ينطلق بها إلى أرض الواقع في الميادين المختلفة، متجاوزا النخب التي لم تتمكن من أن تجاري التطور والسرعة والإنجاز للشباب، ولعل ذلك من أسباب جعل الثورات العربية بلا رأس.[34]
حملات المقاطعة:
باستخدام تكنولوجيا التواصل الاجتماعي، تم تدشين حملة إليكترونية غير معلوم شخوص مطلقيها تدعو لمقاطعة الانتخابات، وهي حملة “تحيا مصر بالعدل” الإليكترونية والتي قامت بإنشاء قائمة أطلقت عليها “المجد للشهداء” والتي ضمت شهداء ثورة يناير، واتخذت الحملة شعارا لها هو “صوتي للشهداء”. وقائمة أخرى أطلقت عليها “الحرية للمعتقلين” والتي ضمت المعتقلين من شباب الثورة، وقد وجدت تلك الحملة أصداء واسعة في العالم الافتراضي. وبالرغم من عدم توجه الحملة إلى قطاعات معينة من المصريين، إلا أنها لاقت رواجا بين قطاعات التأييد المنطقية لها، مثل الشباب الذي أصبح منبوذا من رموز النظام وإعلامه، والفئات التي ظلت وفية للثورة وحلم التغيير ودماء من سقطوا في ذلك السبيل.
وفي بادئ الأمر دعمت الحملة خيار المقاطعة، حيث أطلقت عدد من الشعارات عبرت عن رؤيتها في استخدام الصوت الانتخابي كآلية ضغط مقابل الإفراج عن المعتقلين، وتحقيق العدالة ومحاكمة المسئولين عن سقوط ضحايا الثورة، وعليه فقد أصبحت أصوات أعضاء الحملة أو المقتنعون بمبادئها رهن تحقيق هذين المطلبين، إلا أن موعد إطلاق الحملة قبيل إجراء الانتخابات البرلمانية بأسابيع قليلة، بالإضافة إلى الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لجعل العمل العام في الشارع أمرا فادح الثمن، كانا سببين داعمين لجعل مدى عمل الحملة وتأثيرها لا يتجاوز الفضاء الإليكتروني وبعض اللافتات التي تحمل صور المعتقلين وشهداء الثورة في مناطق محدودة، وبناء على ذلك فإن الحملة كان نطاق تأثيرها الأكبر بين أوساط فئة الشباب في المقام الأول الذي كان بالفعل قد اتخذ قطاع كبير منهم قرارا بمقاطعة الانتخابات، ولم تصل الحملة إلى فئات أخرى ذات قدرة على التأثير، خاصة الفئات الأقل حظا في التعليم أو المستوى الاقتصادي والتكنولوجي.
ظهرت الحملة في ظل مناخ سياسي عام يحمل الكثير من التخوفات من محاولة إنتاج برلمان يقتصر دوره فقط على إكمال الصورة المؤسسية التي يحتاجها النظام للمزيد من المشروعية على المستوى الداخلي والدولي، وربما عزز تلك المخاوف تصريحات بعض السياسيين والأحزاب بتدخلات من أجهزة الدولة في سير العملية الانتخابية، وبالتالي فقد رأى الداعون إلى الحملة أن البرلمان لن يكون معبرا عن إرادة شعبية حقيقية، كما أن العملية الديمقراطية بمجملها قد أصابها العوار، خاصة مع توالي الانسحابات سواء على مستوى الأحزاب أو الائتلافات من خوض السباق البرلماني، فكانت الحملة رد فعل معارض لتلك السياسات، مدفوع بحالة من الاقتناع بأن البرلمان لن يلتفت إلى حقوق ضحايا الثورة والمعتقلين السياسيين.
وأمام نجاح قد حققته الحملة في جذب انتباه عدد كبير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، تطور بدرجة أقل في الشارع، إلا أن دور الحملة قد توقف عند هذا الحد، وربما يعود ذلك إلى أن القائمين على الحملة هم مجرد أفراد بإمكانيات محدودة، يمكن وصفهم بالنشطاء إلا أنهم لم يتحولوا إلى كيان سياسي له استراتيجية ممنهجة يسعى إليها ومساحة من القدرة على الفعل والتأثير، فالحملة في النهاية هي ردة فعل انفعالية وليدة المتغيرات السياسية للحظة، وهي الصفة التي أكسبتهم مرونة في الحركة تغيب أو تقل عند مستويات التنظيم السياسي التقليدية، بالإضافة إلى أن طبيعة الحملة نفسها واستهدافها للحشد على فكرة ما أكسبها قدرة على النفاذ للمستهدفين، فالحملة في النهاية لم تهدف إلى كسب التأييد حيث يتم توجيه الجهود إلى فئات بعينها كما يحتاج إلى مجهودات وإمكانيات أكبر نسبيا.
كما انسحبت قائمة “صحوة مصر” هي الأخرى من السباق الانتخابي، وهي القائمة التي ضمت على حد وصفها مرشحين لم ينتموا لجماعة الإخوان المسلمين أو الحزب الوطني، من أحزاب مدنية مختلفة ومن تحالف التيار الديمقراطي وتكنوقراط وضباط متقاعدين، لهم من الخبرة والكفاءة ما يؤهلهم لتقديم أطروحات بديلة لمشكلات مصر المزمنة، وقد كان سبب انسحاب القائمة من السباق الانتخابي تعنت الدولة تجاهها لصالح قائمة “في حب مصر” التي وصفت بأنها قائمة مدعومة من أجهزة الدولة، فمن منظور مسئولي القائمة فإن الدولة بدأت في تمهيد الطريق لقائمة “في حب مصر” منذ إصدار قانون الانتخابات، ولعل أزمة إعادة الكشوف الطبية التي ظهرت قبل غلق باب الترشح بأربعة أيام فقط، دون سابق إعلان دليل على ذلك التوجه، كما أن رفض الأطروحات البديلة التي قدمتها القائمة والتي تمثلت في اعتماد الكشوف الطبية السابقة، أو مد أمد غلق باب الترشح لإفساح المجال أمام المرشحين لإعادة الكشوف، دليل آخر على ذلك.[35]
وإثر تلك الإجراءات لم يكن أمام قائمة صحوة مصر إلا خيارين، إما تقليل عدد القوائم والمنافسة على قائمتين فقط من أصل أربع قوائم، أو الانسحاب من المشهد الانتخابي، وكان القرار لصالح الرؤية الأخيرة، حيث أن المعركة الانتخابية بالنسبة للقائمة أصبحت محسومة، وأي مشاركة في المشهد الانتخابي، هو في واقع الأمر مساهمة في تجميل المشهد.[36]
بعد الانسحاب، تم حل قائمة صحوة مصر، ولم تسع القائمة إلى الاستمرار في المشهد السياسي ككتلة سياسية، كما لم تحاول الاندماج في كيان سياسي آخر سواء حزب أو ائتلاف، ويعود ذلك إلى طبيعة تكوين القائمة، فهي في الأساس تكونت في أغلبها من مجموعة من التكنوقراط وأصحاب الكفاءات، ليس بينهم تجانس، جمعتهم الخبرة والرغبة في العمل وليس الدافع الإيديولوجي، كما أن السياسيين أو الحزبيين أعضاء القائمة هم في الأساس أعضاء في أحزاب أخرى، مشاركتهم في القائمة كانت بصفتهم الشخصية[37].
وبالإضافة إلى الإسلاميين والقوى الشبابية والائتلافات الانتخابية، أعلنت بعض الأحزاب مقاطعتها للانتخابات، إلا أنها لم تكون معا ائتلاف سياسي داعي للمقاطعة، كل باختلافات أسبابه، فحزب مصر القوية، الذي لم يدع رسميا للمقاطعة، إلا إنه انسحب إثر رهن مشاركته في العملية الانتخابية بإجراء إصلاح تشريعي وسياسي لم يحدث بالطبع. وقد تبنى الحزب القرار بناء على محورين، الأول هو المناخ الذي تجرى فيه الانتخابات والثاني القوانين التي يصدرها النظام والتي تقيد الحريات ومنها قانون التظاهر، ومد الحبس الاحتياطي، والذي أدى لوجود عشرات الآلاف من المحبوسين احتياطيا، كل هذا لا يؤدي لإجراء انتخابات في جو ملائم وحرية، كما يرى الحزب أن قانون الانتخابات، خاصة فيما يتعلق بإقرار نظام القوائم المطلقة، من شأنه ألا يفرز مشاركة شعبية حقيقية، ويهدر قيمة الكثير من الأصوات.[38]
وعلى الرغم من السلبيات التي قد تنتج عن القرار، ومنها التراجع الكبير في العضويات المفعلة داخل الحزب، أو طلبات العضوية الجديدة، وخروج عدد من الكوادر اللذين سوف يرجحون الطموح السياسي على حساب الالتزام الحزبي، وكذلك غياب الحزب عن المشهد البرلماني الذي يعد أحد منابر عرض رؤى وتطلعات الأحزاب السياسية، إلا أنه في الوقت ذاته يرى الحزب أن عدم المشاركة قد حافظ على مصداقيته لدى قواعده، كما حافظ على القدرات المادية، وكذلك لم تستهلك كوادره سياسيا في نزال سياسي محسوم، وهي العوامل التي يسعى مصر القوية إلى استغلالها في ظل وجود عدد من الأحزاب والحركات السياسية التي اتخذت الموقف ذاته لبناء تحالف سياسي منهم، في محاولة لإدخال لاعب جديد في شكل تكتل في المشهد السياسي المصري، يرتكز على كتلة المنسحبين من المشهد السياسي، ويستمد شرعيته من الكتلة التي تتبنى نهجهم.[39]
وقد أعلن حزب الدستور، أحد أعضاء تحالف التيار الديمقراطي، عن حزمة من المقومات الواجب توافرها واللازمة لحياة برلمانية صحيحة وفق رؤيته، فقد عبر الحزب إثر مناقشات دارت مع مؤسسة الرئاسة في ديسمبر 2013 عن رغبته في زيادة نسبة الأعضاء المنتخبين عبر القوائم الانتخابية، وأن يكون قوام القوائم تلك في أساسه من الأعضاء الحزبيين، وزيادة عدد القوائم إلى 8 قوائم، وذلك لقطع الطريق على أي دور للمال السياسي في وصول المرشحين لعضوية البرلمان وإمكانية المنافسة وفق القدرات المحدودة للكثير من الأحزاب، وكذلك قطع طريق عودة رموز ورجال نظام مبارك عبر بوابة الترشح بالنظام الفردي، إلا أن تأجيل الانتخابات والمتغيرات السياسية أدت إلى عدم الأخذ بتلك المقترحات.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الضغوط التي مارسها شباب الحزب والمدفوعة بقانون التظاهر الذي نتج عنه اعتقال عدد كبير من شباب الحزب، وكذلك الضغوط الأمنية التي تعيق المنافسة وينتج عنها أجواء لا تتسم بحرية الحركة والتجمع والإعلام، وعدم القدرة على الرد، كل تلك العوامل أدت إلى خلق مناخ سياسي غير صحي، وشكلت تلك العوامل بالإضافة إلى عدم إدراج مقترحات الحزب، الأسباب الرئيسية في إعلان الحزب عدم خوضه للانتخابات البرلمانية.[40]
وعلى الرغم من استمرار عضوية حزب الدستور في تحالف التيار الديمقراطي، إلا أن إمكانية تحول التحالف إلى كتلة معارضة منظمة لا تزال غير واضحة في الأفق القريب، وإن كان الحزب يرى في ذلك أحد المتطلبات الملحة لتصحيح مسار الحياة السياسية المصرية، إلا أن ضعف الإمكانيات المادية، بالإضافة إلى الضغوط الأمنية وانشغال الحزب في متابعة ودعم معتقليه من الشباب والدفاع عنهم، هي عوامل تحد كثيرا من حركة الحزب وقدرته على الفعل، ويرى الحزب أن فرصة الاندماج مع أحزاب أخرى ربما تكون آلية جيدة في تقوية الحزب وتحالف التيار الديمقراطي، وتشكل نواة لخلق تلك المعارضة القوية، وربما الأداء البرلماني الحالي ينعكس بالإيجاب على تحالف التيار الديمقراطي.[41]
وإن كانت تلك الحملات والدعوات والتحالفات الحزبية الداعية للمقاطعة، قد استهدفت إحداث أثر في العملية السياسية المصرية بنهجها للمقاطعة كرد فعل على ما يعتبروه انتهاكا لمبادئ الثورة ودما شهدائها واعتراضا منهم على اتجاه المسار السياسي ومنهجه في التعامل مع القضايا المختلفة وبشكل خاص قضايا الحريات، إلا أن تلك الحملات قد خلت من الطموح أو المصلحة السياسية، ولم تتجاوز كونها دعوات تستمد طاقتها من شحنات عاطفية مثل “تحيا مصر بالعدل”. أو نتيجة مضايقات أمنية وسياسية في الإجراءات المتبعة في عملية الترشح، أي أن قرار المقاطعة لم يكن نتيجة موقف سياسي معارض للنظام بل نتيجة تعسف تمت ممارسته أدى إلى إعاقة المشاركة في العملية السياسية، وبالتالي فإن الدعوة للمقاطعة كانت فقط من أجل المقاطعة كنمط معارض للسياسات وسلوك النظام ورموزه، ولم تكن تدشينا حقيقيا لمسار سياسي موازي أو معارض، وبالتالي انتهى أثر الحملات بانتهاء الحدث الرئيسي الذي تستمد منه بقاءها، أي الانتخابات البرلمانية.
بالإضافة إلى ذلك، فقد عانت تلك الحملات من العديد من المعوقات الذاتية، والتي أدت إلى ضعف آثرها ومردودها، فقد أصابها ضعف التنظيم الداخلي، وغياب الرؤية وبلورتها لأهداف واضحة قابلة للقياس ترجو تحقيقها من قرارها بالانسحاب، كما عملت كل منها بشكل شبه منفرد، فلم يبدو بينهن أدنى حد من التنسيق المتبادل، كما أن قرار الانسحاب، أو المقاطعة تم على مستوى الحزب فقط من دون مطالبة صريحة للقواعد المؤيدة بالالتزام بالقرار، بالإضافة إلى غلق مساحات العمل العام الناتجة عن التضييقات الأمنية أو استخدام المال السياسي والآلة الإعلامية، كل تلك العوامل سواء الذاتية أو الخارجية، ساهمت في إضعاف المردود السياسي للقرارات بالانسحاب أو المقاطعة.
على الرغم من ذلك، فإن تلك الدعوات قد ابتكرت وسائل جديدة للتعبير عن المعارضة، فالعمل المتوازي بين العالم الافتراضي والواقع السياسي يعد بمثابة تأسيس لشكل جديد من المعارضة، أكثر فاعلية وقدرة على النفاذ من المعارضة التقليدية، ويتضح ذلك من حجم التأثير مقارنة بالإمكانيات المتاحة لحملة “مصر تحيا بالعدل”، كما أن تطور أداء المعارضة بدا أكثر وضوحا، فربط القضايا والضغط السياسي برهن المشاركة مقابل حزمة من المطالب مثل الإفراج عن المعتقلين وتعديل قانون التظاهر، هو تطور واضح إيجابي في أنماط التفاوض للأحزاب المصرية، وهي الأنماط التي أتبعها المقاطعون في الانتخابات البرلمانية، والتي عززها تراجع الرضا الشعبي عن الوضع العام، ويمكن قياس مدى الرضا عن الأداء الحكومي بقياس حجم مشاركته في العملية الانتخابية، وقد عبرت الأرقام عن انخفاض حجم المشاركة، بالإضافة إلى عودة الحراك النقابي والاجتماعي ليطفو على سطح العمل العام مرة أخرى، في مؤشر واضح لوجود حالة من المعارضة على نطاقات واسعة.
سلبيات |
عوامل ذاتية:
▪ ضعف التنظيم. ▪ انخفاض مستوى التنظيم. ▪ الصراع بين المقاطعة والإبطال. ▪ عدم استغلال القواعد الحزبية والجمهور المتعاطف. |
عوامل موضوعية:
▪ إغلاق المجال العام. ▪ تضييق مساحات العمل. ▪ الهجوم الإعلامي. ▪ المال السياسي. |
إيجابيات |
عوامل ذاتية:
▪ ابتكار وسائل جديدة. ▪ العمل المتوازي بين العالم الافتراضي والواقع. ▪ ربط القضايا المختلفة ببعضها البعض.
|
عوامل موضوعية:
▪ تراجع الرضا الشعبي. ▪ عودة الحراك النقابي والمجتمعي. |
الخلاصة:
بالنظر إلى السياق المصري، وانخفاض نسب التصويت في الانتخابات البرلمانية في 2015، نستنتج أن الأنظمة السياسية يجب أن تعدد مصادر شرعيتها لدى الشعوب، فالوصول عن طريق التصويت الانتخابي لم يعد بمثابة الحصن الآمن ليكمل النظام السياسي دورته، وقد انتبهت بعض الدول مثل البرازيل لتلك المعضلة فباتت تجري انتخابات تجديد نصفي لمؤسساتها المنتخبة، كما أن استخدام الألة الإعلامية لكسب التأييد وإضفاء الشرعية المستمدة من الرضا الشعبي لم تعد بأي حال من الأحوال كافية، خاصة في ظل وجود إعلام بديل وتقدم تقني يسمح بحرية انتقال الرأي الأخر في شكل موازي تماما، بل أن التمادي في استخدام آلة الإعلام ووصوله حد التشويه من شأنه أن يحدث نتائج عكسية خاصة في المجتمعات الأكثر محافظة مثل مجتمعات المنطقة العربية، فتحقيق الرخاء الاقتصادي والاستقرار الأمني والسياسي ودعم الحريات وتحقيق البرامج الانتخابية هما المصدر الأقوى لدعم شرعية النظم الحاكمة.
تعد المقاطعة الانتخابية أحد الآليات التي تستخدمها قوى المعارضة، كنوع من أنواع الاحتجاج على المسار السياسي، والذي تهدف منه الانتقاص من شرعية النظام السياسي تمهيدا لوصول تلك المعارضة إلى السلطة بديلا عن ذلك النظام، أي أن المقاطعة الانتخابية كعملية سياسية لا بد وأن تكون مرحلة من مراحل استراتيجية سياسية أكبر من مجرد الفعل الاحتجاجي، كما أن نجاح المقاطعة كآلية من آليات التغيير مرهون بعدد من العوامل والمعطيات الواجب توافرها، فغياب التأييد الشعبي، أو التنافر بين قوى المعارضة أو إمكانية أن يغض المجتمع الدولي بصره عن الشأن السياسي للدولة، كل تلك عوامل مهددة لجدوى استخدام المقاطعة كألية سياسية للتغيير، أو ما يطلق عليه المقاطعة الإيجابية. بينما إذا كانت الدعوة للمعارضة خالية من تلك المعايير أو من أحدها فهي بذلك قد تفتح المجال أمام السلطة الحاكمة لمزيد من الاستحواذ والتمكين، ولعل نموذج فنزويلا مثالا على ذلك.
وعند اتخاذ قوى المعارضة القرار بالفعل الاحتجاجي في الانتخابات، فيجب أن يتم دراسة القرار حول الآلية المتبعة بشكل جيد، سواء كانت مقاطعة أو إبطال تصويت، حيث يشترك كلاهما في التصنيف كآليات احتجاج، إلا أن لكل منهم ظرف سياسي يختلف عن الأخر، فرفض الخيارات المطروحة التي يعبر عنها إبطال التصويت، تختلف جذريا عن رفض النظام السياسي برمته والذي تعبر عنه المعارضة باستخدام آلية المقاطعة للعملية التصويتية في ظله، فالمقاطعة ضمنيا تشمل عدم اعتراف بالنظام القائم، والقوى التي تتبنى آلية المقاطعة تقدم نفسها كبديل سياسي للنظام، إلا أن ذلك لا يمنع التعاون بينهما حيث أن هناك نقاط تلاقي يشترك فيها الطرفين، فكلاهمها في النهاية معارض بشكل أو بآخر للنظام القائم، ولعل التصويت على الدستور المصري عام 2012 مثالا على ذلك، فكل من الداعين للمقاطعة والداعين لإبطال التصويت أو التصويت بالرفض، ساهما في خفض نسبة التأييد للدستور بشكل واضح لتصل إلى 63.8% فقط، وذلك يعود إلى عدم معارضة كل اتجاه للأخر.
ــــــــــــــــــــــــــ
[1] Matthew Frankel, why election boycotts are a bad idea, foreign policy at Brookings, policy paper number 19, March 2010, p2 http://goo.gl/XMpTnK
[2] Op. cit. p3
[3] Venezuela’s Parliamentary Elections: Everybody Wins, council on hemispheric affairs, September 2010, http://goo.gl/fZOl4F
[4] مقاطعة الانتخابات.. ضعف تنظيمي أم سلاح للمعارضة ؟، التحرير نيوز، 8 فبراير 2015، http://goo.gl/L7DeIs
[5] محمد العجاتي، تحليل لدراسة استطلاع رأي حول توجهات المصريين إزاء الأحزاب والمشاركة السياسية، من كتاب الأحزاب السياسية والرأي العام في مصر، منتدى البدائل العربي، فبراير 2014، ص13.
[6] بيان “مقاطعون من أجل استمرار الثورة”، صفحة حملة مقاطعون على موقع فيس بوك، 21 مايو 2012، https://goo.gl/ajM8ZW
[7] تطور المشاركة في الانتخابات البرلمانية المصرية، مركز دراسات أحوال مصر، 29 مارس 2015، http://goo.gl/VBpTL4
[8] «الصندوق» في عامين: 41% من الناخبين شاركوا في ضربة البداية.. و«البرلمان المنحل» الأعلى مشاركة، المصري اليوم، 23 يناير 2013، http://goo.gl/V7Ev6c
[9] النتائج النهائية للمرحلة الأولى من انتخابات الرئاسة المصرية 2012، الموقع الرسمي للانتخابات الرئاسية، http://goo.gl/IjYfIE
[10] خليل كلفت، متاهات أرقام الانتخابات في مصر، ميدل إيست أونلاين، 4 يونية 2012، http://goo.gl/YUHU5z
[11] المرجع السابق.
[12] جدوى مجلس الشورى المصري بعد ثورة يناير، السياسة الدولية، 19 يناير 2012، http://goo.gl/9uGwKt
[13] نتيجة الانتخابات الرئاسية 2014، موقع اللجنة العليا للانتخابات، https://goo.gl/Ex3JFM
[14] الأرقام الفعلية للتصويت على استفتاء 2011، موقع اللجنة العليا للانتخابات، https://goo.gl/z8UTUk
[15] النتيجة النهائية للاستفتاء على دستور 2012، موقع اللجنة العليا للانتخابات، https://goo.gl/mA2CaS
[16] النتائج النهائية لجولة الإعادة، انتخابات الرئاسة 2012، موقع اللجنة العليا للانتخابات، http://goo.gl/c7ETwB
[17] النتائج النهائية للاستفتاء على دستور 2014، موقع اللجنة العليا للانتخابات، https://goo.gl/hFV48S
[18] المعارضة تنقسم بين «مقاطعة الاستفتاء» والتصويت بـ«لا»، الوطن نيوز، أول ديسمبر 2012، http://goo.gl/RfZ5Pw
[19] قضاة مصر يقاطعون الاستفتاء و”إنذار أخير” لمرسي، سي إن إن العربية، أول ديسمبر 2012، http://goo.gl/k4Mf1L
[20] مستشار الكنيسة المصرية لـ «الشرق الأوسط»: ندرس مقاطعة الاستفتاء على الدستور الجديد، الشرق الأوسط، 2 ديسمبر 2012، http://goo.gl/lB45cc
[21]أقباط بالنمسا يقررون مقاطعة الاستفتاء على الدستور، اليوم السابع، 12 ديسمبر 2012، http://goo.gl/18QGqN
[22] نتيجة استفتاء دستور 2012، موقع اللجنة العليا للانتخابات، http://goo.gl/HgO5qG
[23] الموقع الرسمي للهيئة العليا للانتخابات، نتيجة الاستفتاء على دستور 2014، https://goo.gl/2WXZ9v
[24] الموقع السابق، نتيجة الانتخابات الرئاسية في 2014، https://goo.gl/7QWpvE
[25] المؤتمر الصحفي للجنة العليا للانتخابات، إعلان نتيجة المرحلة الثانية للانتخابات، موقع يوتيوب، https://goo.gl/o59TnJ
[26] ثورة غضب ضد “النور” بعد تصريحات رئيسه حول الأقباط، اليوم السابع، أكتوبر 2015، http://goo.gl/HlZvc3
[27] الانتخابات البرلمانية في مصر: إقبال ضعيف على التصويت في اليوم الثاني رغم مساعي الحكومة لتشجيع الإقبال، بي بي سي عربي، 19 أكتوبر 2015، http://goo.gl/vS3lPU
[28] «بصيرة»: انخفاض مشاركة الشباب في المرحلة الثانية للانتخابات مقارنة بـ«الأولى»، الشروق، 27 نوفمبر 2015، http://goo.gl/3yyBx7
[29] الإحصاء.. نصف سكان مصر أقل من 25 سنة، اليوم السابع، 3 إبريل 2015، http://goo.gl/wGWr2B
[30] الهيئة العليا للانتخابات، مرجع سابق.
[31] المرجع السابق.
[32] نادين عبد الله، ماذا تعكس اختيارات المشاركين والمقاطعين، المصري اليوم، 8 ديسمبر 2015، http://goo.gl/XaDmXh
[33] “جيل الشباب في الوطن العربي ووسائل المشاركة غير التقليدية من المجال الافتراضي إلى الثورة”، الطليعة، 2 يوليو 2014، http://is.gd/EUiL3f
[34] الأنماط غير التقليدية للمشاركة السياسية للشباب في مصر.. قبل وأثناء وبعد الثورة، منتدى البدائل العربي، 2012، ص169.
[35] مقابلة شخصية مع هشام خليل، أحد مؤسسي قائمة صحوة مصر، القاهرة، مارس 2016.
[36] هشام خليل، المرجع السابق.
[37] مقابلة شخصية مع محمد غنيم، أحد مؤسسي قائمة صحوة مصر، القاهرة، مارس 2016.
[38] مقابلة شخصية مع محمد عثمان، عضو المكتب السياسي لحزب مصر القوية، القاهرة، مارس 2016.
[39] محمد عثمان، المرجع السابق.
[40] مقابلة شخصية مع خالد داوود، القيادي بحزب الدستور، القاهرة، مارس 2016.
[41] خالد داوود، المرجع السابق.