أداء تيار التحول الديمقراطي وشباب الثورة في الانتخابات البرلمانية المصرية
عمر سمير خلف
مصر
Loader Loading...
EAD Logo Taking too long?
Reload Reload document
| Open Open in new tab

تحميل [513.15 KB]

في ظل المناخ السياسي السائد منذ الثلاثين من يونية، وفي ضوء نصوص دستورية وقوانين انتخابات منيت بالعديد من الانتقادات لتغليبها النظام الفردي على نظام القائمة، وتقسيم للدوائر بشكل لا يضمن مستقبلا إلا للمال السياسي ودوائر النفوذ التقليدية، وفي ظل استقطاب سياسي حاد، قرر بعض المحسوبين على ثورة 25 يناير فرادى أو أحزابا خوض التجربة الانتخابية البرلمانية الأولى بعد حل البرلمان السابق.

أولا: المرشحون المستقلون المحسوبين على ثورة يناير

في ظل موجة من العداء والتشويه لثورة يناير قرر بعض من أنصارها والمحسوبين عليها بشكل أو بآخر خوض السباق الانتخابي في ظل استقطاب حاد حول من ليس مع 30 يونية وما يتبعها بالكلية فهو ضدها بالضرورة وينتمي لمؤامرة يناير، ومن ثم كانت هذه الانتخابات اختبارا قويا لأداء المحسوبين على ثورة يناير الذين قرروا خوضها وقدرتهم على التغيير في ظل المناخ السياسي السائد، وتتعرض هذه النقطة لذلك عن طريق دراسة تجربة أحد الشباب في الإسكندرية (هيثم أبو العز الحريري)، وكذلك أحد الرموز المحسوبة على ثورة يناير (عمرو الشوبكي) في الدقي والعجوزة، ومدى التنسيق بينهم، من حيث وجود برنامج انتخابي من عدمه وأهم البنود بهذه البرامج.

  • تجربة المهندس الشاب هيثم أبو العز الحريري الذي قرر خوض الانتخابات في دائرة دائرة محرم بك – غربال – أبيس بالإسكندرية والتي كان بها 36 مرشحا على مقعدين، اعتمدت بشكل مباشر على حملته على الفيس بوك وبعض اللقاءات التليفزيونية التي أبدى من خلالهم فهما قويا لمشكلات دائرته، كانت العلامة الأبرز في حملته هو حجم التفاعل القوي على صفحته على فيسبوك حيث يقترب عدد مشاهدات بعض الفيديوهات على صفحته من عدد ناخبيه، مع الأخذ في الاعتبار أن هناك من تفاعل معها بالتأكيد من خارج الدائرة.[1]
  • الدكتور عمرو الشوبكي، عضو برلمان 2011 وعضو لجنة الخمسين لتعديل الدستور 2013، خاض أيضا صراعا انتخابيا محتدما أمام مجموعة من المحسوبين على النظام الأسبق، وتعرض لحملة تشويه شرسة وصلت حد السب والقذف على الهواء مباشرة[2]، وكانت المنافسة في دائرته محل اهتمام معظم المهتمين بالشأن العام في مصر، واعتبرت هذه المنافسة بين المحسوبين على يناير 2011 ويونية 2013 باعتبار أن لا علاقة لإحداهما بالأخرى وفي بعض الأحيان باعتبار يناير مؤامرة ويونية هي الثورة، ومن ثم فالمحسوبين على يناير هم خونة وعملاء بالضرورة.

ورغم تحمس العديد من الشخصيات العامة المحسوبين على يناير من أجل دعم عمرو الشوبكي المحسوب بدوره عليها، وبرغم حصوله في الجولة الأولى على 20.191 صوتا فإنه خاض جولة الإعادة أمام المرشح أحمد مرتضى منصور الذي حاز 24.692 صوتا في الجولة الأولى وفقا للجنة العليا للانتخابات[3] إلا أن عدم وجود منافسين يمكن التنسيق معهم داخل الدائرة، ووجود العديد من المخالفات المتعلقة باستخدام المال السياسي بكثافة في الدائرة حال دون نجاحه بفارق بسيط عن منافسه لا يتجاوز 600 صوتا، ومع ملاحظة أنه برغم تدني نسبة المشاركة في جولة الإعادة فإن عدد الأصوات التي حصل عليها قد تزايد عما حصل عليه في المرحلة الأولى ليصل إلى 21.029 بينما تراجع المرشح الآخر عن الجولة الأولى ليحصل على 21.817 صوتا فقط.

ثانيا: أداء تيار التحول الديمقراطي المنظم

ونتناول في هذه النقطة أداء بعض مرشحي الأحزاب مثل التحالف الشعبي الاشتراكي، والمصري الديمقراطي الاجتماعي، أثناء الحملة الانتخابية ونوعية الخطاب الانتخابي، ومدى إدماج هذه الأحزاب للمرأة والشباب على قوائمها، ومدى قدراتها على اجتذاب فئات جديدة أو تراجعها بالمقارنة مع انتخابات 2012 البرلمانية، وللتحليل الدقيق لهذه النقاط يمكننا الاستعانة بالجدول التالي:

جدول رقم1[4]

م الحزب عدد المرشحين فردي عدد الفائزين فردي 2015 نسبة الفائزين إلى المرشحين عدد الفائزين مجلس شعب 2011-2012 نسبة الفائزين إلى المرشحين 2011-2012
1 المصري الديمقراطي الاجتماعي 68 4 5.8% 15 12.5%
2 التحالف الشعبي الاشتراكي 6 0 0% 7 [5]3%

 

من الجدول عاليه، يمكن القول أن الحزبين قد تراجعا إلي حد كبير عما كانت عليه نتائجهما في انتخابات مجلسي الشعب والشورى 2011-2012، ويمكن أن يتم عزو ذلك إلى المشاركة العالية للشباب في الانتخابات السابقة نتيجة التنافس الحاد، والمصداقية التي وضعها المصريون في فكرة انتخاب أول مجلس شعب بعد الثورة، أيضا لا يمكن القفز على حقيقة أن التحالف الانتخابي الذي فاز فيه الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي كان تحالف الكتلة المصرية، وهو تحالف كبير حل رابعا في البرلمان من حيث عدد المقاعد بعد أحزاب الحرية والعدالة والنور والوفد، رغم الانسحابات الكبيرة في صفوفه حيث بدأ بـ17حزبا وانتهى بثلاثة أحزاب فقط هي المصريين الأحرار والمصري الديمقراطي الاجتماعي والتجمع.[6]

وإن كان الموقف خلال الأعوام من 2011 وحتى انتخابات مجلس النواب الأخير تحكمه حسابات الاصطفاف والإيديولوجيا، وهذا ما لم تدركه أحزاب مثل التحالف الشعبي الاشتراكي والقوى المحسوبة على الثورة واليسار بشكل أساسي، إذ لم تدرك أحزاب اليسار بعمق الأزمة التي تمر بها بسبب حالة الاصطفاف المدني العام التي فرضها وجود الإخوان في المشهد، وهو الأمر الذى أدى إلى دخول أحزاب اليسار الاستحقاقات الانتخابية، التي جرت خلال هذه الفترة في إطار تحالفات فضفاضة لا تحمل طابع إيديولوجي مع أحزاب تحمل توجهات ليبرالية، وفى هذا النوع من التحالفات لا يمكن قياس قوة كل طرف، ومن الممكن جدا أن يدخل أحد الأحزاب المجلس محمولا على أعناق باقي الأحزاب الموجودة معه في نفس التحالف وغالبا هذا ما تم مع نواب اليسار، الذين نجحوا في برلمان 2011.[7] 

إذن أدى مناخ اليأس السياسي العام وضعف المشاركة وبالذات من قبل أنصار هذا التيار في الانتخابات وبالذات المقاطعة التنظيمية المتمثلة في مقاطعة أحزاب الدستور ومصر القوية، وكذلك المقاطعة القوية لجزء كبير من جيل الشباب الذي يمثل الرافد الأساسي لهذا التيار، إضافة إلى جو الاستقطاب الحاد وقوانين الانتخابات السيئة بالنسبة للأحزاب عموما إلى تراجع هذه الأحزاب، كما انجرت هذه الأحزاب لمناقشات سياسية حول شرعية يناير ويونية ومدى كونهم مؤيدين للنظام الجديد وهو الأمر الذي أفقد البعض منها مصداقيتها لدى مؤيديها ولم يكسبها أصوات جديدة من مؤيدي النظام الجديد.

من الظواهر اللافتة للنظر موجات الانشقاقات وتجميد العضوية داخل حزبي التحالف الشعبي الاشتراكي والحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، وكذلك تردد الأول في خوض السباق الانتخابي من عدمه حتى اللحظات الأخيرة بسبب مقتل أمينة العمل الجماهيري للحزب بالإسكندرية الشهيدة شيماء الصباغ، في مظاهرة بالقاهرة، إلى أن انعقدت اللجنة المركزية للحزب، ووافقت بالمشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة بنسبة موافقة 75% من أعضائها، وذلك في شهر أغسطس الماضي، وبالفعل قامت قيادات الحزب بالتنسيق مع ائتلاف الأحزاب الاشتراكية فيما بينهم على المقاعد الفردية.

أيضا فإن هناك منافسة قوية بين الحركات والأحزاب المحسوبة ضمن التيار الديمقراطي، هذا التنافس تغذيه الاستقطابات حول الموقف من المسار السياسي الحالي، ويمكن القول إن هذه الحركات بمواقفها الأخلاقية تخصم بشكل كبير من رصيد أحزاب هذا التيار إذ تخوض معارك قوية معه دائما قبيل الانتخابات حدث هذا بين أنصار تحالف الثورة مستمرة والحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي من جانب و6 أبريل والاشتراكيين الثوريين من جانب آخر إبان انتخابات 2011 وأيضا انتخابات 2015.

ثالثا: خلاصات

يمكن تلخيص نقاط القوة والضعف التي تحوط أداء هذه الأحزاب وهؤلاء المستقلين وإمكانية تعزيز قدرتها على التنسيق داخل البرلمان في قضايا محددة إذ تتمثل نقاط القوة لهذه الأحزاب في المساحة التي تدافع عنها من الحقوق والحريات في ظل المناخ السياسي السائد، وكذلك مواقفها من بعض القوانين والتي تتفق مع بعض الحركات الشبابية القوية فيها مثل الموقف من قانون التظاهر، وقانون الخدمة المدنية الجديد، وكذلك انتقادها لتوجهات السياسة العامة للحكومة في بعض القطاعات.

بينما نقطة الضعف الرئيسية هي خوض هذه الأحزاب لمعارك كلامية والدخول في استقطابات حادة مع القوى والحركات الشبابية التي يفترض فيها أنها ظهير لهذه الأحزاب ولو في بعض القضايا، ما يفقد هذه الأحزاب حملات التضامن والدعم الذي قد يكون أقوى من التنسيقات فيما بينها داخل البرلمان حال تعظيمه.

أيضا هناك ما يشبه التماهي الإيديولوجي لهذه الأحزاب في لحظات الانتخابات مع من يفترض أنهم خصومها الرئيسيين يتضح هذا من خوض الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي انتخابات 2011-2012 على قائمة الكتلة المصرية جنبا إلى جنب مع المصريين الأحرار، وكذلك انضمام التحالف الشعبي الاشتراكي للكتلة المصرية وانسحابه منها، إذ تبالغ في تقديرها لضعفها ما يدفعها للدخول في تحالفات انتخابية تستضعفها ثم تضطر للانسحاب منها بعد فقدها لجزء من مصداقيتها، لذا على هذه الأحزاب أن تعيد النظر في كلا من علاقتها بالحركات الشبابية المدنية، وببعضها البعض وتقديرها لنقاط قوتها.

كما أن الشباب والمستقلين المحسوبين على الثورة سواء من فاز مثل هيثم أبو العز الحريري أو من خسر السباق الانتخابي مثل عمرو الشوبكي، يمتلكون دوائر نفوذ جيدة سواء من خلال الحضور الإعلامي بما يكتبونه من مقالات وما يظهرون عليه من برامج أو ما يجمعهم من صداقات بنواب البرلمان، فهؤلاء شخصيات عامة كان يمكنها التنسيق بشكل أكبر إذ يملكون حضورا إعلاميا جيدا، بينما تكمن نقطة ضعفهم الأساسية في تقديمهم رؤية نقدية لـ25 يناير وللمسار الحالي على حد سواء ما وضعهم في المنطقة الرمادية وبالتالي أصبحوا في مرمى النقد من الجميع، علاوة على أنهم وفي سياق الاستقطاب الحاد يتم استنفاذهم في قضايا فرعية وإجراءات لملاحقة الممارسات غير القانونية والأخلاقية للمنافسين دون التركيز على القضايا الأساسية.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] يمكن مشاهد لقاء المهندس هيثم ابو العز الحريري كامل مع عمرو أديب، على صفحة حملة دعم المهندس هيثم ابو العز الحريري – انتخابات مجلس النواب -محرم بك 2015، 12 أكتوبر 2015، http://is.gd/gA6hpI HYPERLINK “http://is.gd/gA6hpI”

 أحمد عنتر، عبد الرحيم علي يسب الشوبكي على الهواء.. ويهدده: “هسقطك حتى لا تكسر الرئيس”، جريدة الوطن، 25 أكتوبر 2015، http://is.gd/bNFo0S HYPERLINK “http://is.gd/bNFo0S”

 انظر ملف المرشحين الفائزون والمرشحون الخائضون لجولة الإعادة، نتائج الجولة الأولى للمرحلة الأولى من انتخابات 2015، على موقع اللجنة العليا للانتخابات، http://is.gd/j7qH9c HYPERLINK “http://is.gd/j7qH9c”

 تم تجميع بيانات هذا الجدول من البيانات المنشورة على موقع اللجنة العليا للانتخابات بالنسبة لانتخابات 2015، أما بالنسبة لانتخابات مجلسي الشعب 2011-2012 فنظرا لحجبها على موقع اللجنة لجأ الباحث لموقع جريدة الأهرام http://is.gd/6SHLjT، وموقع ويكيبيديا http://is.gd/Zcl9Gz HYPERLINK “http://is.gd/Zcl9Gz”

 هذه النسبة محسوبة على أساس مجمل من فازوا عن تحالف الثورة مستمرة نسبة إلى عدد مرشحيهم (230 مرشحا) وفقا لليوم السابع http://goo.gl/Nx4WHv، ويضم التحالف بجانب حزب التحالف الشعبي الاشتراكي “الحزب الوحيد الذي حصل على رخصة التأسيس وقتها”، أحزاب (مصر الحرية، التيار المصري، المساواة والتنمية، الاشتراكي المصري، والتحالف المصري “وكلهم تحت التأسيس) علاوة على “ائتلاف شباب الثورة، وحركة شباب من أجل العدالة والحرية”.

[6] تقرير الجزيرة نت بعنوان انتخابات برلمان “الثورة” المصري (2)، 6 ديسمبر 2015، http://is.gd/sIMmNv HYPERLINK “http://is.gd/sIMmNv”

 محمد إسماعيل، صفر اليسار المصري، موقع برلماني، 6 نوفمبر 2015، http://is.gd/pdC6JQ HYPERLINK “http://is.gd/pdC6JQ”

 عبدالمجيد المصري، المتراجعون عن مقاطعة السباق البرلماني.. “الدستور” يعود بعد الانشقاقات.. و”التحالف الشعبي” يتجاهل موقفهم من قضية شيماء الصباغ، موقع العربية نيوز، 7 سبتمبر 2015، http://is.gd/Tc8NTF HYPERLINK “http://is.gd/Tc8NTF”

[8]

Start typing and press Enter to search