صعود اليسار.. هل ينقذ اليونان؟

قراءة في نتائج الانتخابات التشريعية

منتدى البدائل العربي للدراسات



Loader Loading...
EAD Logo Taking too long?
Reload Reload document
| Open Open in new tab

تحميل [503.91 KB]

مقدمة:

تأتي الانتخابات التشريعية في اليونان في مقدمة الأحداث الهامة التي استقبل بها العالم عام 2015، لما حملته هذه الانتخابات من فوز لقوى اليسار في اليونان وما طرحته من تساؤلات حول مستقبل اليونان في ظل التحديات الاقتصادية وحول أزمة الديمقراطية التمثيلية، بالإضافة إلى مستقبل العلاقات مع الاتحاد الأوروبي بعد الأزمات المتعددة منذ بداية اجراءات التقشف، وعلى هذا ستحاول هذه الورقة التعرف على التحديات المستقبلية التي ستواجه كلا من البرلمان والحكومة الجديدين داخليا وخارجيا من خلال قراءة نتائج الانتخابات الأخيرة.

المشهد العام في اليونان قبيل إجراء الانتخابات:

في ظل استمرار حالة عدم الاستقرار والأزمة الاقتصادية، والتي ترجع بدايتها إلى عام 2010 حيث بدأ فرض سلسلة من تدابير التقشف على المجتمع اليوناني من قبل ما يسمى بالترويكا (اللجنة الثلاثية تحت قيادة المفوضية الأوروبية وبمشاركة من البنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي) وذلك كشرط للحصول على قروض جديدة. وردا على هذه الاجراءات، دخلت اليونان في سلسلة من الاحتجاجات الهائلة والتي رغم استمرارها تجاهلتها الحكومة وعمدت إلى فرض الإجراءات التقشفية ثم المزيد منها بعد المداولات الأوروبية الأمر الذي أثار غضب اليونانيين ليخرجوا بالملايين إلى الشوارع مرة تلو الأخرى، ورغم ذلك لم تتراجع الحكومة واستمرت في فرض سياسات وإجراءات التقشف، وهذا النمط من الاستجابات السلبية للسلطة قد تكرر منذ أبريل 2010 إلى يناير2011، وذلك حيث وقعت خمسة إضرابات عامة في هذه الفترة، فضلا عن الصراعات الكبرى في محال العمل. ومع ذلك، استمر نهج الحكومة في تجاهل إرادة الشعب مع استمرار قمع الشرطة.

وعلى الرغم من هذا فمع إجراء الانتخابات البرلمانية في يونيه 2012 والتي فاز فبها تحالف اليسار الراديكالي (SYRIZA) بالمركز الثاني –وهو التحالف الذي يرفض مذكرة التقشف- بنسبة 26.9% من الأصوات بعد الحزب المحافظ (الديمقراطية الجديدة) الذي فاز بنسبة 29.7% من الأصوات. لم يكن صعود تحالف اليسار الراديكالي ولا الأغلبية الضئيلة التي سمحت بتشكيل حكومة موالية للتقشف كافية لإعادة تأهيل السياسة الانتخابية، أو وضع أسس جديدة للثقة في الديمقراطية البرلمانية. وذلك إذ أن الانتخابات قد صاحبها نوعا من الاستقطاب على أساس اقتصادي وأن معظم الناس الذين صوتوا لصالح الأحزاب الموالية للتقشف كانوا فوق الأربعين عاما، وجاء تصويتهم ردا على حملة التخويف التي أثارها السياسيون ووسائل الإعلام قبيل الانتخابات بدعوى أنهم سوف يخسرون معاشاتهم التقاعدية، ومدخراتهم وممتلكاتهم إذا لم يقوموا بانتخاب حكومة موالية لقرارات اللجنة الثلاثية. وفى السياق ذاته اتجه الشباب في تصويتهم إلى النقيض فاختاروا تحالف اليسار الراديكالي على اعتبار أنهم لم يعد لديهم ما يخسروه، وأملا في وجود فرصة للطعن في الشروط المفروضة من قبل الترويكا[1] إلا أن الوضع بلغ ذروته في عام 2014. فمع فشل البرلمان للمرة الثالثة في انتخاب رئيس جديد للبلاد، وإخفاق مرشح الحزب الحاكم في الانتخابات الرئاسية اليونانية -المفوض الأوروبي السابق- ستافروس ديماس “73 عاما” في الحصول على تأييد كاف من البرلمان وعدم تمكنه من الحصول على الأغلبية المطلوبة في البرلمان خلال الجولة الثالثة من التصويت بات الأمر أكثر تعقيدا. وذلك إذ يتعين حصول المرشح على أغلبية الأصوات المنصوص عليها في الدستور بواقع 180 صوتا ليصبح رئيسا للبلاد، في حين حصل ديماس على 168 صوتا من أصل 300، وامتنع عن التصويت 132 نائبا وفى هذه الحالة ينص القانون اليوناني على ضرورة الدعوة لانتخابات برلمانية، وعلى هذا فقد أعلن رئيس الوزراء اليوناني أنطونيوس ساماراس أنه سيتم إجراء انتخابات عامة مبكرة في البلاد يوم 25 يناير2015، لأن هذا الوضع من شأنه أن يؤثر على الانتعاش الاقتصادي للبلاد وأن يعطل برنامجا دوليا للإنقاذ المالي.[2]

وعلى هذا فقد تم إجراء الانتخابات في ظل الأزمة الاقتصادية وأزمة الشرعية التي عانت منها الحكومة السابقة من بعد الانتخابات في 2012، والتي من خلال قراءة لنتائجها نستطيع تبيان مدى الشعبية التي نجح تحالف اليسار الراديكالي في اكتسابها بعد سنوات من العمل في صفوف المعارضة لإجراءات التقشف التي وافقت عليها الحكومة وقامت بتطبيقها بالرغم من أنف الجميع.

خريطة الأحزاب السياسية المتنافسة في الانتخابات:

تنافس في هذه الانتخابات التشريعية عددا من الأحزاب السياسية والتي تمثل مختلف التيارات، ولكن بالأساس كانت المنافسة القوية بين تحالف سيريزا اليساري المعارض لسياسات التقشف، ويتزعمه النائب أليكسيس تسيبراس، وفي مقابله حزب الديمقراطيين الجدد الذي يتزعمه رئيس الوزراء المحافظ أنطونيوس ساماراس. وذهب حوالي 9.8 ملايين ناخب يوناني للاقتراع من أجل انتخاب 300 نائب وسط مراقبة إعلامية من 876 صحافيا بينهم 497 أجنبيا جاءوا من 45 بلدا.[3]

  • حزب سيريزا: هو “التحالف اليساري الراديكالي”، تشكل في عام 2004، يتزعم الحزب أليكسيس تسيبراس، نشأ من الجناح الشبابي للحزب الشيوعي اليوناني، واشتهر أليكسيس مع بروزه كمرشح لعمدة أثينا في عام 2006. بدأ التعرف على حزب سيريزا بعد أعمال الشغب في اليونان في عام 2008، ونجح الحزب من بعدها في جذب المرشحين. وجاءت وعود تسيبراس حول أهمية وضع حد لتدابير التقشف وزيادة الإنفاق العام، وتمحورت سياسات الحزب المقترحة في عدة نقاط رئيسة ظهرت في برنامجه الانتخابي من أبرزها: مراجعة الدين العام، وإعادة التفاوض على الفوائد المستحقة، وتعليق المدفوعات حتى إحياء الاقتصاد والنمو والتوظيف العودة، وطلب تغيير دور البنك المركزي الأوروبي بحيث يمول الدول وبرامج الاستثمار، ورفع ضريبة الدخل إلى 75٪ لجميع مستويات الدخل أكثر من 500 ألف يورو، وتغيير قوانين الانتخابات للنظام النسبي، وزيادة الضرائب على الشركات الكبرى إلى أعلى من المتوسط ​​الأوروبي. ولم تغفل تلك السياسات الجانب الاجتماعي ومن أكدت على ضرورة: رفع الحد الأدنى للأجور إلى مستوى 750 يورو شهريا، وفتح قاعات الطعام في المدارس العامة لتقديم وجبتي إفطار وغداء مجانية للأطفال، وتوفير تأمين صحي للعاطلين عن العمل ومن بلا مأوى وذوي الدخل المنخفض، وتقديم إعانة تصل إلى 30٪ من دفع أقساط الرهن العقاري للأسر الفقيرة الذين لا يستطيعون تلبية المدفوعات، وزيادة الإعانات للعاطلين عن العمل، وزيادة الحماية الاجتماعية للأسر التي يكون أحد الوالدين فيها مسنا أو معاقا، والأسر التي لا دخل لها، تخفيض ضرائب السلع الضرورة الأولية، منع الشرطة من ارتداء أقنعة أو استخدام الأسلحة النارية أثناء المظاهرات.[4]
  • حزب الديمقراطية الجديدة: وهو الحزب الذي يتزعمه رئيس الوزراء المنتهية ولايته أنطونيوس ساماراس ثاني أهم حزب في هذه الانتخابات، كان ينظر إليه باعتباره المنافس الرئيسي لحزب سيريزا، وفي عهد ساماراس زادت الأزمة المالية في اليونان حيث تم الدفع باتجاه العديد من التدابير التقشفية على الرغم من المعارضة العامة لخفض الانفاق.
  • حزب اليونانيين المستقلين: وهو حزب يميني، انشق عن حزب الديمقراطية الجديدة في عام 2012 ويقوده بانوس كامينوس، ويشترك مع حزب سيريزا في بعض الأفكار على الرغم من اختلاف الأيديولوجية السياسية وأهم هذه الأفكار الموقف المناهض للتقشف وأدي ذلك إلى عمل ائتلاف مع الحزب بعد انتخابات ديسمبر عام 2015.
  • حزب الفجر الذهبي: وهو الحزب الذي اكتسب دعما كبيرا خلال الأزمة الاقتصادية، وعُرف الحزب بمعاداته للمهاجرين، وعلى الرغم من أن بعض قيادات الحزب تم احتجازها على أثر مقتل موسيقي مناهض للعنصرية في عام 2013، وأيضا تم اتهام عدد من أعضائه بالهجوم على عدد الأجانب والمعارضين السياسيين، إلا أن الحزب حقق نتائج في انتخابات يناير 2015، وفاز بالمركز الثالث وحصل على 17 مقعدا.
  • حزب الحركة الاشتراكية اليونانية: وهو الشريك الثاني في الائتلاف المنتهية ولايته، حزب يساري وسطي، قاد اليونان بعد الحرب العالمية الثانية، وحتى في ذروة أزمة منطقة اليورو. ولكن بسبب الغضب اليوناني على سياسات التقشف اضطر جورج باباندريو للاستقالة من منصب رئيس الوزراء في نوفمبر 2011 في خضم أزمة الديون الحكومية، واستقال من منصبه في وقت لاحق كزعيم للحزب. وقبل أسابيع من الانتخابات أعلن رئيس الوزراء السابق جورج باباندريو تشكيل حركة الاشتراكين الديمقراطيين لخوض الانتخابات بشكل منفصل عن حزبه السابق.[5]

من هنا يتضح بشكل ما أن معظم الأحزاب التي خاضت الانتخابات كان لديها رؤى متباينة حول القضايا الأساسية منها قضية الخروج أم البقاء في الاتحاد الأوروبي، قضية المهاجرين، قضية العلاقة بين الكنيسة والدولة، ولكن على الرغم من هذا نجد أن الأزمة الاقتصادية مثلت الأولوية القصوى للأحزاب وكانت بشكل أساسي هي المحرك الرئيسي للتباين بين الأحزاب في الانتخابات خاصة في ظل الاحتجاجات الشعبية التي اجتاحت اليونان.

نتائج الانتخابات وتشكيل الائتلاف الحكومي:

فاز حزب “سيريزا” اليساري الراديكالي المناهض لسياسة التقشف بالانتخابات البرلمانية اليونانية. وأشارت إحصاءات وزارة الداخلية -بعد فتح 99.8% من صناديق الاقتراع- إلى حصول حزب “سيريزا” على 36.34% من الأصوات، ليفوز بـ149 مقعد من مقاعد البرلمان في الانتخابات التشريعية المبكرة، والتي أجريت في يناير 2015.[6]

فاز حزب الديمقراطية الجديدة حزب رئيس الوزراء أنطونيوس ساماراس بالمركز الثاني بنسبة 27.81% وحصل على 76 مقعدا، وحاز حزبي الفجر الذهبي (اليمين المتطرف) والنهر على المركز الثالث والرابع بـ17 مقعدا  لكل منهما، والحزب الشيوعي في المركز الخامس محققا 15 مقعدا، وحزب اليونانيين المستقلين فاز بالمركز السادس وحصل على 13 مقعدا.[7]

وقد أدى زعيم الحزب أليكسيس تسيبراس اليمين ليكون أصغر رئيس للوزراء سنا في اليونان منذ 150 عاما. ووفق النتائج التي تم الإعلان عنها، فإنه لا يمكن لأي من الأحزاب الفائزة بمقاعد في البرلمان تشكيل الحكومة، لعدم استحواذ أي منها على أكثر من نصف مقاعد البرلمان (151 مقعدا على الأقل). وللعمل على حل هذه الإشكالية، أجرى زعيم الحزب مفاوضات مع أحزاب أخرى لتشكيل حكومة ائتلافية، وبالفعل بدأ الاتصال بين حزب سيريزا وحزب اليونانيين المستقلين الذي حاز على 13 مقعد ليكونا أغلبية وهي عدد 162 مقعدا، وكان الزعيم اليساري تسيبراس قد قال فور إعلان فوزه أن “الشعب اليوناني كتب التاريخ” وأنه “يترك التقشف وراءه”. وذكر تسيبراس، أمام الآلاف من أنصاره الذين تجمعوا في باحة جامعة أثينا، أن حكم الشعب اليوناني يعني نهاية الترويكا.[8] ومن جانبه صرح زعيم حزب اليونانيين المستقلين بانوس كامينوس بأن أعضاء حزبه سوف يمنحون الثقة لحكومة تسيبراس. ولذلك وفقا للقانون تم إسناد تشكيل الحكومة لزعيم حزب اليسار سيريزا بطريقة مباشرة من قبل رئيس الجمهورية كارلوس بابولياس.[9]

التحديات الأساسية التي تواجه الحكومة الائتلافية:

كما سبق وأشرنا أن هناك عدد من القضايا والتحديات المطروحة على الساحة اليونانية ولكن تظل الأزمة الاقتصادية وما يتعلق بها من قضايا كالديون اليونانية والعلاقة مع الاتحاد الاوروبي هي التحدي الأكبر الذي يواجه الائتلاف، خاصة وأن نجاح الحزب في الحصول على المركز الأول في الانتخابات كان مرهونا بموقفه من تدابير وإجراءات التقشف التي فرضتها الحكومة واحتج عليها الشعب اليوناني بشكل أساسي، ومرهونا أيضا بمواقفه من الاتحاد الأوروبي والمؤسسات المالية الدولية ورفضه لشروطها المجحفة.

يعاني اليونانيون اقتصاديا منذ اندلاع الأزمة الاقتصادية في 2007 وبينما يدرك حزب سيريزا صعوبة الأمر لذا وصف وزير المالية في الحكومة الجديدة يانيس فاروفاكيس مهمة “الحزب” بأنها مثل “كأس السم”، وعلى الحزب تجرعها، ووصف بلاده بأنها مستعمرة اقتصادية.[10] وفي هذا السياق فهناك أزمة ملحة وهي المتعلقة بالديون وما يترتب عليها من تطور في العلاقة بين اليونان والاتحاد الاوروبي.

  • قضية الديون اليونانية:

اعتبر بعض المحللين السياسيين أن ضرورة تخفيض الديون الضخمة لليونان البالغة 177.7% من إجمالي الناتج المحلي ستطرح نفسها في الأشهر المقبلة أيا كان الفائز في الانتخابات التشريعية، متوقعين صعوبات جديدة بالنسبة للأوروبيين. ورأى المختصون أنه من الممكن جعل الديون اليونانية حوالي 160% من إجمالي الناتج المحلي، وهو مستوى قد يبقى مرتفعا بشكل خطير ولن يكون ممكنا بلوغه قبل عقود.[11] خاصة مع استمرار مخاوف الدائنين والمستثمرين في نجاح حزم الانقاذ الأوروبية ثم حزم التقشف المتتالية في تعافى الاقتصاد اليوناني، وخاصة مع استمرار تخفيض التصنيف الائتماني وضعف الثقة في السندات الحكومية اليونانية[12]. وتجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن أزمة الديون هي السبب الرئيسي في حالة عدم الاستقرار في الداخل اليوناني لما ترتب على تفاقمها من اجراءات التقشف التي فرضت على المجتمع اليوناني، وتزايد معدلات البطالة وخسارة الوظائف والتي وصلت إلى حد غير مسبوق حيث بلغت في ديسمبر 2014 حوالي 26% في حين أن متوسط معدل البطالة في منطقة اليورو لا يتجاوز 12%[13]، مما أدى لتزايد الاحتجاجات الشعبية وزيادة الضغوط الداخلية والخارجية في الوقت نفسه كما سبق وأشرنا للوضع قبيل الانتخابات الأخيرة.

  • العلاقة مع الاتحاد الأوروبي:

ارتفعت المخاوف بين المستثمرين والقادة في الاتحاد الأوروبي قبل الانتخابات البرلمانية من أن فوز حزب سيريزا يمكن أن يؤدي إلى خروج اليونان من منطقة اليورو.[14] وجاء هذا بعد أن وعد زعيم حزب “سيريزا”، أليكسيس تسيبراس الفائز بالانتخابات، بإعادة النظر في العلاقات مع دول الاتحاد، والعمل على إلغاء نصف ديون اليونان، وتمديد فترة تسديد النصف الآخر، والخروج من الاتحاد الأوروبي، وتعهد بأنه في حالة رفض الاتحاد الأوروبي لهذه المطالب، فسيدرس مسألة الخروج من منطقة اليورو.[15]

في السياق نفسه، حذر فولفجانج شويبله وزير المالية الألماني مرارا من أنه يتعين على اليونان احترام تعهداتها، وأكد ألكسندر ستاب رئيس الوزراء الفنلندي أنه سيقاوم بشكل حازم أي محاولة لشطب قسم من الديون اليونانية. وعلى الرغم من أن أي قرار بشطب قسم من الديون غير وارد في الوقت الراهن، إلا أن كثيرا من المختصين الاقتصاديين يدعون إلى ترتيب ما على الأقل، لأن الديون مرتفعة جدا إلى حد أنه لن يكون في وسع الحكومة المقبلة مواصلة التسديد. ومن جهتها، ذكرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي يتهمها العديد من اليونانيين بأنها السبب وراء إجراءات التقشف المؤلمة وسنوات الركود في بلادهم، أنها ستبدأ حوارا جادا مع أي حزب سيفوز بالانتخابات، وأضافت ميركل في قمة إيطالية-ألمانية في فلورنسا أن “الشعب اليوناني سيصوت بحرية واستقلالية”، مضيفة أنه “من المتوقع أن تستمر اليونان في تقديم تضحيات في مقابل الدعم الأوروبي”، مشيرة إلى أن هذين الوجهين لعملة واحدة هو أمر سيتم تطبيقه أيضا في المستقبل، وأنا واثقة بأننا سنجد حلولا”.[16]

واستبعدت المستشارة أنجيلا ميركل في مقابلة مع صحيفة “هامبورج ابندبلات” نُشرت في 31 يناير الماضي، أي “شطب جديد” لديون اليونان. وأظهر استطلاع نشرته قناة “زي دي أف” الألمانية العامة، أن 76% من الألمان يعارضون أي خفض لديون اليونان. إذ تمثل قضية شطب الدين مسألة بالغة الحساسية لبرلين، ولمجمل حكومات اليورو التي تملك 60% من ديون اليونان المقدرة بنحو 319 مليار يورو. ويملك صندوق النقد الدولي والمصرف المركزي الأوروبي 16% من هذه الديون، ويؤكدان أنه من المستحيل من الناحية القانونية أن يتم إلغاء أي جزء من حصتيهما.[17] وأكدت إنها تتوقع من حكومة اليونان الجديدة الوفاء بالتزاماتها على مستوى الإصلاحات الاقتصادية. كما وجهت لندن المطالب ذاتها إلى أثينا.[18]

وعلى هذا فيتوقع بعض المحللين أن فوز حزب سيريزا في الانتخابات يضع الاتحاد الأوروبي أمام خيارين وهما:

  • أولا: اتفاقية مالية جديدة تنهي التقشف وتخفف من ثقل الديون على اليونان.
  • ثانيا: أزمة عميقة ستضرب أسس الاتحاد الأوروبي في حال انسحاب اليونان من العملة الموحدة (اليورو).

ويتسع حجم الخلاف، مع شروع الحكومة اليونانية الجديدة عمليا في إلغاء برنامج الإنقاذ، وقرار مجلس الوزراء اليوناني في 28 يناير 2015، بإلغاء خطط خصخصة ميناء بيرايوس، وشركة “هيلينك للنفط”. ويفترض أن تحصل اليونان على 7.2 مليار يورو (8.1 بليون دولار) من “ترويكا” الدائنين، في حال أكملت الإصلاحات التي اشترطها الدائنون. لكن وزير المالية فاروفاكيس شدد في مقابلة مع صحيفة (نيويورك تايمز) في 29 يناير الماضي على أن الحكومة “لا تريد قروضا رغم التحذيرات من احتمال حصول نقص في الأموال. بل تريد الجلوس وإعادة التفكير في البرنامج بأكمله”. في المقابل ترفض دول الاتحاد الأوروبي وعلى رأسها ألمانيا التفاوض على بنود برنامج الإنقاذ. وتقول إن البرنامج سينجح ويجب أن يعطى الوقت الكافي، وأن حكومة تسيبراس ملزمة بتطبيق برنامج الإنقاذ، لأنها مثلها مثل أية حكومة في الاتحاد الأوروبي يجب عليها تطبيق العهود والمواثيق التي وقعتها سابقتها”.[19]

من الملاحظ أن التحديات التي تواجه الحكومة والبرلمان الحاليين ليست فقط متعلقة بالداخل اليوناني من حيث استجابتهم لمطالب الاحتجاجات بإلغاء اجراءات التقشف والتي تم انتخابهم بشكل أساسي للأسباب المرتبطة بالرؤية الاقتصادية والاجتماعية المغايرة للحكومة السابقة التي تبنت تنفيذ برنامج الترويكا وعلى أثر هذا واجهت الاحتجاجات بالقمع. ترتبط التحديات أيضا بمدى اعتراف المجتمع الدولي الأوروبي بمشروعية هذه الحكومة والبرلمان وإيجاد صيغة للتفاوض بينهم حول برنامج الإنقاذ الذي فرضه الاتحاد الأوروبي وهو تحدى في غاية الصعوبة ويتطلب حنكة شديدة في التفاوض مع الاتحاد الأوروبي ويبدو أن التلويح باستخدام كارت عدم الانسحاب من الاتحاد هو الكارت الرابح من وجهة نظر قادة حزب “سيريزا”.

الإجراءات المُتبعة من الحكومة الجديدة لمواجهة التحديات:

فور انتخاب سيريزا، أعلن رئيس الوزراء اليوناني الجديد أليكسيس تسيبراس عن تشكيل حكومته الائتلافية وجاء اختيار كل من يانيس فاروفاكيس وزيرا للمالية وبانوس كامينوس وزيرا للدفاع ليعكس رؤية الحكومة للأزمة التي تعيشها اليونان، إذ يعد فاروفاكيس من أبرز المناهضين لإجراءات التقشف المالية ولشروط حزمة الانقاذ المالية ومن ثم يُتوقع أن يواجه مهمة صعبة خلال المحادثات المقبلة مع الاتحاد الاوروبي حول ديون بلاده. وبالمثل كامينوس وهو عضو في حزب “اليونانيين المستقلين”، ولقد انضم الى التحالف مع سيريزا بعد فشل الحزب اليساري في الحصول على أغلبية في البرلمان في الانتخابات.[20]

ومن أهم الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الجديدة، توقيع اليونان ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية -التي تبذل كل ما في وسعها لمساعدة اليونان ويمكن لليونان أن تعول عليها كما جاء على لسان أمينها العام أنجيل كوريا- اتفاقا يهدف إلى مساعدة أثينا في تنفيذ سلسلة إصلاحات ضرورية لإقناع شركائها في الاتحاد الاوروبي بإعادة التفاوض على حزمة المساعدات المالية البالغ قيمتها 240 مليار يورو (254 مليار دولار). وفى السياق ذاته، وفى الوقت الذي قال فيه رئيس الوزراء اليوناني إن اليونان يمكنها الوفاء بالتزاماتها المالية حتى إذا لم تحصل على شريحة جديدة من حزمة الدعم المالي الدولي المجمدة، وأوقف الدائنون الدوليون صرف المزيد من أموال الدعم المالي لليونان انتظارا لمراجعة لبرنامج الحكومة الجديدة للإصلاح.[21]

وكذلك حصلت أثينا على موافقة منطقة اليورو على تمديد برنامج المساعدات الخاص بها لمدة أربعة أشهر حتى نهاية يونيه 2015، وفى مقابل ذلك التمديد يقدم تسيبراس التزامات في مجال الإصلاحات محاولا قدر الإمكان عدم التنكر لوعوده الانتخابية في مجال التقشف. خاصة وأن الاستحقاقات المالية التي تواجه أثينا خلال الفترة القليلة المقبلة والتي تبدو ملحة إذا ما أُخذ في الاعتبار قرارات البنك المركزي الأوروبي والذي يحرم اليونان من برنامج التيسير الكمي للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. وإن كان الدائنون ينتظرون بشغف إمكانية التنفيذ الفعلي لبرنامج الإصلاحات الطموح الذي قدمته الحكومة اليونانية للمؤسسات الدولية الدائنة، والذى يتضمن شقا مهما حول مكافحة الاختلاس والتهرب الضريبي والفساد وإصلاح المؤسسات الحكومية، وهى مجالات تجنبت الحكومات السابقة الخوض فيها.

ويقول المراقبون، إن إصلاحات تسيبراس وإن كانت تتضمن شقا رئيسا حول الإجراءات الاجتماعية ومواجهة الأزمة الإنسانية، فإنها تشكل تراجعا عن الكثير من وعوده الانتخابية مثل الحد الأدنى للأجور الذى لم يحدد أي موعد لإقراره كما لم تحدد قيمته، وكان أليكسيس تسيبراس قد خاض الانتخابات حاملا شعار وقف برنامج التقشف والتحرر من سيطرة الدائنين الدوليين الذين يطالبون بإصلاحات مؤلمة مقابل المساعدات بقيمة 240 مليارا التي قدموها منذ عام 2010، ومع أنه لا يزال يتمتع بشعبية كبيرة فإن بعض الأصوات اليسارية بدأت ترتفع منددة بتراجعه عن وعوده وإن كان من المبكر جدا الحكم على درجة التزامه ببرنامجه أو حتى شعبيته.

وفى الإطار نفسه، طالب رئيس الوزراء اليوناني أليكسيس تسيبراس البنك المركزي الأوروبي، الذي اعتبر أنه لا يزال في يديه حبل حول عنق بلاده، بزيادة السقف البالغ حاليا 15 مليار يورو، حتى يتمكن من إصدار سندات سيادية على المدى القصير. وشرح تسيبراس وجهة نظره تجاه ما يحدث من سياسات سلبية للبنك المركزي الأوروبي تجاه اليورو وطالب بالتوصل إلى حل سياسي على مستوى القادة. لأن هذا الحل لا يمكن أن يتخذه الخبراء والتقنيون الممثلون لأثينا والدائنين، وإن استبعد رئيس الوزراء اليوناني خروج اليونان من اليورو. لذا تعول الحكومة اليونانية كثيرا على اجتماع مجموعة اليورو المقبل، حيث يعتبر اجتماعا حاسما، ويناقش قائمة الإصلاحات اليونانية والتي تشمل سبعة بنود مهمة، تم إرسالها إلى رئيس مجموعة اليورو لمناقشتها مع المؤسسات الدائنة الثلاث قبل عرضها في الاجتماع الحاسم والذي من خلاله يتم إقرار استمرار مساعدة أثينا من عدمه.

ووفقا للبيان الصادر من مقر رئاسة الوزراء اليونانية فإن الإصلاحات السبعة هي: الأول، تأسيس وتفعيل عمل مجلس مالي بهدف تحقيق الادخار وتوسيع مهامه، والغرض من هذا المجلس والذي يأتي بمثابة مرصد مستقل، هو المساعدة في القضاء على اتجاه محتمل للعجز الأولي في الميزانية. الإصلاح الثاني، ضبط الموازنة العامة، وإعداد أفضل للميزانية وإصلاح القانون الأساسي لتحسين إدارة المالية العامة. الإصلاح الثالث، تشكيل هيئة الرقابة الضريبية للحد من التهرب الضريبي، وتقترح الحكومة إنشاء هيئة يعمل بها غير المتخصصين وذلك بعد إعدادهم لفترة وجيزة. أما الإصلاح الرابع فيشمل تعديل القوانين التي تنظم المتأخرات المالية على المواطنين. والإصلاح الخامس هو زيادة الإيرادات العامة من خلال خدمات الألعاب عبر الإنترنت وتنظيم إطار خاص للترخيص. والإصلاح السادس، تفعيل برنامج لمكافحة البيروقراطية الحكومية وتحسين مناخ الأعمال. أما الإصلاح السابع والأخير فيرمى إلى سن القوانين والتشريعات لاعتماد اتخاذ تدابير فورية لمعالجة الأزمة الإنسانية، وبالفعل قدمت الحكومة اليونانية مشروع قانون يتضمن تدابير فورية لتخفيف حدة الفقر المدقع.

وتؤكد كل المصادر أنه بالرغم من توقيع الاتفاق في الاجتماع الأخير لوزراء مالية اليورو، فإن اليونان ما زالت مهددة بالخروج من منطقة اليورو، وذلك لما بلغه اقتصادها من عجز عن سداد التزامها، وهو ما يؤدى في النهاية إلى إعلان إفلاسها إذا استمر الأمر على ما هو عليه، وتدرك دول اليورو خطورة وضع اليونان الاقتصادي هذا، لا سيّما بعد أن فشلت حزم الإنقاذ الأولى والثانية التي قدمت لليونان والتي لم تسعف أثينا في تمكينها من سداد ديونها في المدة المطلوبة. كما منحت أثينا بعد ذلك حزمة أخرى من القروض بقيمة 110 مليارات يورو أخري، وفرض الدائنون على اليونان شروطا اقتصادية قاسية جديدة، مثل رفع الضرائب على القيمة المضافة والسيارات المستوردة والمحروقات وخفض رواتب القطاع العام وتسريح موظفي الدولة وغيرها من الإجراءات. ولكن ومع كل هذه الإجراءات، لم تنجح اليونان في تخفيض مديونيتها التي بلغت 320 مليار يورو أي ما يعادل 170% من صافي الناتج المحلى لها، ولم تستطع تقليل عجز الموازنة إلى النسبة المطلوبة داخل منطقة اليورو وهي 3% بل بقيت بحدود 12.7%، وهي نسبة عالية جدا وخطيرة.[22]

هل تنجح الحكومة الجديدة في الخروج باليونان من عثرتها؟

يتوقف مستقبل نجاح الحكومة الحالية والبرلمان على مواجهة التحديات المذكورة، النقطة الأولى هي مدى استجابة هذه الحكومة لمطالب الاحتجاجات في اليونان التي اندلعت على أثر تدابير وإجراءات التقشف كما تم الإشارة لها سابقا، وأيضا متعلقة بمدى نجاح الائتلاف الحالي في الاستمرار والحفاظ على تماسكه وفى ألا يتكرر سيناريو 2012 مرة أخرى إذا لم يقم حزب سيريزا بتنفيذ برنامجه المتعلق بإلغاء اجراءات التقشف والبدء في اتخاذ اجراءات لحل الأزمة الاقتصادية، والنقطة الأخرى هي مدى نجاح الحكومة في التوصل لصيغة من التفاوض مع الاتحاد الأوروبي واللجنة الثلاثية لخفض الديون المفروضة على اليونان والمفوضية الأوروبية، وخاصة بعد أن ضرب البرلمان اليوناني بالتحذيرات الأوروبية عرض الحائط في 18 مارس 2015 وذلك بإقراره قانون يهدف إلى تخفيف المعاناة الإنسانية الناتجة عن الأزمة الاقتصادية ويعد هذا القانون -وكما أشار رئيس الوزراء تسيبراس- الأول الذى لم تفرضه منطقة اليورو على اليونان منذ خمس سنوات، ويسمح هذا القانون بتوزيع أطعمة مجانية على الفقراء وإعفاءهم من دفع فواتير الكهرباء في خطوة هي الأجرأ من وجهة نظر المحللين[23]. خاصة أن إقرار هذا القانون جاء في توقيت عقد قمة بروكسل مما أشعل الموقف وزاد من خطر احتمالية خروج اليونان من منطقة اليورو، خاصة مع نتائج تلك القمة وإمهال اليونان أيام فقط لتقديم خطتها بشأن الإصلاحات التي بناء عليها سيتم المضي في برنامج الإنقاذ[24]. فهل في تلك المهلة القصيرة جدا يمكن لليونان أن تقدم من الإصلاحات ما يقنع دول منطقة اليورو بتقديم المزيد من القروض؟ سؤال ستجيب عنه الأيام القليلة المقبلة.

وبشكل عام، لم يأت النجاح الذي حققه سيريزا من فراغ، إذا أنه اعتمد في برنامجه الانتخابي بالأساس كما تمت الإشارة، على أن التقشف الذي تعيشه اليونان من سنوات لا جدوى له إلا فيما يخص تسديد فوائد ديون الاتحاد الأوروبي وإعادة رسملة البنوك، لذا كانت أبرز مطالب الحزب من الدائنين إعادة هيكلة الديون على غرار ما حدث في أزمة ألمانيا عام 1953، حيث تمتعت الأخيرة بآجال طويلة لسداد قروضها وصلت إلى 30 عاما. وبشكل عام يمكن للمتابع لما يحدث في اليونان أن النصر الذى حققه الحزب لن يخل من المخاطر الذى تحوم حوله ولا سيما على مستوى الاتحاد الأوروبي، فوفقا لما نقلته صحيفة التليجراف البريطانية، فهناك عدة مخاطر على المستوى الأوروبي، يأتي على رأسها المخاطر السياسية والمتمثلة بالأساس في إن نجاح سيريزا يعد محفزا كبيرا للأحزاب اليسارية الراديكالية الأخرى في أوروبا الرافضة للاتحاد ويشكل كتلة من اليسار في جنوب أوروبا، خاصة بعد تمكنها من جذب الناخبين في الانتخابات الأوروبية الأخيرة عام 2014، وحصولها على 20٪ من الأصوات في إيرلندا و17٪ في البرتغال، و11٪ في السويد، وحوالى 10٪ في هولندا، و9٪ في ألمانيا وفنلندا، و8٪ في الدنمارك، حسب تقرير لصحيفة لإكسبراس الفرنسية.

في السياق نفسه، يرتبط صعود اليسار لدى الكثير بتغيير شكل المنطقة وخلق توازنات قوى جديدة كنقطة إيجابية وبالتالي طرح سياسات مختلفة تجاه قضايا بعينها كانت بشكل ما تعتبر محسومة سابقا، على سبيل المثال موقف الاعتراف بدولة فلسطين، أيضا الموقف من الاتحاد الأوروبي بشكل عام.

أما على المستوى الاقتصادي، والذي يعد الجانب الأهم، فيضع فوز سيريزا منطقة اليورو برمتها في مهب طريق محفوف بالمخاطر، ما قد يدفع الاتحاد الأوروبي إلى الاختيار بين سياستين، وهما إما المواجهة مع سيريزا أو تقديم تنازلات يصعب على بعض الدول مثل ألمانيا القبول بها وإن أقر البرلمان الألماني بأغلبية أعضائه في فبراير تمديد المساعدات لليونان لأربعة أشهر.[25] وعلى هذا فيبقى السيناريو الأكثر كارثية لمستقبل الاتحاد الأوروبي، حسب تقرير لصحيفة التليجراف البريطانية، هو وقوع صدام عنيف متوقع بين الحكومة اليونانية الجديدة والاتحاد الأوروبي بشأن خطط التقشف والإنقاذ المالي، كونه يهدد بانسحاب اليونان من الاتحاد الأوروبي والتملص من ديونها ما قد يهدد بتفكيك الاتحاد الأوروبي بشكل كامل، خاصة إذا ما صعد اليسار الراديكالي في دول أوروبية أخرى وسار على نفس الدرب.[26] وعلى صعيد أخر، يعتبر البعض صعود اليسار إيجابيا إذا يمكنهم خلق تكتل لمواجهة السياسات التي تتبناها المؤسسات الدولية الاقتصادية مثل اجراءات التقشف والتي تؤدي لتفاقم الأزمات الاقتصادية ويأتي موقف حزب بوديموس الإسباني اليساري –والذي نشأ في أعقاب الشهر الأول من عام 2014 ويعني بالعربية: “قادرون” لينال بعد خمسة أشهر فقط 8% من استطلاعات الرأي الإسبانية وخمس مقاعد في البرلمان الأوروبي- من تضامنه وتأييده لحزب سيريزا وفوزه في الانتخابات اليونانية ليدلل على وجهة النظر تلك. بل والأكثر من هذا فيما اعتبره البعض من أن بوديموس الإسباني يسير “على خطى سيريزا اليوناني” منذ نشأته بعد الاحتجاجات الشعبية التي اجتاحت إسبانيا ثم في رفضه لسياسات التقشف وتخفيض النفقات التي تنتهجها حكومة حزب الشعب في إسبانيا فوعوده بإجراء تغييرات جذرية في المشهد السياسي الإسباني بل والأوروبي كذلك إذ ما فاز في الانتخابات الإسبانية العامة القادمة في ديسمبر 2015 وهو ما يرجحه المحللون واستطلاعات الرأي حول الحزب.[27]

وفيما يتعلق بالداخل اليوناني، فإذ لم ينجح سيريزا في الوفاء بعهوده، فمن الممكن أن تندلع الاحتجاجات مرة أخرى. ومن ثم تأتى المخاطر الداخلية والخارجية على حد سواء من الخطورة فقد تطيح أي منهما أو كلاهما معا بمستقبل الائتلاف وحزب سيريزا بشكل خاص كما قد تطيح بآمال اليونانيين في نجاح الحكومة الجديدة في إنقاذ اليونان.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] Dario Azzellini and Marina Sitrin, They Can’t Represent Us! Reinventing Democracy from Greece to Occupy, 2014, Verso.

[2] انتخابات مبكرة باليونان عقب الفشل بانتخاب الرئيس، الجزيرة نت، 29 ديسمبر 2014، http://goo.gl/lkDEpM

انتخابات مبكرة في اليونان بعد رفض البرلمان مرشح الحكومة لمنصب الرئيس، رويترز، 29 ديسمبر 2014،  http://goo.gl/hLZzK8

[3] أميرة ماهر، ” الانتخابات البرلمانية اليونانية.. وتغيير مصير منطقة اليورو، أخبار مصر، 5 فبراير 2015، http://goo.gl/f6hU0D

[4] About SYRIZA, the official web site for SYRIZA , http://goo.gl/3EMHwm HYPERLINK “http://goo.gl/3EMHwm”

 Greek elections: Main parties from Syriza to Golden Dawn explained, BBC, Found at: http://is.gd/N9m0QD

[6] حزب سيريزا اليوناني يفاوض لتشكيل ائتلاف حكومي، الجزيرة نت،26 يناير 2015،  http://goo.gl/HAhlf2 HYPERLINK “http://goo.gl/HAhlf2”

 عبد الستار بركات، أول حكومة يسارية ومستقبل جديد لليونان، الأهرام اليومي، 28 يناير 2015، http://is.gd/WpT7NG

[7]اليونان: فوز حزب سيريزا اليساري بالانتخابات التشريعية لكن من دون حصوله على الأغلبية المطلقة، Euro news، 26 يناير 2015، http://goo.gl/kd4lAt

[8] حزب سيريزا اليوناني يفاوض لتشكيل ائتلاف حكومي، الجزيرة نت، مرجع سابق.

[9] David Renton, ” David Renton: On SYRIZA and the Independent Greeks; and compromises and alliances”, links international journal of social renewal, 7/3/2015. http://links.org.au/node/4326

[10] أحمد دياب، يسار جديد.. أبعاد وتداعيات فوز حزب سيريزا اليوناني، مجلة الديمقراطية، 6 فبراير 2015، http://goo.gl/CR6QmT HYPERLINK “http://goo.gl/CR6QmT”

 الانتخابات تثير مخاوف المستثمرين من مستقبل اليونان، العربية نت، 25 يناير 2015، http://goo.gl/DkEssI

[12] بوالكور نور الدين، أزمة الدين السيادي في اليونان: الأسباب والحلول، مجلة الباحث، عدد 2013/13،  http://is.gd/UJOs9Y

[13]  ارتفاع معدل البطالة في اليونان لـ26% في شهر ديسمبر، أخبار البورصة، 5 مارس 2015 http://goo.gl/OJF7r4

[14] ” الانتخابات اليونانية: ساماراس يلقي آخر خطاب قبل الانتخابات العامة”، BBC Arabic، 24 يناير 2015، http://goo.gl/PgkZKy

[15] اليونان في مسار تصادمي مع أوروبا ينذر بتفكك الاتحاد الأوروبي، البديل، 6 فبراير 2015، http://goo.gl/mP9qEJ

[16] “الانتخابات تثير مخاوف المستثمرين من مستقبل اليونان”، العربية نت، 25 يناير 2015، http://goo.gl/DkEssI

[17] المرجع السابق

[18] “حزب سيريزا اليوناني يفاوض لتشكيل ائتلاف حكومي”، الجزيرة نت، 26 يناير 2015، http://goo.gl/DOPlN1

[19] أحمد دياب، ” يسار جديد.. أبعاد وتداعيات فوز حزب سيريزا اليوناني”، مجلة الديمقراطية، 6 فبراير 2015، http://goo.gl/CR6QmT

[20] تسيبراس يعلن تشكيلة الحكومة اليونانية الجديدة،Arabic   BBC، 27 يناير 2015 http://is.gd/Kntmko

[21] اليونان ومنظمة التعاون الاقتصادي توقعان اتفاقا بشان الاصلاحات، رويترز، 12 مارس 2015،  http://is.gd/atZ3sl

[22] عبد الستار بركات، الحكومة اليونانية تسابق الزمن لكسب ثقة الدائنين وإرضاء المواطنين، الأهرام اليومي، 10 مارس 2015،  http://is.gd/T5sYtm

[23] رغما عن أوروبا، اليونان تقر قانونا يهدف لتخفيف معاناة مواطنيها جراء الأزمة الاقتصادية، Arabic BBC، 18 مارس 2015، http://is.gd/BWQSOA

[24]  مصادر: منطقة اليورو تمنح اليونان 5 أيام لتقديم الإصلاحات، أرقام، http://goo.gl/Rk8M46

[25] اليونان: البرلمان الألماني يوافق بالأغلبية على تمديد المساعدة المالية لليونان بأربعة أشرع، ومظاهرة رافضة للتقشف في أثينا، euro news، 27 فبراير 2015، http://is.gd/ZhCwJi

[26] 3 مخاطر يمثلها فوز “سيريزا” في الانتخابات اليونانية، 27 يناير 2015، بوابة الشروق، http://goo.gl/R6952x

[27]  “بوديموس” إسبانيا: طيف “سيريزا” جديد؟، حزب الإرادة الشعبية، 11فبراير 2015  http://is.gd/cd4EeF

-عشرات الآلاف يتظاهرون في مسيرة حزب بوديموس اليساري في إسبانيا،Arabic BBC، 31 يناير 2015  http://is.gd/eVT9Oav

Start typing and press Enter to search