مصر والأزمة العراقية.. مسارات التحرك المستقبلية
محمود بيومي

العراق ,مصر

Loader Loading...
EAD Logo Taking too long?
Reload Reload document
| Open Open in new tab

تحميل [468.52 KB]

تأتي الأزمة العراقية في وقت شديد الحساسية للدولة المصرية بعد انتخاب المشير “عبد الفتاح السيسي” رئيسا للجمهورية، وفي ظل أوضاع إقليمية متفجرة سواء في المشرق حيث الأزمة السورية الممتدة منذ أكثر من ثلاثة أعوام، أو الجوار المباشر حيث تعيش ليبيا في حالة اللادولة التي تسيطر فيها الميلشيات، وعصابات الجريمة، وجماعات الإرهاب. كما أن هذه الأزمة تأتي في سياق تصريحات متكررة أطلقها السيسي قبل وبعد انتخابه عن دور الجيش المصري في حماية الدول العربية والأمن القومي العربي. وتطرح الأزمة العراقية تحديات متعددة المستويات لمصر، لعل منها التوقيت الذي حدثت فيه، وطبيعتها الواسعة والتي ستصل انعكاساتها بعيدا عن الحدود العراقية، وطبيعة الموقف الذي يجب على مصر أن تتخذه، والاعتبارات السياسية والاقتصادية التي ستحكم هذا الموقف. وتتناول هذه الورقة الموقف المصري من الأزمة الراهنة في العراق من خلال ثلاثة أقسام، يتناول الأول منها محددات الموقف المصري من الأزمة العراقية، والثاني طبيعة القوى المتصارعة في وعلى العراق ومآلات الأزمة، والثالث خيارات مصر في التعامل مع الأزمة.

محددات الموقف المصري من الأزمة العراقية:

  1. الاعتبارات السياسية: يتمثل الموقف المصري المبدئي منذ الغزو الأمريكي عام 2003 في الحفاظ على الوحدة الترابية للدولة العراقية، وهو الموقف الذي يعكس السياسة الخارجية المصرية في تأكيدها على رفض التدخل في الشئون الداخلية للدول الأخرى، والتأكيد على الحفاظ على سلامة الدول واستقلال أراضيها، ورفض التدخلات الخارجية بشدة، ويتأكد هذا الموقف في ظل تطورات الربيع العربي التي أدت لانهيار الدولة في العراق وليبيا، وإضعاف البيئة الاقليمية المحيطة بمصر بشكل خطير، ورغم أن العراق قد خرج فعليا من النظام الاقليمي العربي منذ الغزو وعملية التفكيك الممنهجة له، إلا أنه منع الانهيار الكامل له في ظل الوضع الحالي يظل أولوية مصرية، فتقسيم العراق إلى ثلاث مناطق سيكون له تداعياته الخطيرة على التوازنات في منطقة الهلال الخصيب، حيث سينفصل الأكراد، وربما يضمون لاحقا جزءا من الأراضي السورية، وتسيطر إيران على المنطقة الشيعية في الجنوب بمواردها النفطية، وتسقط المنطقة السنية في يد الجماعات المتشددة على غرار داعش، فالأزمة الحالية في حالة تقسيم العراق ستكون سابقة أولى في المنطقة تزيد مخاوف القاهرة التي تواجه وضعا مشابها في ليبيا في الجوار الجغرافي مباشرة. وتخشى القاهرة من أن يكون تقسيم العراق بداية لسلسلة من التقسيم الذي يطال الكيانات السياسية العربية كسوريا وليبيا، وربما يطول دول أخرى كالأردن والسودان، وهو الأمر الذي ترفضه القاهرة بشدة. على الجانب الآخر فإن طبيعة القوى التي تقود الحراك السني لا تنظر لها القاهرة بعين الرضا. فالقوى السنية قوى غير نظامية بالأساس، وتضم في صفوفها العديد من العناصر المتشددة، في الوقت الذي تشن فيه مصر حملة على تيار الإسلام السياسي.[1] وهو ما دفع القاهرة لاغلاق ثلاث قنوات تلفزيونية عراقية تبث من القاهرة [الرافدين- الحدث- البغدادية]، وهي قنوات مؤيدة للحراك السني في العراق، ويملك إحداها (قناة الرافدين)، رجل الدين العراقي السني البارز “حارث الضاري”، رئيس هيئة علماء المسلمين في العراق.[2] فمصر وإن كانت لا تؤيد القوى السياسية الشيعية الحاكمة في بغداد، ولا تبدي ارتياحا لعلاقتها الوثيقة بطهران، وتدعو لإصلاح العملية السياسية القائمة على المحاصصة الطائفية، لكنها لا تؤيد أي تقسيم للعراق أو تدخل خارجي واسع فيه. كما تخشى القاهرة من امتداد آثار الصراع العراقي لسوريا، الأمر الذي سيؤدي لتأجيج الصراع المستعر منذ ثلاث سنوات، وإلى الأردن، وبالتالي مصر، خاصة أن الأردن يتمتع بعلاقات قوية مع مصر سياسيا واقتصاديا.[3] فالحفاظ على الوضع القائم ومنع التغيير الجذري لخرائط الدول في المنطقة هدفا مصريا. فمصر باعتبارها الدولة الوطنية-القومية الأولى في المنطقة تنظر بعين الشك والريبة إلى التغييرات الحالية في المشرق وفي ليبيا والسودان، باعتبارها مقدمات لإعادة رسم خريطة الكيانات السياسية على أسس جديدة، طائفية ومذهبية وعرقية، بما يناقض النموذج الذي تتبناه الدولة المصرية. كما أن هذه التقسيمات الجديدة -من وجهة نظر القاهرة- هي نتاج التدخلات الخارجية والعصف بالنظام الإقليمي العربي، ولأهداف خارجية، لا تسعى لتحقيق مصالح شعوب المنطقة. فالتقسيم لن يحل المعضلات التي صاحبت الدولة العربية الحديثة وفاقمتها في كثير من الأحيان هذه الدولة، بل ستكون مقدمة لحروب أهلية طويلة، وتكوين كانتونات صغيرة ومعزولة يسهل التحكم فيها خارجيا، وتتناحر فيما بينها داخليا. ويمكن القول هنا أن الاستقرار هو الهدف الذي ترجو القاهرة الوصول إليه وتثبيته سواء على المستوى الداخلي العراقي أو في المحيط الإقليمي. لهذا فإن موقف القاهرة يتلخص في دعم الحل السياسي باعتباره الوحيد القادر على الخروج بالعراق من أزمته، والحفاظ عليه موحدا، ومنع انتشار آثاره للمنطقة ومن ثم مصر.
  2. الاعتبارات الاقتصادية: رغم أن حجم التبادل التجاري بين العراق ومصر ليس كبيرا، لكن العراق اكتسب أهمية متزايدة من الناحية الاقتصادية لمصر منذ ثورة 25 يناير، بسبب أزمة الطاقة المزمنة. فقد زار رئيس الوزراء السابق “هشام قنديل” بغداد في 2013، ونجح في تأمين صفقة من النفط العراقي لمصر، والاتفاق المبدئي على أنبوب نفط من العراق لمصر عبر الأدرن.[4] كما سعت الحكومة المؤقتة المدعومة من الجيش لنفس الهدف وهو ما تمخض عن الاتفاق النهائي الثلاثي بين مصر والعراق والأردن، والذي بموجبه، سيتم مد خط أنابيب من العراق إلى الأردن، ووصله بخط الغاز العربي، ليصل لمدينة العقبة الأردنية، ومن ثم ربطه بالخطوط المصرية الأردنية.[5] وهذا الخط الجديد الذي تم توقيعه في مارس 2014، وكان يتوقع انتهاءه في 2018، يمثل مكسبا كبيرا لمصر حيث ستتمكن من تأمين مصدر للغاز الطبيعي بشكل دائم، وبأسعار تفضيلية، مما يمكنها من مواجهة نقص الإنتاج. كما سيكون له أثرا غير مباشر بتقليل اعتماد الأردن على الغاز المصري، ومن ثم توفير الكميات التي تذهب للأردن للاستهلاك الداخلي المتزايد. كما أن تقارير إعلامية أشارت إلى أن مصر قد باعت أسلحة خفيفة ورشاشات مضادة للطائرات للعراق في عام 2013.[6] ورغم هذا فإن جوهر العلاقة الاقتصادية بين البلدين تتمثل في النفط والغاز العراقي.
  3. الاعتبارات الأمنية: كشفت الأزمة عن قوة التنظيمات المتطرفة وانتشارها على جانبي الحدود في العراق وسوريا. ولا شك أن تظيم الدولة الإسلامية هو نسخة أشد تطرفا من الجماعات الجهادية السابقة عليه، كما أنه يتمتع بقوة عسكرية كبيرة، وانتشار جغرافي كبير، وأهدافا طموحة للسيطرة والتمدد. وتخشى القاهرة بشدة من التنظيم المتطرف وشبكاته العابرة للحدود. فالتنظيم يضم العديد من العناصر المصرية، وهو ما كشف عنه مؤخرا مقطع لأمير التنظيم في مدينة جرابلس بريف حلب الذي يحمل الجنسية المصرية ويكنى بـ”أبي بكر المصري”.[7] كما أن قائد تنظيم القاعدة الذي خلف أميرها السابق “أبومصعب الزرقاوي”، ووزير الحرب والرجل الثاني في تنظيم دولة العراق الإسلامية منذ إنشائها عام 2006 وحتى مقتله في 2010، كان المصري “عبد المنعم عز الدين علي بدوي” الملقب بـ”أبي حمزة المهاجر” أو “أبي أيوب المصري”.[8] وتكمن خطورة التنظيم في العناصر المدربة في صفوفه، والتي قد تعود لمصر لشن عمليات بعد اكتسابهم لخبرات قتالية كبيرة في العراق وسوريا. وقد كشفت حادثة عرب شركس التي قتلت فيها مجموعة تابعة لجماعة أنصار بيت المقدس والتي كانت مسئولة عن حادثتي تفجير مديرية أمن القاهرة ومقتل ستة جنود من الشرطة العسكرية في مسطرد أن اثنين من قتلى الجماعة من العناصر التي سبق لهم القتال في سوريا.[9] ولعل الأوضاع السياسية المضطربة منذ عزل الرئيس السابق “محمد مرسي” توفر المبررات الكافية للتنظيم فكريا وبشريا لزعزعة الاستقرار الهش في مصر التي تعيش على وقع تمرد مسلح في سيناء وتفجيرات وهجمات متفرقة في القاهرة.[10] على جانب آخر، تخشى القاهرة من تطوير صلات تنظيمية بين الجماعات المتشددة المتمركزة في سيناء، وبين نظرائها في العراق وسوريا، أو وصول عمليات التنظيم للأردن، مما يهدد سيناء بشكل فعلي. وتخشى مصر كذلك من تطوير صلات عملياتية بين الجماعات المتطرفة في سوريا-العراق وبين جماعة أنصار الشريعة في الشرق الليبي الذي يعد مرتعا للمتشددين الإسلاميين، الذي يمتلكون بالفعل شبكة قوية وكبيرة ممتدة عبر المنطقة. على جانب آخر فإن داعش بمكاسبها التي حققتها في العراق قد قوت بالفعل مركزها في سوريا، مما سيعني أن هناك حدود ستسيطر عليها الدولة الإسلامية لفترة لن تكون قصيرة، وستكون بؤرة جذب للجهاديين، وستؤدي لإطالة الأزمة السورية وزيادة حدتها. وقد تزايدت المخاوف بعد إصدار تنظيم الدولة لخريطة عن حدود دولته المستقبلية ضمت سوريا ولبنان والعراق والأردن والكويت وفلسطين المحتلة.[11] وتعد الأردن في هذا الإطار هي خط الدفاع الأول لمصر. لكن الأردن التي يتواجد على أراضيها الكثير من السلفيين الجهاديين في مدينتي معان والزرقاء، وعدد من منظري التيار الجهادي كأبي محمد المقدسي، يعاني من مخاوف أمنية كبيرة، خاصة أن تجربة تفجيرات عمان 2005 على يد تنظيم الزرقاوي ليست ببعيدة. ولا شك أن وصول التنظيم للأردن يعني تهديدا مباشرا لمصر، بكل ما يحمله من أخطار.

حسابات التدخل والحياد:

يمثل فهم الإطار الإقليمي وطبيعة القوى المتصارعة الداخلية والخارجية والمآلات المحتملة للأزمة العراقية المدخل الرئيسي الذي ستنبني عليه السياسة المصرية تجاه الأزمة. واستقراء الواقع العراقي أمر محفوف بالمخاطر في ظل التغير اليومي للأحداث على الأرض، لكنه أمر حتمي عند صنع سياسة مصرية تجاه الأزمة. ولهذا فإن فهم هذه القوى وطبيعة تدخلها في العراق يمكننا من رسم خريطة للقوى الفاعلة، وتحركاتها المتوقعة، ومآلات الوضع العراقي، بما يساعد في النهاية في وضع هذه السياسة. في هذا الإطار يمكن تناول الأطراف الفاعلة ومواقفها في الأزمة كالتالي:

  1. سوريا: نجح النظام السوري في البقاء على مدار السنوات الثلاث الماضية بفضل الطبيعة الطائفية التي اكتسبها الصراع، ودعم حلفائه الإقليميين والدوليين له، وعدم جدية الأطراف الداعمة للمعارضة، وبروز دور الجماعات المتشددة في الصراع، بالإضافة لسياسة الأرض المحروقة التي أدت لعسكرة الثورة، ومن ثم مرحلة الحرب الأهلية الحالية. وبهذا نجح النظام السوري في ترسيخ حقيقة جديدة تتمثل في أنه جزء من أي حل سياسي قادم، وهو ما ظهر بشكل جلي في مفاوضات جنيف 1 و2. وبهذا يمكن القول إن سوريا تجاوزت لحد كبير مرحلة اسقاط النظام، الذي سيبقى موجودا على المدى القصير والمتوسط، ومسيطر على مساحات واسعة من الأرض، بينما تتقاسم “الأراضي المحررة” فصائل متناحرة من المعارضة، في إطار من معارك الاستنزاف الطويلة مع النظام. وسيعمل النظام على تسويق نفسه على أنه حائط الصد الوحيد أمام الجهاديين المتطرفين، وهو ما لاقى صدى غربيا واسعا. فالجهاديين العائدين من سوريا أو الذاهبين منها أصبحوا الهاجس الأكبر للدول الغربية، مما دفعها لتشديد الإجراءات تجاه مواطنيها. والأمر الذي دفعها/أجبرها على فتح قنوات اتصال مع النظام السوري،[12] وتجنب إسقاطه خوفا من إطلاق العنان للجماعات المتشددة. ويسعى النظام منذ بداية الأزمة العراقية لتوظيف هذا العامل، وشن بالفعل عدة غارات على مواقع داعش في مدينة الرقة معقل التنظيم، وكذلك في مدينة القائم العراقية، بعد نجاحه في السيطرة على محافظتي دير الزور والرقة والتمدد باتجاه الحسكة.
  2. إيران: تلعب إيران دورا ضخما في دعم حكومة المالكي، وتقوية قواتها التي انهارت بعد زحف المسلحين من الموصل. ويبدو واضحا أن إيران ملتزمة بدعم حلفائها الشيعة، ومنع سقوط بغداد في أيدي المسلحين المناوئين للحكومة، وهو التزام طويل الأمد، بغض النظر عمن يتولى رئاسة الحكومة.[13] ويأتي التدخل الإيراني في العراق في إطار توافق ضمني مع الولايات المتحدة الأمريكية. لكن إيران بتدخلها في العراق تؤكد تورطها المباشر العميق، والذي ستسعى أطراف ودول عدة لاستنزاف إيران من خلاله. وتخشى إيران بشدة من تنظيم داعش وتسعى لمنع وصوله لحدودها، وفي نفس الوقت تسعى للحفاظ على العراق ودعم حلفائها الشيعة، والحفاظ على طريق الإمداد مع سوريا مفتوحا. فإذا كانت إيران وحكومتي المالكي وبشار الأسد قد استخدموا من قبل داعش كفزاعة للعالم، فإن هذه الورقة قد خرجت عن السيطرة تماما بالنسبة لهم، مما يستدعي جهد لكبحها، والحفاظ على نفوذ إيران في المنطقة.
  3. الأردن: تمثل الأزمة العراقية مأزقا إضافيا للبلد الصغير. فالأردن يعاني من انفتاح حدود مع سوريا، ومن السلفية الجهادية المحلية التي يقاتل العديد من أفرادها في سوريا (700-1000) في سوريا.[14] ويمثل التهديد الذي يطرحه هؤلاء الجهاديون في مدينتي معان والزرقاء تحدي للنظام الأردني واستقراره.[15] ولعل سقوط الحدود مع العراق في يد الفصائل المسلحة يمثل عامل قلق إضافي، أخذا في الاعتبار تجربة تفجيرات عمان 2005، وأن داعش يضع الأردن كخطوة تالية بعد العراق. كما تلقي الأزمة بظلالها على إمدادت النفط العراقي الذي تحصل عليه الأردن بأسعار تفضيلية، وإلى التدفق المتوقع للاجئين العراقيين جراء المعارك، في وقت ينوء فيه الأردن بأعباء موجة نزوح العراقيين عقب الغزو الأمريكي، وموجة نزوح السوريين عقب ثورة مارس2011. وسيكتفي الأردن بزيادة قواته على الحدود، وضرب أي محاولات لاختراقها، وتكثيف التعاون والتنسيق الاستخباري مع الولايات المتحدة والسعودية وإسرائيل.
  4. دول الخليج: تدعم دول الخليح بشكل كبير الانتفاضة السنية ضد حكومة المالكي، لكن مواقفها تتراوح بشكل كبير. فالدولتان الرائدتان في هذا هما السعودية وقطر. فكلاهما يدعمان مسلحي العشائر بشكل كامل في سعي لتغيير معادلة سيطرة إيران المترسخة منذ 2003، وإضعاف حكومة المالكي الطائفية، وفتح جبهة جديدة في العراق لاستنزاف إيران. والحقيقة أن التطور الحالي في العراق كان مفاجئا للدولتان اللتين لم تتوقعا الانهيار السريع للقوات العراقية، ولا تمكن الفصائل السنية من السيطرة على هذه المساحات الشاسعة من الأراضي. وتستضيف الدولتان على أراضيهما وعبر وسائل إعلامهما قيادات الفصائل السنية المختلفة وتدعمها معنويا، لكن السعودية تواجه معضلة كبيرة، هي دور تنظيم داعش في العراق. فالتنظيم الذي صنفته المملكة هو وجبهة النصرة تنظيما إرهابيا وجرمت الانضمام اليه أو مساندته يتبنى أيدولوجية تكفيرية متشددة، ويعادي القيادة السعودية الحالية، بل ويسعى لتثوير السعودية نفسها، والسيطرة عليها في النهاية.[16] والأخطر أن وصول التنظيم لحدود الأردن، واقترابه من الحدود السعودية يعني أن خطر داعش، الذي كان منحصرا في سوريا، قد يطرق أبواب السعودية وحليفتها وبوابتها الشمالية الأردن. فالسعودية تواجه مأزق دعم الحراك السني ضد المالكي، وإضعاف إيران، ومحاربة داعش في الوقت ذاته. أما قطر فلا تواجه نفس المعضلة، فقطر الدولة الصغيرة لا توجد بها تيارات سياسية وأيدولوجية تهدد أمنها، كما لا تمتلك حدودا مشتركة مع العراق، بل وتتمتع بعلاقات جيدة مع كافة الفصائل السنية، بما فيها أكثرها تشددا كجبهة النصرة في سوريا.[17] ورغم أنه ليس هناك معلومات شافية عن علاقة بين قطر وتنظيم الدولة، لكن قطر بارعة في استغلال التناقضات والاستفادة من المخاطر وتحويلها لفرص. أما بالنسبة لدول الخليج الأخرى فدورها محدود في الأزمة العراقية، وغير ذات تأثير كبير لعوامل داخلية وخارجية مختلفة. فدولة الكويت اكتفت برفع التأهب في قواتها، وهي تتبع سياسة انكفائية عن العراق منذ الغزو العراقي 1990، ولا ترحب كثيرا بعراق قوي، بينما تقع معظم حدودها مع العراق في مناطق صحراوية منبسطة وغير ذات اتصال مباشر مع مناطق السنة في الوسط. ورغم إدانة الإمارات وتخوفها من خطر داعش، فإن دورها في العراق محدودا مقارنة بالسعودية وقطر.[18] أما سلطنة عمان فإن سياستها الخارجية القائمة على النأي بالنفس عن سياسة المحاور الإقليمية وبعدها الجغرافي عن حلبة الصراع يحعلانها غير مؤثرة في الأزمة.
  5. الولايات المتحدة الأمريكية: تسعى الولايات المتحدة للابتعاد قدر الإمكان عن أي امكانية للتدخل العسكري المباشر في العراق. فتجربة الحرب في أفغانستان والعراق، وسياسة الدبلوماسية المتعددة الأطراف، والتحول نحو آسيا (Asian Pivot)، وما يترتب عليها تقليل الالتزمات تجاه المنطقة -وليس الانسحاب منها- تجعل الولايات المتحدة محجمة عن التدخل في العراق.[19] وتسعى الولايات المتحدة لتحقيق توافق سياسي عراقي داخلي أولا لتشكيل جبهة سياسية -سنية وشيعية مشتركة- ضد داعش، والتنسيق مع إيران خصوصا.[20] ولن تتدخل الولايات المتحدة على نطاق واسع في العراق، بل ستكتفي بطلعات الطائرات من غير طيار (Drones) -السلاح المفضل لإدارة أوباما- سواء للاستطلاع أو القصف،[21] وتدريب وتقديم الاستشارات للقوات العراقية، ومحاولة تقريب وجهات النظر بين القوى السياسية السنية والشيعية.[22]
  6. إسرائيل: تسعى إسرائيل لحماية أمنها وتحقيق مصالحها في الأزمة العراقية، وتقدم لها الأزمة فرص وتحديات في الوقت ذاته. فتقدم مسلحي داعش واستيلاءهم على كميات ضخمة من السلاح، واقترابهم من الحدود الأردنية، يضرب جرس الخطر في تل أبيب.[23] فهدف داعش المتمثل في إيجاد موطئ قدم في الأدرن، وتزايد نفوذها في العراق وسوريا يعد تهديدا لإسرائيل يجب التصدي له بحزم، لمنع اقترابهم من حدود فلسطين المحتلة.[24] ولهذا ستسعى إسرائيل بتكثيف طلعاتها الجوية، وبخاصة الطائرات من غير طيار، وربما بتنسيق مع الأردن من أجل مراقبة الحدود. كما ستضغط إسرائيل على الولايات المتحدة من أجل الحفاظ على قواتها المتواجدة في الأردن منذ تدريبات “الأسد المتأهب” بين الأردن وأمريكا. على جانب آخر فإن تورط إيران وغرقها في المستنقع العراقي، بعد أن غرقت في المستنقع السوري يمثل مكسبا إضافيا لإسرائيل من حيث استغراق خصومها (إيران، نظام بشار الأسد، حزب الله)، في حروب استنزاف طوية ومكلفة تجعلهم ضعفاء في مواجهتها. كما أن المواجهات الحالية ستقرب إسرائيل من محور الاعتدال العربي، وهو ما تنادي به مراكز الأبحاث الإسرائيلية من تدشين تعاون مع دول الخليج والأردن لمواجهة إيران والمتطرفين معا. ولعل الاستقلال الفعلي للأكراد، واستكمال سيطرتهم على كركوك الغنية بالنفط، يدشن لمرحلة جديدة في صالح إٍسرائيل. فإسرائيل ذات العلاقة الوثيقة بالأكراد منذ الستينيات ترحب بدولة كردية في العراق لانهاء ما تبقى من الدولة العراقية، ولكي يكون لها تواجد على الحدود الإيرانية، ومحاصرة الدولة السورية من الشمال، وربما اقتطاع الأجزاء التي يسكنها الأكراد هناك.[25] كما أن النفط يعد عاملا آخر، حيث يسيطر الأكراد على حصة نفطية كبيرة، وبدوأ بالفعل في عمليات التصدير بعيدا عن الحكومة المركزية وعبر تركيا، بل ووصلت أول شحنة من النفط الكردي بالفعل إلى إسرائيل في 21 يونيه.
  7. تركيا: تعاني تركيا من مأزق شديد الخطورة، إذ أن أدوات تدخلها في العراق محدودة نسبيا، مقارنة بالخليج أو إيران. فقد اختطف المسلحون قنصلها والعديد من العمال الأتراك عقب سقوط الموصل، للضغط على الحكومة التركية، وقطع الطريق أمام أي تدخل محتمل لها في العراق.[26] ولا تتمتع تركيا بعلاقة جيدة مع حكومة المالكي، وعلاقتها عادية مع باقي الأحزاب الشيعية، بينما تتراوح علاقتها مع الفصائل السنية، فهي تستضيف منذ أكثر من عام رئيس الحزب الإسلامي العراقي -الجناح السياسي لجماعة الإخوان المسلمين- ونائب رئيس الجمهورية السابق “طارق الهاشمي”، ولها علاقات جيدة مع القوى السياسية السنية المشاركة في العملية السياسية، لكن وزن هذه القوى في الوسط السني قد انخفض كثيرا جراء فشلها في تحقيق مطالبهم وتشكيل قوة موازنة لنفوذ المالكي، بل وتحالف بعضهم معه، مما أفسح مجالا لبروز الجماعات والقيادات الأكثر راديكالية، وبعضها مدعوم خليجيا. كما أن دور تنظيم الدولة يقلق تركيا، مما دفعها لوضعه هو وفرعه المنشق “جبهة النصرة” على قائمة المنظمات الإرهابية،[27] وشددت من إجراءتها الأمنية تجاه تدفق الأسلحة والأفراد له عبر حدودها مع سوريا. والورقة الرابحة لتركيا في العراق هي الورقة الكردية. فالأكراد الذين يتمتعون بقوة عسكرية كبيرة يمثلون حائط صد ومنطقة عازلة بين مسلحي داعش وبين تركيا.[28] كما أن تركيا لها استثمارات ضخمة في إقليم كردستان، وتستورد النفط منه أيضا في إطار سياسة تحويل تركيا لعقدة طاقة عالمية. وتسعى تركيا كذلك لحماية حقوق التركمان ووجودهم من خلال الأكراد. وقد غيرت تركيا من مواقفها كثيرا تجاه الأكراد في اتجاه تبني مواقفهم وتدعيم كيانهم الذاتي باعتبارهم الأقدر على حماية مصالحها.[29] وهو ما يدشن لمرحلة جديدة يتحالف فيها الأكراد والأتراك في مشرق جديد مقسم على أسس إثنية وطائفية.[30]
  8. الفصائل العراقية: والتي تتنوع بين السنية والشيعية والكردية. فالبنسبة للسنة ينقسمون بشدة بين فصائل متعددة، تضم فصائل بعثية (جيش رجال الطريقة النقشبندية)، وبين بقايا فصائل المقاومة (جيش المجاهدين، الجيش الإسلامي)، وفصائل متشددة (تنظيم الدولة)، والقوى العشائرية (المجلس السياسي والعسكري لثوار العشائر). كما تتوزع القوى الشيعية بين ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي، والتيار الصدري، وائتلاف الإصلاح الوطني برئاسة “إبراهيم الجعفري”، والمجلس الإسلامي الأعلى برئاسة “عمار الحكيم”، وقوى أخرى صغيرة كحزب الفضيلة وعصائب أهل الحق، وحزب الله العراق. بينما يتوحد الأكراد خلف قيادتهم بشكل كبير للحفاظ على مكاسبهم الجغرافية التي حققوها بضم مدينة كركوك إلى حدود الإقليم.[31] وهذا التشظي السياسي والفصائلي سيؤدي إلى تزايد حدة الصراع داخل كل معسكر وبين المعسكرات بعضها البعض، وسيمنع حسم أحد الأطراف للأزمة بشكل نهائي. ويبقى الفائز الأكبر من الأزمة هم الأكراد الذين استكملوا حدود دولتهم المفترضة بضم مدينة كركوك ونفطها، سواء بقوا جزءا اسميا من العراق، أو شكلوا دولة منفصلة عنه.[32]

يتضح مما سبق أن عنصر الحسم غائب عن المشهد العراقي. والحقيقة أن هناك توازن قوى حالي بين الأطراف الإقليمية والدولية والمحلية العراقية المتصارعة. فاحتمالات الأزمة العراقية تتراوح بين التقسيم والانفصال أو الحرب الأهلية الممتدة. فانفصال الأكراد قد يحدث مع الاستفتاء المزمع عقده حول مصير إقليم كردستان العراق وسط غياب الممانعة الإقليمية والدولية،[33] بينما يتأرجح مصير السنة بين مطالب للانفصال عن الجنوب ومطالب لتطبيق الفيدرالية، ويتوقع فيه استمرار الحرب الأهلية العنيفة بين السنة والشيعة، واندلاع الصراع بين الفصائل السنية وتنظيم الدولة الإسلامية. فالمشهد العراقي مفتوحا على احتمالات كلها ليست في صالح مصر. وعلى كل فإن النتيجة النهائية لن تستغرق أياما ولا أسابيع، بل ستستغرق شهورا وربما سنوات، ولن يتمكن طرف من حسم الصراع بشكل كامل، بل ستكون حرب استنزاف، وساحة ثانية لتصفية الصراعات الإقليمية.

الخيارات المحتملة للسياسة المصرية:

تعد عملية وضع السياسة الخارجية عملية معقدة ودقيقة تستلزم بالضرورة رؤية شاملة وتقييم موضوعي للخروج بأفضل الحلول الممكنة، فتضع الدولة في البداية الأهداف التي تسعى لتحقيقها، ثم تدرس الأدوات المتاحة لها لتنفيذ أهدافها، ثم تقيم الخيارات المتاحة، قبل أن تضع السياسة التي تختارها موضع التنفيذ.

أولا: يتمثل الهدف المصري في النقاط التالية:

  1. الحفاظ على العراق موحد، على الأقل نظريا، ومنع التقسيم والانفصال.
  2. الدعوة لحل سياسي شامل في العراق بين السنة والشيعة والأكراد، بما يحقق الاستقرار للعراق ولجيرانه، ويتيح لمصر الحفاظ على مصالحها الاقتصادية هناك.
  3. الحفاظ على الحدود والكيانات السياسية السائدة والوحدة الترابية للدول.
  4. الحيلولة دون تفجر صراع طائفي/مذهبي في العراق ووسوريا.
  5. منع الجماعات المتشددة من إنشاء دولة/كيان لهم في العراق وسوريا يمثل تغييرا للحدود، وبؤرة جذب للجهاديين.
  6. ابقاء المجموعات المتشددة بعيدة عن الحدود المصرية، ومنعها من إنشاء أي صلات عملياتية مع الجماعات المتشددة المحلية المتمركزة في سيناء أو الخارجية المتمركزة في شرق ليبيا.
  7. تحويل الخطر الذي تمثله الأزمة العراقية إلى فرصة محتملة لمصر يمكن عن طريقها تحقيق مكاسب للدولة المصرية التي تمر بظرف حساس ودقيق.

ثانيا: أدوات السياسة المصرية:

  1. الأداة الدبلوماسية: المتمثلة في أدوات الضغط السياسية المختلفة. وهي محدودة بحكم محدودية علاقة مصر بالأطراف العراقية المختلفة، وتوجيه قدراتها السياسية لملفات أكثر حيوية كأزمة سد النهضة، والوضع الليبي، والضعف والتراجع اللذان ضربا المكانة المصرية خلال العقدين الماضيين. كما أن مصر منذ الغزو العراقي، وتحديدا بعد خطف وقتل السفير “إيهاب الشريف” عام 2005 قد تراجعت كثيرا عن التواصل مع القوى العراقية، أو لعب دور في العراق. كما لا تتممتع مصر بعلاقات طيبة مع دول الإقليم المؤثرة في الأزمة العراقية [قطر- تركيا- إيران]، مما يعيقها عن لعب دور مهم في الأزمة.
  2. الأداة العسكرية: تواجه عقبات عدة على رأسها البعد الجغرافي، وصعوبة التدخل المباشر، وانعكاسات هذا التدخل على الحالة الاقتصادية والسياسية المصرية، وما تعنيه من انخراط مصر مباشر في الصراع، وحجم القوة اللازمة للتأثير. ولعل تصريحات “السيسي” عن حماية الأمن القومي العربي ومصطلح “مسافة السكة” لا تعكس بالضرورة مؤشرا للتورط في صراعات خارجية، بقدر ما تعكس التزام بحماية أمن مصر بشكل صارم، وذلك بدعم الدول العربية الأخرى، وتحقيق الردع في مواجهة التهديدات المتزايدة داخليا وخارجيا، دون التدخل العسكري إلا في حالة الضرورة القصوى فقط.[34]
  3. الأداة الاقتصادية: تتسم العلاقات الاقتصادية بين البلدين بالمحدودية، حيث لم يتجاوز حجم التبادل التجاري 369 مليون دولار في عام 2008 و370 مليون دولار في عام 2009. ونتيجة أزمة الطاقة المتفاقمة التي تواجهها مصر في أعقاب ثورة 25 يناير، فإنها قامت باستيراد النفط العراقي في عام 2013، وخططت لبناء خط مشترك عبر الأردن للغاز العراقي. بالتالي فإن مصر في الحقيقة هي التي تعتمد وتحتاج العراق اقتصاديا، ولا تمتلك في مواجهة ذلك قوة ضغط مناسبة.
  1. القوة الناعمة: تدهورت قوة مصر الناعمة خلال العقود الماضية لحد كبير. وتعاني مصر من غياب تأثيرها الناعم في العراق، فهي لا تمتلك محطات فضائية تتمتع بمشاهدة عربية-عالمية واسعة، ولا تقوم بتوظيف قواها الناعمة كالأزهر والمؤسسات التعليمية والبحثية بشكل مناسب. كما أن النخبة العراقية الحاكمة الشيعية والسنية والكردية لا ترتبط بمصر، بل تلقى كل منها تأثيرا خارجيا من دول أخرى، وتشكلت منطلقاتهم الفكرية والسياسية بعيدا عن السياسة المصرية ومنطلقاتها.

الخلاصة أن أدوات السياسة المصرية في العراق تبدو محدودة للغاية، فمصر تعاني نتيجة ثلاثين عاما من التراجع والركود تحت حكم الرئيس المخلوع “مبارك”، وتعاني من اضطرابات داخلية عنيفة منذ ثورة 25 يناير. وقد شهدت المكانة المصرية تراجعا مضطردا خلال العقدين الماضيين، بانكفائها داخل الحدود، مما أضعف أدواتها أو عطلها. فمصر حاليا لا تمتلك نفوذا ولا علاقات قوية مع أي من الفصائل العراقية -الشيعية والسنية على حد سواء- ولا تمتلك نفوذا اقتصاديا في العراق، بل هي من تحتاج العراق اقتصاديا وبشدة لمواجهة أزمات الطاقة المتفاقمة. وهي تواجه مشكلة غياب أداة إعلامية مؤثرة تسعى لتوصيل رسالتها للعالم والمنطقة، كما تواجهها مشكلة ضعف الموارد، في وقت تقترب فيه من تنفيذ سياسة تقشفية واسعة، ومن مؤتمر دولي للمانحين. وفي هذه الظروف فإن مصر تحتاج لأن تبني أدواتا جديدة للقوة والنفوذ في المنطقة، وهو أمر لن يكون سهلا، وسيستغرق فترة زمنية طويلة. وبالتالي يمكن القول إن الوضع الحالي لأدوات السياسة المصرية لا يمكن مصر من التدخل أو التأثير في الأزمة العراقية بشكل واسع أو فعال مقارنة بالأطراف الأخرى المنخرطة بالفعل في الأزمة العراقية.

ثالثا: سيناريوهات التعامل المصري مع الازمة:

  1. الانخراط في الصراع العراقي: بحيث تدخل مصر في حلبة الصراع على العراق. وسيكون أمام مصر طريقيين إما الاصطفاف مع التحالف الداعم للحراك السني، أو الوقوف في صف التحالف الداعم للحكومة العراقية. فإذا اختارت مصر مساندة الحراك السني، سيكون عليها التنسيق مع السعودية والأدرن، واستضافة القيادات السنية، واتاحة الفرصة والمجال لهم للعمل من على الأراضي المصرية وانطلاقا منها. كما لا يستبعد في هذه الحالة أن تشارك مصر بقوات عسكرية على الحدود الأردنية أو السعودية لدعم البلدين في مواجهة خطر تمدد المتشددين المتمثلين في تنظيم داعش. أما في حالة الوقوف في صف التحالف الداعم للحكومة العراقية، فإن مصر ستكون في مأزق مركب، وهو مأزق دعم حكومة ذات لون واحد، وخرق تحالفاتها الإقليمية الأساسية مع دول مجلس التعاون الخليجي. وسيضعها هذا التحالف تحت ضغط مزدوج من حلفائها الخليجيين، الذين ستدخل علاقتها معهم في مأزق عميق، وستكون في الوقت ذاته هدفا للإسلاميين المتشددين.
  2. الحياد والنأي بالنفس: فتبتعد مصر عن التدخل في الشأن العراقي، وتتبع سياسة الانتظار والترقب لما تسفر عنه تطورات الأوضاع في العراق. ووفق هذا السيناريو فإن مصر لن تتخذ مواقف مؤيدة أو معارضة، ولن تصطف مع أي من الفرقاء المتقاتلين في العراق، وستركز أكثر على مشكلاتها الداخلية، وتبتعد عن التورط في أي مغامرات خارجية غير محسوبة.
  3. الحياد الإيجابي: حيث ستتبع مصر سياسة أقرب لسياستها تجاه الملف السوري، من حيث عدم اتخاذ موقف حاد من طرف في الأزمة، والإبقاء على خطوط التواصل مفتوحة مع جميع الفرقاء السياسيين. وستعمل مصر على استغلال التناقضات الموجودة للعب دور أكبر -متى سمحت الظروف- كما فعلت من قبل في المبادرة الرباعية الخاصة بسوريا في سبتمبر 2012. كما ستعمل على مواجهة أي تهديد محتمل للدولة المصرية بشكل استباقي.

يمكن القول إن السيناريو الأرجح الذي ستتبناه مصر هو سيناريو الحياد الإيجابي، حيث ستحافظ على علاقتها بمختلف الأطراف، للعب دور الوسيط متى سنحت الظروف، والاستفادة من تناقضات الأطراف المتصارعة. ولن تنهج مصر سيناريو الانخراط في الأزمة العراقية بسبب ضعف أدوات تدخلها في الأزمة، وإمكانية استهدافها سياسيا أو حتى أمنيا من قبل الأطراف المضادة. فالاصطفاف في التحالف الداعم للحراك السني يناقض مبدأ أساسيا من مبادئ سياسة مصر الخارجية، وهو عدم التدخل في الشئون الداخلية للدول، والحفاظ على الوحدة الترابية لها. كما تتحفظ مصر على بعض مكونات الحراك السني، بينما تخوض صراعا مريرا ضد تيار الإسلام السياسي في الداخل. وتتحفظ أيضا على مطالب بعض مكونات الحراك التي ترفع شعارات التقسيم أو الفيدرالية. أما الاصطفاف مع الحكومة العراقية، فهو أمر بعيد للغاية، لأنه يعني تغيير تحالفات مصر الخارجية بشكل كامل، وقطع العلاقة مع دول الخليج، في وقت تمر فيه مصر بأزمة اقتصادية طاحنة. كما أن مصر لا تبدي ارتياحا للحكومة العراقية سواء من حيث طبيعة القوى السياسية الشيعية المسيطرة عليها، أو سياستها الطائفية الفجة، أو داعميها الإقليميين (إيران). وهو يناقض تصريحات “السيسي” في حملته الانتخابية من أن الطريق لعلاقات طبيعية بين مصر وإيران يمر أولا عبر دول الخليج العربية.[35] وفي جميع الأحوال فإن سيناريو الانخراط المباشر في الأزمة يطرح تحديات ضخمة لمصر في وقت تمر فيه بأزمة سياسية واقتصادية ضخمة داخلية، وتحتاج للتركيز على البناء الداخلي، وستتبع على الأرجح سياسة خارجية هادئة (Low-Profile Foreign Policy)، وتبتعد عن التورط في مغامرات خارجية غير محسوبة. على الجانب الآخر فإن سيناريو النأي بالنفس على الطريقة اللبنانية غير ممكن في مصر، نظرا لموقع ومكانة مصر في المنطقة، وطبيعة التهديدات التي تطرحها الأزمة العراقية. فمصر لا تملك ترف الابتعاد عن هموم المنطقة، والانعزال عن مشاكلها. ويبقى سيناريو الحياد الإيجابي هو الأفضل لمصر. فهو حياد لأن مصر لن تنخرط في صف الطرفين المتصارعين أو داعميهم الإقليميين، وهو إيجابي لأنها لن تنعزل عن الأزمة وتداعياتها. فصحيح أن لمصر علاقة تحالفية قوية مع دول مجلس التعاون، لكن هذه العلاقة تحالفية تقوم على تلاقي مصالح الطرفين في مجمل القضايا، وليس في كل القضايا.[36] ولعل سياسة مصر تجاه الأزمة السورية مثال على سياسة الحياد الإيجابي، وفصل الملفات في العلاقة بين مصر ودول مجلس التعاون. فباستثناء الفترة الأخيرة من حكم الرئيس المعزول “محمد مرسي” التي شهدت قدرا كبيرا من التصعيد تجاه سوريا، وحمل نبرة طائفية، لكنه ارتبط بالأساس بالتوترات السياسية الداخلية، فإن مصر حرصت على إبقاء علاقاتها مع النظام السوري، لاعتبارات إستراتيجية/أمنية بالأساس، بينما سمحت لعناصر المعارضة السورية بالعمل انطلاقا من الأراضي المصرية، واستضافت مؤتمراتهم المختلفة. ورغم هذا لم تتأثر علاقة مصر بدول المجلس بشكل كبير. وستكون هذه السياسة هي النموذج الأكثر احتمالية في الفترة القادمة. بالتالي ستعمل مصر قدر المستطاع على حماية مصالحها من خلال إتباع حزمة سياسات لمنع وصول آثار الحريق العراقي إلى حدودها، وفي الوقت ذاته الإبقاء على الخطوط مفتوحة مع كافة الأطراف، واستغلال الأزمة لتحقيق أكبر مكاسب ممكنة للدولة المصرية على المستويات السياسية والاقتصادية.

وسيستند سيناريو الحياد الإيجابي على عدة افتراضات أساسية للأزمة العراقية، ومساراتها المستقبلية:

  1. استمرار الصراع في العراق لفترة زمنية طويلة، وعدم قدرة الأطراف المتصارعة حسم الموقف لإحداها. وبالتالي سيكون سيناريو الاستنزاف الطويل –كما الحالة السورية-هو الأرجح.
  2. تحول العراق إلى ساحة أخرى للحرب الإقليمية، والتي ستمتد من سوريا لتشمل العراق.
  3. الولايات المتحدة الأمريكية والقوى الغربية لا تنوي التدخل في العراق بشكل مباشر، وستكتفي بأدوات محدودة للتدخل كالطائرات من غير طيار، والمستشارين الأجانب.
  4. الفوز النهائي لأحد أطراف الصراع في العراق ليس في مصلحة مصر. فانتصار الحراك السني سيؤذن بمرحلة جديدة تكون فيها القوى المتشددة هي الأقوى على الأرض في العراق، وسيمتد نفوذها بقوة لسوريا، بما يهدد أمن حلفاء مصر الإقليميين، وسيزيد من وتيرة التمرد الإسلامي المسلح في الداخل. أما انتصار الحكومة العراقية فهو لن يكون في مصلحة مصر، لأنه يعني انتصار إيران وزيادة نفوذها الإقليمي، وتمدده إلى جوار مصر الجغرافي المباشر (السودان، قطاع غزة)، وإضعاف الحلفاء الإقليميين لمصر (دول الخليج العربية).
  5. ضعف ومحدودية أدوات وإمكانيات التدخل المصري في الأزمة العراقية الراهنة.
  6. تكمن الفرصة المصرية في الاستفادة من التناقضات بين القوى الإقليمية، واستغلالها بالشكل الأفضل، لتحقيق أكبر استفادة ممكنة لمصر على المستوى الخارجي، وتعزيز الشرعية على المستوى الداخلي.

واستنادا إلى ما سبق، يمكن تحديد الخطوات المتوقعة للسياسة المصرية تجاه العراق فيما يلي:

  • استمرار الموقف المصري الحالي الداعي لتسوية بين الحكومة العراقية وبين المعارضة السنية، مع التأكيد على رفض التدخلات الخارجية، وأولوية الحفاظ على الوحدة الترابية للعراق، ومحاربة الجماعات المتشددة. وهو ما ظهر في سياسة وزير الخارجية المصري “سامح شكري” للعراق في 11 يوليو حيث التقى بالقوى السياسية العراقية كافة، وعقد مباحثات أكد فيها على وحدة العراق وأولوية سلامته الإقليمية وضرورة مكافحة الإرهاب.[37] لكن يلاحظ أن شكرى لم يلتق بالحزب الإسلامي العراقي -المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين- في مؤشر على موقف القاهرة من الجماعة وفروعها في المنطقة، وهو ما هاجمته وسائط إعلامية قريبة من الجماعة.[38]
  • ستتعامل السياسة المصرية بواقعية في الوقت ذاته مع أي تغيرات تطرأ على الساحة العراقية، كانفصال إقليم كردستان، الذي لمصر في عاصمته أربيل قنصلية، وتتمتع معه بعلاقات اقتصادية وثقافية جيدة. فسيأتي الاعتراف المصري باستقلال الإقليم -حال حدوثه- متأخرا، لكنها لن تتخذ منه موقفا سلبيا حادا.
  • استبعاد أي تورط مباشر عسكري أو سياسي في الأزمة العراقية.
  • استخدام الأزمة العراقية لرفع القيمة الإستراتيجية لمصر. فمصر صاحبة الجيش القوي المتماسك الوحيد في المنطقة تمثل أهمية قصوى لحلفائها من دول الخليج العربي، في وقت تواجه فيه تحديا من التنظيمات العابرة للحدود. وهو ما ستستغله مصر للحصول على مزيد من الدعم الاقتصادي، وتمتين العلاقة الإستراتيجية مع دول الخليج على أساس المصالح والتهديدات المشتركة.
  • استخدام الأزمة العراقية لتعزيز الشرعية الداخلية والتحذير من عواقب تفكك وانهيار الدولة. وهو ما ظهر في خطاب السيسي عن قضية رفع الدعم يوم 7 يوليو، والتي حذر فيها من أخطار تفكك الدولة والجماعات المتشددة على غرار تنظيم داعش.[39]
  • تحصين مصر من تأثيرات الحريق العراقي بشكل استباقي، عن طريق دعم [دول المواجهة] لتنظيم داعش، والمتمثلة في السعودية والأردن وسوريا. وهو ما سيتم من خلال الدعم والتنسيق المخابراتي، وإجراء التدريبات والمناورات المشتركة دون التورط بشكل مباشر في الصراع، ويهدف هذا التحصين لتحويل هذه الدول لحائط صد ضد التنظيم المتشدد لمنع امتداد عملياته وأنشطته للداخل المصري.
  • ثبات الموقف المصري من الأزمة السورية، واستمراره على الدعوة لتسوية سلمية بين النظام والمعارضة، وإبقاء قناة الاتصال مفتوحة في الوقت ذاته مع النظام السوري.
  • إبقاء مصر لعلاقتها الدبلوماسية مع النظام السوري، والتي استأنفت على المستوى القنصلي بعد عزل الرئيس “محمد مرسي”.[40] وستعمد مصر إلى تعزيز تبادل المعلومات مع سوريا حول المتشددين والجماعات الإرهابية، وربما محاولة ولعب دور الوسيط بين النظام السوري وبين القوى الإقليمية والدولية الأخرى حول ملف المتشددين والجماعات الإرهابية، باستخدام القناة المخابراتية.
  • تشديد أمن الحدود والإجراءات الأمنية على المنافذ البرية والبحرية، لتضييق الخناق على العناصر الراغبة في السفر للمشاركة في الحرب في العراق أو سوريا، ومنع العودة المحتملة لأي من العناصر المشاركة فعلا في هذا الصراع، ومنع تحول مصر لدولة ترانزيت للمقاتلين الذاهبين أو العائدين من الحرب.
  • تكثيف التعاون المخابراتي مع القوى الإقليمية والدولية حول الجماعات المتشددة.
  • عودة الجهاديين لمصر حال انتصارهم هو خطر كبير يهدد الدولة المصرية، لذا ربما من الأفضل تأخير عودتهم لحين استبباب الأوضاع في القاهرة اقتصاديا وسياسيا. استمرار الصراع وتوسع نفوذهم سيدفع لتحالف دولي/إقليمي ضدهم أو على أقل تقدير استغراقهم في الصراع وبالتالي انصرافهم عن العودة لمصر.
  • الانفتاح الاقتصادي على الخارج لتعويض انقطاع الغاز العراقي، وذلك بعقد اتفاقيات مع دول أخرى في مجال الطاقة تحديدا، وهو ما ظهرت بوادره باتفاق استيراد شحنات الغاز من الجزائر.[41]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] الموقفان المصري والخليجي من العراق: أوّل اختبار جدّي، صحيفة العربي الجديد، 21 يونيه 2014. http://is.gd/igqB8d

[2] “رويترز”: لهذه الأسباب مصر توقف بث ثلاث قنوات تليفزيونية عراقية، صحيفة الشروق المصرية، 24 يونيه 2014. http://is.gd/XfLhCi

[3] السيسي: مقاتلون أجانب منخرطون في صراعات بالمنطقة، صحيفة المصري اليوم، 22 يونيه 2014. http://is.gd/bxPmsy

[4] “الوزراء” يستعرض نتائج زيارة “قنديل” للعراق، صحيفة الأهرام المسائي، 7 مارس 2013. http://is.gd/RGNI3W

[5] اتفاق تعاون بين مصر والعراق والاردن في مجالي النفط والغاز الطبيعي، صحيفة الحياة اللندنية، 6 مارس 2014. http://is.gd/omxIax

[6] المالكي: امريكا ترددت بتزويدنا بالسلاح واشترينا من مصر الرباعيات ومقاومة الطائرات، السومرية، 14 يناير 2014. http://is.gd/WaIp6v

[7] “داعش” تعزل قياديا مصريا بعد نشر فيديو له يستهزئ من مسن سوري، صحيفة المصري اليوم، 18 يونيه 2014. http://is.gd/69kLYh

[8] U.S: 2 of Al Qaeda’s Top Leaders Killed in Iraq, CBS News, 19 April 2014. http://is.gd/Bh6jY6

[9] عاجل| “بيت المقدس” تنعى قتلاها الستة في معركة “عرب شركس”.. وتكفّر الجيش والشرطة، صحيفة الوطن المصرية، 23 مارس 2014.

http://is.gd/FXKK8E

[10] مارا كيفين، تبرير العنف: لماذا تستفيد القاعدة من مطاردة إخوان مصر؟، عرض: طارق راشد عليان، المركز الإقليمي للدراسات الاستراتيجية، 18 يونيه 2014.

http://is.gd/7hwStW

[11] داعش ينشر خريطة لدولته القادمة تضم العراق والكويت وسوريا والأردن ولبنان فلسطين.. ويدعو لمواصلة الزحف إلى بغداد، صحيفة البداية، 13 يونيه 2014.

http://is.gd/aA1i82

[12] فيصل مقداد: أجهزة مخابرات غربية زارت دمشق لبحث مواجهة الجماعات المتطرفة، هيئة الإذاعة البريطانية BBC، 15 يناير 2014.

http://is.gd/VuBFS8

[13] “العربي الجديد” يكشف محاور التدخل الإيراني لدعم المالكي، صحيفة العربي الجديد، 26 يونيه 2014. http://is.gd/yCwwhL

[14] منى علمي، الجيل الجديد من المقاتلين الجهاديين الأردنيين، نشرة صدى الالكترونية، 18 فبراير 2014. http://is.gd/lk7lOF

[15] الأردن و”داعش”.. المملكة داخل حدود “الدولة”، صحيفة العربي الجديد، 17 يونيه 2014. http://is.gd/sIHRRI

[16] Andrew McGregor, Will ISIS spur new strategic directions for Saudi Arabia?, Terrorism Monitor Volume: 12 Issue: 13, Jamestown Foundation, 26 June 2014. http://is.gd/jzzGCG

[17] Qatar: Where Terrorists Turn for Money?, The Soufan Group , 19 June 2014. http://is.gd/7nJqca

[18] أشرف عبد العزيز عبد القادر، الخطر الطائفي: الارتدادات المحتملة لتنظيم “داعش” على دول الخليج، مجلة السياسة الدولية، 17 يونيه 2014.

http://is.gd/L8fMzu

[19] فرانك غاردنر، أحداث العراق تشكل مأزقا عسكريا للأمريكيين، هيئة الإذاعة البريطانية، BBC،16 يونيه 2014. http://is.gd/O7kUvm

[20] جميل مطر، أوباما والعراق ومصر والقرار المعقد، صحيفة الشروق المصرية، 19 يونيه 2014. http://is.gd/2QwCtF

[21] مسؤول أمريكي: طائرات من دون طيار تحلق فوق بغداد، صحيفة الحياة اللندنية، 27 يونيه 2014. http://is.gd/urjlFK

[22] عبد العظيم محمود حفني، الموقف الأمريكي من الأزمة في العراق المحددات والسيناريوهات المحتملة، معهد العربية للدراسات، 16 يونيه 2014.

http://is.gd/qNEDg2

[23] صالح النعامي، التداعيات الاستراتيجية المحتملة لتقدم “داعش” كما تتوقعها إسرائيل، صحيفة العربي الجديد، 2 يوليو 2014. http://is.gd/fiMRyL

[24] من الصحافة الإسرائيلية: التطورات فى العراق تنطوى على خطر، صحيفة الشروق المصرية، 21 يونيه 2014. http://is.gd/tuynLs

[25] إسرائيل تدعم استقلال كردستان: حليف بأذرع متعددة، صحيفة العربي الجديد، 26 يونيه 2014. http://is.gd/JnO0bl

[26] خطف الأتراك بالموصل: تقييد استباقي لأي خطوة من أنقرة، صحيفة العربي الجديد، 17 يونيه 2014. http://is.gd/fD7jwz

[27] تركيا تدرج “جبهة النصرة ” على قوائم الارهاب، موقع صدى البلد، 3 يونيه 2014. http://is.gd/b58Jxk

[28] Karl Vick, Iraq Breakup Made Easier by Turkey’s Détente With Kurds, Time Magazine, 19 June 2014.

http://is.gd/GquAmU

[29] Sinan Ülgen, The Impact of ISIS on Turkey and Beyond, Carnegie Europe, 23 June 2014. http://is.gd/fxGZ1d

[30] Turkey’s AKP spokesman: Iraq’s Kurds have right to decide their future, Kurd Net, 14 June 2014. http://is.gd/6Ua0XV

[31] البارزاني: لا مناطق متنازع عليها بعد سيطرة الأكراد، الجزيرة نت، 27 يونيه 2014. http://is.gd/gzXLZp

[32] حيم موير، هل يؤدي النزاع في العراق إلى تعزيز حلم الأكراد بالاستقلال، هيئة الإذاعة البريطانية BBC، 14 يونيه 2014. http://is.gd/NTW7sQ

[33] مسعود بارزاني: سنجري استفتاءً على الاستقلال عن العراق خلال أشهر، هيئة الإذاعة البريطانية BBC، أول يوليو 2014. http://is.gd/fMQ6in

[34] مالك عوني، “مسافة السكة” بين مصر ومحيطها الإقليمي، جريدة التحرير، 6 يونيه 2014. http://is.gd/lBIJel

[35] السيسي لإيران: علاقتنا معكم تمر عبر دول الخليج، العربية نت، 21 مايو 2014 http://is.gd/EZxYyp

[36] محمد هاني، “قمة الطائرة”: مصر والحرب الإقليمية، صحيفة المصري اليوم، 21 يونيه 2014. http://is.gd/BWLd6h

[37] وزير خارجية مصر يزرو العراق ويدعو لموقف وطني جامع، الجزيرة نت، 11 يوليو 2014. http://is.gd/DqKszO

[38] السيسي يتدخل لمنع الجبوري “الإخواني” من رئاسة البرلمان العراقي، صحيفة العربي الجديد، 14 يوليو 2014. http://is.gd/6kOSV4

[39] كلمة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى الأمة بمناسبة ذكرى انتصارات العاشر من رمضان، متاح على الرابط التالي: http://is.gd/KvwRF8

[40] نبيل فهمي: مصر لا تنوي خوض “جهاد” ضد سوريا، هيئة الإذاعة البريطانية BBC،20 يوليو 2013. http://is.gd/aqk33o

[41] الجزائر توافق على توريد 5 شحنات غاز طبيعي لمصر، صحيفة الشروق المصرية، 25 يونيه 2014. http://is.gd/tbqCRr

Start typing and press Enter to search