محمد العجاتي
مصر
كتبت هذه الورقة بتكليف من منظمة يورو ميسكو euromesco وهي موجودة باللغة الإنجليزية على موقعها
رفعت الجماهير إبان ثورة الخامس والعشرين من يناير الكثير من الشعارات، وصدحت أصواتها بكثير من الهتافات التي تعبر عن مطالب هذه الجماهير وآمالها في مستقبل أفضل لها، إلا أن هذه الشعارات والهتافات المتعددة يمكن أن نضعها بكثير من الأريحية تحت أربع مطالب كلية أساسية للجماهير وهي: “عيش، حرية، عدالة اجتماعية، كرامة إنسانية”.
إلا أنه حتى الآن تبدو هذه المطالب غير متحققة على أرض الواقع، كما لا توجد مؤشرات إلى العمل من جانب السلطات التي وصلت إلى الحكم على تحقيقها، بقدر تركيزها على تكريس سلطاتها من خلال أجندة لفرض الأمن والاستقرار عبر سياسات قديمة وليس عبر تحقيق مطالب الثورة. وفي هذا الإطار تنقسم الورقة إلى ثلاثة أجزاء، الأول يطرح أهم مطالب الثورة المصرية، والثاني يحدد أهم الفاعلين الجدد على الساحة المصرية والذين قادوا إلى المشهد الحالي في مصر (ما بعد 30 يونيه)، والجزء الثالث يطرح تفاعل هذه الأطراف مع مطالب الثورة على المستويات المختلفة. ثم نحاول في الخاتمة طرح تصور لما سيئول له هذا التفاعل على التطورات القادمة في الحالة المصرية.
أولا: مطالب المصريون في ثورة يناير
لا يمكن إنكار حقيقة الدور العظيم الذي لعبته وسائل وتقنيات الاتصال الإلكتروني في تسهيل الدفع بالأمور في مسار ثورة الخامس والعشرين من يناير 2011، إلا أن مواقع التواصل الإلكتروني مثل فيسبوك لم تكن منشئة للأسباب التي حركت الجماهير في تلك الفترة، وإنما كنت كاشفة للواقع البائس الذي يحياه كثير من المصريين. وقد يكون هذا ردا على الادعاءات المبالغ فيها حول دور هذه التقنيات في حد ذاتها في تشكيل الموجة الثورية في يناير 2011، فمن جهة على الرغم من الشعبية التي يحظي بها الفيسبوك نظرا لسهولة استخدامه، تعدد الأدوات المستخدمة فيه (صور، وفيديو،.. الخ)، وإمكانيات التفاعل الفوري والمباشر فيه أكبر من جانب المشاركين، إلا أنه قبل رواج الفيسبوك، كان هناك تقنية المدونات والتي استخدمت كمتنفس أساسي لكثير من الناشطين لنقد الأوضاع العامة والنظام السياسي من خلالها.[2] ومن ناحية أخرى فقد كانت الأسباب متوفرة بالفعل للانفجار على المستويات الاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية، وقد تمكنت الأجيال الشابة التي وجدت في هذه المواقع مثل الفيسبوك متنفسا لها في مقابل ضيق المجال العام والتضييق على الحريات العامة واستشراء الفساد السياسي وغيرها من مظاهر الاستبداد، ومن ثم استغلت هذه المساحات لتناول الشأن السياسي، وفضح انتهاكات النظام السابق وجرائمه كما كان الحال في قضية خالد سعيد الشهيرة، حتى جاءت الدعوات لتنظيم فعاليات احتجاجية يوم 25 يناير الموافق لعيد الشرطة السنوي، تنديدا بانتهاكات الشرطة وسياساتها الأمنية، وهي الفعاليات التي استطاعت أن تقنع كثير من الجماهير وتلامس معاناتها بما رفعته من شعارات على امتداد الأيام التالية، ومن ثم المشاركة في هذه الفعاليات بقوة وبشكل مكثف من مختلف الفئات الاجتماعية. بل أن الأدق أن شعبية الفيسبوك قد تزايدت في أعقاب الثورة نظرا للمفاجأة التي شكلتها الأحداث لكثير من الأجيال الأكبر سنا أو الفئات التي لم تكن على علم بهذا العالم الافتراضي، ومن تزايد الرغبة في التعرف عليه باعتباره وسيلة الاتصال بين الجماهير في تلك الأيام.
1- عيش وعدالة اجتماعية
جزء كبير من إشكالية العدالة الاجتماعية في مصر، يمكن قراءته وتفسيره بالنظر للنظام الذي تبنته الدولة المصرية خاصة في السنوات العشر الخيرة من حكم مبارك، والقائم على أن تحقيق النمو الاقتصادي كاف لإنجاز التنمية والقضاء على الفقر. بشكل أعطى الأولوية لتحقيق النمو في سياسات الحكومة والقوانين الصادرة عن الجهة التشريعية التي تتغول عليها السلطة التنفيذية، وفتح الباب للتراكم الرأسمالي، وقد أثمر هذا النهج عن نمو اقتصادي وصل لـ7% وتزايد أرباح الشركات العالمية والإقليمية العاملة في مصر، إلا أن هذه الثمار بقت في يد قلة من السكان.[3]
وقد تجلى ذلك في العديد من الظواهر منها نسبة البطالة في التي وصلت إلى 9% (نسبة هائلة منهم من حملة الشهادات العليا)، ناهيك عن احتلال مصر للمرتبة 101 من حيث مؤشرات التنمية البشرية في تصنيف البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة عام 2010 (أي في تصنيف تنمية بشرية متوسطة)[4]. وصاحب ذلك أزمة توزيع للأجور ليس فقط بين القطاعات المختلفة وبعضها البعض (أو ما يُطلق عليه غياب العدالة الأفقية)، ولكن أيضا داخل القطاع الواحد فنجد من يحصل على مقابل قليل لعمله، في مقابل آخر يؤدي نفس العمل لكن يحصل على مقابل أعلى، وحتى داخل المؤسسة الواحدة أو القطاع الواحد نجد هوة عظيمة بين أدني أجر يحصل عليه العامل وأعلى أجر يحصل عليه شخص آخر (غياب العدالة الرأسية).[5] وما فاقم ذلك الهيكل الضريبي الذي يتسم بعدم العدالة في توزيع الأعباء بين الأغنياء والفقراء (flat taxes) وأفراد الطبقة المتوسطة، هذا ناهيك عن ارتفاع درجات التهرب الضريبي وتفادى الضريبة بأشكال مختلفة ولا سيما لدى أرباب المهن الحرة. أما عن الخدمات الأساسية فقد شهدت تدهورا مستمرا في عصر مبارك حتى وصلنا إلى وضع سيئ سواء على مستوى الاتاحة أو الجودة، ففيما يخص التعليم وصل عدد المحرومين من التعليم في مصر يصل لـ18% من السكان، والمحرومين من الحق في الصحة بتدابيره نجده يصل لـ16.9% من السكان، أما نسبة الإنفاق علي التعليم في مصر من الناتج المحلي الإجمالي تصل لـ3.8% فقط، هذا ناهيك عن التمييز بين الطلاب في ذات الشهادات على أساس القدرة الاقتصادية مما يساهم في إعادة إنتاج التمايزات والتفاوتات في المجتمع. أما الحق في الرعاية أو التأمين الصحي، فنجد أن مظلة التأمين لا تغطى سوى 50% من المصريين عموما بينما يظل البعض الآخر الأكثر احتياجا وفقرا مهمش دون أدنى حماية أو تأمين ضد المخاطر الصحية، ولا يزال الجزء الغالب على الإنفاق الكلي على الصحة يخرج من جيوب المواطنين مباشرة بنسبة تفوق 70% من إجمالي الإنفاق بما يعنى أن عبء العلاج يقع فعليا على المواطنين بينما لا تفي نظم التأمين العام بشيء عنهم، وليس بخاف على أحد أن المؤشرات الصحية في مصر تظهر انحيازا شديدا على حساب الأكثر فقرا حيث يستفيد الأغنياء نسبيا من غالب الخدمات العامة.[6]
وعليه فكان هناك الكثير من الاجتهادات قبل ثورة 25 يناير، لعلاج هذه الإشكاليات المرتبطة بالعدالة الاجتماعية، وقد نشطت هذه الاجتهادات بعد الثورة على أمل أن انفتاح النظام السياسي سيسمح بإعادة صياغة واقع السياسات الداعمة للعدالة الاجتماعية في أي من الحقوق السالفة الذكر على النحو التالي:[7]
- تصحيح هيكل الأجور من خلال تطبيق حد أدني للأجور في القطاعين العام والخاص يتناسب مع التكلفة الفعلية لسلة من السلع والخدمات الرئيسية، بما يضمن حياة كريمة للعاملين، ويتغير طبقا لتغير أسعار سلة السلع. وتطبيق حد أقصى في أجور موظفي الدولة والجهاز الحكومي. بالتزامن مع السيطرة على أسعار السلع بسياسة جادة لمواجهة الاحتكارات ودعم التنافسية. مع ضمانات تأمينية شاملة لجميع المواطنين في حالات المرض والعجز والشيخوخة، ومعاش يتناسب مع الحد الأدنى والأقصى للأجور لجميع المتقاعدين عن العمل ولجميع الأسر التي بلا عائل. وتقنين إعانة بطالة للعاطلين عن العمل لا تقل عن الحد الأدنى للأجور.
- تحقيق زيادة كبيرة في إيرادات الموازنة العامة، عبر تغيير أولوياتها وفلسفتها التي تخدم الرأسمالين والأثرياء وتحمل الفقراء أعباء العجز المالي، عن طريق: فرض نظام للضرائب التصاعدية على الدخل يتناسب مع فجوة الدخول الهائلة في مصر، فرض ضرائب على الأرباح الرأسمالية، وعلى تعاملات البورصة، إلغاء كل صور الدعم الموجه لغير المستحقين، سواء في صورة الإعفاءات الضريبية أو في صورة دعم الطاقة للصناعات كثيفة الاستهلاك للطاقة. إضافة إلى تغيير عقود الإذعان الخاصة بتصدير الغاز والنفط، وتعديلها طبقا للأسعار العالمية، وتقنين عمل جميع المستشارين الحكوميين، وحذف الأجور الخرافية التي يتحصلون عليها.
- على مستوى الخدمات فقد تركزت المطالب على أهمية زيادة الاستثمارات العامة في الصحة والتعليم وفي مشروعات البنية الأساسية وفي مشروعات التنمية في المحافظات التي تم تهميشها خلال العقود الماضية، وعلى رأسها الصعيد وسيناء. وتطوير التعليم، وضمان مجانيته في جميع مراحله، وزيادة فترات التعليم الأساسي. وتحقيق تأمين صحي شامل لجميع المواطنين، وقيام الدولة بتوفير جميع الخدمات الصحية الأساسية والعاجلة بالمجان للجميع. وضمان سكن صحي وآدمي لجميع المواطنين، وتوجيه الاستثمارات لصالح الإسكان الشعبي والمتوسط وتوفيره بقروض تعاونية طويلة الأجل.
2- حرية وكرامة إنسانية:
غير خافي أن كثير من الحقوق والحريات الأساسية التي نصت عليها المواثيق الدولية مثل العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية (المنضمة له مصر منذ عام 1982)، كانت غائبة أو صورية مثل الحريات السياسية المتعلقة بالمشاركة في الشأن العام بشكل مباشر أو عن طريق ممثلين سياسيين، حريات الفكر، التعبير، والرأي، والقيود الممارسة على الإعلام والصحف، بل وملاحقة ذوي الرأي المخالف والمستقل، وكذلك حريات التنظيم والاجتماع وإنشاء الأحزاب والنقابات، والتي كانت تخضع لقيود واضحة سواء بشكل مؤسسي وقانوني كما كان الحال في لجنة شؤون الأحزاب (المسيطر عليها من عناصر الحزب الوطني) والتي كانت تعيق تأسيس الأحزاب بما تفرضه من شروط تعجيزية لإنشاءها، وتتدخل في إدارة بعض الأحزاب وتشكيل هيئاتها العليا مثل ما حدث في حالة حزب الغد،[8] أو بشكل أمني عن طريق الملاحقات الأمنية لهؤلاء، ناهيك عن القبض على المتظاهرين والمطالبين بحقوقهم الاقتصادية والاجتماعية، مثل اعتصام المحلة لعام 2008.[9] إضافة إلى ما شهدته الحالة المصرية وخاصة في السنوات العشر الأخيرة من حكم مبارك من انتهاك واضح لحقوق الإنسان من جانب الأجهزة الأمنية والتي نددت به منظمة العفو الدولية، ومؤسسة هيومن رايتس ووتش في كثير من تقاريرهما، والتي أكدت فيه على كون مراكز الشرطة، والاحتجاز، والسجون، وبالطبع مراكز جهاز مباحث أمن الدولة، أماكن يتفشى فيها التعذيب، وغيره من أشكال المعاملات السيئة،[10] لدرجة يمكن معها توصيف هذه الانتهاكات بأنها ذات طابع يومي ومستمر وممنهج من جانب عناصر جهاز الشرطة، تبدأ من التعذيب، اعتقال عشوائي، اختفاء قسري على أيدي رجال الشرطة، وهي سياسات كان من شأنها إثارة تذمر المواطنين في السنوات الأخيرة، ولعل حوادث مثل حادثة خالد سعيد، وسيد بلال، وعماد الكبير من الأمثلة الأبرز لمثل هذه الانتهاكات والتي صاحبها نشاط حقوقي وحركي من جانب الشارع، وعلى الفضاءات الإلكترونية للمطالبة بتقصي الحقائق في هذا الصدد. وحتى لحظة الانفجار في يناير 2011 والتي بدأت في صورة مظاهرات مناهضة للشرطة في عيدها يوم 25 يناير، للتنديد بما ترتكبه من انتهاكات للمواطنين.
وعليه خرجت الثورة تحمل مطالب تتعلق مباشرة بالحريات والحقوق السياسية والمدنية التي طالب بها الجماهير بعيدا عن تضييقات وملاحقات الدولة الأمنية في مصر، كما أن هذا المطلب يعكس في الوقت ذاته رغبة الجماهير الهيكلية في بناء نظام سياسي ديمقراطي ومؤسسي. وهنا يمكن تناول هذا المطلب على ضوء الواقع المصري عند انطلاق الثورة:
- تأسيس جمهورية ديمقراطية مدنية –لا عسكرية ولا دينية- تقوم على التنافس السياسي الحر بين كل القوى وعلى الانتخاب النزيه المباشر لممثلي الجماهير في كل مواقعها ومراتبها. وإطلاق جميع الحريات السياسية والنقابية والمدنية والشخصية وحريات النشر والإعلام. وإطلاق حق تأسيس الأحزاب والنقابات والجمعيات والاتحادات والروابط. وإطلاق حق التظاهر والإضراب والاعتصام وجميع صور الاحتجاج السلمي. مع نبذ الاستقطاب على أسس دينية أو طائفية ومواجهة الممارسات التي تسعى لإصباغ المجتمع بلون واحد ينفي الآخر ويهدم التنوع.
- إصلاح مؤسسات الدولة خاصة جهاز الشرطة وإعادة هيكلته وإلغاء أجهزة الأمن السياسي. وضمان استقلالية القضاء، مع فصل سلطة التحقيق عن سلطة الاتهام. وإخراج إعلام الدولة من تحت يد الحكومة وتطويره وضمان حياده السياسي.
- فصل السلطة عن سيطرة رأس المال من خلال تطبيق قواعد دولة القانون واتباع ممارسات الحوكمة والشفافية والمحاسبية، وتقنين إتاحة المعلومات والإفصاح في مختلف قطاعات الدولة والقطاع الخاص والأهلي.
مع تطور الأحداث في أعقاب الخامس والعشرين من يناير، نجد أن قوات الأمن قد استندت للتعامل الأمني المفرط مع المتظاهرين، ومن ثم سقوط ما يُقارب من ألف قتيل، وعدة آلاف من المصابين، ومئات المفقودين دون أثر حتى اللحظة الراهنة، وهي تطورات فرضت ضرورة لوجود وتطبيق منظومة للعدالة الانتقالية تقوم على:
- توثيق الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي تم ارتكابها ضد المواطنين وغيرها من صور سوء استغلال السلطة والنفوذ، ومن ثم ضرورة إعلام المواطنين بها لتشكيل رأي عام بصددها.
- تقديم المتورطين في قتل وإصابة الثوار للمحاكمة. ومحاكمة المتورطين في جرائم القتل والتعذيب والاختفاء القسري، وفرض احترام القانون وحقوق المواطنين دون تمييز.
- والتأكيد مجددا على إصلاح مؤسسات الدولة المصرية وعلى رأسها المؤسسات الأمنية والقضائية والاعلامية بشكل يضمن تطهيرها من الفساد، وتطويرها مهنيا وإداريا.
- مع أهمية جبر الضرر الذي أصاب المصابين واسر الشهداء ماديا ومعنويا، من خلال مجموعة من الإجراءات، ومنها: تولي الدولة لعلاج المصابين في الداخل والخارج وإيجاد وظائف ملائمة لهم، وإقامة نصب تذكاري لشهداء الثورة وإطلاق أسمائهم على شوارع في محافظاتهم.
ثانيا: الفاعلون المؤثرون
استمر المجلس العسكري في الحكم في الفترة التي امتدت من الحادي عشر من سبتمبر2011 حتى يونيه2012،على الرغم من تعهده في بداية حكمة بالالتزام بفترة ستة أشهر فقط. وقد جاء هذا التسليم للسلطة تحت ضغوط من الحركة الثورية كان أبرزها أحداث محمد محمود ومجلس الوزراء. ليبدأ الرئيس محمد مرسي (مرشح الإخوان المسلمين) حكمه في يونيه 2012 حتى يونيه 2013، بعد فوزه بـ51% على مرشح ينتمي لنظام مبارك وآخر رئيس وزراء في عهده “الفريق/ أحمد شفيق”، بعد أن فشل كل ممثلي الثورة في التوحد ليخرجوا من الجولة الأولى رغم حصولهم على ما يقرب من 41% مجتمعين من أصوات الناخبين[11] إلا أن أكثرهم حمدين صباحي ممثل التيار القومي لم يحصل إلا على 21% مما لم يؤهله لجولة الإعادة.
وقد تمكن مرسي من زيادة الأصوات التي حصل عليها في الجولة الثانية ليتمكن من الفوز عبر وعود للتيارات الثورية بإصلاحات جذرية وتحقيق مطالب الثورة وكذلك التزامه بحقوق المصابين والشهداء منذ عهد مبارك إلى حين توليه السلطة، وكان أبرز تعهداته ما أطلق عليه تعهدات “فيرمونت”.[12]
ألا أن المصريين لم يشهدوا أي تغير إيجابي في عهد محمد مرسي.
- ذات السياسات الاقتصادية التي تهمل العدالة الاجتماعية، وتضع نصب أعينها تحقيق النمو الاقتصادي أولا، وإعطاء الأولوية للقطاع الخاص، وهي الاعتبارات الاقتصادية التي توازي معها قمع الكثير من احتجاجات وإضرابات العمال التي كانت تطالب بالإنصاف في حقوقها وأجورها، واتخاذ العديد من الإجراءات الإدارية ضدهم كالفصل من العمل، التحويل للتحقيق سواء للنيابة الإدارية أو العامة.[13]
- نفس حالة القمع الأمني والتضييق على الحريات السياسية. وهو ما رصدته تقارير دولية كتقرير هيومن رايتس ووتش عن استمرار نهج قطاع الشرطة بالاعتماد على القبضة الأمنية، وسقوط قتلى نتاج التعذيب على يد عناصر البوليس، ولعل حادثة بورسعيد 2012 هي الحدث الأكثر وضوحا والذي راح ضحيته 32 شخصا، والتي رافقها تطبيق لحالة طوارئ في مدن القناة بشكل وسع من سلطة قوات الأمن في ملاحقة المواطنين العاديين.[14]
- إضافة إلى دستور غير توافقي، جرى تمهيد الأرض له من خلال إصدار إعلان دستوري في نوفمبر 2012 بغرض تحصين كل من مجلس الشورى، والجمعية التأسيسية التي كانت على وشك الانتهاء من أعمالها في كتابة الدستور حيث عكس مشروع الدستور وعملية كتابته قدر الانفراد والغلبة الممارسة من قوى الإسلام السياسي وخاصة الإخوان المسلمين لتمريره دون الأخذ بآراء بقية القوى السياسية في مواده، ودون حتى الاعتبار لحجم المظاهرات التي خرجت رافضة لمثل هذا الإعلان وكذلك مشروع الدستور.[15]
- تحالف مع يمينهم الديني والتغاضي عن انتهاكات هذا الأخير للحريات الشخصية، وهو ما بدى في التحالف بين حزب النور والحرية والعدالة والذي دفع لتقديم كثير من التنازلات من جانب حزب الحرية والعدالة خاصة في مواد الشريعة والهوية وغيرها من مواد الحريات الشخصية والعامة والتي كانت أقرب للتقييد في مقابل قبول القوى الأخرى بالمواد التي من شأنها تسهيل تمكين قوى الإخوان المسلمين.
حالة الاستئثار بالسلطة من جانب جماعة الأخوان وتخليهم عن كل تعهداتهم واستمرارهم على ذات السياسات والنهج المؤسسي لدولة مبارك مع توظيفها لصالحهم، وظهور حالة من عدم الكفاءة في إدارة الملفات الهامة، كل ذلك أدى إلى حالة من الاحتقان الواسع وظهور مجموعة من الفاعلين الذين كان لهم دور في عملية الانتقال الأخير (30 يونيه) والتي أدت إلى وصول مصر للمشهد الحالي من سقوط مرسي وخروج جماعة الإخوان المسلمين من دائرة الحكم. وينقسمون لمجموعتين أساسيتين:
- الفاعلون الجدد
يمكننا بوضوح تبين ظهور محاولات لتأسيس أحزاب في مواجهة نظام محمد مرسي بعضها جاء من خلفية مختلفة عن تلك التي في السلطة (خلفية ليبرالية) ويمكن هنا أن نأخذ حزب الدستور كمثال، وأخرى جاءت على ذات الخلفية (مرجعية إسلامية) لكن برؤية أخرى عن تلك التي تحملها جماعة الأخوان المسلمين مثل حزب مصر القوية. إلا أن التشكيلات السياسية لم تكن فقط في الشكل الحزبي الجديد وإنما جاءت كذلك في شكل تحالفات سياسية كان أبرزهم “جبهة الإنقاذ الوطني” أو حركات سياسية “التيار الشعبي” أو حركات شبابية “حركة تمرد”.
تشكل حزب الدستور في عام 2012، ضمن موجة الأحزاب التي ظهرت مترافقة في هذه الفترة، مستندا بالأساس لجملة الشباب الذين كانوا ملتفين من قبل الثورة حول د. محمد البرادعي، يُعرف عن هذا الحزب أنه حزب ليبرالي، متبنيا شعارات الثورة (عيش- حرية- عدالة اجتماعية) وهي لا تختلف كثيرا عن شعارات كثير من الأحزاب الأخرى، وهو ما عبرت عنه عدد من قيادات الحزب بالفعل مثل الدكتور محمد البرادعي، بأن فكرة الحزب ليست جديدة، وإن كان هو بناء سياسيا تتطلبه “اللحظة الراهنة”.[16] أما حزب مصر القوية أسسه د. عبد المنعم أبو الفتوح عام 2012 عقب انتهاء الانتخابات الرئاسية (على غرار التيار الشعبي، وحزب الدستور)، استنادا لكثير من الكتلة الشبابية التي شكلت العماد الأساسي لحملته الانتخابية، البعض يضع الحزب في تصنيفات اليسار الوسط، أو الأحزاب الإسلامية التقدمية، وأن الحزب يحوي بداخل صفوفه تنويعات مثل الشباب المنشقين عن جماعة الإخوان المسلمين، المنتمين للحالة الإسلامية بشكل عام، مع بعض التيارات أو الاتجاهات اليسارية، وهذا التنوع ربما يكون انعكاسا للحملة الانتخابية لمرشح الحزب (عبد المنعم أبو الفتوح) والتي تضمنت داخلها تنويعات لكثير من المثقفين أو المستشارين المنتمين لتيارات سياسية مختلفة. ربما يكون التحدي الأكبر الذي يواجه هذا الحزب مقارنة بالأحزاب الأخرى التي ترافق ظهورها معه في أعقاب نهاية الحملات الرئاسية هو درجة التذبذب الكبيرة التي يُوصم بها الحزب في قراراته السياسية وكذلك قرارات وتصريحات كوادره.
أما جبهة الإنقاذ الوطني فتمثل تكتلا سياسيا ظهر بعد إصدار الرئيس محمد مرسي للإعلان الدستوري في نوفمبر 2012، وقد عمد هذا الإعلان إلي تحصين كل من مجلس الشورى والجمعية التأسيسية للدستور من الحل إزاء احتمالات حل كل منهما للمخالفة الدستورية في تشكيلهما. وهي بدورها تتشكل من 35 حزبا وحركة سياسية يغلب عليها الطابع المدني (الليبرالي واليساري)[17]، بيد أن هذه الجبهة أو التكتل في محاولة لتجميع قوى هذه الأحزاب المدنية المحدودة لمواجهة ما رأته حينها من تعالي للمد الإخواني وبروز النوازع السلطوية لهذا المد والتي تأكدت لدي قطاع كبير على أعقاب الإعلان الدستوري لشهر نوفمبر 2012، ومع قرب لجنة الدستور التأسيسية من أعمالها ومن ثم تمرير دستور 2012 والذي كان محل خلاف من الجميع نظرا لما ورد فيه من مواد محل، ناهيك عن تشكيل الجمعية والعناصر الموجودة فيها. وقد سعت اللجنة لوضع استراتيجيات بديلة لمواجهة سلطة الإخوان التي مررت الإعلان الدستوري، وكانت على وشك تمرير مشروع دستور 2012، من أجل إسقاطهما.
وفي هذا السياق تشكلت جبهة الإنقاذ الوطني للدفاع عن الدولة المدنية الديمقراطية في مصر واتخاذ موقف موحد لرفض الإعلان الدستوري الذي منح فيه الرئيس لنفسه سلطات استثنائية، والحق في إصدار ما يشاء من قوانين، وحصن قراراته وقرارات الجمعية التأسيسية التي تولت صياغة الدستور وقرارات مجلس الشورى. كما بدأ قادة الجبهة في حشد الشارع المصري لرفض الدستور الذي تم إعداده على عجل من قبل الجمعية التأسيسية التي سيطر عليها أحزاب الإسلام السياسي بعد انسحاب ممثلي الأحزاب المدنية والكنيسة والمرأة ومنظمات المجتمع المدني. وتقرر أن يكون الدكتور محمد البرادعي منسقا عاما للجبهة، على أن تتخذ القرارات داخل هيئتها القيادية العليا التي تضم قادة الأحزاب المختلفة بالإجماع بعد استعراض مختلف الآراء.[18]
وفي محاولة جديدة على الساحة المصرية ظهر التيار الشعبي الذي يرفض المؤسسون له استخدام كلمة حزب لتوصيفه ويؤكدون على أنه تيار فكري وحركي[19] وهو تجمع سياسي يساري ويرأسه حمدين صباحي، أُعلن عن إطلاقه في سبتمبر 2012، والذي تكون بشكل أساسي من الحملة الانتخابية الداعمة له في انتخابات الرئاسة المصرية لعام 2012، كما هو حال عدد آخر من الأحزاب أو الشخصيات السياسية التي خاضت الانتخابات الرئاسية. ويتبني التيار مثله مثل غيره شعار الثورة (عيش، حرية، عدالة اجتماعية).[20] أما حركة تمرد، فيمكن وصفها علميا بالحملة والتي دعا مطلقوها لجمع توقيعات من المصريين بغرض سحب الثقة من الرئيس مرسي، والدعوة لعقد انتخابات رئاسية مبكرة، وقد دعت الحركة ليوم 30 يونيه ليكون يوما للتمرد، وقد بدأت هذه الحركة في شهر مايو بطباعة استمارات يُفترض أن يوقع عليها المواطنون، وكان الدافع المحرك لنشأة هذه الحركة كما ورد ببيان مؤسسي الحركة هو التدهور في الحالة الاقتصادية، سوء الأحوال السياسية بعد وصول الرئيس مرسي وجماعة الإخوان المسلمين للحكم. وقد بدأت الحركة نشاطها على الأرض بجمع التوقيعات على هذه الاستمارات في مدينة بورسعيد شمال شرق القاهرة والتي كانت قد شهدت توترات أمنية في يناير 2012، وسخط شديد على سياسات الرئيس مرسي، وصولا لدخول جماهير المحافظة في حركة عصيان مدني، ثم عادت الحركة من بعدها لتستأنف نشاطها من القاهرة والتي لقت تفاعلا إيجابيا وقبول واسع بين المواطنين، بشكل مكنها من جمع 200 ألف توقيع خلال الأسبوع الأول منها، الأمر الذي دفع كثير من الحركات السياسية المعارضة التقليدية لدعمها مثل حزب الدستور، التيار الشعبي، حزب المصريين الأحرار، حركة كفاية، حركة 6 أبريل، وهو دعم كان فعلى وواقعي حيث قامت هذه الحركات بفتح أبواب مقراتها، وتجنيد كوادرها للعمل في خضم هذه الحملة.[21] وقد حددت الحملة في عدد من المؤتمرات الصحفية لها أهدافها في:
- عزل الدكتور محمد مرسي من رئاسة الجمهورية وتسليم منصبه لرئيس المحكمة الدستورية العليا الذي سيقوم بتمثيل البلاد في الخارج فقط.
- اختيار شخصية سياسية مشهود لها بالكفاءة رئيسا لحكومة تدير شؤون البلاد خلال المرحلة الانتقالية.
- تشكيل حكومة كفاءات (تكنوقراط) لإصلاح الأوضاع المتردية بالبلاد.
- الفاعلون الجدد/القدامى:
ويمكن هنا تبين مجموعة من الفاعلين ما بعد ثورة يناير كان لهم دورا بارزا قبل وصول محمد مرسي إلى السلطة وجرى خلال فترة حكمه محاولات إما لإقصائهم أو اختراقهم من خلال جماعة الإخوان المسلمين، وبالتالي كانوا في حالة استنفار ضد حكم محمد مرسي ومع الحراك الذي أحدثته حركة تمرد الشبابية قرروا التحرك لإسقاط نظام الاخوان. وهما بوضوح هنا إما أحزابا أو مؤسسات في الدولة المصرية.
على مستوى الأحزاب يمكن النظر لحزب سلفي ديني كحزب “النور” أو حزب مدني مثل “المصري الديمقراطي الاجتماعي”. حزب النور الذي يعبر عن إحدى أقوى الاتجاهات السلفية، وهو الذراع السياسية للدعوة السلفية في الإسكندرية، يعلن صراحة أن الدفاع عن الهوية الإسلامية هو الدافع الأساسي لخوضه غمار العمل السياسي، ويدافع الحزب عن تطبيق الشريعة الإسلامية، وقد تمكن من الحصول على 22% من مقاعد مجلس الشعب ضمن تحالف الكتلة الإسلامية الذي تزعمه كل من حزبي الأصالة والبناء والتنمية، وحاز منها حزب النور لوحده على 108 مقاعد، كما حصل الحزب في انتخابات مجلس الشورى على 46 مقعدا.[22]
ونجد أن العلاقة بين حزب النور السلفي وحزب الحرية العدالة تتسم بقدر كبير من التداخل والتعقد ففي بعض الحالات كانت تتسم بقدر من التنافس كما كان الحال في انتخابات البرلمان 2011/2012، ووصولا للتفاهمات المتبادلة داخل البرلمان خاصة في قضايا الشريعة والهوية، حيث نجد أن هذا التوافق أصبح أوضح ما يكون في معركة الدستور والتي ساد خلالها تفاهم بين الطرفين من أجل تمرير المواد التي تتسق مع تصور حزب النور عن الشريعة، وكذلك تمرير المواد التي يرتضيها حزب الحرية والعدالة والتي تدور شبهات حول توجهاتها السلطوية بهدف التمكين،[23] إلا أن هذه التفاهمات لا تنفي وجود تنافس وتوجس بين الطرفين وهو ما تعكسه كثير من التصريحات التي يطلقها كل طرف منهم حول الآخر، إلا أن بوادر الشقاق الحاد بدأت على أثر ما نشره حزب النور من وثيقة أخونة الدولة والتي قدمت أرقام وخريطة حول الكوادر الإخوانية التي تم إدماجها في مؤسسات الدولة المصرية بغرض تحقيق التمكين،[24]وتبعها الكثير من البيانات التي أصدرها الحزب وقاداته مثل ياسر البرهامي والتي كانت توجه انتقادات واضحة للإخوان المسلمين حول إدارتهم السياسية للبلاد، وكذلك التصريحات التي تبرر موقف الحزب من الوقوف إلي جانب تدخل الجيش وحركة الجماهير في 30 يونيه، وهو ما تجلى في ظهور جلال مرة أمين حزب النور وقت إعلان بيان القوات المسلحة يوم 3 يوليو الذي عٌزل بموجبه الرئيس مرسي، إلا أن دوره لم يتوقف عند هذا الحد بل امتد لمشاركته في ترتيبات خارطة طريق 3 يوليو وهي المشاركة التي تتضح في مشاركة عناصره في لجنة تعديل الدستور- هو الحزب الإسلامي الوحيد في اللجنة، ومن الملاحظات الهام إيرادها هنا أن الحزب يبدي الكثير من الاعتراضات على نصوص المواد المقترحة خاصة في نصوص المواد 2، و3، و4، و129، وجلها مواد تعني بتنظيم أمور الهوية والشريعة، وإن كان الحزب وعناصره المشاركة في اللجنة تدفع عن نفسها تهمة تقوقعها حول مواد الشريعة، بل تعلن امتلاكها لتصور كامل للمواد الدستورية المطروحة للنقاش والتعديل.[25]وكان هو الحزب الأكثر اعتراضا على أسماء المرشحين لرئاسة الوزراء خلال المرحلة الحالية، والتي يبدو منها أنهم يضعون العصا في العجلة للتيارات السياسية، بينما يطيعون ويساندون أي قرار من أجهزة الدولة.
أما حزب مصر الديمقراطي الاجتماعي فهو حزب سياسي تكون في عام 2011 في أعقاب ثورة 25 يناير، ويتبنى أيديولوجية ديمقراطية اجتماعية.[26]خاض الحزب انتخابات مجلس الشعب لعام 2011-2012 متحالفا مع حزبي التجمع والمصريين الأحرار فيما عٌرف بتحالف الكتلة المصرية، حصل الحزب ضمن هذا التحالف على حوالي 16 مقعدا، أما في انتخابات مجلس الشورى فقد حصل الحزب على 8 مقاعد من إجمالي مقاعد التحالف.[27] وقد كان الحزب من مؤسسي جبهة الإنقاذ ومن المفترض أن يلعب الآن دورا بارزا على الساحة حيث أن رئيس الوزراء ونائبه (د. حازم الببلاوي ود. زياد بهاء الدين) من مؤسسي الحزب.
أما عن مؤسسات الدولة فالأبرز على الساحة السياسية الآن هو القوات المسلحة والإعلام. فالمؤسسة العسكرية: ربما تكون من أكثر الفاعلين تعقدا عند تناولهم، خاصة أننا نستعرض دورها بشكل أساسي في إطار العملية السياسية والعمل السياسي، وهنا نميز داخل هذه الفئة بين المجلس العسكري الأول والذي تولى القيادة في مصر في أعقاب ثورة يناير 2011، وبين تصدر المشهد بعد عزل محمد مرسي.[28] فنجد أن هذا المجلس كان مسئولا في أعقاب الثورة عن خارطة الطريق وتطبيقها وهو ما نجده بداية من إعلانه تعهده بإدارة البلاد بعد تنحي الرئيس المخلوع حسني مبارك، وكذلك في الإشراف على ترتيبات المرحلة الانتقالية الأولى بداية من الاستفتاء الدستوري (مارس 2011)، واتخذ المجلس بالفعل عددا من الإجراءات والقوانين المتعلقة بالسياسة الاقتصادية، إلا أن العلاقة بين المجلس العسكري والسياسيين وخاصة القوى الثورية قد طالها قدر كبير من التوتر، أسفرت عن احتكاكات عنيفة بالفعل نتج عنها عدد كبير من القتلى والمعتقلين في بعض الحالات. إلا أن أحداث اشتباكات كل من محمد محمود ومجلس الوزراء كانتا نقطتين فارقتين في علاقة المجلس العسكري بالجماهير من ناحية، ومن ناحية أخرى كانتا نقطتين في المسار السياسي نحو الدفع بتسريع تسليم السلطة للمدنيين والمضي قدما نحو إقرار الانتخابات البرلمانية والرئاسية على التوالي، وحتى جاءت انتخابات الرئاسة معلنة فوز الرئيس محمد مرسي. أعقب ذلك خروج المشير حسين طنطاوي، ورئيس الأركان سامي عنان للتقاعد وتكريمهما، ليتولى وزارة الدفاع الفريق عبد الفتاح السيسي، وهى مرحلة توارى فيها المجلس العسكري في إدارة البلاد (على الأقل في المشهد العام)، والذي عاد ليتصدره مرة أخرى في أعقاب مظاهرات 30 يونيه والتي أسفرت عن مسار 3 يوليو، وهو المسار الذي تصدرته المؤسسة العسكرية ممثلة في شخص وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي، دون تركيز يُذكر من جانب الجماهير أو المحللين للمجلس الأعلى للقوات المسلحة كما كان الحال في المرحلة الانتقالية الأولى.
أما الإعلام فلا يقل في أهميته أو حجم الدور الذي يؤديه عن أي فاعل سياسي آخر، ففي مرحلة ما بعد الثورة، انتزع الإعلام مساحة الحرية والتفاعل في المناخ العام، استفادت وسائل الإعلام على تعددها من هذه المساحة، إلى جانب تزايد عدد القنوات التي تم إطلاقها في هذه الفترة خاصة الخاصة، وكذلك عدد من الصحف المستقلة والخاصة وكذلك الحزبية منها أو المحسوبة على أي فريق سياسي (كما كان الحال في جريدة الحرية والعدالة، قناة مصر 25). إلى جانب اتضاح الميل السياسي الحقيقي لعدد آخر من القنوات. أما بالنسبة للإعلام الرسمي أو المملوك للدولة فقد طغى عليه تغير في الأيام الأولى للثورة نحو تغيير مفرداته وأسلوب عمله، وقد سيطرت عليه كل السلطات التي تعاقبت بعد الثورة وكان أداة من أدواتها. لا يخفي على أحد أن كثيرا من القنوات الفضائية الخاصة العامة والتي تتمتع بشعبية عالية لدى المواطنين والمشاهدين كانت على طرف النقيض مع الإخوان، والتي عملت في مرحلة ما بعد الانتخابات على تسليط الضوء على الرئيس المنتخب وأداؤه في ظل تشكك حول نواياه باعتباره من جماعة الإخوان، وقد تسلطت الأضواء بشدة بداية من متابعة ما تم تحقيقه من برنامج المائة يوم الأولى من حكم مرسي وفقا لما وعد به في جولة الانتخابات الرئاسية، وقد تسلطتالأضواء أكثر على الرئيس وأدواء، وفي المقابل نجد أن السلطة ركنت للصدام مع أجهزة الإعلام الحكومية منها والخاصة على النحو الذي تبين في سياسة إحالة كثير من العاملين في ماسبيرو للتحقيق أو الإيقاف،[29] وكذلك التدخل في السياسات التحريرية للصحف ومنع مقالات كُتاب بعينهم.[30]
تلت ذلك مرحلة تحضير الجماهير وشحذها للخروج في 30 يونيه، وما تبنته وسائل الإعلام من توجهات ودعاية صورت عزل مرسي باعتباره انتصارا للإرادة المصرية، ومع تنامي الأحداث بدأت القنوات تتبني خطابا حادا تجاه الإخوان المسلمين أو الرافضين للتعامل الأمني معهم على ما جرى في اعتصامي النهضة ورابعة العدوية، ومن ثم اتهامه بالعمالة أو كونه أحد الخلايا الإخوانية النائمة، وقد انعكس أيضا في سياسة استضافة الضيوف للقنوات وتجنب المخالفين للتوجه العام الذي يرغب في الاصطدام بالإخوان،[31] أو الداعي لعقد مصالحة وطنية مع جميع الأطراف على ضوء تطبيق حقيقي للعدالة الانتقالية، كما أنه وفي إطار إجراءات احترازية تم إغلاق القنوات التابعة للتيار الديني في 2 يوليو. وبالتالي أصبحت الساحة الإعلامية تتحدث بصوت واحد تقريبا.
ثالثا: الفاعلون ومطالب الثورة.. التمسك بالشعار والانصراف عن السياسات
نجد أن القضايا المتعلقة بتنظيم الحياة السياسية في مصر وما يرتبط بها من قضايا اجتماعية واقتصادية، في المرحلة التي أعقبت الثورة وحتى الآن، قد عانت إلى حد كبير من التفريغ من المضمون وإلى حد كبير كذلك الممارسة من جانب القوى السياسية خاصة قوى الإسلام السياسي منها، والتي كانت المناقشات حولها تستدرج لزاوية الاستقطاب المدني-الديني، والذي كان يعطي الانطباع بالمباراة الصفرية، إلى جانب أن القوانين والمناقشات حولها تعكس العقلية التي لم تختلف كثيرا عن عهد مبارك في معالجة الأمور.[32]
وهنا يمكننا تحليل مواقف الفاعلين الجدد من مطالب الثورة على عدة مستويات:
- على مستوى الأحزاب:
نجد أن شعارات الثورة مرفوعة في كل الأحزاب السياسية التي ظهرت في الفترة اللاحقة للثورة بل أن بعض الأحزاب القديمة التي كانت تعمل بالتنسيق مع نظام مبارك هي الأخرى رفعت شعارات الثورة، حتى وإن تعارضت مع التوجه الفكري التي نشأت من أجلها. وقد أفردت برامج هذه الأحزاب مساحة واسعة في برامجها للتفاعل مع شعارات الثورة.
لعل الملاحظة الأبرز التي يمكن إيرادها في برامج الأحزاب السياسية التالية (مصر القوية، والمصري الديمقراطي الاجتماعي، وحزب الدستور) أن هناك قدرا كبيرا من الاتفاق فيما بينهم في عدد من النقاط الأساسية المتعلقة بمطالب الثورة وكيفية معالجتها، على الرغم مما يقال عن تنوع انتماءات هذه الأحزاب بين يسار وسط، ديمقراطي اجتماعي، وليبرالي، وهو ما يمكن أن نجده في قضايا مثل العدالة الاجتماعية ممثلة في حقوق الصحة والتعليم والمواصلات والتي كلها تؤكد على ضرورة أن يكون للدولة دورا فاعلا في ضمان هذه الحقوق، وكذلك على ضرورة أن تلتزم الدولة المصرية في صددها بما جاء في المواثيق الدولية، والأمر ذاته فيما يتعلق بتأكيد برامج هذه الأحزاب على ضرورة تطبيق حدود دنيا وقصوى للأجور داخل مؤسسات القطاع العام، وتطبيق حد أدنى للأجور في القطاع الخاص. أما فيما يتعلق بالحقوق والحريات العامة والسياسية، فلم يختلف أيا منهم في تأكيده على الحقوق والحريات العامة بداية من الاجتماع، إطلاق حريات تكوين النقابات والأحزاب وغيرها من الجمعيات الأهلية.
إلا أن التمايز بين برامج هذه الأحزاب يكون أوضح ما يكون في قضايا أخرى فنجد أن برنامج الحزب الديمقراطي الاجتماعي أكثر تمايزا ووضوحا في رؤيته فيما يتعلق بالإصلاح المؤسسي لأجهزة الدولة بداية من الأجهزة الأمنية بما تتطلبه من إعادة هيكلة تبدأ بتطهيرها من القيادات الفاسدة، مرورا بإقرار عقيدة أمنية جديدة لها، وتقليل مجالات تدخل هذه الأجهزة في الشئون المدنية، وهى الرؤية التي تمتد كذلك لبقية أجهزة الدولة ذات الطابع المدني أو الرقابي سواء من الناحية الإدارية والتنظيمية لها من حيث تقليل حجم المؤسسات وعددها، وإعادة تحديد مهامها ووظائفها، ورفع كفاءتها المهنية، وحتى بالنواحي المالية لها من حيث إعادة هيكلة الأجور داخل مؤسسات الدولة، وتطبيق نظام الحدود الدنيا والقصوى بصدد أجور العاملين بهذه المؤسسات.[33] وفي حين أن برنامج الحزب الديمقراطي الاجتماعي لم يتطرق بوضوح للنظام الضريبي، نجد أن برنامج حزب الدستور أشار لضرورة تطبيق نظام ضريبي عادل.[34] إلا أن حزب مصر القوية كان أوضح وأكثر صراحة في النص على اعتماد سياسة ضريبية تعطي الضرائب المباشرة، والتصاعدية الإسهام الأكبر في الوعاء الضريبي، مع هيكلة الضريبة التصاعدية على دخول الأفراد بزيادة عدد الشرائح والتدرج في أسعار الضريبة، مع زيادتها على الشرائح الأعلى، ورفع حد الإعفاء الضريبي، وتخفيض الضرائب لشرائح الدخل المنخفض، مع تحصيل الضرائب على الأشكال المختلفة من الثروات الرأسمالية والعقارية والاستهلاك الترفي.[35]
إلا إنها على مستوى الآليات نرى تراجعا واضح ويظهر ذلك من مواقف هذه الأحزاب من النظام الضريبي على سبيل المثال حيث تغفل هذه الأحزاب هذا الموضوع الذي يعد أحد الوسائل الأساسية لتمويل احتياجات العدالة الاجتماعية، أو تتمسك بالنظام غير العادل الموجود منذ عهد مبارك والذي أثبت أنه يحمل الفئات الأفقر العبء الأكبر من الضرائب. حيث أنه في عام 2005 أقر نظام مبارك نظاما ضريبيا يعفي من يبلغ دخلهم السنوي 9 آلاف جنيه، ويفرض ضريبة قدرها 10% على من يتجاوز دخلهم حد الإعفاء لغاية 20 ألف جنيه، وضريبة قدرها 15% على من يتراوح دخلهم بين 20 و40 ألف جنيه، وضريبة نسبتها 20% على من يزيد دخله عن 40 ألف جنيه مساويا في معدل الضريبة بين الطبقة الوسطى والطبقة العليا. كما ساوى هذا القانون بين شركات الأشخاص وشركات الأموال في معدل الضريبة البالغ 20%، وهو الأمر الذي يفقد هذه الضريبة التعدد المطلوب للشرائح والتصاعد في معدل الضريبة ومن ثم يمثلا انحيازا كبيرا للطبقات الرأسمالية.[36] إلى جانب ذلك نجد أن هذا القانون قد أعفى كل الأوعية الادخارية من الضرائب، وأعفى أرباح الاستثمارات في الأسهم والسندات من الضرائب، وأعفى مشروعات جهاز الخدمة الوطنية بوزارة الدفاع من الضرائب كلية، إلا أن كثيرا من المتخصصين والخبراء لم يقفوا عند هذه المثالب، بل تطرقوا لعدم إعطاء هذا القانون أية ميزة ضريبية للمشروعات حسب تشغيلها للعمالة، وخاصة المشروعات الصغيرة ذات الكثافة العمالة، ما تساهم في تخفيض معدل البطالة.[37] إلا أنها لا تعكس بالضرورة اشتباك من جانب هذه الأحزاب مع النقاش السياسي الجاري حول السياسات الضريبية وتمريرها.[38]
وإذا نظرنا لمستوى الممارسة نرى تناقضا أكبر مع هذه المطالب ويظهر ذلك في الموقف من ديمقراطية الدولة حيث نرى انحيازا واضحا إما لفكرة الدولة الدينية أو لسلطات واسعة للمؤسسة العسكرية، وهو ما نجده في النقاشات العامة كما كان الحال في دستور 2012 والذي انعكس في أكثر من مناسبة فمن ناحية اتضح ذلك عند تشكيل الجمعية التأسيسية الثانية والتي يغلب عليها الصبغة الإسلامية، والتي وضعت مجموعة من المواد التي من شأنها التأسيس لدولة دينية في مصر تكون فيها الدولة المحدد للسلوك المثالي للمواطن من خلال التضييق على الحقوق والحريات العامة على النحو الذي توضحه المواد الخاصة بالأسرة والمرأة، المواد التي أسست لسلطة الأزهر في الفصل في القوانين، وكذلك المادة الأشهر 219 تفتح الباب أمام تفسيرات متشددة للدين بشكل يتيح الفرصة أمام تقيد حريات المواطنين كما أنها تصبغ الهوية المصرية بهوية طائفية.[39]
إلا أن هذا النقاش انقلب في إطار مناقشات مسودة 2013 للدستور والتي يدور الجدل الأكبر حول الصبغة العسكرية المتوقع أن يتسم بها الدستور الجديد من حيث المواد التي تكفل استمرارية استقلال المؤسسة العسكرية من الناحية التنظيمية والمالية، إلى جانب الإصرار على استمرارية غلبة الجانب الأمني ممثلا في النص على إمكانية محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري وفقا للمادة 174 من التعديلات الدستورية المطروحة.[40] أو التخوف والتردد الدائم من هذه الأحزاب فيما يتعلق بتغيير سياسات الدعم سواء من دعم نقدي إلى عيني، أو إلغاء أو تخفيض الطاقة عن الصناعات كثيفة الاستخدام لهذه الطاقة، كذلك موقفهم من حكام الرقابة على الأسواق. ونلاحظ أن ذلك ينطبق على هذه الأحزاب الجديدة أيا كانت مرجعياتها.
- التكتلات والتيارات والحملات السياسية:
معظم الحملات الشبابية النشطة اشتبكت مع قضايا محددة مرتبطة بمطالبها مثل مبادرة “لا للمحاكمات العسكرية” والتي تشكلت في أعقاب فض اعتصام التحرير في مارس 2011 وجلها من النشطاء، المحاميين، والصحفيين بغرض تتبع المعتقلين بأحكام عسكرية، وبهدف الضغط من أجل وقف المحاكمات العسكرية للمدنيين وإحالة الأحكام العسكرية الصادرة بالفعل للقضاء المدني،[41] وهي لم تتوقف عند هذا الحد بل سعت هذه الحملة لترسيخ ذلك على المستوى القانوني والدستوري من خلال التوجه باقتراحاتها في هذا الصدد للجمعية التأسيسية الأولى المسئولة عن دستور 2012، وهو الأمر ذاته الذي تواصله هذه الحملة مع لجنة الخمسين المسئولة عن التعديلات الدستورية الحالية.[42] أو الحملة الشعبية “لمراقبة وإسقاط ديون مصر” فقد تشكلت هذه الحملة في أعقاب ثورة 25 يناير بغرض إحداث نوع من المراجعة للديون التي تدين بها مصر وما يمكن فعله في هذا الصدد لإسقاط هذه الديون أو تسديدها أو تبديلها بما لا يؤثر على مشروعات تنموية مستقبلية لمصر ولا يعيق تحقيق العدالة الاجتماعية المبتغاة،[43] ومن ثم نجد أن هذه الحملة نشطت بقوة إزاء السعي الرسمي الحثيث للاستدانة من البنك الدولي، حيث أعلنت الحملة رفضها لبرنامج الإصلاح الاقتصادي منذ حكومة كمال الجنزوري، والذي بناء عليه يوافق البنك الدولي على إقراض مصر، واستُتبع ذلك بمحاولات للتأثير على دوائر صنع القرار الرسمية كمجلس الشعب حينها[44] وحتى الحكومات التي أعقبت حكومة الجنزوري في عهد محمد مرسي والتي استأنفت المفاوضات مع صندوق النقد الدولي،[45] كما يظهر في هذه الحملات أنها لم تركز على المطالب بشكل مباشر إنما بتداعيات عدم تحقيق هذه المطالب، كما لم تنسق هذه الحملات لتمثل في مجموعها محركا نحو المطالب وإنما ظلت تحاول رفع ظلم أو تجنب ضرر واقع أكثر من تحقيق هدف أي ظلت في محل رد الفعل وليس المبادرة.
أما عن التحالفات والتيارات والحملات فقد أعلنت كلها (الإنقاذ، التيار الشعبي، وتمرد) أنها وُجدت من أجل تحقيق أهداف الثورة والتي حادت عن طريقها بعد مرور عامين منها سواء كان ذلك في مطلب تأسيس دولة ديمقراطية مدنية، بشكل دفعها للتكاتف فيما بينها في أعقاب ما اتخذه الإخوان في ذلك الوقت من خطوات تعكس نوايا الهيمنة والتسلط كما كان الحال في الإعلان الدستوري في نوفمبر 2012، وقد بررت هذه القوى تحالفها بغرض إرساء دولة ديمقراطية مدنية، وكذلك الاعتراض على استمرار حكومة قنديل لفشلها في تلبية احتياجات المواطنين الاقتصادية والاجتماعية،[46] واستمرار سياسات الاقتراض والتبعية للخارج على نحو ما أعلنت حركة تمرد في استماراتها،[47]ومن ثم فإن 30 يونيه هي موجة ثانية لثورة يناير.
إلا أن كلها كان محط تركيزها مواجهة نظام حكم الإخوان باعتبارهم التيار المدني في مواجهة الفاشية الدينية، فركزوا على قضايا سيطرة الإخوان على مؤسسات الدولة فيما أُطلق عليه “أخونة الدولة”، بينما نرى تراجعا واضحا في حديثهم مثلا حول القيود في قانون الأحزاب القائم من حيث العبارات الفضفاضة في القانون والتي من شأنها تقييد تأسيس واستمرار الأحزاب كما لاعتبارات الأمن القومي، والوحدة الوطنية، كذلك في التشدد في شروط تأسيس الأحزاب من حيث عدد الأعضاء الكبير، التوزع الجغرافي لهم، وفي شروط الجنسية، وكذلك السلطات الواسعة الممنوحة لرئيس لجنة الأحزاب والنائب العام للتدخل في شؤون الحزب وتقييمه بشكل يهدد استقلاليته.[48] أو موقف من قانون منع الإضراب الذي أصدره المجلس العسكري بعد ثورة يناير، والذي أدخلته حكومة د. عصام شرف حيز التفعيل، والذي كان من شأنه ملاحقة العمال المطالبين بحقوقهم عن طريق الإضرابات والاحتجاجات وتقديمهم للمحاكمات، وتهديد منظمي الاحتجاجات منهم بتطبيق مواد قانون مكافحة الإرهاب عليهم،[49] وهو القانون الذي لم يشهد اعتراضات حقيقة أو جدية من القوى السياسية باستثناء الثورية منها، واللافت أن الأحزاب القديمة في هذه التكتلات (الوفد والتجمع) لعبت دورا بارزا في جر الجبهات لذات الثنائية التي كانت قائمة في عهد مبارك.
وهنا يجب أن نتوقف عند موقفهم من العدالة الانتقالية فكل الأطراف تطالب بمحاسبة خصومهم السياسيين، والتعامل مع حلفائهم بمنطق “عفى الله عما سلف” وأن هذه الأطراف تتغاضى تماما عن إصلاح مؤسسات الدولة باعتبارها تقف في صفهم الآن، أما حقوق الشهداء فخارج منظمات المجتمع المدني لا نرى صوت من هذه التكتلات خاصة في الجانب المعنوي منها. أي أن العدالة الانتقالية تحولت على أيديهم إلى أداة سياسية وهو ذات منهج الإخوان عندما وصوا إلى السلطة.
- مؤسسات الدولة:
مع سقوط نظام مبارك تحولت مؤسسات الدولة فورا من مساند لنظام مبارك، إلى حامي ومؤيد للثورة ومطالبها، إلا أن المجلس العسكري وقف على طول الخط ضد مطالب الثورة، فكما أشرنا سابقا لقانون الأحزاب وقانون منع الإضراب، يمكن هنا كذلك الإشارة إلى رفضه إصدار قانون للعدالة الانتقالية حيث كان ذلك مطلبا لكثير من القوى الثورية بعد 11 فبراير 2011 في ضوء الأحداث الدموية التي شهدتها الثورة وراح ضحيتها الكثيرون، وهو الأمر الذي كان محل مماطلة وتجاهل من جانب السلطة السياسية حينها ممثلة في المجلس العسكري، وللأسف لم يكون قانون للعدالة الانتقالية محل اهتمام حقيقي حتى من جانب القوى السياسية التقليدية حينها، حيث كان هناك قدر كبير من المماطلة والالتفاف حول هذا المطلب انتهت بإصدار المجلس العسكري لقانون (العزل السياسي) فقط في أبريل 2012، لمنع مشاركة قيادات الحزب الوطني من المشاركة في العمل السياسي والحزبي مدة 10 سنوات،[50] وهو بدوره ما كان محل مقايضة من جانب المجلس العسكري في مقابل موافقته على تمرير مواد ترتضيها قوى الإخوان المسلمين وحزب الوفد في قانون الانتخابات البرلمانية،[51] أو قانون الحريات النقابية. حيث أن هذا المطلب يعود لما قبل ثورة 25 يناير، وقد تزايد الطلب عليه في أعقاب الثورة، حيث كان هناك تعويل عليه بشكل يقوي البنية النقابية في مصر ويكشف المخالفات الموجودة في النقابات العمالية خاصة، إلا أنه وٌجه بمماطلة من جانب المجلس العسكري، دون أن يكون لدى أيا من القوى المدنية أو غيرها تصورا حول مشروع قانون مماثل للنقابات، باستثناء الإخوان المسلمين الذين كانوا كان لديهم مشروع قانون عملوا على تمريره في تلك الفترة وهو بدوره كان من شأنه تقيد العمل النقابي المستقل والقضاء على تعددية النقابات، ووصولا لممارسة ضغوط على العناصر والقيادات النقابية التي كانت تقف بقوة وراء هذا المطلب تحت ذرائع واتهامات مختلفة منها تعطيل حركة الإنتاج ونشر الفوضى بالاعتصامات والإضرابات.[52]
أما الإعلام الحكومي فقد تغير خطابه مع تغير كل نظام ليتوافق معه وذلك بسبب سيطرة الحكومة عليه من خلال وزارة الإعلام، وعدم استقلاليته وهو بدوره استمرار للنهج القديم الذي تفرض فيه الدولة سيطرتها من خلال وزارة الإعلام والتي تعينها السلطة التنفيذية توافقا مع توجهاتها، والتي تتحكم في القنوات الأرضية وغيرها من الصحف المطبوعة واسعة الانتشار في كافة أنحاء الجمهورية، ومن ثم السيطرة على المحتويات التي تقدمها للمواطنين والتي يغلب عليها طابع التوجيه والتعبئة، لغياب قيم ومعايير المهنية، الأمر الذي انعكس على ممارسات وتغطية الأحداث بداية من الثورة وتصويرها على أنها مؤامرة خارجية، وعلى امتداد الفترة الانتقالية بداية من المجلس العسكري -ولعل حادثة ماسبيرو في 2011 والتي راح ضحيتها 24-35 مواطنا اغلبهم من المسيحيين على يد قوات الشرطة العسكرية والتي جاءت التغطية الإعلامية لها مضللة ومحرضة لبقية المواطنين من أجل الدفاع عن قوات الجيش التي تتعرض للاعتداء من جانب هؤلاء-[53]، مرورا بالإخوان، وحتى لحظة ما بعد 30 يونيه والتي يسيطر عليها الأجهزة الأمنية ومؤسسات الدولة القديمة، والتي تتبني محتويات إعلامية محرضة ضد أي صوت ينادي بمراعاة قيم حقوق الإنسان والعدالة، على الرغم من المطالبات المستمرة منذ قيام الثورة والتي تبناها كثير من المتخصصين بضرورة إلغاء وزارة الإعلام وتشكيل مجلس وطني للإعلام يتمتع بالاستقلالية ويقوم على تنسيق العمل والصلاحيات بين وسائل الإعلام المختلفة والتأكيد على قيم المهنية دون التعرض للمحتويات وتوجهاتها، وبالتالي كان الإعلام طوال الوقت وسيلة لتكريس سيطرة فصيل على السلطة على حساب مطالب الثورة المصرية.
إلا أن هذا الوضع لا يقتصر فقط على الإعلام الحكومي وإنما يمتد أيضا للإعلام الخاص، والذي شهد طفرة وانتعاشة في أعقاب ثورة 25 يناير من حيث عدد القنوات الفضائية التي أطلقت، وهي قنوات تنتمي في ملكتيها لكثير من رجال الأعمال، وبعضهم وثيق الصلة بنظام مبارك وشبكاته.[54] وهو ما فسره عدد من المختصين بمحاولات هذه الفئات للتأثير على مجريات الأحداث في مصر بعد الثورة بما لها من مطالب اجتماعية واقتصادية والتي يُحتمل أن تطال مصالحهم بالضرر، وكثير منهم مما ارتبط بطريقة أو بأخرى بالسلطة السياسية في مصر قبل الثورة،[55] وربما يكون ذلك مفسرا للتحول الذي شهدته هذه القنوات في سياستها الإعلامية في القضايا والتوجهات التي تتبناها بتغيير السلطة في مصر منذ عهد المجلس العسكري وحتى الآن، وهو ما يعكس غياب المهنية في أداء العمل الإعلامي، وكذلك يعكس قدر التماهي مع السلطة وشبكة المصالح القائمة والتي يتم الاستثمار فيها، وما يُعمق من هذا التوجس هو حجم الخسائر الذي تُمنى به هذه القنوات سنويا خاصة في ظل تراجع حجم التدفقات الإعلانية بنسبة قدرها البعض بـ40%، وذلك دون أدنى تراجع من جانب الجهات الممولة والمسئولة عن الاستمرار في ضخ وإنفاق أموال بشكل كبير وفقا لما يراه بعض الخبراء.[56]
إضافة بالتأكيد إلى وجود مستفيدين من الوضع القائم يمكن هنا الإشارة إلى ظاهرة المستشارين داخل وزارات الدولة وهم بدورهم يمثلون عبئا على كاهل الدولة من الناحية المالية فوفقا لبعض التقديرات الرسمية فإن موازنة الدولة العامة تتحمل سنويا ما يقارب 85 مليون جنيه كأجور للخبراء الوطنيين والأجانب، أما من الناحية الإدارية والتنظيمية فهناك غياب للشفافية فيما يتعلق بهؤلاء، فالملاحظ هو انتشارهم في مختلف الوزارات والمحافظات، لدرجة يصعب معها تقدير أعدادهم بشكل دقيق وحصري، وهو الحصر الذي ترفض أجهزة ومؤسسات الدولة على اختلافها التعاون مع وزارات كالمالية بصدده للوقوف على الحقيقة،[57]وما لهم من دور في تعطيل موضوع هيكلة الأجور أو إصلاح مؤسسات الدولة إذ أن ذلك سيؤثر سلبا عليهم، وهنا يظهر دور رجال الأعمال المرتبطين بالسلطة والذين لم يتغيروا من عهد مبارك إلى عهد الإخوان، حيث نجد أن النهج الاقتصادي واحد بين عهدي مبارك ومن ثم مرسي من حيث اعتماد نظام السوق والذي يُعطي الأولوية للاستثمارات والقطاع الخاص، ومن ثم فقد ساد نوع من التراخي والتساهل في التعامل مع رجال الأعمال بداية من المجلس العسكري وحتى الإخوان وهو ما ترسخ في عهد الإخوان بما تم من تصالح مع رجال أعمال مبارك برغم اتهامات الفساد الموجه لهم، قبيل انطلاق الانتخابات الرئاسية، برغم المعارضة الواسعة من منظمات المجتمع المدني،[58] وهو ما اتضح في زيارة مرسي للصين في أغسطس 2012 والتي رافقه فيها مجموعة بارزة من رجال أعمال الحزب الوطني[59]وعليه فإن التوجه الغالب هو استمرارية نخبة رجال الأعمال كما هم من عهد مبارك باستثناءات قليلة إلى الوضع الراهن، إلا بالحذف والإضافة في شخوص وإنما منظومة العلاقة بينهم وبين أجهزة الدولة ما زال مؤثرا بدرجة كبيرة والغالبية العظمى النافذة منهم ما زالت ذاتها. وهي بالتأكيد معوق أساسي أمام المطالب المتعلقة بإصلاح النظام الضريبي وإعادة توجيه الدعم لمستحقيه، وتطوير الخدمات الأساسية، وضبط الأسواق، وإعادة هيكلة الأجور.
خاتمة:
عبرت مطالب الثورة بشكل واضح عن ما كان يعانيه المصريون من خلل سياسي واقتصادي في عهد مبارك، إلا أن الثورة جاءت لتظهر فاعلين جدد خارج الأطر التي كانت موجودة في عهد مبارك، قوى كانت مهمشه في هذا العهد أو قوى تشكلت وخرجت من عباءة الثورة، إلا أن الفاعلين القدامى لم يختفوا فعلى عكس ثورات كثيرة، في الحالة المصرية ظلت مؤسسات الدولة دون تغير ملحوظ سواء على مستوى البنية أو الهياكل أو التوجهات.
ونرى الفاعلين الجدد رغم تبنيهم لمطالب وشعارات الصورة على مستوى الشعارات والبرامج، يتراجعون على مستوى السياسات والممارسة عنها، بل أحيانا يسعون لتكريس الوضع القائم، وهو نتاج طبيعي لعاملين الأول ذاتي والثاني موضوعي، الذاتي هو أن هذه الكيانات ليس لها هوية واضحة على المستوى السياسي والاجتماعي وأنها تبنى بمنطق “بناء سياسي تتطلبه اللحظة الراهنة” أكثر من كونها كيانات تبنى على برامج وتوجهات واضحة. أما الموضوعي فهو ارتباط تحقيق مطالب الثورة بدرجة كبيرة بموازين القوى في المجتمع والذي لم يشهد تغييرا ملموسا بعد الثورة رغم ظهور فاعلين جدد فقد تم احتوائهم في صراع الاستقطاب الديني المدني الذي يعد الوصفة السحرية من أصحاب المصالح السياسية أو الاقتصادية على إبقاء الوضع على ما هو عليه وإجهاض مطالب الثورة، وإعادتنا لذات الثنائية التي حكمت السياسة المصرية لسنوات طويلة.
كما سبق الإشارة فقد سادت حالة من التجاهل تجاه قضية العدالة الانتقالية منذ أن طرحتها القوى الثورية والديمقراطية في أعقاب اندلاع ثورة 25 يناير، بغرض الوقوف على الجرائم التي ارتكبت في حق المواطنين والبلاد في عهد مبارك سياسيا وجنائيا، ومرورا بأحداث ثورة 25 يناير والتي شهدت جرائم ضد من خرجوا للتظاهر في الشوارع حينها، وكذلك الفترة التي تلت ذلك مع تنامي وتيرة العنف الممارس من جانب السلطة وبعض القوى السياسية والمجتمعية، إلا أن هذا الطلب وٌجه بقدر كبير من المماطلة من القوى السياسية الموجودة حينها كالمجلس العسكري، ثم التحايل عليه بإصدار قانون العزل السياسي في عام 2012 والذي اكتفي بمنع عناصر وقيادات الحزب الوطني من ممارسة العمل السياسي لمدة عشر سنوات، دون أن يتعرض ذلك للشق الجنائي من الجرائم التي ارتكبت في عهد مبارك ولا عهد المجلس العسكري، ولا كذلك التعرض للإجراءات والآليات التي ستُفعل لتطبيق هذه العدالة، حتى انتهي بالحكم بعدم دستوريته.[60]
إلا أنه مع تصاعد وتيرة الأحداث في أعقاب 30 يونيه في مصر وما استتبعها من أحداث عنف ودموية من مختلف الأطراف، ودخول البلاد رسميا في مسار سياسي جديد تم الاعلان عنه في 3 يوليو، بدأت الكثير من الدعوات تٌطلق من أجل تطبيق العدالة الانتقالية على الجرائم التي تم ارتكابها في تلك الفترة وما قبلها منذ 25 يناير وحتي اللحظة الراهنة من جميع الأطراف بلا استثناء، إلا أن طرفي الصراع الأساسيين (الدولة وأجهزتها القديمة والأمنية في مقابل الإسلاميين) يدعو إلي تطبيق العدالة الانتقالية أو القانون بصدد الجرائم المرتكبة بحقه وحق أتباعه دون الطرف الآخر وكل طرف منهم يشير للجرائم التي ارتُكبت بحقه كما هو الحال في أحداث بين السرايات، المنيل، في مقابل وقائع مثل الحرس الجمهوري، فض اعتصامي رابعة والنهضة، وهو أمر دفع البعض لتسميتها بالعدالة الانتقائية وليس الانتقالية لما فيه من بتر واجتزاء مخلين.[61]
لتحريك العجلة نحو مطالب الثورة على القوى التي ولدت من رحم هذه الثورة ان تدرك أهمية الخروج من الاستقطاب الحاد الذي يسود المجتمع، والعمل على مستوى السياسات التي تمس المواطنين، سواء اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية وأن تحد من تغول القوى التقليدية التي ورثنها على مقاليد الأمور في مصر سواء في مؤسسات الدولة، أو حتى المعارضة. وربط المسار الثوري القائم على الاحتجاجات الاجتماعية المنتشرة في مصر والحملات الشبابية المتفرقة والمسار السياسي المرتبط بكتابة الدستور الجديد والانتخابات القادمة من خلال استراتيجيات تسمح لها بتوسيع المجال المجتمعي المساند لطرحها على المستوى السياسي بدلا من الدفع نحو عنف أهلي على أساس مدني-ديني، اختراق لمؤسسات الدولة من خلال الكتل الإصلاحية التي ولدتها الثورة وحراكها داخل هذه المؤسسات، وضع سياسي مميز سواء في البرلمان أو انتخابات الرئاسة القادمة من خلال تحالفات مبنية على برامج سياسات تبنى على كيفية تحقيق مطالب الثورة وليس فقط رفع شعاراتها لتحقيق مكاسب.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1]باحث مساعد: نوران أحمد، باحثة مساعدة في منتدى البدائل العربي للدراسات.
[2]حبيبة محسن، نوران أحمد، “المشاركة السياسية غير التقليدية لجيل الشباب في مصر: بين الالتفاف على النظام القمعي ومواجهته، في “جيل الشباب في الوطن العربي ووسائل المشاركة غير التقليدية من المجال الافتراضي إلي الثورة”، بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2013، ص 109-110.
[3]وائل جمال، نظيف وحكومته والوطني.. وآينشتين، نشر في 13 أبريل 2012، جريدة الشروق المصرية، متاح على الرابط التالي: http://is.gd/ZqDC7L
[4] وائل جمال، “محمد البوعزيزي الذي يعيش بيننا”، نشر في 4 يناير 2011، جريدة الشروق المصرية، متاح على الرابط التالي: http://is.gd/hSG7Ga
[5]محمود عبد الفضيل، “حول محاور العدالة الاجتماعية”، نشر في 10 نوفمبر 2012، جريدة الشروق المصرية، متاح على الرابط التالي: http://is.gd/CBjbGM
[6]عمرو عادلي، “أي حق للصحة في دستور البلاد الجديد”، نشر في 27 أغسطس 2012، جريدة الشروق المصرية، متاح على الرابط التالي: http://is.gd/tSjUiz
[7]محمود عبد الفضيل، مرجع سابق.
[8]عمرو الشوبكي وآخرون، “تطور الأوضاع الديمقراطية في مصر :2009، الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية، برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، مصر: 2009، ص: 63-66.
[9]حكاية عمال غزل المحلة، اللجنة التحضيرية للعمال، نشر في 10 أكتوبر 2009، مركز الدراسات الاشتراكية-مصر، متاح علي الرابط التالي:
http://www.e-socialists.net/node/4589 HYPERLINK “http://www.e-socialists.net/node/4589”
محمود عبد الغفار، “انتهاكات الشرطة أشعلت شرارة الثورة”، نشر في 8 فبراير 2011، موقع الجزيرة الإلكتروني، متاح على الرابط،
[10]http://www.aljazeera.net/news/pages/3355434b-63d7-46e0-a761-ad5f972c7cc2 HYPERLINK “http://www.aljazeera.net/news/pages/3355434b-63d7-46e0-a761-ad5f972c7cc2”
ست مرشحين للثورة يمثلون تيارات مختلفة داخلها.
[12]اسم فندق بالقاهرة اجتمع فيه محمد مرسي بشخصيات ذات ثقل مجتمعي من أبرزهم “الإعلامي حمدي قنديل، والكاتب علاء الأسواني، د. هبة رءوف، سكينة فؤاد، عبدالغفار شكر، حسام عيسي……” وتعهد لهم “بالشراكة الوطنية والمشروع الوطني الجامع الذي يعبر عن أهداف الثورة ومكونات المجتمع وبه تمثيل للمرأة، الشباب، والأقباط. أن يضم الفريق الرئاسي وحكومة الانقاذ الوطني جميع التيارات الوطنية، ويكون رئيس الحكومة شخصية وطنية مستقلة. تكوين فريق إدارة أزمة يشمل رموز وطنية للتعامل مع الوضع الحالي وضمان استكمال إجراءات تسليم السلطة للرئيس المنتخب كاملة ولفريقه الرئاسي. السعي لتحقيق التوازن في تشكيل الجمعية التأسيسية بما يضمن صياغة مشروع دستور لكل المصريين. الشفافية والوضوح مع الشعب في كل ما يستجد من متغيرات تشهدها الساحة السياسية”.
[13]أحمد جبريل، “الاحتجاجات الاجتماعية في 2012..صرخة شعب ضد التجاهل والاستغلال والقمع، نشر في 1 يناير 2013، موقع مصراوي، متاح على الرابط التالي:
http://www.masrawy.com/news/egypt/politics/2013/january/1/5477092.aspx HYPERLINK “http://www.masrawy.com/news/egypt/politics/2013/january/1/5477092.aspx”
محمود حسونة، “”رايتسووتش” تطالب “مرسي”بتجميد القوانين القمعية الموروثة من عهد مبارك”، نشر في 31يناير2013، موقع مصرس، متاح على الرابط التالي:
[14]http://www.masress.com/elwatan/123697 HYPERLINK “http://www.masress.com/elwatan/123697”
صفاء شاكر وآخرون، “ثلاثاء رفض الإعلان الدستوري”، نشر في 28 نوفمبر 2012، جريدة الأهرام المصرية، متاح على الرابط التالي:
[15]http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Serial=1110975&eid=3398 HYPERLINK “http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Serial=1110975&eid=3398”
[17]من أبرز القوى أو الأحزاب المنضوية تحته: حزب الدستور، حزب التيار الشعبي، حزب المؤتمر، حزب الوفد، حزب المصريين الأحرار، حزب مصر الحرية، حزب التجمع، الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، حزب الجبهة الديمقراطية، حزب الكرامة، حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، حزب الإصلاح والتنمية، حزب الحرية، الحزب الاشتراكي المصري، الجمعية الوطنية للتغيير، تحالف الأحزاب الناصرية، النقابة العامة للفلاحين، اتحاد الفلاحين المستقلين، الجبهة الوطنية للنساء، حزب مصر المستقبل، حزب السلام الاجتماعي. المتحدث الرسمي باسم جبهة الإنقاذ هو حسين عبد الغني، سامح عاشور، عمرو موسى، وحيد عبد المجيد، شادي الغزالي حرب، أحمد البرعي، جورج اسحاق، حمدين صباحي، السيد البدوي.
[18]http://www.nsfeg.org/ HYPERLINK “http://www.nsfeg.org/”
http://elbadil.com/?p=517025 HYPERLINK “http://elbadil.com/?p=517025”
http://www.vetogate.com/596751#.Uj7cldJ7LAu HYPERLINK “http://www.vetogate.com/596751#.Uj7cldJ7LAu”
حسين عمارة، حركة تمرد: من هم وماذا يريدون؟ نشر في 26 يونيه 2013، موقع فرانس 24، متاح على الرابط التالي: http://is.gd/HFjfw9
[22]كامل كامل، رامي نوار، “أزمة الانتخابات الداخلية بحزب النور”، نشر في 24 سبتمبر 2012، جريدة اليوم السابع، متاح على الرابط الإلكتروني:
http://www.youm7.com/News.asp?NewsID=795602 HYPERLINK “http://www.youm7.com/News.asp?NewsID=795602”
نجلاء مكاوي، “الإخوة الفرقاء.. حزب النور والإخوان المسلمون” قبل وبعد مرسي”، نشر في 5 أغسطس 2013، معهد العربية للدراسات، متاح على الرابط التالي:
[23]http://is.gd/CsRPdl
[24]معتز نادي، “الدستور والوفد والشروق تنشر تحقيق المصري اليوم عن “أخونة الدولة”، نشر في 2 مارس 2013، جريدة المصري اليوم، متاح على الرابط التالي:
http://www.almasryalyoum.com/node/1534711 HYPERLINK “http://www.almasryalyoum.com/node/1534711”
ممثل النور في لجنة الخمسين: الحزب لا يفكر في الانسحاب لأن مصر تحتاج الجميع، نشر في 25 سبتمبر 2013، جريدة الأهرام المصرية، متاح على الرابط التالي:
[25]http://gate.ahram.org.eg/News/399023.aspx HYPERLINK “http://gate.ahram.org.eg/News/399023.aspx”
برنامج الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، موقع الحزب، متاح علي الرابط الالكتروني التالي:http://www.egysdp.com/ HYPERLINK “http://www.egysdp.com/”
الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، موقع ويكبيديا العربية، متاح علي الرابط التالي: http://is.gd/9kwrnX
[28]تشكيل المجلس الأعلى للقوات المسلحة، موقع الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، متاح على الرابط التالي:
http://www.sis.gov.eg/Ar/Templates/Articles/tmpArticles.aspx?CatID=2045 HYPERLINK “http://www.sis.gov.eg/Ar/Templates/Articles/tmpArticles.aspx?CatID=2045”
وسام عبد العليم، “تقرير يرصد الانتهاكات والملاحقات التي تعرض لها الإعلاميون خلال عام من حكم المعزول”، نشر في 15 يوليو 2013، جريدة الأهرام المصرية، متاح على الرابط التالي: http://is.gd/OtrnhP
[30]هاني سمير، “تقرير حقوقي: حرية الإعلام في عهد مرسي: حبس.. منع.. مصادرة”، نشر في 17 سبتمبر 2012، حقوق: إعلام بلا حدود، متاح على الرابط التالي:
http://is.gd/CQoC8X
[31]يولاندي نيل، “تحديات المشهد الإعلامي في مصر بعد 30 يونيه”، نشر في 10 أغسطس 2013، موقع B.B.C العربية، متاح على الرابط التالي:
http://www.bbc.co.uk/arabic/middleeast/2013/08/130810_egypt_media_.shtml HYPERLINK “http://www.bbc.co.uk/arabic/middleeast/2013/08/130810_egypt_media_.shtml”
أحمد عبد ربه، “الأحزاب المصرية وانتخابات البرلمان المصري لعام2011-2012، نشر في 29 نوفمبر 2011، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، متاح على الرابط التالي: http://www.dohainstitute.org/release/e7a331ed-4f67-485b-8d72-5fde1828a653 HYPERLINK “http://www.dohainstitute.org/release/e7a331ed-4f67-485b-8d72-5fde1828a653”
برنامج الحزب الديمقراطي الاجتماعي، ص: 14-16.
[34]برنامج حزب الدستور، موقع حزب الدستور الإلكتروني، متاح على الرابط التالي: http://is.gd/xNzcRJ
[35]برنامج حزب مصر القوية، نشر في صفحة حزب مصر القوية الرسمية على الفيس بوك، متاح على الرابط التالي:
https://www.facebook.com/MisrAlQawia/app_137541772984354 HYPERLINK “https://www.facebook.com/MisrAlQawia/app_137541772984354”
أحمد السيد النجار، “تعدد الشرائح والتصاعد ضرورة للعدالة الضريبية الغائبة”، نشر في 5 مايو 2011، جريدة الأهرام المصرية، متاح على الرابط التالي:
[36]http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Serial=495455&eid=46 HYPERLINK “http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Serial=495455&eid=46”
أحمد السيد النجار، “الاقتصاد والفقر والتهميش كمحصلة للسياسات الاقتصادية العامة”، نشر في 13 أكتوبر 2011، مركز الجزيرة للدراسات، متاح على الرابط التالي: http://is.gd/YFhPr1
[38]موقف الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي من الجمعية التأسيسية ومن جمعة “مصر مش عزبة”، نشر في 19 أكتوبر 2012، الصفحة الرسمية للحزب على موقع الفيس بوك، متاح على الرابط التالي: http://is.gd/KvgPpZ
[39]هند بشندي، “ننشر المواد الخلافية في الدستور الجديد”، نشر في 14 ديسمبر 2012، موقع مصراوي، متاح على الرابط التالي:
http://www.masrawy.com/news/reports/2012/december/14/5460659.aspx HYPERLINK “http://www.masrawy.com/news/reports/2012/december/14/5460659.aspx”
محمد غريب، “مصادر بـ”لجنة 50”: الجيش يصر بقوة على مادة محاكمة المدنيين عسكريا”، نشر في 8 أكتوبر 2013، جريدة المصري اليوم، متاح على الرابط التالي:
[40]http://www.almasryalyoum.com/node/2189821 HYPERLINK “http://www.almasryalyoum.com/node/2189821”
“من نحن؟” موقع لا للمحاكمات العسكرية للمدنيين الإلكتروني، متاح على الرابط التالي: http://www.nomiltrials.com/p/blog-page.html HYPERLINK “http://www.nomiltrials.com/p/blog-page.html”
سارة علي عبد الرحمن، “لا للمحاكمات العسكرية: قدمنا مقترحنا للجنة الخمسين بضرورة حظر محاكمة المدنيين عسكريا”، نشر في 24 سبتمبر 2013، جريدة الأهرام الشباب، متاح على الرابط التالي: http://shabab.ahram.org.eg/News/14684.aspx HYPERLINK “http://shabab.ahram.org.eg/News/14684.aspx”
“فتح عينك.. الدين من جيبك: الحملة الشعبية لمراقبة وإسقاط ديون مصر”، نشر في مركز الدراسات الاشتراكية-مصر، متاح على الرابط الالكتروني التالي:
[43]http://www.e-socialists.net/node/7721 HYPERLINK “http://www.e-socialists.net/node/7721”
هاجر حجازي، “إسقاط ديون مصر: ترفض برنامج النقد الدولي وتراه إعادة لسياسات اقتصادية فاشلة”، نشر في21 مارس 2012، جريدة الأهرام المصرية، متاح على الرابط التالي: http://is.gd/3bSJcF
[45]أحمد عمار، “حملة إسقاط ديون مصر: قرض صندوق النقد يهدد بمزيد من الفقر”، نشر في 3 أبريل 2013، موقع مصراوي، متاح على الرابط التالي:
http://www.masrawy.com/news/egypt/economy/2013/april/3/5577167.aspx HYPERLINK “http://www.masrawy.com/news/egypt/economy/2013/april/3/5577167.aspx”
الموقع الرسمي لجبهة الإنقاذ الوطني، متاح على الرابط: http://www.nsfeg.org/ HYPERLINK “http://www.nsfeg.org/”
“حركة تمرد: المصرية من هم وماذا يريدون، مرجع سابق، http://is.gd/HFjfw9
[48]تعديلات قانون الأحزاب الجديدة استمرار لمسلسل تجميل التشريعات القبيحة، نشر في 29 مارس 2011، مرصد حالة الديمقراطية، الموقع الإلكتروني للجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية، متاح على الرابط التالي: http://www.mosharka.org/index.php?newsid=359 HYPERLINK “http://www.mosharka.org/index.php?newsid=359”
منصور كامل، “الحكومة تبدأ بتفعيل قانون تجريم الإضراب.. وتهدد منظمي الاحتجاجات بمواد مكافحة الإرهاب”، نشر في 8 يونيه 2013، جريدة المصري اليوم، متاح على الرابط الإلكتروني: http://www.almasryalyoum.com/node/466210 HYPERLINK “http://www.almasryalyoum.com/node/466210”
“مصر: المجلس العسكري يصدق على قانون العزل السياسي لرموز نظام مبارك”، نشر في 24 أبريل 2011، موقع B.B.C العربية، متاح على الرابط التالي:
[50]http://www.bbc.co.uk/arabic/middleeast/2012/04/120424_egypt_politics.shtml HYPERLINK “http://www.bbc.co.uk/arabic/middleeast/2012/04/120424_egypt_politics.shtml”
محمد طارق، محمد أبوضيف، “التحالف الديمقراطي بهدد بالانسحاب من الانتخابات المقبلة”، نشر في 28 سبتمبر 2011، موقع مصراوي، متاح على الرابط التالي:
[51]http://www.masress.com/masrawy/4465060 HYPERLINK “http://www.masress.com/masrawy/4465060”
مروة أبو زاهر، “قيادات عمالية: عدم إصدار قانون الحريات النقابية هدفه تصفيتنا.. والعسكري والإخوان وراء تعطيله”، نشر في 9 مارس 2012، حقوق: إعلام بلا حدود، متاح على الرابط الإلكتروني التالي: http://is.gd/zfxAp5
[53]داليا شمس، “حول صياغة جهة ضابطة للإعلام المصري (مجلس وطني على غرار انجلترا وفرنسا)”، 2011، القاهرة: منتدى البدائل العربي للدراسات، ص: 3.
[54]سراج الدين العجري، “الإعلام المصري الخاص بين قبضة فاسدين مبارك.. والتمويل الأجنبي العدائي”، نشر في 31 ديسمبر 2012، موقع جريدة الوسط الإلكتروني، متاح على الرابط التالي: http://www.el-wasat.com/portal/News-55690293.html HYPERLINK “http://www.el-wasat.com/portal/News-55690293.html”
موقع إخباري سويسري: الفضائيات المصرية تخلت عن مهنيتها وأصبحت لاعبا أساسيا”، نشر في 2 ديسمبر 2012، موقع صدي البلد الإلكتروني، متاح على الرابط التالي: http://www.el-balad.com/331528 HYPERLINK “http://www.el-balad.com/331528”
عبد الستار حتيتة، “جدل حول التمويل السياسي لقنوات فضائية في مصر”، نشر في 10 يونيه 2013، جريدة الشرق الأوسط، متاح على الرابط التالي:
[56]http://www.aawsat.com/details.asp?section=37&article=731877&issueno=12613#.UlZ6QdJ7IRs HYPERLINK “http://www.aawsat.com/details.asp?section=37&article=731877&issueno=12613#.UlZ6QdJ7IRs”
محمد الشوادفي، “وزير المالية: المستشارون “أس الفساد.. ومن كثرتهم بنتخبط فيهم، وعليهم أن يذهبوا لمنازلهم”، نشر في 19 مارس 2012، جريدة الأهرام المصرية، متاح على الرابط التالي: http://gate.ahram.org.eg/NewsContentPrint/13/97/186386.aspx HYPERLINK “http://gate.ahram.org.eg/NewsContentPrint/13/97/186386.aspx”
بسمة المهدي، “المعهد الألماني للشؤون الدولية: سياسات الإخوان الاقتصادية لم تختلف عن مبارك”، نشر في 15 سبتمبر 2013، جريدة المصري اليوم، متاح على الرابط التالي: http://www.almasryalyoum.com/node/2116816 HYPERLINK “http://www.almasryalyoum.com/node/2116816”
صالح إبراهيم، “رجال أعمال الحزب الوطني المنحل علي رأس الوفد المرافق للرئيس في زيارة الصين”، نشر في 27 أغسطس 2012، جريدة الوطن المصرية، متاح على الرابط التالي: http://www.elwatannews.com/news/details/41964 HYPERLINK “http://www.elwatannews.com/news/details/41964”
الدستورية تقضي بعدم دستورية قانون العزل السياسي، نشر في 14 يونيه 2012، جريدة المصري اليوم، متاح على الرابط التالي:
[60]http://www.almasryalyoum.com/node/917286 HYPERLINK “http://www.almasryalyoum.com/node/917286”
محمد القزاز، “مصر في انتظار العدالة الانتقالية”، نشر في 9 سبتمبر 2013، جريدة الأهرام المصرية، متاح على الرابط التالي: http://is.gd/3WGWy5