خلود خالد
مصر
مقدمة
بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير والإطاحة بالرئيس السابق محمد حسني مبارك، دخلت مصر مرحلة جديدة في كل المجالات وتطلبت المرحلة الانتقالية التي دخلتها مصر عددا من الإجراءات للتحول إلى الديمقراطية.
والانتخابات هي إحدى أدوات الديمقراطية الهامة التي طالما تواجدت، دلت على أن البلد بها قدر من الديمقراطية تتختلف تبعا لنزاهة العملية الانتخابية وشفافيتها.
ومن الضمانات الهامة على الانتخابات الشعبية هي المراقبة على عملية الانتخابات نفسها للتأكد من وجود معايير الشفافية والحياد على كافة المستويات وضمان تداول السلطة والحيلولة دون استئثار فصيل بعينه على السلطة وتأصيل مبدأ تكافؤ الفرص.
وتناقش الورقة العوائق التي تحول دون المراقبة الكاملة على الانتخابات في مصر والتطورات التي حدثت على مدار العمليات الانتخابية السابقة.
تعريف الرقابة على الانتخابات
بادئ ذي بدء يجب التفرقة بين الرقابة على الانتخابات والإشراف على الانتخابات، فالأولى تتضمن 3 مراحل وهي:
المرحلة الأولى: وهي الرقابة السابقة
الرقابة السابقة هي أطول عمليات الرقابة على الانتخابات وذلك لأنها تتضمن عددا من المراحل والخطوات التي تضمن نزاهة العملية الانتخابية، وأهم تلك الخطوات: التأكد من تطبيق التشريعات على أرض الواقع بشكل ملائم، ومراقبة أداء الإدارة القائمة على الانتخابات، ومتابعة الحملات الانتخابية والتأكد من أنها تطبق القانون المنصوص عليه.
ولأن المرحلة الأولى ما قبل يوم الاقتراع[1]، هي الأكثر تعرضا للانتهاكات لما فيها من وقت يسمح بالتزوير فإنه من المهم أن تنص القوانين على آلية للنظر في التظلمات والشكاوى.
المرحلة الثانية: الرقابة على أيام الاقتراع
الرقابة على يوم أو يومي الاقتراع، بحيث تقوم الجهات المعنية بالمراقبة للتأكد من أن عملية الاقتراع تسير طبقا للقواعد العامة للشفافية والنزاهة المنصوص عليها في القانون أو طبقا للقواعد العالمية.
المرحلة الثالثة: الرقابة اللاحقة
تقوم الرقابة في تلك المرحلة على متابعة النتائج وإعلانها لعامة الشعب، بالإضافة إلى النظر في الشكاوى والتظلمات بعد يوم واحد من الانتخابات، والتأكد من تنفيذ نتائج الانتخابات.
ويطلق على المرحلتين الأولى والثالثة المراقبة طويلة المدى، أما عن الرقابة على المرحلة الثانية فهي الرقابة قصيرة المدى.
أما الإشراف على الانتخابات فيمكن التفرقة فيه بين الإشراف القضائي والإشراف الدولي، فيكون الإشراف القضائي على يوم أو يومي الاقتراع بحيث تكون مهمته مساعدة الناخبين والتأكد من سلامة عملية التصويت وإحكام غلق الصناديق وعدم التلاعب بها.
أما الإشراف الدولي فيكون بتفويض ممثل عن الجهة الدولية التي ستقوم بالإشراف (أبرزها الأمم المتحدة) للتأكد من صحة عملية الانتخابات في أي مرحلة من مراحلها المختلفة([2]) وليس ضروريا أن يرفع المفوض تقريرا للهيئة التي فوضته بكيفية سير العملية في البلد المضيف.
أنواع الرقابة على الانتخابات
يوجد عدد من أنواع الرقابة على الانتخابات، وتختلف تبعا للوظائف التي تقوم بها والجهة التي تأتي منها ويمكن تلخيص هذه الأنواع في:
– رقابة حزبية على الانتخابات([3]):
وتكون هذه الرقابة على الصناديق من جانب مندوبي الأحزاب أو مندوبي المرشحين في حالة انتخابات الرئاسة أو الأعضاء المستقلين في مجلس الشعب، ويكون مندوب الحزب مسئولا عن تسجيل انتهاكات الأطراف الأخرى ومن حقه التصرف أثناء عملية الاقتراع والتقدم ببلاغ ضد مرتكبي المخالفات والتي قد ينتج عنها إيقاف اللجان الانتخابية بالكامل أو عدم الاعتداد بنتائجها.
– رقابة المجتمع المدني:
يقوم المجتمع المدني بالرقابة على العملية الانتخابية بحيث يقوم برصد الانتهاكات وكتابة تقرير لمنظمته عن العملية الانتخابية ونزاهتها بحيث تصبح تلك المعلومات متاحة للمواطنين، ويلزم أن يتسم المراقب بالحياد بحيث لا يتبع مرشح أو حزب بعينه كي لا يتم التأثير عليه أثناء قيامه برصد المخالفات وتوثيقها.
ويمكننا تقسيم منظمات المجتمع المدني ورقابتها إلى:
رقابة منظمات المجتمع المدني المحلي:
وتتقدم فيها منظمات المجتمع المدني في البلد التي تقام بها الانتخابات بطلب للجنة المختصة سواء كانت دائمة أو مؤقتة لتحصل على التصريح الخاص بالمراقبة، وللمنظمة التي تحصل على التصريح التحرك بحرية بين اللجان المختلفة، إلا أنه لا يحق لها وقف الانتخابات أو عرقلتها بل يقتصر دورها على المراقبة بدون اتخاذ إجراءات بشأن المخالفات كما أنه لا يجوز أن تمارس المنظمة المراقبة على الانتخابات أي أنشطة أخرى بموجب التصريح الذي تحصل عليه.
يعتبر هذا النوع من المراقبة بمثابة ضمان للشفافية والنزاهة على مستوى العالم بل وأنه مؤشر على ديمقراطية البلد المستضيف كما أنه يؤثر على وضع الدولة عالميا وبالتالي تطلبه عدد من الدول لما له من تداعيات إيجابية على الدول التي تثبت نزاهة عملية الانتخاب، لذلك توجد شروط لمراقبة منظمات المجتمع المدني العالمية، أهمها ملائمة البيئة السياسية واللوائح الداخلية التي تنظم عملية المراقبة وتوجد بعض منظمات المجتمع المدني التي تتقدم بالطلب للدولة المضيفة، والأخرى مثل الأمم المتحدة تنتظر أن يوجه إليها دعوة رسمية من الدولة التي تجرى بها الانتخابات. تقوم منظمات المجتمع المدني المتخصصة في مراقبة الانتخابات بتقديم طلب للقيام بالرقابة على الانتخابات بنوعيها قصير المدى وطويل المدى تبعا لما تتيحه الدولة المضيفة وإن كان من الأفضل أن تراقب المنظمات العملية الانتخابية بمراحلها الثلاثة، وبالتالي من المهم أن تحصل تلك المنظمات على تصاريح العمل قبل الانتخابات بمدة كافية تسمح للمنظمات بالبدء في إجراءات المراقبة.
ومن هنا يمكننا القول أن أنواع المراقبة على الانتخابات ومراحلها المختلفة عملية هامة بالنسبة للدول الساعية للديمقراطية.
الحالة المصرية والتحديات أمام عملية المراقبة على الانتخابات من قبل الجهات المختلفة
يختلف الجدل العام حول مراقبة الانتخابات في مرحلة ما قبل الثورة وما بعدها، وحتى تختلف فلسفة السماح بالمراقبة على الانتخابات والقوانين المنظمة لعملية المراقبة. فقبل الثورة سمح النظام السابق بالمراقبة لحفظ ماء الوجه عالميا، خاصة بعد أن ذاع صيت الديكتاتورية وحكم الحزب الواحد وتعالت أصوات قوى المعارضة ضد هذا النظام السلطوي، وأدى ذلك إلى أن تم السماح بالمراقبة على النتخابات في 2005 (انتخابات مجلس الشعب) وكانت تلك هي بداية مراقبة المجتمع المدني للانتخابات في مصر.
أما بعد الثورة، فأصبحت فلسفة السماح بمراقبة الانتخابات هي التحول من النظام الديكتاتوري إلى نظام ديمقراطي في محاولة لتبني آليات الديمقراطية المختلفة ومنها ضمان انتخابات حرة نزيهة، إلا أن الممارسات في عملية الرقابة على الانتخابات بعد الثورة أثارت عددا من المعوقات التي أثرت على فعالية وتأثير المراقبة.
السياق السياسي والجدل الواسع حول رقابة المجتمع المدني على الانتخابات والرقابة الدولية عليها
تتطلب الرقابة على الانتخابات ثقافة عامة حكومية وشعبية بأهمية الدور الذي تلعبه منظمات المجتمع المدني والدور الإشرافي للقضاة وغيرهم من الجهات التي تساهم في الإشراف. وفي مصر يدور جدلا واسعا حول الرقابة على الانتخابات وأنواعها المختلفة وبالنظر في التسلسل الزمني للجدل حول مراقبة الانتخابات نجد أن:
في عصر الرئيس السابق، كان هناك جدلا واسعا حول الإشراف القضائي الذي طالبت به العديد من القوى السياسية والذي وافق عليه في تعديلات الدستور. وساعد الإشراف على الانتخابات من قبل القضاة على كشف العديد من المخالفات قبل وأثناء عمليات الاقتراع منها إرهاب المواطنين وملء الصناديق وشراء الأصوات وحتى توجيه الناخبين والدعاية أثناء فترة الصمت الانتخابي، وقد أصدرت المنظمات التي قامت بالإشراف على الانتخابات تقريرا على موقعها على الانترنت بالانتهاكات التي حدثت أثناء عملية التصويت.
وكان رد فعل السلطات على الإشراف على الانتخابات سلبيا لما نتج عنه من كشف التزوير، فقام الرئيس السابق بالتصريح بأن الإشراف القضائي يؤثر على القضايا في المحاكم ويعلق العمل في الكثير من القضايا اليومية للمواطنين وبالتالي من المهم أن يلغى الإشراف القضائي على الانتخابات!.([4])
في انتخابات 2005([5])، كان هناك جدلا من نوع آخر حول الرقابة الدولية على الانتخابات، ففي ظل التوصيات الدولية منها توصيات “كندا” على أن تكون هناك مراقبة دولية للانتخابات التشريعية في مصر، إلا أن السلطات المصرية اعتبرت هذا تدخلا في شئونها وأن هناك جهات محلية قادرة على مراقبة الانتخابات ولا توجد حاجة للمراقبة الدولية. وحاولت السلطات القضاء على كل أنواع المراقبة على الانتخابات.
وثار الجدل في مصر بين السلطات الرافضة للمراقبة، والمعارضة التي ترى في ذلك ضمانا للمضي قدما نحو الديمقراطية ولعدم تزوير الانتخابات لصالح الحزب الحاكم.
إلى أن جاءت توصية من “ألمانيا” بأهمية مراقبة الانتخابات المصرية، وهو ما استجابت له السلطات المصرية وسمحت في ضوئه لعدد من منظمات المجتمع المدني بمراقبة عملية التصويت في 2005 وهو ما حد كثيرا من عمليات التزوير على الرغم من أنها لم تقضي عليها تماما.
وفي 2010، حاولت السلطات المصرية الحد من الرقابة على الانتخابات والإشراف القضائي وهو ما لاقى رفضا واسعا من قبل قوى المعارضة وأدى ذلك إلى أن تضع السلطات بعض العوائق أمام القائمين على المراقبة على الانتخابات في ظل مخالفات واسعة لضمان ظهور النتيجة في صالح الحزب الحاكم. ([6])
جاءت ثورة 25 يناير لتدخل مصر مرحلة جديدة في حياتها السياسية. ومرت مصر بعد الثورة بعدد من الانتخابات والاستفتاءات.
– استفتاء التعديلات الدستورية “مارس 2011″، وكان تحت إشراف قضائي كامل، بالإضافة إلى إشراف المجتمع المدني. وأصدرت المنظمة المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية تقريرا مفاداة أن الاستفتاء على التعديلات الدستورية خلى من المخالفات السابقة على الرغم من قلة خبرة اللجنة القائمة على التنظيم، إلا أن النتيجة كانت أفضل من ذي قبل وعدد المخالفات قل كثيرا رغم ضيق الوقت بين إعلان الانتخابات ويوم الاقتراع وإصدار التصريحات للمراقبة.([7])
– انتخابات البرلمان “نوفمبر 2011″، أصدرت اللجنة العليا للانتخابات قرارا بأحقية المجتمع المدني والدولي بالمراقبة على الانتخابات.([8]) إلا أن القرار كان به عدد من المشكلات أهمها الخلط بين “الإشراف” والمراقبة وهو ما استنكرته بعض منظمات المجتمع المدني، وجعل المجلس القومي لحقوق الانسان بمثابة الوسيط بين المنظمات التي تطلب تصريحات المراقبة واللجنة العليا للانتخابات.([9])
وتأخر صدور التشريعات المنظمة للانتخابات، وتم اعتماد آخر التشريعات المنظمة قبل فتح باب الترشيح بعشرة أيام، بل وصل الأمر إلى أن قانون تقسيم الدوائر نشر في الجريدة الرسمية بعد فتح باب الترشح بيومين.([10])
– انتخابات الرئاسة “مايو 2012″، أصدرت لجنة الانتخابات الرئاسية قرارا لقي معارضة من جانب قطاع من منظمات المجتمع المدني، حيث قامت بنشر بيان عن القضايا التي ترفضها حول قراراتها ووصفتها بالتعسفية وانها تسمح للجهات السيادية بالتدخل بشكل مباشر في عمل المنظمات المراقبة كما تمنعها من إصدار أي تصريحات للإعلام بشأن المخالفات التي تحدث في اللجان الانتخابية والتي من شأنه التقليل من حدة تلك المخالفات([11]).
– الاستفتاء على الدستور “ديسمبر 2012″، كان هناك جدلا واسعا حول الاستفتاء على الدستور في ظل اضطرابات سياسية حول نقاط خلافية تضمنها الدستور المصري الجديد أدى إلى انسحاب عدد من القوى المدنية والليبرالية. واستمر الخلاف بين القوى السياسية إلى أن أعلنت مجموعة من القضاة امتناعها عن الإشراف على الانتخابات إثر الإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس محمد مرسي والذي أدى إلى أن يقدم طلب بانتداب أعضاء من النيابة العامة للإشراف على الانتخابات في اللجان الفرعية والمحافظات([12])، الأمر الذي من شأنه تقليل نزاهة وشفافية الانتخابات ويسمح بوجود تزوير بشكل أكبر، إلا أن الرقابة على الانتخابات من قبل المجتمع المدني كانت قائمة ترصد الانتهاكات وتقدم تقاريرها لتلك المنظمات. ولكن اللجنة العليا للانتخابات أصدرت قرارا من شأنه أن تحصل منظمات المجتمع المدني الراغبة في مراقبة الانتخابات على موافقة من قبل المجلس القومي لحقوق الانسان، الأمر الذي أدى إلى رفض عديد من منظمات المجتمع المدني لهذا القرار ووصاية المجلس القومي لحقوق الانسان على منظمات المجتمع المدني على الرغم من خبرته القليلة بمجال حقوق الانسان والإشراف على الانتخابات. ([13])
وتتصف جودة مراقبة الانتخابات في مصر بضعف الأداء بشكل عام مع استمرار المخالفات والتزوير في مراحل التصويت المختلفة بداية من كشوف الناخبين وإرهابهم وشراء الأصوات والدعاية الانتخابية في فترة الصمت الانتخابي والتأثير على المواطنين وتقسيم الدوائر الانتخابية الذي قد يعمل في صالح فصيل سياسي معين، مما يلقي الضوء على وجود مشكلات تتطلب العمل معها بجدية في ظل سياق سياسي وزخم ثوري يطمح إلى الانتقال للديمقراطية.
شروط تسجيل المنظمات المراقبة:
تصدر قرارات من اللجنة العليا للانتخابات لتنظيم الرقابة على الانتخابات وإعطاء التصاريح اللازمة للمنظمات التي تتقدم بطلب المراقبة وبشكل عام فإنه توجد عدد من الشروط الواجب توافرها في المنظمة المتقدمة بطلب المراقبة: كما تنص المادة الثالثة من قرار لجنة الانتخابات الرئاسية على أنه ﻴﺘواﻓر ﻓﻲ ﻤﻨظﻤﺎت المجتمع المدني المصرية التي ﺘﺘﻘدم ﺒطﻠب التصريح لها ﻤﺘﺎﺒﻌﺔ الانتخابات الشروط الآﺘﻴﺔ :
- أن تكون مشهرة وفقا للقانون.
- أن يكون من ضمن مجالات عمل المنظمة الأصلية عند صدور الترخيص لها مجالات التنمية السياسية أو حقوق الإنسان ودعم الديمقراطية.
- أن يكون لها خبرة سابقة في مجالات متابعة الانتخابات.
أما عن قرارات اللجنة العليا للانتخابات فيما يتعلق بمنظمات حقوق الإنسان: فيجب أن تكون ذات سمعة دولية حسنة ومشهود لها بالحيدة والنزاهة، وأن يكون ضمن مجالات عمل المنظمة الأصلية مجالات التنمية السياسية أو حقوق الانسان ودعم الديمقراطية، وأن يكون لها خبرة سابقة في مجال متابعة الانتخابات([14]).
على الجانب النظري، تعتبر تلك القوانين ملائمة ومناسبة لضمان مراقبة كاملة لمنظمات المجتمع المدني الدولي والمحلي، بحيث تستبعد المنظمات التي لا تعمل في مجال حقوق الإنسان.
لكن هناك عدد من القرارات الأخرى التي تعتبر نظريا عوائق للمراقبة، التي تتطلب تسجيل المراقبين وأسمائهم مع إمكانية رفض اللجنة أشخاص بعينها أو قبولها. ويعرقل ذلك عملية سير الانتخابات. على أن يكون المراقب قد تعدى سن 21 على الرغم من أن المواطن له الحق في مباشرة حقوقه السياسية عند بلوغه سن 18.
وعن التطبيق العملي لتلك القرارات والنتائج التي ترتبت عليها، فقد اتضحت بعض التحديات التي من الواجب العمل على إصلاحها.
تحديات هيكليه:
– مراقبة اليوم التصويتي أو آخر أسبوع في الانتخابات: لا تحصل منظمات المجتمع المدني على تصريحات للمراقبين طويلة المدى، فلا يوجد مراقب لاستطلاع آراء المصريين ولا الإشراف على سجلات الناخبين والمرشحين وما إلى ذلك من مهام مراقب الانتخابات طويل المدى. يأتي ذلك على الرغم من أن الانتهاكات في مصر يأتي معظمها قبل يوم الاقتراع، بداية من كشوف الناخبين والأموال المنفقة على الدعاية الانتخابية.. إلخ.
– لا يوجد نص قانوني يحدد مسؤوليات المراقب وحقوقه، وبالتالي لا يوجد هيكل معين لمراقبة الانتخابات كما أن شرط تسجيل المنظمة كمنظمة حقوق إنسان يقطع الطريق على العديد من المنظمات التي لم تستطع التسجيل كمنظمة حقوق إنسان وهو أمر صعب حدوثه في مصر بسبب الصعوبات والمعوقات التي تواجه مثل تلك المنظمات.
ومن الجدير بالذكر، أنه على الرغم من أن القانون ينص على شرط عمل المنظمة المتقدمة بالطلب في مجال حقوق الإنسان إلا أن بعض منظمات دفن الموتى والجمعيات الأهلية والخيرية تتقدم بطلبات وقد تحصل بعضها على التصريح بالفعل وهو ما يقلل من مهنية وكفاءة المراقبة على الانتخابات.([15])
– لا يوجد نص قانوني لتوصيف العملية الانتخابية وكيفية المراقبة عليها، ويترك الأمر مرهونا بفهم كل من القاضي والمراقب. ويخلق ذلك عددا من المشكلات أثناء عملية الاقتراع. ففي بعض الأحيان يقوم القاضي برفض دخول مراقب المجتمع المدني وفي أحيان أخرى يطلب منه ترك اللجنة ولا توجد معايير محددة يتم ذلك على أساسها. إضافة إلى أنه يوجد بعض القضاة يرفضون مراقبة المجتمع المدني على الانتخابات ويعتبرونها بمثابة رقابة عليهم وعلى نزاهتهم. وهذا بسبب عدم توصيف حقوق وواجبات كلا من القاضي والمراقب.
تحديات إجرائية([16]):
- ضيق الوقت: لا يوجد وقت لتدريب المراقبين ولا يوجد وقت للعمل على الانتخابات والتوعية الانتخابية بالإجراءات التصويتية بحيث يتم إهمال كل ذلك. ويؤثر عامل ضيق الوقت على الانتخابات في مصر بشكل كبير: فرفضت عدد من منظمات الدولية الرقابة على الانتخابات المصرية، وقال جيمي كارتر الرئيس الأسبق للولايات المتحدة ورئيس منظمة كارتر الدولية لحقوق الانسان: “الوضع في مصر لا يسمح بمراقبة الانتخابات”([17])، وهي مقولة هامة تلفت النظر إلى العوائق أمام مراقبة فعالة وهو ما يقلل من نزاهة الانتخابات.
أثر عامل الوقت أيضا على انتخابات ما بعد الثورة، حيث أتت تمويلات أجنبية كثيرة وخاصة تمويلات أمريكية، لعدد من منظمات المجتمع المدني غير المؤهلة في بعض الأوقات للمراقبة على الانتخابات، وحتى لم تتح لها الفرصة لتدريب مندوبيها على المراقبة ويصب ذلك في التقليل من أهمية مراقبة المجتمع المدني ككل على العملية الانتخابية.
- تأمين المراقب: لا يوجد للمراقب سلطة لمواجهة الشرطة أو الجيش ولا يعرف كيفية سير العملية ولا يوجد ما يحصنه، وبالتالي هو عرضة للتعدي أو الطرد من قبل اللجنة، بل ولا يكون تحت مسئولية رجال الأمن القيام على حقوقه وحمايته.
- غير مسموح للمنظمات الحقوقية بعمل أكشاك والتعامل معها كأنها أحد الأحزاب السياسية التي تقوم بعمل دعاية لتوجيه الناخبين.
مشكلات المجتمع المدني المراقب لعملية الانتخابات:
- يؤثر قلة تدريب مندوب المجتمع المدني على كيفية آداءه لدوره وقيامه بالمراقبة بشكل صحيح، فيقلل من مهنية المجتمع المدني ككل في المراقبة ولا يسيء فقط للمنظمة التي يعمل بها، وخصوصا أنه في مصر ما زالت هناك بعض الشكوك حول استمرار مراقبة المجتمع المدني للانتخابات.
- لا يوجد تنسيق بين منظمات المجتمع المدني وليس لهن رؤية موحدة وإنما يوجد تحالفات فقط غير متوازنة في عدد من المحافظات، فيقلل ذلك من فعالية المراقبة وتوصيل الصورة متكاملة عن عملية مراقبة الانتخابات.
خاتمة
من الملاحظ أن هناك عدد من المشكلات التي تواجه مراقبة المجتمع المدني على الانتخابات، تؤثر على قيامها بدورها بشكل فعال في مراقبة الانتخابات تلقي الضوء على عدم تنظيم عملية المراقبة.
ويبدأ هذا التقصير من الصعوبات التي يعاني منها المجتمع المدني المصري في الظروف العادية خاصة العامل منها في مجالات حقوق الإنسان، بداية من صعوبة التسجيل والتضييق عليها في مجالات عملها وما إلى ذلك.
وتنتقل تلك المشكلة إلى وظيفة مراقبة العملية الانتخابية فهي لا تستطيع التنسيق مع منظمات المجتمع المدني الأخرى لضمان مراقبة فعالة على الانتخابات كما أنه في بعض كثير من الأحيان يكون المراقب على غير دراية بمهمته في عدم عرقلة الانتخابات أو التدخل في سير العملية، إلا أنها لا تلتزم بذلك في بعض الأحيان وتقدم بلاغات ضد اللجنة التي وقعت فيها الانتهاكات.
أما عن الاطار العام الذي تعمل فيه تلك المنظمات وغيرها من المنظمات الدولية فبه عدد من المشكلات القانونية المتمثلة في وضع بعض القيود على قبول رقابة المنظمات وترك بعض الأمور الأخرى غير محددة أهمها مثل تحديد أدوار المراقبة والإشراف وحماية حقوق المراقب ويعكس ذلك حالة من التخبط تصعب عملية المراقبة وتحديد الأدوار نتيجة لعدم خبرة السلطات المصرية والقائمين على الانتخابات.
ويلعب ضيق الوقت دورا هاما في الحد من كفاءة المراقبة، إلا أنه في الانتخابات التشريعية السابقة أعطت اللجنة العليا للانتخابات التصاريح لمنظمات المجتمع المدني مبكرا، وهو ما يعتبر سابقة في مصر بحيث يتيح تدريب المراقبين والتنيسق بين منظمات المجتمع المدني من أجل توفير تغطية عرضية للجان الانتخابية في كافة أنحاء البلاد.
ولا يمكن أن ننتقص من حق منظمات المجتمع المدني في الحد من الانتهاكات، ففي انتخابات 2005 و2011 تم الكشف عن عدد من المخالفات منها منع الناخبين من الإدلاء بأصواتهم، وتزوير كشوف الناخبين وملء بطاقات التصويت لصالح حزب بعينه.
وكان من الجهات القائمة على الانتخابات والتحقيق في نزاهتها ردود فعل تتراوح بين السلبية والتجاهل، ففي 2005 كفرت الأجهزة الإدارية بأنه كان هناك تزوير للانتخابات، بينما في 2011 كانت الأجهزة الإدارية لا حول لها ولا قوة.
وبالتالي فإن المراقبة على الانتخابات تحد من عملية التزوير ولكن آلية التعامل مع الانتهاكات ما زالت غائبة.
وللتقليل من تلك المشكلات يمكن أن:
- التحاور مع اللجنة العليا للانتخابات من أجل توفير بيئة سياسية ملائمة لمراقبة فعالة للانتخابات متمثلة في القرارات المتعلقة بالمراقبة.
- تدريب مندوبي المجتمع المدني على مهامهم في المراقبة وكيفية أدائها، والعمل على التنسيق بين تلك المنظمات.
- إيجاد آلية للنظر في الطعون والشكاوى والتحقق من نزاهة الانتخابات.
- مد عملية المراقبة إلى نوعيها “المدى الطويل والمدى القصير”.
ومع وجود تلك الضمانات تنتقل عملية الرقابة على الانتخابات إلى وضع أفضل من ذي قبل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
[1]) دليل مراقبة الانتخابات، مركز المؤسسات الديمقراطية وحقوق الإنسان 2007 على الرابط التالي:
http://www.osce.org/odihr/elections/70293
[2]) دليل التدريب على رصد حقوق الإنسان، مكتبة حقوق الإنسان، جامعة مينيسوتا على الرابط التالي:
http://www1.umn.edu/humanrts/arab/HRM) CH) 14.pdf
[3]) أحمد فوزي، ندوة بعنوان الانتخابات البرلمانية في مصر “رؤى وتحديات”، 17\1\2013، منتدى البدائل العربي للدراسات.
[4]) الانتخابات في مصر “دولة قانون الطوارئ الدائم” لا يتماشى مع انتخابات نزيهة وحرة، تقرير هيومان رايتس ووتش 2010، على الرابط التالي:
http://www.hrw.org/reports/2010/11/23/elections) egypt HYPERLINK “http://www.hrw.org/reports/2010/11/23/elections-egypt”
[6]) أحمد فوزي، ندوة بعنوان الانتخابات البرلمانية في مصر،17\1\2013 منتدى البدائل العربي للدارسات.
[7]) نتائج وتوصيات عن مراقبة الاستفتاء على التعديلات الدستورية 2011، المنظمة المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية على الرابط التالي:
http://www.mosharka.org/index.php?newsid=356
[8]) تقرير الشبكة العربية لديمقراطية الانتخابات حول انتخابات مجلس الشعب المصري، نوفمبر 2011) يناير 2012.
[9]) تقرير المرحلة الأولي لانتخابات مجلس الشعب 2011، الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية، على الرابط التالي:
http://www.mosharka.org/index.php?newsid=417
[10]) ملخص التقرير المرحلي الأول للائتلاف المستقل لمراقبة الانتخابات، مركز القاهرة لحقوق الانسان، 2011على الرابط التالي:
http://www.cihrs.org/?p=272 HYPERLINK “http://www.cihrs.org/?p=272”
) لالإجراءات اللجنة العلیا التعسفیة.. نعم لمراقبة المجتمع المدني الكاملة لانتخابات الرئاسة مايو 2012، مركز القاهرة لدراسات حقوق الانسان، على الرابط التالي:
[11]http://www.cihrs.o rg/?p=2084
[12]) مصر: انقسام قضائي بإقرار الإشراف على الاستفتاء، سي إن إن الإخبارية، أول يناير 2013 على الرابط التالي:
http://arabic.cnn.com/2012/middle_east/12/3/egypt.Referendum/index.html
[13]) منظمات حقوقية: «القومي لحقوق الإنسان» يحتكر مراقبة المجتمع المدني على الاستفتاء، جريدة المصري اليوم، 13 ديسمبر 2012، على الرابط التالي:
http://www.almasryalyoum.com/node/1308831 HYPERLINK “http://www.almasryalyoum.com/node/1308831”
() قرار اللجنة العليا للانتخابات الصادر في 2013، الموقع الرسمي للجنة العليا للانتخابات على الرابط التالي:
[14]https://www.elections.eg/images/pdfs/decrees/qarar_lagna) 2_2013.pdf
[15]) مجدي عبد الحميد، رئيس الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية، مكالمة هاتفية، 20 مارس 2013، القاهرة.
[16]) سمر الحسيني، ندوة بعنوان الانتخابات البرلمانية في مصر “رؤى وتحديات”، 17\1\2013 منتدى البدائل العربي للدراسات.
[17]) أحمد فوزي، ندوة بعنوان، الانتخابات البرلمانية المصرية “رؤى وتحديات”، 17\1\2013 منتدى البدائل العربي للدراسات.