أحمد السيد النجار
مصر
مقدمة
يشكل نظام الأجور، الآلية الرئيسية لتقسيم القيمة المضافة الناتجة عن العملية الإنتاجية، بين العاملين وأرباب العمل سواء كانوا من القطاع العام أو القطاع الخاص، وهو بالتالي آلية رئيسية لتحقيق العدالة في توزيع الدخول، إلى جانب الآليات الأخرى مثل الضرائب ودعم الخدمات العامة والدعم السلعي والتحويلات. وفي أكثر الاقتصاديات الرأسمالية تحررا تبقى الدولة محتفظة ببعض الأدوار المرتبطة بالسلام الاجتماعي الحافظ لاستقرار النظام الرأسمالي نفسه، وفي مقدمتها، وضع حد أدنى للأجور لكل العاملين في البلد سواء كانوا يعملون في القطاع الخاص، أو يعملون لدى الدولة في قطاعها العام وجهازها الحكومي وهيئاتها الاقتصادية والذين تكون الدولة بمثابة رب العمل بالنسبة لهم، وتضع لهم أيضا حدا أقصى للأجور لضمان وجود توزيع عادل ومنطقي لمخصصات الأجور وما في حكمها.
أولا: نظام الأجور الراهن ونقاط الخلل فيه:
تواجه مصر أزمة حقيقية واحتقانات واضرابات كثيرة للعمال والموظفين، تتركز مطالبها الأساسية في تحسين أو إصلاح نظام الأجور الراهن الفاسد والمُفسد. وتتركز مساوئ نظام الأجور الراهن في أربعة نقاط أساسية: الأولى هي ضعف الحد الأدنى للأجر الذي لا يكفي لأي حد أدنى من حياة كريمة للعامل أو الموظف سواء في القطاع العام والهيئات الاقتصادية العامة والجهاز الحكومي، أو في القطاع الخاص، مما يضطر غالبية العاملين للتحايل واتباع طرق ملتوية وفاسدة لاستكمال ضرورات حياتهم. وحتى عندما أعلنت الحكومة عن رفع الحد الأدنى للدخل الشامل للعامل أو الموظف إلى 684 جنيها، فإنها لم تُلزم القطاع الخاص بهذا الحد الأدنى، وحتى الجهاز الحكومي لم يلتزم به فعليا، فضلا عن أنه غير كاف لتحقيق حد أدنى من حياة كريمة للعامل.
الثانية: هي ضعف الأجر الأساسي الذي يشكل أقل من 20% من مخصصات الأجور وما في حكمها بالنسبة للعاملين لدى الدولة، ونفس الأمر بالنسبة للقطاع الخاص. وبينما تتسم الأجور الأساسية بالانضباط النسبي، فإن توزيع “ما في حكم الأجر” من بدلات وعمولات ومكافآت وأرباح وحوافز، هو باب ملكي لفساد توزيع الدخل بالذات لدى العاملين لدى الدولة.
الثالثة: عدم وجود توصيف وظيفي وتعدد الأجور لدى الدولة عن العمل الواحد لحاملي نفس المؤهل الدراسي ونفس السنة ونفس الكفاءة بحيث يصل الأجر الشامل لبعض العاملين لدى الدولة إلى أكثر من 10 أضعاف نظرائهم في مؤسسات عامة أخرى.
الرابعة: عدم وجود حد أقصى للدخل الشامل كأساس لتحقيق العدالة الاجتماعية والإنصاف في توزيع مخصصات الأجور. بحيث يوجد لدينا رواتب شاملة تبلغ أكثر من ألف ضعف الحد الأدنى للأجر الشامل.
وقبل تناول العناصر الأساسية التي ينبغي ان يتضمنها أي نظام عادل للأجور حتى يكون فعالاً اقتصاديا، لابد من الإشارة إلى أن الناتج المحلي الإجمالي المصري، بلغ نحو 1373 مليار جنيه مليار جنيه في العام المالي 2010/ 2011، وبلغ متوسط إنتاجية العامل في العام المالي نفسه، نحو 50.7 ألف جنيه (8450 دولار) في العام أو نحو 4225 جنيه شهريا، وهو ما يعني أن رفع الأجور المستهدف لن يتم من خلال الاستعانة بموارد إضافية في القطاع العام أو الخاص، بل بإعطاء العاملين حقوقهم في القيمة المضافة التي أنتجوها، مع التأكيد على أنه ينبغي تطوير تلك الإنتاجية من خلال تحديث الآلات والنظم الإدارية. وكان متوسط أجر العامل في قطاع الصناعة التحويلية في مصر قد بلغ 2210 دولار في العام خلال الفترة من عام 1980 إلى عام 1984، في وقت كانت القيمة المضافة لكل عامل في هذه الصناعة، نحو 3691 دولار. (راجع: The World Bank, World Development Indicators 2006, p. 66.). أي أن الأجر كان يوازي نحو 60% من إنتاجية العامل في الصناعة التحويلية، في حين أن متوسط أجر العاملين يوازي 26% من متوسط الإنتاجية في مصر حاليا. وهذا التغير يعكس التدهور الشديد في عدالة توزيع الدخل بين العاملين وبين أرباب العمل.
ثانيا: الحدين الأدنى والأقصى وإصلاح نظام الأجور
هناك مبادئ عامة يمكن أن يتم إصلاح نظام الأجور على أساسها. ويمكن تركيز هذه المبادئ فيما يلي:-
- الحد الأدنى للأجر لابد أن يكون كافيا لتحقيق حياة كريمة للعامل من خلال قدرته على مواجهة احتياجاته من مأكل وملبس ومسكن وانتقالات وإنفاق صحي، وأن يتغير هذا الحد الأدنى تلقائيا كل عام بنفس نسبة معدل التضخم المعلن رسميا، حتى لا تتراجع قدرته على شراء السلع والخدمات. وأن تتم مراجعة الحد الأدني للأجر كل ثلاث سنوات لمعالجة الآثار المحتملة لارتفاع الأسعار بأكثر من معدلات التضخم المعلنة رسميا التي يتم رفع الحد الأدنى للأجور على أساسها سنويا. وحتى يكفي الحد الأدنى للأجر الأساسي للعامل لحياة كريمة، فإنه ينبغي أن يكون في حدود ستة ونصف (6.5) جنيه في الساعة، بواقع 1500 جنيه شهريا لمن يعمل ثمانية ساعات كما هو حال عمال مصر، و 1150 جنيه لمن يعمل ست ساعات كما هو حال العاملين في الجهاز الحكومي، علما بأن إيجار سكن متواضع يزيد على 350 جنيه شهريا، ومأكل متقشف يتكلف 450 جنيه شهريا، وملبس متواضع يتكلف 100 جنيه شهريا، وانتقالات ونثريات تتكلف 250 جنيه شهريا، دون حساب أية نفقات صحية أو مدخرات صغيرة لتدبير متطلبات الزواج الذي من المنطقي أن يستعد له العامل بعد استلام عمله. ومع تدرج راتب العامل وفقا لأقدميته فإنه يصبح بالكاد كافيا لإعالة أسرته بعد تكوينها في ظل معدل الإعالة الذي بلغ 3.6 فرد لكل شخص يعمل عام 2010.
- تسوية مرتبات العمال القدامى على أساس الحد الأدنى الجديد بزيادة 5% عن كل عام من الأقدمية بحد أقصى 50 جنيها سنويا. وتتم زيادة معاشات العمال المحالين للمعاش بنسبة موازية للنسبة التي ارتفعت بها الأجور، ويتم تمويل الزيادة من الموازنة العامة للدولة ضمن خطة شاملة لاستعادة فوائد أموال التأمينات من الحكومة بعد أن ظلت لسنوات طويلة لا تدفع عنها سوى فوائد ضئيلة للغاية نسبتها 2%، ثم 4%، ثم 6% في وقت كانت أسعار الفائدة تتراوح خلاله بين 12%، و18%.
- يرتفع الأجر الأساسي للعامل سنويا بنسبة أقصاها 7% كمقابل للخبرة والأقدمية، يضاف إليها نسبة تعادل معدل التضخم المعلن رسميا، دون أن توضع أي حدود قصوى لقيمة الزيادة في الأجور الأساسية بناء على هذه النسب.
- وضع حد أقصى للدخول الشاملة (الأجر الأساسي مضافا إليه كل البدلات والعمولات والحوافز والأرباح والمكافآت) لكل العاملين والموظفين في القطاع العام والهيئات الاقتصادية والجهاز الحكومي، بحيث لا يتجاوز أعلى دخل شامل لأي مستوى وظيفي(خمسة عشر ضعفا) 15 ضعف الحد الأدنى للأجر الشامل للعامل في الدولة، وإنهاء فوضة “المستشارين” والمخصصات الضخمة لهم، وهو ما سيوفر الكثير من الأموال التي كانت تذهب بشكل غير عادل لفئة محدودة من القيادات العليا، بحيث يمكن استخدامها في إصلاح نظام الأجور عموما.
- يكون الأجر الأساسي للعامل هو أساس دخله من العمل، ولا تزيد الدخول الإضافية من بدلات وحوافز وعمولات ومكافآت شهرية عن 100% من هذا الراتب الأساسي.
- توحيد الأجور الأساسية في الجهاز الحكومي والهيئات الاقتصادية والقطاع العام وفقا للتوصيف الوظيفي، بدلا من التفاوت الرهيب وغير العادل في دخول العاملين في مهنة واحدة حسب الجهة الحكومية التي تقوم بتشغيلهم.
- إنهاء الأبواب الخلفية التي تتضخم عبرها بعض الدخول لتصبح أسطورية، مثل الصناديق الخاصة التي أنشأتها الوزارات والمحافظات والهيئات والجامعات لتخزين الفوائض وحصيلة الغرامات والمخالفات والرسوم والإتاوات، ويتم الصرف منها على الحفلات والدعاية ومكافآت كبار المسئولين، بلوائح خاصة بدلا من إعادتها لوزارة المالية. كما أن ضباط المباحث والمرور يحصلون على مكافآت من الأحياء والهيئات الواقعة في نطاق عملهم، وكذلك أعضاء الأجهزة الأمنية والمحاسبية الذين يشرفون على رقابة القطاع الاقتصادي مثل قطاع البترول والكهرباء والجمارك والجوازات، وهي دخول غير مشروعة، فضلا عن أنها تخلق تعارض مصالح يؤدي إلى ضعف أو انعدام فعالية دورهم الرقابي.
ثالثا: آلية مقترحة لتمويل رفع الحد الأدنى وتغيير نظام الأجور بلا تضخم
حتى يتم تمويل إصلاح نظام الأجور بدون تضخم، فإنه ينبغي أن يتم بالأساس من خلال عمليات إعادة توزيع للدخل، دون اللجوء للإصدار النقدي الجديد، مع توفير آليات حقيقية لحماية المستهلك ولمنع الارتفاعات غير المنطقية في أسعار السلع والخدمات. ويمكن تركيز الآليات الرئيسية لتمويل رفع الحد الأدنى للأجر وتغيير نظام الأجور كلية على النحو التالي:
- تحقيق العدالة في توزيع مخصصات الأجور وما في حكمها بين العاملين في الجهاز الحكومي والقطاع العام والهيئات الاقتصادية العامة، من خلال جعل أعلى أجر شامل لا يزيد عن 15 ضعف أدنى أجر شامل مما سيوفر جزء كبير من الأموال المطلوبة لرفع الحد الأدنى وإصلاح نظام الأجور.
- إلغاء دعم الطاقة المقدم لشركات الأسمنت والأسمدة والحديد والألومنيوم والسيراميك وغيرها من الشركات التي تبيع إنتاجها بالأسعار العالمية. وإذا كانت مخصصات دعم الطاقة في موازنة عام 2011/2012 قد بلغت 95.5 مليار جنيه فإن ما لا يقل عن 75 مليار جنيه منها يذهب للرأسمالية الكبيرة المحلية والأجنبية العاملة في مصر بدون وجه حق، ويستحق الإلغاء الفوري أو المتدرج.
- الجدية في تحصيل الضرائب من كبار الرأسماليين وشركاتهم، حيث أن هناك 63 مليار جنيه من المتأخرات الضريبية المستحقة على كبار العملاء، ويصل الرقم إلى 126 مليار جنيه لكل المتهربين من الضرائب.
- تحسين حصيلة إيرادات الضرائب من خلال تعديل قانون الضرائب الحالي لمراعاة قاعدة التصاعد وتعدد الشرائح الضريبية بصورة متناسبة مع المستويات المختلفة من الدخول، كأسس راسخة ومتعارف عليها للعدالة الضريبية في البلدان الرأسمالية، بدلا من القانون الفاسد الحالي الذي يساوي بين كبار الرأسماليين الأثرياء وبين الطبقة الوسطى في معدل الضريبة عند مستوى 20% على الدخول التي تزيد عن 40 ألف جنيه في السنة حتى 10 ملايين، وبعدها يرتفع المعدل حسب التعديل الذي أجراه وزير المالية الأسبق د. سمير رضوان إلى 25% ويظل ثابتا حتى لو وصل دخل الفرد أو ربح الشركة إلى عدة مليارات في العام. علما بأن معدل الضريبة على الشريحة العليا للدخل للأفراد عام 2009، بلغ 62% في الدنمارك، و57% في السويد، و52% في هولندا، و50% في بلجيكا والنمسا اليابان، و45% في كل من أستراليا وألمانيا والصين وكرواتيا، و42% في البرتغال، و41% في سلوفينيا، و40% في كل من شيلي وبولندا وبريطانيا وجمهورية جنوب إفريقيا وفيتنام، و37% في تايلاند، و36% في المجر، و35% في كل من الولايات المتحدة والأرجنتين وإيران وتركيا وإندونيسيا وباكستان وكوريا الجنوبية، و34% في فنزويلا.
- فرض ضريبة على أرباح المتعاملين بالبورصة مماثلة للضرائب على دخول المشروعات التجارية والصناعية، وفرض ضريبة صغيرة في حدود 0.5% على التعاملات في البورصة كما تفعل غالبية البورصات في العالم. وهذه الضريبة ستوفر نحو 5 مليارات جنيه. وستكون في مصلحة البورصة والمتعاملين فيها لأنها ستؤدي إلى تهدئة سخونة المضاربات وإلى تقليل ما ينزحه الأجانب من أموال من مصر من خلال نشاط طفيلي هو المضاربة التي يسهلها عدم وجود ضرائب على التعاملات.
- تطوير أداء وحدات القطاع العام والهيئات الاقتصادية ووضع قيادات مشهود لها بالكفاءة والنزاهة على رأسها، ووضع ضوابط صارمة لمنع الفساد فيها، حتى يتحسن الأداء ويكون هناك فائض محول منها إلى الموازنة العامة للدولة يمكن استخدامه في تمويل نظام الأجور الجديد بناء على تحسن حقيقي في الإنتاج والإنتاجية.
- تعديل اتفاقيات تصدير الغاز للدول الأخرى لوضع أسعار عادلة للثروة الطبيعية المملوكة لكل أبناء الشعب بالتساوي. ولو وضعت أسعار عادلة للغاز المصدر لإسرائيل وأسبانيا وتركيا والأردن، فإن ذلك سيضيف قرابة 15 مليار جنيه كإيرادات للموازنة العامة في السنة قابلة للتصاعد مع تزايد أسعار الغاز. وسيكون من السهل على مصر أن تغير أسعار الغاز للتماشى مع الأسعار العالمية وتكون متغيرة سنويا بناء على تغير تلك الأسعار، لو تبنت منطق واضح يشير إلى أن العقود السابقة فاسدة والأسعار المتدنية للغاز فيها بالمقارنة مع الأسعار العالمية عند إبرامها، تعد مؤشرا قاطعا على فسادها. كما أن الذي أبرمها هو نظام فاسد بالاتفاق مع دول وشركات كانت طرفا في عملية الفساد، التي تؤدي في النهاية إلى نهب أموال الشعب المصري الفقير لصالح شركات ودول أغنى من مصر كثيرا.
- الحصول على عائد عادل للثروات الطبيعية وبالذات منتجات المحاجر والنفط والغاز. وعلى سبيل المثال ينبغي مضاعفة رسوم (ضريبة) محاجر الأسمنت إلى مائتي جنيه على الأقل عن كل طن (200 جنيها) في ظل حقيقة أن التكلفة الراهنة للطن قبل فرض هذه الضريبة تقل عن 220 جنيهات بينما تبيعه الشركات الأجنبية بنحو 580 جنيها محققة أرباحا احتكارية استغلالية دون ان يتم ردعها. وستكون حصيلة هذه الضريبة في حدود 8 مليارات جنيه في العام. ولن تستطيع تلك الشركات رفع أسعار الأسمنت سواء لأنها تبيع إنتاجها بأعلى من الأسعار العالمية التي تشكل الحد الأعلى للمدى السعري الذي يمكنها التحرك فيه، أو لأن الدولة يمكنها أن تنشيء مصانع جديدة ومضمونة الربح للأسمنت لتخفيف الوضع الاحتكاري للشركات الأجنبية وللوفاء باحتياجات الدولة والمجتمع من الأسمنت بأسعار معتدلة.
- مكافحة الغلاء غير المنطقي وأسبابه المختلفة وعلى رأسها الاحتكار الإنتاجي والتجاري واحتكار الاستيراد، والعمل على تعزيز حماية المستهلكين وأجورهم الحقيقية من خلال قيام الحكومة بدور المنتج والتاجر المرجح وتوفير السلع المحلية والمستوردة في مجمعات حكومية تدار بشكل كفء ونزيه وتخضع لرقابة شعبية عامة ومحلية صارمة، وتبيع السلع بأسعار معتدلة.
- إعادة النظر في دعم الصاردات المقدر بـ 2.5 مليار جنيه في الموازنة الأخيرة، نظرا لما تكشف من سوء توزيعه خلال السنوات الماضية، وتوجيه مخصصاته لدعم الصحة والتعليم وإصلاح نظام الأجور.
- بالنسبة للعاملين في القطاع الخاص، فإن الإلتزام بالحد الأدنى الجديد للأجر وبتسوية أوضاع العاملين القدامى، يمكن أن يتحقق من خلال قبول الرأسماليين بمعدلات ربح معتدلة، وهو لن يمثل أزمة حقيقية لمن يريد العمل على أساس علاقات عمل عادلة وأخلاقية. وهذا الإلتزام بالنظام الجديد للأجر سيشكل آلية لتحسين توزيع القيمة المضافة في العملية الإنتاجية بين العاملين وأرباب العمل، بكل تأثيراتها الإيجابية على الطلب الفعال وعلى حوافز النمو الاقتصادي المتواصل في الاقتصاد، وأيضا على ضرورات الدفاع الاجتماعي والسلام والاستقرار في المجتمع.
وعندما يكون إصلاح نظام الأجور قائما على تعديل توزيع القيمة المضافة بين العاملين وأرباب العمل من خلال نظم الأجور والضرائب، فإن هذا الإصلاح لن يضيف أي قوة تضخمية للاقتصاد، طالما لم يتم التمويل من خلال إصدار المزيد من أوراق النقد لتمويل هذا الإصلاح. كما أن مصر دولة مندمجة في الاقتصاد العالمي وبالتالي فإن أسعار السلع في الأسواق الدولية محملة بتكاليف النقل والتأمين، تشكل سقفا سعريا لا تستطيع الرأسمالية المحلية أو الأجنبية العاملة في مصر، رفع الأسعار عنه، لأنه إذا حدث ذلك سيتم التحول عن استهلاك ما تنتجه للاستيراد من الخارج، خاصة لو كانت الدولة حاضرة ومستعدة لحماية المستهلكين وليست متواطئة مع الرأسمالية المحلية والأجنبية، أو لو توفرت درجة من المرونة والمنافسة والقدرة على الاستيراد دون التعرض لأذى أو عراقيل من الرأسمالية المحلية والأجنبية العاملة في مصر وعصابات الاحتكار التي شكلتها.