دليل: الاقتصاد البديل في القرن الواحد والعشرين – مفاهيم وأبعاد بين الواقع والطروحات البديلة

محمد العجاتي

محمد العجاتي



مع تزايد الأزمات المالية والاجتماعية في هذا القرن بداية من إرهاصات أزمة عام 2008 ووصولًا إليها ولتداعياتها المستمرة حتى الآن في صور شتى، اقتصادية واجتماعية بل وعسكرية، حيث إن الحروب التي نراها حاليًّا كلها مرتبطة بطبيعة النظام الاقتصادي، إذ يشير عديد من المحللين إلى أنه بعد الأزمة الاقتصادية في 2008 زادت عدد البلدان التي شهدت نزاعات عنيفة أكبر من أي وقت مضى منذ ما يقرب من 30 عامًا، وصلت إلى قلب أوروبا في الحرب الروسية الأوكرانية وقبلها في إفريقيا، الحرب الأهلية في إثيوبيا ومذابح الكونغو، أما في منطقتنا فنجد دولًا في حالة حروب/نزاعات تكاد تغيب الدولة عن مناطق عدة داخل حدودها، أو تغيبها بشكل كامل من ليبيا إلى اليمن ومن سوريا إلى السودان. وفي الوقت نفسه، أصبحت النزاعات أكثر تجزؤًا، فتضاعف بشدة، على سبيل المثال، عدد الجماعات المسلحة الضالعة في الحرب الأهلية السورية منذ اندلاع النزاع، من مجرد ثماني جماعات إلى عدة آلاف من الجماعات، وتتطلب هذه الوضعية أن نستدعي من التاريخ الأزمة الكبرى المشابهة التي حدثت في القرن العشرين، المعروفة باسم الكساد الكبير أو الكساد العظيم، التي اندلعت عام 1929 ولم يتلاشَ أثرها تمامًا حتى انتهاء الحرب العالمية الثانية. حيث كانت البنوك الأمريكية سببًا في اندلاع أزمة الرهن العقاري التي أشعلت نيران أزمة مالية على نطاق أكبر، ووجدت سبيلها إلى باقي أنحاء العالم، كان الاحتياطي الفيدرالي سببًا في وقوع أكبر كارثة اقتصادية في القرن العشرين. يشير عديد من الباحثين إلى أن حالة الكساد التي أعقبت الأزمة لم تنتهِ بشكل كامل حتى نهاية الحرب العالمية الثانية وتحديدًا في عام 1946. لذلك نجد عديدًا من المتخصصين والخبراء يحاولون طرح رؤى وأفكارًا بديلة، معظمها من داخل نفس المنظومة، تحت ما يمكن أن نسميه بدائل اقتصادية. إلا أن مجموعة غير قليلة نحت إلى أن الأزمة الحقيقية في طبيعة النظام وبالتالي نحتاج إلى نظام بديل، فبدأ من خلال هذه الأدبيات تناول ما أطلق عليه الاقتصاد البديل، في محاولة لوضع أسس نظرية له وبنائه على تجارب فعلية تمت بواسطة البشر أنفسهم، وربطه بالتحديات والقضايا التي يوجهها العالم حاليًّا مثل قضايا البيئة والنوع الاجتماعي. نستعرض في هذا الكتاب عددًا من تلك المساهمات في محاولة لطرح أفكار يمكن تطويرها والبناء عليها في منطقتنا العربية.

Loader Loading...
EAD Logo Taking too long?
Reload Reload document
| Open Open in new tab

Download [747.19 KB]

Start typing and press Enter to search