مؤسسة هيفوس الهولندية ,منتدى البدائل العربي للدراسات
اليمن ,تونس ,سوريا ,ليبيا ,مصر
مقدمة
ماذا نعني بالديمقراطية في الثورات التي شهدتها دول الربيع العربي؟ هل نعني أن الهدف من التحول الديمقراطي تغيير رأس النظام أم إحداث تغيير جذري في بنى مؤسسات الدولة والمجتمع وتفكيك الأنظمة الاستبدادبة القائمة؟ وهل التحول الديمقراطي مرتبط بتحول من الداخل أم من الخارج؟
فقد جاءت الثورات العربية لتكشف عن مكامن الخلل الأساسية والتي سادت في فترة ما قبل الثورات في الخطاب المهيمن وهي أن الديمقراطية لا يمكن فرضها إلا من الخارج، فملايين الناس التى خرجت للشوارع لتنتفض ضد الأنظمه الاستبدادية أثبتت خطأ هذه الفرضية، فقد تبين أن التغيير يمكن أن يأتي من الداخل وفي أحيان كثيرة يأتي هذا التغيير حاملا خطابا محملا للخارج مسئوليته في التعاون مع الأنظمة السابقة الاستبدادية.
1- المفاهيم المرتبطة بعملية التحول الديمقراطي:
فقد كشفت أيضا شعارات الثورة أن متغير جديد قد ظهر فى صنع السياسة وهو الشعب، بمقولة (الشعب يريد إسقاط النظام) كما أكدت الشعارات على كون الشعب كيان واحد متجانس -الأمر الذى سيتم التطرق له لاحقا فى موضوع الأقليات- أيضا “الشعب يريد” هو بمثابة توجيه هدف التغيير نحو إعادة صياغة جذرية للعلاقة بين الحكام والمحكومين. وهذا ما يفسّر الأهمية الاستثنائية التي توليها الانتفاضات لقيام مجالس تأسيسية وانتقالية، ولصياغة دساتير جديدة، وتغيير نمط العلاقة السائدة بين المؤسسات التشريعية والتنفيذية لصالح الأولى.([1])
إشكالية اختزال مفهوم الديمقراطية في نتيجة صناديق الاقتراع، حيث لا يمكن حصر العملية الديمقراطية في نتيجة اقتراع ولا يمكن الحديث عن شرعية بمجرد فوز مرشح ما في الانتخابات لمجرد أن نسبة الموافقين أعلى من المعارضين، فالديمقراطية هي مجموعة من القيم والإجراءات هدفها النهائي إحداث استقرار في المجتمع عن طريق الرضا الشعبي الناتج عن الخطوات المتخذة من جانب النظام، فالديمقراطية تفترض وجود نوع من التوافق الاجتماعي ممثلا في عقد اجتماعي جديد (الدستور التوافقي) الذي يحتوي على مجموعة من الحقوق والحريات للمواطنين، كما أنه لا يمكن اعتبار مطلب الكرامة الانسانية التي نادت به الثورات مجرد شعار بل لا بد من اتخاذ التدابير اللازمة لحماية هذا المفهوم. حيث أن مطلب الكرامة الانسانية لا يقتصر فقط على الجهاز الأمني، أي معاملة ما من جانب الشرطة، بل يمتد ليشمل صيانة عيشة كريمة للمواطنين عن طريق كفالة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية، وتوفير فرص عمل دائمة للمواطنين، كما لا يمكن فقط تقديم اعتذارات للأخطاء التي ارتكبتها السلطة السياسية، بل لابد من وجود تدابير للحماية من تكرار نفس الأخطاء (لا بد من وجود قوانين تحمي هذه الحقوق الأساسية). كما لا يمكن فقط الاكتفاء بالنصوص الدستورية بل يجب العمل على تطبيقها وتوفير الآليات اللازمه لذلك.
يلاحظ أيضا في حدوث نوع من الارتداد على عمليه التحول الديمقراطى، فتونس شهدت عمليه اغتيال سياسي لشكري بلعيد المعارض اليساري البارز للنهضة، كما شهدت مصر محاوله لتقييد الحريات متمثلة في مشروعات قوانين النقابات والمجتمع المدني.([2])
يبقي تحديان كبيران أمام عملية التحول الديمقراطي في المنطقة العربية وهما العلاقات المدنية-العسكرية بما يقضي بغلبة المدني على العسكري وكذلك تحدي إعادة التوازن للسلطة التشريعية السياسية في مقابل السلطة التنفيذية.
كما يرتبط مفهوم التحول الديمقراطي بوجود نظام اقتصادي جديد حيث كشفت الثورات العربية عن ضرورة توجيه الاقتصاديات العالمية إلى الاعتراف بأن تأمين فرص العمل كان غائبا عن برامجهم المتعلقة ببلدان الجنوب. كما كشفت عمق العلاقات بين السلطات الاستبدادية العربية، وبين مؤسسات التمويل الدولية، وشركاتها المتعدية الجنسيات، والسلطات السياسية التي تمثلها، ومن ثم يطرح مفهوم التحول الديمقراطي في هذه البلدان إشكالية وجود نظام اقتصادي بديل عن ما تم اتباعه في السابق، فهل يمكن الحديث عن تحول ديمقراطي حقيقي وما زالت الأنظمة الجديدة تتجاهل دور الشعب في رفض الانصياع لصندوق النقد الدولي؟ هل يمكن الحديث عن تحول ديمقراطي في ظل غياب أي حوار حقيقي للبدائل المطروحة لسد عجز الموازنة؟ هل يمكن الحديث عن التحول الديمقراطي في غياب فرص عمل حقيقية وإهدار لحقوق العمال؟ بل هناك حديث عنها باعتبار أنها مطالب فئوية تعرقل الإنتاج.([3])
2- المواطنه والتحول الديمقراطى:
يرتبط مفهوم التحول الديمقراطي بمفهوم المواطنة والتي تعد حقوق مثل المرأة والأقليات أحد ركائزه فإن أحد المشكلات الأساسية التي تطرحها هذه القضية هي أن مناقشة قضايا المرأة في المنطقة العربية تعاني من قدر كبير من الاختزال والتبسيط ممثل في إظهار قضايا المرأة باعتبار أنها قضية مستقلة عن السياق العام من القضايا الملحة كقضايا الفقر، فساد الدولة، القمع، والعسكرة.
حيث أن هناك مجموعة من الإشكاليات المرتبطة بالمرأة، فبالرغم من وجود المرأة في الصفوف الأولى للثورتين التونسية والمصرية، وبرغم تقديم الثورتين لعدد من الشهيدات، فما زال الحديث عن المشاركة السياسية للمرأة محل تساؤل، مثل إعادة طرح قضية وضع المرأة في النصف الأول من القوائم الانتخابية أم لا؟
وعلى الرغم من أن المرأه المصرية لها تاريخ طويل في عمليه النضال السياسي سبقت دولا أخرى إلا اننا نجد مثلا فى دولة مثل السعوديه قام الملك بتعيين 30 سيدة فى مجلس الشورى وما زال الحديث هنا فى مصر يدور حول تقييد حريتها.([4])
وعلى الرغم من محاولات كل التيارات لكسب صوت المرأة الانتخابي، إلا أن تيارات الإسلام السياسي تنظر للمرأه نظرة لا تتناسب مع مكانتها في المجتمع كما أنها تنظر لها وكأنها شيء نكرة (مثل ما حدث من جانب حزب النور في الانتخابات البرلمانية الأخيرة في مصر من إحلال صور النساء المرشحات بصور ورد ورموز دون الرجال)([5]).
وتبرز في إطار مشكلة المساواة كذلك قضية الأقليات، فقد عانت هذه القضية من إنكار واضح تضمنه خطاب النظم الاستبدادية التي أزاحتها الثورات العربية، في حين أن هذه الأنظمة عملت على استغلال هذه القضية بشكل يدعم شرعيتها ويكفل لها الاستمرار -مع العلم أن مشكلة الأقليات لا يمكن عزوها فقط للأنظمة الشمولية التي قبعت لسنوات طويلة في سدة الحكم ولكن أيضا لاعتبارات متعلقة بالذاكرة التاريخية والنفسية لأبناء هذه الجماعات الأقلية- حيث عملت هذه النظم على تعميق هذه المشكلة من خلال تزكية الاختلافات والنزاعات الأهلية، مع سعي هذه النظم الشمولية لنسج علاقات مع جزء أو بعض من هذه الجماعات الأهلية، وكانت هذه الأنظمة تعمد إلى الجماعات الأهلية وثيقة الصلة بالنظام من أجل تشكيل الأجهزة الأساسية الحافظة للسلطة والحامية لها، كما أن وضع الأقليات في المنطقة العربية وخاصة في منطقة المشرق العربي يزيد من تعقده التداخل بين الجماعات الأهلية المتواجدة في عدد من الدول العربية، الأمر الذي يهدد دائما بإمكانية “أقلمة” أي مشكلة (تعاني منها أي من الجماعات داخل دولة معينة)([6]).
الاشكالية الثانية فيما يتعلق بقضية الأقليات: أنه يتم النظر لقضية الأقليات باعتبار أنها قضية مستقلة عن قضايا المجتمع كله المطالبة بالتغيير. وهناك عدد من التحديات المرتبطة بقضية الأقليات، فنجد أن التحدي الأول يظهر في تخوف الأقليات من أن تأتي العملية السياسية في أعقاب الثورات بمجموعات تتطابق مع التوزيع الديمغرافي للدولة (الأغلبية السنية)، والتي ستتنكر لما حازته هذه المجموعات الأقلياتية في العهود السابقة من بعض الحقوق، إلى جانب التخوف من مرحلة الانفلات الأمني، والسيولة العالية التي تحملها مرحلة ما بعد الثورات والتي قد تؤدي للتنكيل بهذه الأقليات خاصة في الدول التي حكمت فيها النظم الاستبدادية السابقة باسم مجموعتها (التي كانت تمثل الأقلية) خاصة في تجربة البحرين وسوريا.
3- التحول الديمقراطي والحركات الاجتماعية:
علي الرغم من أن الحركات الاجتماعية هي وقود التغيير في الثورات العربية وأنها جزء أساسي من عملية التحول الديمقراطي، إلا أن هناك محاولات من جانب السلطة لتحجيم دورها وهذا ما اتضح حاليا في محاولة البرلمان السابق في مصر لإصدار قانون لتقييد حق التظاهر، ولكن أيضا بعد حل البرلمان، كانت هناك محاولات لتحجيم هذا الحق من جانب مجلس الشورى المصري والذي يناقش حاليا قانون التظاهر وكذلك قانون الجمعيات الأهلية[7]. فهل التحول الديمقراطي في البلدان العربية سيتبعه محاولات لتحجيم الحركات الاجتماعية أم أنه سيقود إلى مزيد من تقييد الحريات؟
وهنا تطرح مسألة التحول الديمقراطي والحركات الاجتماعية تساؤل حول كيفية تنظيم عمل المجتمع المدني، فهل يأتي التنظيم من السلطة أم الأفضل مشاركة حقيقية للمجتمع؟ كما أنه يطرح مسألة إشكالية ماهية التحولات التي قد يشهدها المجتمع المدني في أعقاب الثورات؟ فقد أثار وصول الإسلاميين للسلطة (جزء أصيل من الحركات الاجتماعية ضد الأنظمة السابقة) تساؤل حول انقضاض هذه الحركات في المستقبل على مبدأ التداول السلمي للسلطة، فما نراه الآن سواء في تونس أو مصر هو الاعتماد على النظام الأمني مثل النظام السابق.
وبالنظر للحركات الإسلامية نجد أن هذه الحركات إزاء القهر الذي عانت منه طوال العهود السابقة لطالما كانت هناك دعوات من جانب الكثيرين لاندماجها في المجتمع، إلا أن هذه الحركات بدورها عادت الآن لتمارس دورا إقصائيا تجاه الحركات الاجتماعية الأخرى، إلي جانب ما يُشاهد الآن من بروز تيارات التطرف، وظهور علامات عنف سياسي متمثلة في محاولات الاغتيال السياسي والذي شهدته تونس باغتيال شكري بلعيد.
توصيات
أولا:- توصيات للمنطقة العربية:
1- توصيات لصانع القرار في دول الربيع العربي
لا يجب الترويج للديمقراطية باعتبار أنها عملية قاصرة على الإجراء الانتخابي، بل لابد أن يترافق ذلك مع عمليات إصلاح مؤسسية قوية وجادة لمؤسسات وهياكل الدولة، لتلافي استبداد الاغلبية وسعيها أيا كانت لتطويع مؤسسات الدولة للتطابق مع السلطة التنفيذية، أو للتطابق مع التكوين الديمغرافي للدولة وتراعي حقوق المواطنة ومتطلبات تنمية حقيقية، وذلك من خلال:
- الدساتير والتشريعات العربية الجديدة تقوم علي أساس التوافق، ويتم في إطارها حماية حقوق الأقليات على تنوعها وفقا لأطر دستورية وقانونية ذلك إلى جانب عمليات إصلاح مؤسسي تجعل الدولة ومؤسساتها ملك المواطنين.
- جزء أساسي من إنجاز مهام وعملية الإصلاح المؤسسي هو الشفافية ومكافحة الفساد، بما يتطلبه من عناية خاصة في مرحلة ما بعد الثورات بالأطر السياسية والقانونية لهذه الدول التي شهدت الموجات الثورية.
- الحرص علي تفعيل مبدأ ديمقراطي رئيسي وهو مبدأ الفصل والتوازن بين السلطات (وخاصة السلطتين التشريعية والتنفيذية)، وذلك من خلال إعطاء المشرعين المنتخبين سلطة كافية تمكنهم من القيام بدروهم التشريعي ومن مساءلة الحكومة أيا كان شكل النظام الذي سيتم تبنيه في أعقاب الثورات العربية (رئاسي أو برلماني)، كذلك تمكين السلطة التشريعية من فرض رقابتها علي كافة مؤسسات الدولة بما فيها أجهزة الأمن. كما يجب أن يُترجم مبدأ الفصل ذلك من خلال تملكُ السلطة التشريعية الحق في تسيير أعمالها وتحديد قواعدها الإجرائية والتنظيمية بنفسها، مع الحرص على التقليص والتقنين للظروف أو الحالات التي تُمنح فيها السلطة التنفيذية حق التشريع.([8])
- أما فيما يتعلق بتحدي إعادة التوازن للعلاقات المدنية- العسكرية، فيجب أن يعمل صناع القرار على توفير قاعدة بيانات وتوصيف دقيق وتفصيلي للمهام الفنية العسكرية، وما يستتبع ذلك من تعيين لدوائر تأثير وحركة المؤسسة العسكرية، والعمل على رفع كفاءة وانخراط المؤسسة العسكرية في هذه المهام. كذلك يجب العمل على إيجاد برنامج زمني أو خارطة طريق تدريجية، توافقية من أجل المضي قدما في ترسيخ وزيادة الرقابة المدنية علي المؤسسة العسكرية، وهو الأمر الذي يفرض حقيقة أن عملية إعادة التوازن للعلاقات المدنية- العسكرية عملية مستمرة وطويلة المدى.([9])
- في إطار المواطنة وعدم التمييز، لابد من احترام المواثيق والمعاهدات الدولية في هذا الصدد، وقد سبقت عدد من الدول العربية في التوقيع علي هذه المعاهدات، والتي سبق أن أشارت 16 دولة عربية على ذلك في دساتيرها، وكذلك العمل على تطوير النصوص الدستورية المتعلقة بالمواطنة وعدم التمييز وليس الارتداد على مثل هذه الحقوق. كذلك العمل على أن يمتد العلاج للمجال السياسي بالسعي نحو مزيد من التمكين للمرأة وللأقليات على تنوعها سواء في تولي الحقائب الحكومية، المحافظات، الانتخابات.
- علي الحكومات وكذلك النخب السياسية ألا تستمر في التنكر لحقيقة وجود حساسيات في قضايا الأقليات في منطقتنا العربية، وهو ما يرتبط بطريقة أو بأخرى بحقيقة أن التعامل الجاد مع هذ القضية لابد من أن يتم في إطار وطني أشمل وأعم بإعتبار أنها قضية اجتماعية تخص كافة المواطنين وليس فئة مجتمعية بعنيها ويقوم على أساس المواطنه الكاملة.
- لا بد من إيجاد محاولات للتصالح الاجتماعي في ظل وجود نوازع انتقامية وعنيفة من جانب الفئات التي مورس ضدها الاضطهاد لسنين، تجاه الجماعات التي أدعت الأنظمة السابقة أنها انتمت أو استندت لها في تدعيم تواجدها في الحكم، مع وضع خطة وبرنامج لإنجاز العدالة الانتقالية.
- أن يتم التعامل مع قضايا المرأة وحقوقها من خلال إطار أوسع بالنظر إلى السياق الاجتماعي والاقتصادي الذي يلعب دورا كبيرا وحاسما في قضايا المرأة العربية ودرجة تمتعها بحقوقها وحرياتها. كما يجب أن يمتد هذا الإطار في معالجة قضايا المرأة بالنظر لها على اعتبار أنها في أحد أبعادها ليست قضية خاصة بالجانب الاجتماعي فقط، والعمل على تطوير الثقافة المجتمعية للقضاء علي مظاهر العنف الممارسة ضد المرأة كظاهرة التحرش الجنسي، وكذلك وضع قوانين وتشريعات من شأنها تشديد تجريم التحرش وكافة الانتهاكات الجسدية للمرأة. إن الجهود الرامية إلى القضاء على العنف الجسدي مرتبطة بالنضال الأوسع الذي يهدف إلى القضاء على عنف الدولة بشكل عام.
- وفى مناخ سياسى اجتماعى متأزم يصبح الملف الأمنى أولوية قصوى فضمان الانتقال الديمقراطى، وتحقيق التنمية الاقتصادية والاستقرار الاجتماعي لا يمكن أن يتحقق في غياب معالجة فعليّة لقضايا الأمن ومحاسبة المفسدين، وإصلاح العقليات، وتجذير ثقافة حقوق الإنسان، وتكريس الشفافية، وغيرها من الإجراءات.
2- توصيات للمجتمع المدني
- المساهمة في تطوير العملية الانتخابية من خلال مراقبة حقيقية وفعالة للعملية الانتخابية وكذلك عبر تقديم مقترحات وآليات واضحة لعمل اللجان/ المفوضيات المسئولة عن الانتخابات.
- دعم المجتمعات المحلية واللجان التي تشكلت على الأرض خلال الثورات في لعب دور فعال في المراقبة ومساءلة كل من الحكومة والمجالس التشريعية.
- الضغط من أجل تفعيل مبدأ الشفافية وحرية تداول المعلومات، ومكافحة الفساد من خلال مراصد متخصصة في ذلك، على أن تلتزم منظمات المجتمع المدني بالمبادئ التي تطرحها في هذا المجال، لتمثل نموذجا.
- التركيز على حقوق الفئات المهمشة بشكل أكبر على أساس مفهوم المواطنة مثل (المرأة والاقليات)، ومساندتهم في الوصول إلى حقوقهم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، محاولين الاستفادة من تجارب أخرى مثل التجربة التشيكية في التعامل مع حقوق المرأة ووضعها كأولوية على أجندة الأحزاب السياسية المختلفة.
ثانيا:- توصيات للاتحاد الأوروبي:
1- توصيات لصانع القرار
على الأطراف التي تتعامل مع نظم ما بعد الربيع عدم التعامل فقط مع الخطاب لكن مع الفعل والممارسة من جانب هذه النخب في الواقع، فلا يكفي للحكومات رفع شعارات الديمقراطية والتنمية ولكن بالنظر لما يحدث بالفعل على أرض الواقع، وألا يُنظر فقط للقوانين ولكن للفكر السائد والتطبيق العملي لهذه القوانين، وذلك من خلال:
- دفع وتحفيز النظام القائم على احترام المعاهدات الدولية الموقعة من جانب هذه الدول مثل السيدوا، وكذلك عن آليات دعم المواطنة وتفعيل دور الفئات المهمشة مثل الكوتا. ولعب دور الراعي أو الضامن لالتزام الحكومات الصاعدة بالحفاظ على المواطنة وما تقتضيه من حقوق.
- نقل خبرات هذه الدول في ملف العدالة الانتقالية خاصة للدول التي اقترنت فيها نظم الحكم السابقة في ذهن الكثيرين بطائفة أو جماعة إثنية ما كما هو الحال في سوريا والطائفة العلوية، وكذلك الحرص على نقل خبرات هذه الدول في إصلاح المؤسسات التي تكفل حقوق المواطنة والمساواة بين الجميع، وكذلك نقل خبرات كتابة الدساتير بشكل يحفظ حقوق المواطنة.
- الحفاظ على قنوات اتصال مفتوحة مع كافة الجماعات السياسية والثقافية بشكل يسمح بإبقاء عين دائما على مدى التحسن أو التدهور في أوضاع المواطنة من خلال مؤسسات في الداخل قادرة على فهم الواقع ووضع المشكلات والتجارب في سياقها ومدركة لحساسية الأوضاع مثل منظمات المجتمع المدني العربية.
- دعم المنظمات والحركات العربية في مواجهة محاولات الانقضاض على الديمقراطية، وإلزام النظم القائمة بمعايير الديمقراطية والتي تتمثل في العمل والحرص على وجود فصل وتوازن بين السلطات، وضمان استقلال القضاء، وإتاحة نظام تعددي لكل من الأحزاب السياسية والمنظمات، ترسيخ مبدأ احترام سيادة القانون، تبني قيم المساءلة والشفافية، احترام حقوق الإنسان والحقوق السياسية ممثلة في حريات التنظيم، التعبير، الحق في التصويت والترشح في الانتخابات، وأخيرا ضمان حرية الإعلام واستقلاليته وتعدديته.([10])
- دعم المشاركة الشعبية على المستوى السياسي والاقتصادي، وعدم فرض نماذج تنموية قد تكون غير ملائمة للواقع العربي وربطها بالمساعدات التي يمكن أن تقدم لهذه الدول وإنما المساعدات يجب ربطها بضمانات تتعلق بالشفافية والمشاركة المجتمعية والديمقراطية، وعلاقتها بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية.
إلا أن الجزء الأكبر من إنجاز عملية التحول الديمقراطي هو ذلك الجزء الملقي على عاتق الحكومات والنخب العربية في مرحلة ما بعد الثورات العربية، وهذه العملية مرتبطة إلى حد كبير بعملية إعادة بناء الدولة العربية على أسس الديمقراطية والمواطنة وحقوق الإنسان ليست فقط المدنية وإنما كذلك الاقتصادية والاجتماعية.
2- توصيات خاصة بالمجتمع المدني:
- ضغط منظمات المجتمع المدني على صانع القرار في الاتحاد الأوروبي، لضمان بناء الشراكة بين جانبي المتوسط على أسس سليمة وضمان عدم تكرار دعم الدول الأوروبية لنظم استبدادية
- ضرورة إجراء حوار أكثر تنظيما ومأسسة مع مجموعات المجتمع المدني في المنطقة العربية، يكون ضمن أجندته محاولة تقييم المسار الأوروبي بأن تكون المقاربة الحقوقية في مقدمة وقلب التعاون العربي/ الأوروبي.
- تبادل الخبرات المختلفة لضمان مشاركة فعالة في صنع السياسات العامة، والضغط المشترك من أجل ضمان إدماج حقوق الإنسان بما في ذلك الحق في التنمية في برامج الاتحاد الأوروبي تجاه المنطقة.
ـــــــــــــــــــــ
[1]() فواز طرابلسى، مداخلة ندوة القاهرة عن ثورات الكرامة العربية في الثورة بما هي نقد فكري، كتاب: ثورات الكرامه العربية رؤى لما بعد النيوليبرالية، منتدى البدائل العربي- هيوفوس، 2013
[2]() انظر http://is.gd/LpqQRn
[3]() وائل جمال، الربيع العربي ومفاهيم التنمية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية، كتاب: ثورات الكرامه العربية رؤى لما بعد النيوليبرالية، منتدى البدائل العربي- هيوفوس، 2013
[4]() http://www.egyptianpeople.com/default_news.php?id=21837
[5]() http://www.elaph.com/Web/news/2011/11/694822.html
[6]() رستم محمود، الأقليات والربيع العربي، كتاب: ثورات الكرامه العربية رؤى لما بعد النيوليبرالية، منتدى البدائل العربي ـــ هيوفوس، 2013
[7] http://www.tahrirnews.com/news/view.aspx?id=e71cb1a4-be99-45bd-bac9-6c3fcbd5f704
[8]() مايكل ماير ريسيند، “تقرير الإجماع الدولي: العناصر الأساسية للديمقراطية”، المنظمة الدولية للتقرير عن الديمقراطية، أكتوبر 2011.
[9]() رباب المهدي، “العلاقات المدنية- العسكرية في مصر”، منتدى البدائل العربي للدراسات، 2011.
[10]() مايكل ماير ريسيند، “الإجماع الدولي: العناصر الأساسية للديمقراطية”، المنظمة الدولية للتقرير عن الديمقراطية، أكتوبر 2011.