دور الحركات الاجتماعية في الاحتجاجات وعملية الانتقال السياسي في الجمهورية اليمنية في الفترة (2005-2014)
فيصل حسن محمد محبوب

اليمن

Loader Loading...
EAD Logo Taking too long?
Reload Reload document
| Open Open in new tab

Download [0.97 MB]

دراسة أعدهـا

فيصل حسن محمد محبوب

الجمهورية اليمنية

باحث دكتوراه في العلوم السياسية بجامعة تونس المنار

ملخص الدراسة:

هدفت هذه الورقة البحثية إلى دراسة وتحليل دور الحركات الاجتماعية في الاحتجاجات وعملية الانتقال السياسي في الجمهورية اليمنية خلال الفترة الممتدة من 2005 وحتى 2014، وقد ركزت الورقة في دراسة وتحليل دور الحركات الاجتماعية في الاحتجاجات، والتي ظهرت على الساحة اليمنية في الفترة من 2005 إلى 2011، من خلال التطرق إلى أسباب ظهورها، والآليات والوسائل التي استخدمتها في احتجاجاتها، والإجراءات الحكومية تجاه تلك الحركات، ومن ثم دراسة وتحليل مشاركة الحركات الاجتماعية في عملية الانتقال السياسي في الفترة من 2011 إلى 2014، من خلال التطرق إلى مؤتمر الحوار الوطني، باعتباره أحد المحطات الرئيسية في المرحلة الانتقالية، وموقع تلك الحركات في المؤتمر، ونتائج مشاركتها فيه.

ومن النتائج التي توصلت إليها هذه الورقة، أن الحركات الاجتماعية التي ظهرت على الساحة اليمنية خلال الفترة من 2005 إلى 2011، كان لها دور مؤثر في الاحتجاجات، وفي عملية الانتقال السياسي في البلاد، فمن خلال الآليات والوسائل التي استخدمتها في حراكها السياسي والاجتماعي، استطاعت تحقيق أمرين: الأول، استطاعت أن تفرض نفسها كقوى سياسية واجتماعية جديدة على الساحة السياسية اليمنية، باعتبارها حركات تسعى إلى إحداث تغيير في السياسات والممارسات القائمة، وبالتالي لم يكن في الإمكان تجاوزها، والثاني، استطاعت تلك الحركات الاجتماعية تحقيق العديد من المكاسب لأفرادها خصوصًا، وللمجتمع اليمني عمومًا.

استطاع الجنوبيون حل القضية الجنوبية ببعديها السياسي والحقوقي، إذ استطاعوا استعادة الشراكة في السلطة والثروة التي فقدوها بعد حرب صيف 1994، واستطاعوا ضمان معالجة ما لحق بهم من مظالم، كما استطاع الشباب الحصول على الاعتراف بحقهم في المشاركة في الحياة السياسية وبنسبة 20%، بالإضافة إلى إيجاد آليات ووسائل لمشاركتهم في صنع القرارات العامة، إلى جانب ضمان الدولة توفير كافة الفرص لهم للعمل، بما يحقق لهم الحياة الكريمة، بينما استطاعت المرأة أن تنتزع حقها في المشاركة في الحياة السياسية في مختلف سلطات الدولة وهيئاتها المنتخبة والمعينة وبنسبة 30%، في حين استطاعت منظمات المجتمع المدني أن تستعيد مكانتها الطبيعة وفقًا لوظيفتها المحددة في الدستور، وهي أن تكون شريكًا للدولة في تعزيز وحماية حقوق الإنسان، وتحقيق التنمية الشاملة، كما استطاعت النقابات العمالية أن تعزز من حقوق وحريات العمال والموظفين للدفاع عن حقوقهم القانونية في مواجهة الدولة، وبعيدًا عن الخوف من الفصل من الوظيفة، أو النقل التعسفي من العمل.

الكلمات المفتاحية: الحركات الاجتماعية، الاحتجاجات، الانتقال السياسي، الحراك السياسي والاجتماعي، مؤتمر الحوار الوطني.

 

المقدمة:

دخلت الجمهورية اليمنية في عملية انتقال سياسي بدءًا من 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2011، بعد توقيع السلطة ممثلةً في المؤتمر الشعبي العام، والمعارضة ممثلةً في أحزاب اللقاء المشترك للمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، والتي قدمها مجلس التعاون لدول الخليج العربية لإنهاء الأزمة في البلاد، وتحقيق تسوية سياسية بين السلطة والمعارضة. وجاءت المبادرة الخليجية كنتيجة للثورة الشبابية التي انطلقت ضد نظام الرئيس علي عبدالله صالح في 11 شباط/فبراير 2011.

وعلى خلاف ما شهدته بعض الدول العربية من احتجاجات بأشكالها المختلفة من مظاهرات واعتصامات، والتي سرعان ما تحولت إلى ثورات ضد الأنظمة الحاكمة، والتي كانت البداية فيها من تونس في منتصف شهر كانون الأول/ديسمبر 2010، لتصل إلى مصر في منتصف شهر كانون الثاني/يناير 2011، وتنتقل بسرعة إلى كلٍّ من: اليمن وسوريا وليبيا والبحرين، فإن الوضع في الجمهورية اليمنية كان مختلفًا تمامًا، حيث أن تلك الاحتجاجات كانت قد بدأت منذ وقتٍ مبكر، وكان السبب الرئيسي لظهورها هو الإقصاء والتهميش، التضييق على الحقوق والحريات، عدم استقلالية السلطة القضائية، غياب العدالة الاجتماعية، الفساد المالي والإداري، المحسوبية والوساطة في توزيع الوظائف العامة، وارتفاع نسبة البطالة.

وكانت البداية بالنقابات العمالية، حيث ترافق حراكها الاجتماعي مع إقرار الحكومة اليمنية للإستراتيجية الوطنية للأجور والمرتبات في شباط/فبراير 2005، ومن ثم إصدار القانون رقم (43) لسنة 2005 بشأن نظام الوظائف والأجور والمرتبات في تموز/يوليو 2005، والذي يشمل كافة الموظفين في وحدات الخدمة العامة للدولة، لينتقل الحراك إلى المحافظات الجنوبية في أواخر العام 2006 من خلال الحراك الجنوبي، حيث تعرض أبناء المحافظات الجنوبية في أثناء وبعد حرب صيف 1994 للعديد من المظالم الاجتماعية، من نهبٍ لأراضيهم وممتلكاتهم، وإحالة العديد من العسكريين إلى التقاعد، وتسريح الآلاف من المدنيين من وظائفهم، وما هي إلا أشهر قليلة حتى وصلت حمى تلك المظاهرات والاعتصامات إلى العاصمة صنعاء، ولكن من خلال منظمات المجتمع المدني، والتي كان لها الأثر الكبير في رفع سقف الحقوق والحريات، ليصل في مرحلة لاحقة إلى القبيلة اليمنية في منتصف العام 2007.

وهكذا انتقلت الاحتجاجات من فئة إلى أخرى من فئات المجتمع اليمني، إلى أن وصلت إلى الشباب، ذكورًا وإناثًا، والذين فجروا في شباط/فبراير 2011 ثورة للمطالبة بالتغيير، وقد شاركتهم في ذلك النساء ومنظمات المجتمع المدني من اليوم الأول، وما هي إلا أيام قليلة، حتى التحق بهم الحراك الجنوبي والقبيلة، إلى جانب فئات أخرى، كعلماء الدين، والحوثيين “أنصار الله”، والقوات المسلحة والأمن، كأفراد ووحدات.

ومن هذا المنطلق، تهدف هذه الورقة البحثية إلى دراسة وتحليل دور الحركات الاجتماعية في الاحتجاجات وعملية الانتقال السياسي في الجمهورية اليمنية في الفترة (2005-2014)، وذلك من خلال:

  1. دراسة وتحليل دور الحركات الاجتماعية في الاحتجاجات، والتي ظهرت على الساحة اليمنية في الفترة من 2005 إلى 2011، من خلال التطرق إلى أسباب ظهورها، والآليات والوسائل التي استخدمتها في احتجاجاتها، والإجراءات الحكومية تجاه تلك الحركات.
  2. دراسة وتحليل مشاركة الحركات الاجتماعية في عملية الانتقال السياسي في الفترة من 2011 إلى 2014، من خلال التطرق إلى مؤتمر الحوار الوطني، باعتباره أحد المحطات الرئيسية في المرحلة الانتقالية، وموقع تلك الحركات في المؤتمر، ونتائج مشاركتها فيه.

وعليه، سيتم تقسيم هذه الورقة البحثية إلى محورين رئيسيين، وذلك على النحو التالي:

  • المحور الأول: دور الحركات الاجتماعية في الاحتجاجات في الفترة (2005-2011).
  • المحور الثاني: مشاركة الحركات الاجتماعية في عملية الانتقال السياسي في الفترة (2011-2014).

المحور الأول

دور الحركات الاجتماعية في الاحتجاجات في الفترة (2005-2011)

اختلف علماء الاجتماع في تعريفهم لظاهرة الحركات الاجتماعية، نظرًا إلى صعوبة الاتفاق على مفهوم موحد، وذلك لاختلاف المناهج التي تناولت هذه الظاهرة، وتعدد أغراض تأسيسها ما بين ما هو سياسي وغير سياسي، ولكن اتفقت الأدبيات على تعريف الحركات الاجتماعية وفقًا لمعيار التشكيل والبنية. فهناك من يُعرف الحركات الاجتماعية بأنها “تلك الجهود المنظمة التي تبذلها مجموعة من المواطنين، بهدف تغيير الأوضاع أو السياسات أو الهياكل القائمة، لتكون أكثر اقترابًا من القيم الفلسفية العليا التي تؤمن بها الحركة”([1]).

في حين أن هناك من يُعرفها بأنها “عبارة عن شكل من أشكال من النشاط الجماعي، الذي يبرز كرد فعل لأوضاع تتسم بعدم المساواة، والقمع، أو عدم تلبية المطالب الاجتماعية والسياسية والاقتصادية أو الثقافية للمجتمع أو لفئات منه”([2]).

وظهرت خلال الفترة الممتدة من 2005 إلى 2011 العديد من الحركات الاجتماعية على الساحة اليمنية، منها: النقابات العمالية، الحراك الجنوبي، منظمات المجتمع المدني، القبيلة، الشباب والمرأة. وفي هذا المحور، سيتم تناول تلك الحركات من خلال التطرق إلى أسباب ظهورها، والآليات والوسائل التي استخدمتها في احتجاجاتها، والإجراءات الحكومية تجاه تلك الحركات.

  1. النقابات العمالية:

تعتبر نقطة انطلاق النقابات العمالية في المظاهرات والاعتصامات مع إقرار الحكومة اليمنية للإستراتيجية الوطنية للأجور والمرتبات في شباط/فبراير 2005، ومن ثم إصدار القانون رقم (43) لسنة 2005 بشأن نظام الوظائف والأجور والمرتبات في تموز/يوليو 2005، والذي يشمل كافة الموظفين في وحدات الخدمة العامة للدولة، وقد أكد الاتحاد العام لنقابات عمال اليمن ومن خلفه كافة النقابات العمالية رفضه القاطع للإستراتيجية والقانون، وأصدر بيانًا يحدد فيه مطالبهم، ومن أبرزها:

  • التمسك الكامل بإعادة جدول المرتبات والأجور والذي جاء مخالفًا للقانون رقم (19) لسنة 1991 بشأن الخدمة المدنية.
  • ضرورة رفع الحد الأدنى للأجور حسبما ورد في القانون رقم (43) لسنة 2005.
  • زيادة مرتبات العمال والموظفين بما يتناسب وتصاعد الأسعار.
  • تثبيت جميع العمال والموظفين المتعاقدين بموجب القانون.
  • ضرورة وضع درجات وظيفية مقابلة لمن يعملون في أعمال ليس لها هيكل.
  • ضرورة معالجة وتحسين أوضاع المتقاعدين وزيادة معاشاتهم.
  • ضرورة حل قضايا العمالة الفائضة وشمولها بالزيادة في المرتبات.
  • خفض ضريبة كسب العمل.
  • صرف بدل طبيعة العمل.
  • ضرورة إشراك الاتحاد العام وفروعه بالمحافظات في كافة اللجان المعنية بالأجور والمرتبات وقضايا العمل والعمال([3]).

واستخدمت النقابات العمالية العديد من الآليات والوسائل في حراكها السياسي والاجتماعي، ومن ذلك:

أ. الإضرابات:

نفذت النقابات المختلفة عددًا من الإضرابات في مختلف محافظات الجمهورية ومرافق العمل المختلفة، كالإضرابات المفتوحة لنقابة المهن البيطرية، للمطالبة بحقوق منتسبيها من البدلات حسب قانون الأجور الجديد، وإضراب المهندسين في شركة الخطوط الجوية اليمنية، للمطالبة بحقوقهم واحتجاجًا على فصل بعض من زملائهم، والإضرابات المتكررة لنقابة المعلمين اليمنيين، للمطالبة بتحسين أوضاع المعلمين وفقًا لما يُعرف بإستراتيجية الأجور والمرتبات، وإضرابات أعضاء هيئة التدريس ومساعديهم في جامعة صنعاء، للمطالبة بتنفيذ مطالب النقابة المتعلقة بإصلاح التعليم الجامعي، وتحقيق الاستقلال المالي والإداري للجامعات، وتعزيز الحريات الأكاديمية، والمطالبة بتنفيذ توجيهات رئيس الجمهورية بشأن أراضيهم السكنية([4]).

إلى جانب ذلك، تم تنفيذ العديد من الإضرابات في الشركات والمؤسسات والهيئات في عدة محافظات، منها: إضراب نقابة النفط في الحقول في عدد من الشركات النفطية بمحافظة مأرب، وإضراب النقابة في شركة النفط في مختلف المحافظات، وكذلك إضراب النقابة في مصافي عدن بمحافظة عدن، وإضراب عمال مصنع الغزل والنسيج بالعاصمة صنعاء ومحافظة عدن، وإضراب النقابة في مستشفى الثورة والجمهوري بالعاصمة صنعاء، والمستشفيات والمراكز الصحية بمحافظة عدن، وإضراب النقابة في بعض البنوك، كالبنك العربي في العاصمة وفروعه، ونقابة العاملين بجامعة صنعاء، ونقابة العاملين بمؤسسة النقل البري، وغيرها من الإضرابات([5]).

في أواخر شباط/فبراير 2005، قام الأطباء والصيادلة اليمنيون بإضراب شامل في عموم مستشفيات اليمن، احتجاجًا على عدم تنفيذ الحكومة مشروع الكادر الطبي الصادر في عام 2002، بالإضافة إلى عدم زيادة رواتبهم، كما قام خمسة آلاف مدرس في سبع جامعات حكومية بالإضراب الشامل، احتجاجًا على عدم تنفيذ الحكومة مشروع الكادر([6]).

وفي 24 أيار/مايو 2010، بدأ إضراب شامل عن العمل في عموم محافظات الجمهورية، شاركت فيه مختلف القطاعات الإنتاجية، استجابةً لدعوة أطلقها الاتحاد العام لنقابات عمال اليمن، للضغط على الحكومة لتلبية مطالب رئيسية في مقدمتها رفع الأجور، وقد جرى الالتزام بالإضراب بشكلٍ صارم في قطاعات النقل الداخلي بين المحافظات، الاتصالات، النفط والتعدين، التأمينات، الكهرباء والطاقة، المياه والبيئة، البلديات والإسكان، الخدمات الإدارية، التدريب الفني والتعليم المهني، الغزل والنسيج، الزراعة، وعمال نظافة المدن.

واتهم نائب رئيس الاتحاد العام لنقابات عمال اليمن الحكومة بأنها تتهرب من تنفيذ القانون رقم (43) لسنة 2005، والقاضي بتنفيذ إستراتيجية الأجور، واتهمها بأنها متعنتة ومستهترة، وقال إن “الحكومة لم تستجِب لمطالب الاتحاد العام رغم أننا منحناها في 2 نيسان/إبريل 2010 مهلة أسبوعين، ثم انتقلنا إلى مرحلة تعليق الشارات الحمراء، تبعها تنفيذ الإضراب الجزئي عن العمل، وأخيرًا وصلنا إلى مرحلة الإضراب الشامل عن العمل واستمراره حتى تنفيذ جميع مطالبنا”، وطالب الحكومة بالتفاوض مع اللجنة المشكَّلة من الاتحاد العام لمناقشة المطالب الرئيسية، والبدء في تنفيذ ما يمكن تنفيذه، وما تعجز عن تلبيته حاليًّا يمكن تأجيله إلى عام 2011([7]).

ب. الاعتصامات:

نفذت نقابات هيئات التدريس بالجامعات الحكومية، والنقابات التعليمية والتربوية، ونقابة الأطباء والصيادلة اليمنيين، والصحافيون عدة اعتصامات أمام مبنى مجلس النواب في منتصف حزيران/يونيو 2005، وذلك أثناء نقاشه لمشروع قانون الوظائف والأجور، مطالبين بمنحهم امتيازات وكوادر وظيفية خاصة، حيث تقدمت الحكومة في تلك الفترة إلى مجلس النواب بمشروع قانون لتحسين أجور موظفي الدولة، والذي يعتبره البعض أنه غير منصف للكثير من الفئات النوعية من الموظفين والعاملين في الجهاز الإداري للدولة، مثل أساتذة الجامعات، الأطباء والصيادلة، والقضاة، وموظفي السلك الدبلوماسي، الذين يطالبون جميعهم بمراعاة أوضاعهم ونوعية مهنهم، في حين تراه الحكومة بأنه خطوة لتصحيح الأوضاع الإدارية، والحد من ظاهرة الفساد، وتصحيح معايير التعيين والتقييم الوظيفي كمًّا ونوعًا، كما أن من شأن هذا القانون مساعدة وزارة الخدمة المدنية على التخلص من الازدواج الوظيفي باعتماد نظام البصمة الإلكترونية([8]).

 

ومنذ شباط/فبراير 2010، قامت نقابة المعلمين اليمنيين بتنفيذ سلسلة من الاعتصامات أمام مبنيي مجلس الوزراء والنواب، والتي طالبوا فيها الحكومة بتطبيق قانون الأجور والمرتبات رقم (43) لسنة 2005، وفيما يتعلق بأثره المالي في الراتب الأساسي كاملًا، وذلك لانتهاء الفترة الزمنية التي التزمت الحكومة فيها بتنفيذه، وكذا منح بقية التربويين طبيعة العمل، بمَن فيهم من الإداريين والعاملين في محو الأمية والملتحقين بالتوظيف في السنوات الأخيرة، وإطلاق العلاوات السنوية والتسويات الموقوفة منذ عام 2005، مع فوارقها للفترة الماضية، وتنفيذ قرار مجلس الوزراء لعام 2006 بشأن بدل طبيعة عمل في المناطق النائية، لتحفيز المعلمين للعمل في المناطق الريفية والنائية([9]).

ج. المَسِيرات:

نفذت عدد من النقابات مسيرات احتجاجية، كالمسيرات التي نفذتها نقابة الشركة اليمنية للأدوية إلى مجلس الوزراء، ومجلس النواب، ورئاسة الجمهورية، للمطالبة بإنقاذ الشركة مما وصلت إليه من تدهور يهددها بالإغلاق، وكذلك أوضاع العاملين المعيشية والتأمينية، واستمرت المسيرات حتى تم تغيير الإدارة، وإحالة الشركة إلى المؤسسة الاقتصادية اليمنية.

كما نفذ عمال مصنع الغزل والنسيج عدة مسيرات، احتجاجًا على المماطلة في صرف مرتباتهم المتأخرة، والمطالبة بتشغيل المصنع منذ التوقف عن العمل، وكذا مطالبتهم بالتعويض عن المدينة السكنية التي كانت مخصصة لهم، والتي تم فيها بناء فندق “موفنبيك”، وكذلك للدفاع عن الأرض التابعة للمصنع منذ تأسيسه، والواقعة جنوب المصنع، نظرًا إلى وجود نوايا بالتصرف فيها بطرق غير مشروعة([10]).

ومن الإجراءات التي قامت بها الحكومة تجاه الحراك الاجتماعي للنقابات العمالية ما يلي:

أ. التدخل في أنشطة النقابات:

كما حصل في انتخابات اللجان النقابية بالبنك اليمني للإنشاء والتعمير، والنقابة العامة للمصارف والأعمال المالية والتأمينات، حيث رفضت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل منحهم التصريح، بحجة عدم حضور مندوبها للانتخابات، على الرغم من أن الوكيل المساعد لقطاع التنمية الاجتماعية بالوزارة ومدير عام النقابات كانا حاضرين جلسات الافتتاح، ولكن مدير عام النقابات انسحب من الجلسات الإجرائية بناءً على توجيهات بذلك، ولكن بعد أن تم التأكد من الأشخاص المنتخبين، حصلت تلك النقابات على التصريح وفقًا لنتائج الانتخابات التي أُجريت يوم 25 تشرين الثاني/نوفمبر 2006.

وكذلك كما حصل في نقابة المعلمين اليمنيين، فبعد أن انعقد المؤتمر العام التأسيسي في الفترة من 13-14 حزيران/يونيو 1990 بعد تحقيق الوحدة اليمنية، تم إشهار نقابة المعلمين عبر وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، وعُقدت المؤتمرات الفرعية، ومُنحت التصاريح للفروع من مكاتب الوزارة، واستمرت الوزارة بتجديد تصريح عمل النقابة حتى تشرين الأول/أكتوبر 1994. إلا أن الوزارة بعد ذلك التاريخ منحت نقابة المهن التعليمية والتربوية التصريح والإشهار، ولم تعترف بالكيان النقابي السابق المكون منذ عام 1990 والمصرح له كممثل للمعلمين اليمنيين، وكانت نقابة المعلمين اليمنيين تعقد دورتها في موعدها وبحسب نظامها الأساسي، وتعمل على إبلاغ الوزارة عن موعد انعقاد الدورة، لإرسال مندوبها لحضور جلسات المؤتمر، وبالتالي الإشهار، إلا أن الوزارة كانت ترفض حضور هذه الدورات، ولا تمنح النقابة الشرعية الإشهار.

ب. الفصل من الوظيفة:

كما حدث في شركة الخطوط الجوية اليمنية، والتي تم إيقاف أنشطة النقابات فيها، ومضايقة قياداتها المنتخبة، بل وصل الأمر إلى فصل ثلاثة من قيادات نقابة مهندسي الخطوط الجوية اليمنية، بسبب أنشطتهم النقابية ومطالبتهم لمجلس إدارة الشركة بتحسين أوضاع وظروف العاملين في الشركة ورفع أجورهم، وتحديد ساعات العمل الإضافية، وطلبهم عقد اجتماعات مع مديري الإدارات لمناقشة أوضاع المهندسين، لذلك رفعت النقابة الموضوع إلى وزير النقل، للتدخل في حل الأزمة بين نقابة مهندسي الطيران وإدارة الشركة في 5 شباط/فبراير 2006، ورفعت النقابة مذكرات إلى رئيس مجلس الوزراء، وإلى رئيس مجلس النواب في نفس اليوم.

ولهذا قامت إدارة الشركة بفصل ثلاثة من قيادات النقابة في 20 تشرين الثاني/نوفمبر 2006، وبعد تصعيد الموضوع على مستوى السلطات العليا، رضخت إدارة شركة الخطوط الجوية اليمنية لمطالب النقابة، وأعادت النقابيين الثلاثة إلى وظائفهم بعد أن تدخل وزير النقل لإيقاف الإضراب العام، وإعادة المفصولين إلى وظائفهم حسب المشاورات بين وزارة النقل ووزارة الشؤون الاجتماعية والعمل والشركة والنقابة في أيار/مايو 2007([11]).

ج. العقاب السياسي:

بعد أن قامت نقابة المعلمين اليمنيين ونقابة المهن التعليمية بتنظيم عدد من الإضرابات والاعتصامات والمسيرات والتي شملت معظم محافظات الجمهورية، للمطالبة بتحسين أوضاع المعلمين وفقًا لما يُعرف بإستراتيجية الأجور والمرتبات، تم اعتقال أعداد كبيرة من المعلمين المشاركين في الاعتصامات والمسيرات، بينما مارست المكاتب التنفيذية في المديريات والمحافظات المختلفة عقوبات غير قانونية على بعض المعلمين المشاركين في الاحتجاجات، مثل: الخصم غير القانوني من الراتب، أو النقل التعسفي من العمل([12]).

 

كما قامت الإدارة الجديدة للشركة اليمنية للأدوية، وبعد نجاح نقابة العاملين فيها، ومن خلال مسيراتهم الاحتجاجية إلى رئاسة الوزراء وإلى مجلس النواب ورئاسة الجمهورية بتغيير الإدارة السابقة للشركة، والتي هدفت من خلالها إلى إنقاذ الشركة مما وصلت إليه من تدهور يهددها بالإغلاق، فقد عملت الإدارة الجديدة للشركة على توزيع النقابيين على مرافق أخرى، للحيلولة بينهم وبين العمال والإدارة، وإحالة عدد كبير من العمال إلى صندوق العمالة الفائضة برواتبهم الأساسية فقط([13]).

  1. الحراك الجنوبي:

ظهر الحراك الجنوبي في أواخر العام 2006، للمطالبة بمطالب سياسية وحقوقية لأبناء المحافظات الجنوبية تعود جذورها إلى حرب صيف 1994، وما ترتب عليها من آثار ونتائج طالت الأفراد والمؤسسات في المحافظات الجنوبية التي كانت مسرحًا لتلك الحرب، ويتمثل البعد السياسي للقضية الجنوبية في الآثار والنتائج التي ألحقتها الحرب بالنسيج الاجتماعي والوطني إثر إلغاء شراكة أبناء الجنوب في السلطة والثروة، ونهب ومصادرة أراضي وممتلكات الدولة لصالح قلة من المتنفذين. بينما يتمثل البعد الحقوقي للقضية الجنوبية في مطالب الأفراد المتضررين من نتائج تلك الحرب، حيث تم تسريح الآلاف من الموظفين المدنيين والعسكريين من أبناء المحافظات الجنوبية من وظائفهم، ودفع من تبقى منهم إلى التقاعد المبكر، كما تم الاستيلاء على الأراضي ومصادرة ما يزيد على 70 جمعية تعاونية، يصل عدد المستفيدين منها إلى أكثر من 16,750 شخصًا، والسطو على ما يقارب 85 منشأة ومصنعًا وشركة، نتج منه تحويل عشرات الآلاف من العمال والفلاحين إلى البطالة، وإلحاق الضرر بهم وبأسرهم بعد حرمانهم من مصادر عيشهم الوحيدة([14]).

وقد خرجت من الاحتجاجات التي نظمها الحراك الجنوبي العديد من المطالب السياسية إلى جانب المطالب الحقوقية المرفوعة، منها: إزالة آثار حرب صيف 1994، وإصلاح مسار الوحدة من خلال إعادة العمل بدستور دولة الوحدة الذي تم الاستفتاء عليه في أيار/مايو 1991، والعمل باتفاق الوحدة الموقع عليه من قيادتي الشطرين في تشرين الثاني/نوفمبر 1989، والعودة إلى وثيقة العهد والاتفاق الموقعة في العاصمة الأردنية عمان في نيسان/إبريل 1994، وهناك من رفع سقف تلك المطالب لتصل إلى المطالبة بالانفصال، وفك الارتباط، وحق الجنوبيين في تقرير مصيرهم، والمطالبة بالاستفتاء على الوحدة في المحافظات الجنوبية([15]).

ويعتبر ظهور الحراك الجنوبي نتاجًا لسلسلة من الحركات والهيئات التي سبقت ظهوره، ففي العام 1998 ظهرت الجبهة الوطنية للمعارضة (موج)، ثم ظهرت حركة تقرير المصير (حتم)، والتي نفذت عددًا من التفجيرات في كلٍّ من عدن والضالع، وفي تشرين الثاني/نوفمبر 1999، ظهرت اللجان الشعبية في محافظة الضالع، وامتد تأسيس هذه اللجان إلى المحافظات الجنوبية الأخرى، وبعد ذلك ظهر تيار إصلاح مسار الوحدة، والذي ظهر بين أوساط أعضاء الحزب الاشتراكي اليمني، وأصدر في 2 تشرين الأول/أكتوبر 2001 بيانًا سياسيًّا يطالب فيه بإزالة آثار حرب صيف 1994. وفي عام 2004، تم الإعلان عن تأسيس التجمع الديمقراطي الجنوبي (تاج) من قِبل مجموعة من المعارضين الجنوبيين في بريطانيا، والذي نادى باستقلال دولة الجنوب العربي المحتل من الشمال.

وتلا ذلك ظهور جمعية المتقاعدين العسكريين بمحافظة الضالع، والتي تم إشهارها في 26 شباط/فبراير 2006 من قِبل مجموعة من المتقاعدين العسكريين والأمنيين والمدنيين المسرَّحين قسرًا، للمطالبة بحقوقهم، وبعد مرور عام على الإشهار، نفذت الجمعية أول اعتصام سلمي لها في 24 شباط/فبراير 2007، وكان ذلك الاعتصام مؤقتًا، وأعلنت فيه الجمعية عن مطالبها، وأعطت السلطة مهلة لمدة شهر لتنفيذ هذه المطالب والاستجابة لها، وعندما انقضت المدة دون جدوى، أعلنت الجمعية الاعتصام المفتوح في 24 آذار/مارس 2007، وهو اليوم الذي يمثل ميلاد الحراك الجنوبي، ومن ذلك اليوم أصبحت جمعية المتقاعدين العسكريين بمحافظة الضالع نموذجًا يحتذى به، ليمتد تشكيل جمعيات المتقاعدين العسكريين إلى كل محافظات الجنوب الست الأخرى، وقد تم تشكيل أكثر من جمعية للمتقاعدين العسكريين في المحافظة الواحدة، ليصل عددها إلى 18 جمعية في منتصف عام 2007، وقد تم عقد اجتماع بين جمعيات المتقاعدين، وتم الاتفاق على إعلان مجلس تنسيق يجمع الكل تحت اسم “المجلس الأعلى لتنسيق جمعيات المتقاعدين العسكريين والأمنيين”، وقد تم اختيار العميد ناصر النوبة رئيسًا للمجلس([16]).

جميع هذه الهيئات والحركات تمثل المرحلة الأولى من ظهور الحراك الجنوبي، والتي كانت مطالبها غالبًا محصورة في المطالب الحقوقية، ومع انتقال الحراك الجنوبي في النصف الثاني من العام 2007 من المطالب الحقوقية إلى المطالب السياسية، والتي تمثل المرحلة الثانية من ظهور وتطور الحراك الجنوبي، ظهرت العديد من المكونات السياسية بعد أقل من عام على انطلاقه، ويعود ذلك إلى عدة أسباب منها: حزبية، مناطقية، تنافس على الزعامة، أثر الصراعات التاريخية الماضية، خلافات القيادات في الخارج وتأثيرها في الداخل، ولهذا تم تشكيل أربعة مكونات رئيسية في الحراك:

  1. الهيئة الوطنية العليا للاستقلال، والتي تأسست في 19 كانون الثاني/يناير 2008، وتم انتخاب العميد ناصر النوبة رئيسًا لها.
  2. المجلس الوطني الأعلى لتحرير واستعادة دولة الجنوب، والذي تأسس في 13 تشرين الأول/أكتوبر 2008، وتم انتخاب حسن باعوم رئيسًا له.
  3. هيئة النضال السلمي لتحرير الجنوب، وتم انتخاب الدكتور صالح يحيى سعيد رئيسًا لها.
  4. حركة النضال السلمي في الجنوب (نجاح)، والتي تأسست في 23 آذار/مارس 2009، وتم انتخاب صلاح الشنفرة رئيسًا لها، وانتخاب ستة نواب على مستوى المحافظات الجنوبية([17]).

وفي 9 أيار/مايو 2009 تم الإعلان عن تشكيل “مجلس قيادة الثورة للنضال السلمي الجنوبي”، وتم انتخاب علي سالم البيض رئيسًا له في الخارج، وحسن باعوم رئيسًا له في الداخل، وفي 30 تشرين الثاني/نوفمبر 2009، تم تغيير اسم المجلس إلى “المجلس الأعلى للحراك السلمي لتحرير الجنوب (حسم)”، وذلك استجابةً لرأي بعض قادة الحراك، وتم اختيار حسن باعوم رئيسًا له([18]).

واستخدم الحراك الجنوبي العديد من الآليات والوسائل في حراكها السياسي والاجتماعي، ومن ذلك:

أ. تنظيم الاعتصامات والمسيرات:

مع بداية عام 2007 بدأت جمعيات المتقاعدين العسكريين والأمنيين في المحافظات الجنوبية في تنظيم اعتصامات في مقراتها، وفي مقرات بعض الجمعيات والأحزاب السياسية، فقد دعت جمعيات المتقاعدين إلى اعتصام كبير يوم 21 أيار/مايو 2007 ضد التجاهل الرسمي لمطالب المتقاعدين بتحسين ظروفهم المعيشية، على الرغم من أن السلطة بادرت إلى الإعلان عن استجابتها لتلك المطالب وتشكيل عدة لجان للنظر فيها وحلها. كما دعت جمعيات المتقاعدين إلى إقامة عرض بالملابس العسكرية في يوم 7 تموز/يوليو 2007 في ساحة الحرية بخور مكسر في محافظة عدن، والذي يوافق ذكرى انتهاء الحرب الأهلية عام 1994، وهزيمة الحزب الاشتراكي اليمني، وخسارتهم السيطرة على المناطق الجنوبية التي حكموها منذ عام 1967([19]).

وفي 13 كانون الثاني/يناير 2008 دعت قوى الحراك الجنوبي إلى تنظيم مهرجان للتصالح والتسامح بمحافظة عدن، حيث يلتقي أبناء المحافظات الجنوبية ليعبروا عن تجاوز الخلافات القديمة الناتجة عن الصراعات الدموية التي شهدها الجنوب قبل الوحدة، وتمثل أحداث 13 كانون الثاني/يناير 1986 الأحداث الأعنف والأكثر دموية في تاريخ الصراعات بين فرقاء السلطة في الجنوب([20]).

وتوالت بعد ذلك الاعتصامات والمهرجانات والمسيرات في أكثر من محافظة، وفي أكثر من مدينة، متخذةً من المناسبات الوطنية فرصة لتنظيم اعتصاماتها، فقد تم إطلاق عدة دعوات إلى الاعتصام في 1 أيلول/سبتمبر ذكرى يوم الجيش الجنوبي، وفي ذكرى ثورة 14 تشرين الأول/أكتوبر، وفي ذكرى الاستقلال في 30 تشرين الثاني/نوفمبر، وفي 11 شباط/فبراير ذكرى يوم الشهداء، وفي 27 نيسان/إبريل ذكرى خطاب الرئيس علي عبدالله صالح في ميدان السبعين في عام 1994، والذي سُمي بخطاب الحرب، وفي 22 أيار/مايو ذكرى تحقيق الوحدة اليمنية في عام 1990، وفي 21 أيار/مايو ذكرى إعلان الرئيس الجنوبي علي سالم البيض الانفصال عام 1994، وفي 7 تموز/يوليو ذكرى انتهاء حرب صيف 1994، وغيرها من المناسبات([21]).

وبحسب تقرير للمرصد اليمني لحقوق الإنسان، وخلال الأعوام (2007، 2008، 2009، 2010)، فقد بلغ عدد التجمعات السلمية المنظمة في المحافظات الجنوبية والشرقية 1,141 تجمعًا سلميًّا([22])، وذلك كما هو موضح في الجدول التالي:

 

الجدول رقم (1): عدد التجمعات السلمية المنظمة في المحافظات الجنوبية والشرقية

في الفترة (2007-2010)

المحافظة 2007 2008 2009 2010
عدن 7 51 45 29
لحج 24 198 107 56
أبين 22 158 66 27
الضالع 19 62 48 54
حضرموت 7 20 19 20
شبوة 11 41 16 13
المهرة 0 5 7 9
الإجمالي 90 535 308 208

المصدر: التقرير السنوي لحقوق الإنسان والديمقراطية في اليمن 2009، مصدر سبق ذكره، ص20.

 

ب. تنظيم العصيان المدني:

بعد نجاح الحراك الجنوبي في تنظيم العشرات من الاعتصامات والمسيرات في مختلف المحافظات الجنوبية، انتقل الحراك إلى الخطوة الثانية والمتمثلة في العصيان المدني العام، وهو احتجاب كل الجنوبيين عن مزاولة أعمالهم، ومكوثهم في منازلهم، وحظر التجول في الشوارع والأسواق العامة والخاصة، وقد كان أول عصيان مدني قد دعا إليه الشيخ طارق الفضلي في كانون الأول/ديسمبر 2009، لكن لم يتم تنفيذه إلا في مديرية زنجبار عاصمة محافظة أبين فقط، وكان المجلس الأعلى للحراك السلمي الجنوبي قد دعا إلى أول عصيان مدني في 3 أيار/مايو 2010، ولمدة ست ساعات، من الساعة السادسة صباحًا وإلى الثانية عشرة ظهرًا، وقد تم تنفيذه في ذلك اليوم في 20 مدينة جنوبية، وعلى الرغم من أنه لم يشمل كافة مدن الجنوب لأسباب مختلفة، فإنه أثبت استمراريته فيما بعد في كثير من مدن الجنوب، وقد كان مقررًا تنفيذه في كل يوم اثنين من كل أسبوع، ولكن تكراره أسبوعيًّا تسبب في أضرار مادية في الحركة التجارية، وفي تسوق الناس، ما دفع قادة الحراك إلى جعله في أول يوم اثنين من بداية كل شهر ميلادي([23]).

ومن الإجراءات التي قامت بها الحكومة تجاه الحراك الجنوبي ما يلي:

أ. تشكيل اللجان الرسمية:

إن ظهور الاحتجاجات في المحافظات الجنوبية من خلال جمعيات المتقاعدين بدايةً، وتصاعد فعالياتها ولفتها لأنظار الرأي العام، قد دفع السلطة إلى تغيير أسلوب التعامل معها، فانتقلت من الإنكار بوجود مظالم، واتهامها بأنها غطاء لمؤامرة انفصالية يقودها بعض من الذين تضررت مصالحهم السياسية بعد هزيمة مشروعهم الانفصالي في العام 1994([24])، إلى الإقرار بوجود مشكلة يعاني منها المتقاعدون والمسرحون العسكريون والمدنيون، وأقدمت السلطة على تشكيل العديد من اللجان لحل المشاكل المتعلقة بالحقوق الوظيفية، والمشاكل المتعلقة بالاستيلاء على الأراضي في بعض المحافظات الجنوبية([25]).

ومع إعلان جمعيات المتقاعدين العسكريين عزمها على تنظيم عرض بالملابس العسكرية في محافظة عدن، العاصمة الجنوبية السابقة، في 7 تموز/يوليو 2007 في ذكرى انتهاء حرب صيف 1994، استشعرت السلطة خطورة هذا الإعلان، فاستبقت الحدث بتكثيف عمل اللجان الخاصة بتسوية أوضاع المتقاعدين المالية([26])، وأصدرت الحكومة قرارًا بمعالجة تظلمات المتقاعدين الجنوبيين، وتشكيل لجان لاستلام ملفات تظلماتهم، فتم بموجب ذلك تسوية مرتبات المتقاعدين والشهداء، كما قامت الحكومة بتسليم بعض ملفات الأراضي للضباط الجنوبيين الذين كان قد تم تحديد بناء منازل لهم في مديرية الشيخ عثمان بمحافظة عدن قبل عام 1990، ولكن أثناء حرب صيف 1994 تم السطو عليها، ولذلك قامت الحكومة بتعويضهم بقطعتي أرض في عدن، كما تم إعادة معظم الجنوبيين الذين انقطعوا عن أعمالهم خلال الفترة من عام 1994 إلى عام 2007 إلى أعمالهم، وتم اعتبار فترة انقطاعهم خدمة فعلية، وقد استفاد من ذلك أغلب العائدين الجنوبيين، ومع ذلك، لم يعُد الضباط الجنوبيون الذين تم إعادتهم إلى مناصبهم ووظائفهم السابقة، بل تم تجميعهم في قسم الملحقين في دائرة شؤون الضباط، أما الأفراد الذين تم إعادتهم، فقد تم توزيعهم إلى وحدات في مناطق صحراوية([27]).

ب. استخدام القوة تجاه المعتصمين:

عند تنظيم أي اعتصام أو مظاهرة أو مسيرة للحراك الجنوبي، غالبًا ما كانت تنتهي بمصادمات مع قوات الأمن، الأمر الذي ينتج منه سقوط قتلى وجرحى، واعتقال عدد من المشاركين، وتحويل بعضهم إلى المحاكمات. فعلى سبيل المثال، وبالتزامن مع دعوة قوى الحراك الجنوبي إلى تنظيم فعالية احتجاجية في 24 آذار/مارس 2008 بمناسبة مرور عام على انطلاق الحراك الجنوبي، الأمر الذي دفع قوات الأمن إلى تنفيذ حملة اعتقالات وملاحقات بلغت حصيلتها 441 معتقلًا، شملت أبرز الناشطين السياسيين، والقيادات الميدانية للحراك، وأساتذة الجامعات، وتم الزج بهم في السجون، وسقط خلال تلك الفعالية العديد من القتلى والجرحى.

وبعد شهر من الاعتقال، أفرجت السلطات عن بعض المعتقلين، وبقي منهم 66 ناشطًا، ثم بعد ذلك أفرجت السلطات عن مجموعة أخرى، وبقي لديها 16 ناشطًا تم نقلهم إلى سجن الأمن السياسي في العاصمة صنعاء، وتقديمهم إلى المحاكمة، وقد صدرت ضدهم أحكام بالسجن تتراوح ما بين سنة إلى سنتين، ولكن بعد مرور ستة أشهر أصدر رئيس الجمهورية عفوًا عنهم في أيلول/سبتمبر 2008([28]).

وعندما دعت قوى الحراك الجنوبي المواطنين إلى الاعتصام في ساحة الهاشمي بالشيخ عثمان بمحافظة عدن في 21 أيار/مايو 2009، قامت قوات الأمن بإغلاق مدينة عدن من جميع منافذها للحيلولة دون مشاركة المواطنين من محافظات لحج، والضالع، وأبين، وشبوة، حيث أُقيمت نقاط التفتيش على مداخل المدينة، وأوقفت السيارات القادمة من تلك المحافظات، واعتقلت العشرات منهم. وقامت قوات الأمن بمهاجمة المعتصمين بالقنابل المسيلة للدموع، وإطلاق الرصاص الحي، الأمر الذي أدى إلى مقتل ثلاثة مواطنين، وقد قامت قوات الأمن بملاحقة المسيرة التي امتدت من ساحة الهاشمي بالشيخ عثمان حتى مستشفى النقيب بالمنصورة، حيث قامت بالاعتداء على المحتجين بالضرب بالهراوي، وأطلقت الرصاص الحي، ولاحقتهم في الشوارع، كما قامت بملاحقة الجرحى في المستشفى، واعتقلت 8 منهم من داخل المستشفى([29]).

لقد تم تقديم عدد من المعتقلين المنظمين والمشاركين في الفعاليات الاحتجاجية لمحاكمتهم أمام محاكم استثنائية، على الرغم من أن دستور الجمهورية اليمنية قد حظر تمامًا إنشاء مثل هذه المحاكم([30]). وبسبب اتساع رقعة المعارضة في المحافظات الجنوبية، صارت أعداد من يخضعون للمحاكم الاستثنائية لا تتسع لهم سجون الأمن السياسي والأمن القومي في العاصمة صنعاء، ولم يعد في استطاعة المحكمة الجزائية المتخصصة ونيابتها في صنعاء التحقيق مع الأعداد الكبيرة من السياسيين والصحفيين وناشطي الحراك الجنوبي ومحاكمتهم.

ولذلك أصدر مجلس القضاء الأعلى في 11 أيار/مايو 2009 قرارات إدارية بإنشاء 4 محاكم استثنائية، 3 منها في محافظات عدن، الحديدة، وحضرموت، وكل محكمة منها لها اختصاصها في الجرائم التي تقع في المحافظات التابعة لها وفقًا للقرار الصادر، أما المحكمة الاستثنائية الرابعة، فكان اختصاصها النوعي في قضايا الصحافة والمطبوعات، ويشمل اختصاصها المكاني جميع محافظات الجمهورية، لتُضاف هذه المحاكم الأربع إلى المحكمة الاستثنائية في العاصمة صنعاء.

وقد بلغ عدد المحاكمات الاستثنائية بحسب المحافظات 466 محاكمة، وذلك على النحو التالي: العاصمة صنعاء 281، عدن 121، حضرموت 63، الحديدة 1، بينما بلغ عدد الذين عرضوا على النيابات الاستثنائية 700 شخص، وذلك على النحو التالي: العاصمة صنعاء 446، عدن 168، حضرموت 84، الحديدة 1([31]).

وبحسب تقرير للمرصد اليمني لحقوق الإنسان، وخلال الأعوام (2007، 2008، 2009، 2010)، فقد بلغ عدد التجمعات السلمية المنظمة في المحافظات الجنوبية والشرقية 1,141 تجمعًا سلميًّا([32])، وأن ما يزيد على 306 تجمع سلمي تعرض للقمع، ومن ذلك: إطلاق الرصاص الحي، واستخدام القنابل المسيلة للدموع، ومطاردة واعتقال الآلاف من قيادات ومنظمي التجمعات السلمية والمشاركين فيها، واحتجاز أعداد كبيرة منهم لفترات طويلة، وإحالة أعداد أخرى، وخاصةً من القيادات إلى المحاكمات، ونتج من تلك الانتهاكات خلال الفترة (2007-2010) مقتل 87 مواطنًا، وإصابة وجرح 473 آخرين، بينما بلغ عدد الذين تعرضوا للاعتقال التعسفي 5,658 شخصًا، وبلغ عدد المحاكمات 630 محاكمة([33]).

 

 

 

الجدول رقم (2): الإجراءات الحكومية تجاه التجمعات السلمية المنظمة في المحافظات الجنوبية والشرقية في الفترة (2007-2010)

العام التجمعات التي تعرضت للقمع عدد القتلى الجرحى والمصابون اعتقالات تعسفية محاكمات
2007 35 7 32 441 0
2008 110 7 124 994 94
2009 64 49 217 2,273 223
2010 67 24 100 1,965 313
الإجمالي 306 87 473 5,673 630

المصدر: التقرير السنوي لحقوق الإنسان والديمقراطية في اليمن 2010، مصدر سبق ذكره، ص113.

 

ج. إصدار قوانين جديدة أو تعديل قوانين قائمة:

مع اتساع دائرة الحراك السياسي والاجتماعي في البلاد عمومًا، والجنوب خصوصًا، سعت الحكومة اليمنية إلى فرض مزيد من القيود على حرية الرأي والتعبير، ولذلك تقدمت وزارة الإعلام بمشروع قانون جديد للصحافة يفرض مزيدًا من القيود على حرية الصحافة مقارنةً بما هو عليه القانون النافذ رقم (25) لسنة 1990، حيث منح مشروع القانون الجديد وزارة الإعلام الحق في منح بطاقة للصحفي المراسل أو إلغائها أو سحبها أو عدم تجديدها أو إلغاء الترخيص دون إبداء الأسباب، ومنح الوزارة حق إصدار لائحة تُحدد فيها شروط وعمل ونشاط الصحفيين العرب والأجانب لدى الصحافة اليمنية المقروءة والمسموعة والمرئية ووكالات الأنباء([34]).

وفي منتصف عام 2007، تقدمت الحكومة اليمنية إلى مجلس النواب بمشروع قانون “حماية الوحدة اليمنية والجبهة الداخلية والسلام الاجتماعي”، والذي لم يتم إقراره، والذي بدا من خلال نصوصه أنه يهدف إلى إسباغ الصفة القانونية على الأفعال القمعية، ويتيح للحكومة إمكانية تكييف ما ترى من التهم ضد المعارضين، وإنزال عقوبات قاسية ضدهم لا يقل حدها الأدنى عن سنتين سَجنًا، ويبلغ حدها الأعلى 15 سنة سَجنًا، والأخطر من ذلك وضع هامش عريض لإنزال عقوبة الإعدام بالمتهمين.

واعتبرت أحزاب المعارضة والمنظمات المدنية أن خطورة مشروع القانون أكبر مما في مشروع تعديل قانون الصحافة الذي تم رفضه، والتزمت الحكومة للمانحين بعدم تمريره عبر مجلس النواب إلا بعد موافقة الأوساط الصحفية عليه، فمشروع قانون حماية الوحدة الوطنية يحقق نفس الهدف الذي كان يُراد تحقيقه من خلال مشروع تعديل قانون الصحافة، لأنه يفرض عقوبات ضد حرية الصحافة، وذوي الرأي المعارض تحت غطاء حماية الوحدة الوطنية والسلام الاجتماعي([35]).

وتهدف (المادة 8) منه إلى تقييد حق الناس في ممارسة حرية التعبير سواءٌ بالمظاهرة أو المسيرة، بل وحتى الحق في الكلام والكتابة، وهي تنص صراحةً على الحق في تقييد المنظمات السياسية والصحفية في ممارسة حق النقد، وتجيز المواد (4، 10) الحبس من سنة إلى خمس عشرة سنة، وحتى الإعدام في حال إزهاق الأرواح بقوله: “إذا ترتب على الجريمة موت إنسان”، وهي مواد قد تؤدي إلى حبس وإعدام بعض المعتصمين والمتجمعين سلميًّا بسبب حوادث القتل التي تمارسها السلطة نفسها، والتي ترفض تقديم المتسببين فيها بالقتل إلى المحاكمات والاعتقال([36]).

وخلال عام 2008، تقدمت الحكومة بمشروع تعديل لقانون الجرائم والعقوبات، تضمنت تلك التعديلات أغلب ما جاء في مشروع قانون حماية الوحدة الوطنية، وتجدر الإشارة هنا إلى أن هذه التعديلات لم يكن فيها ذكر، ولو كان يسيرًا، لتعديلات تخص الجانب الجنائي، وهو ما يشير إلى أنها كانت صياغة تهدف إلى تحويل الصحافة والإعلام من سلطة رابعة إلى مجرد تابع ومؤيد([37]).

د. إنشاء اللجان الشعبية للدفاع عن الوحدة:

عملت السلطة على إنشاء ما عُرف باللجان الشعبية للدفاع عن الوحدة، والتي بدأت ممارسة مهامها بإطلاق النار وقتل المشاركين في التجمعات السلمية، وذلك كما حدث في 8 حزيران/يونيو 2009 في منطقة العند بمحافظة لحج، حيث قام أفراد يرتدون ملابس مدنية، ويركبون سيارات حكومية بإطلاق النار على مسيرة جماهيرية لتشييع جثامين 4 قتلى سقطوا في المواجهات المسلحة مع قوات الأمن في ردفان، الأمر الذي أدى إلى مقتل 3 أشخاص، وجرح 4 آخرين. وفي 24 حزيران/يونيو 2009 اصطدمت مسيرتان في مدينة الضالع، الأولى نظمها الحراك الجنوبي، والثانية نظمتها اللجان الشعبية للدفاع عن الوحدة، وتدخلت قوات الأمن المركزي إلى جانب اللجان الشعبية، نتج منها إصابة 5 مواطنين، واعتقال 59 آخرين([38]).

هـ. الإغراءات السياسية:

استطاعت السلطة من خلال الإغراءات التي بذلتها جذب العديد من القيادات العسكرية والمدنية والمشايخ ممن التحقوا بالحراك الجنوبي في بداياته الأولى، حيث تم تعيين بعض منهم قادة عسكريين، والبعض تم ترقيتهم إلى رتب عسكرية، ومنهم من تم تعيينهم مستشارين في وزارتي الدفاع والداخلية، ومكتب القائد الأعلى للقوات المسلحة، ولقادة المناطق العسكرية، وتعيين البعض في عدد من الوظائف المدنية، حيث تم تعيين بعضهم وكلاء محافظات، حتى وصل عدد وكلاء محافظة لحج فقط إلى أكثر من 19 وكيلًا، وهم بذلك أكثر من عدد المديريات التي تتكون منها المحافظة، فحصلوا بموجب ذلك على بعض المخصصات المالية الشهرية، وبعض الامتيازات العينية والسيارات. بالإضافة إلى ذلك، كان هناك العشرات من كبار الضباط والمسؤولين المدنيين الجنوبيين على وشك إحالتهم إلى التقاعد، ومع اشتداد الحراك الجنوبي اتخذت الحكومة العديد من الإجراءات منها: إيقاف إحالة الجنوبيين ممن استوفوا خدمتهم إلى التقاعد، وإبقاؤهم في مناصبهم([39]).

  1. منظمات المجتمع المدني:

ظهرت منظمات المجتمع المدني بشكلها الحقيقي مع تحقيق الوحدة بين شطري البلاد في 22 أيار/مايو 1990، والذي ترافق مع تبني النهج الديمقراطي القائم على التعددية السياسية والحزبية، وقد جاء إنشاؤها استنادًا إلى نص (المادة 58) من الدستور، وعلى الرغم من أن الدستور لم يجِز لقانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية أن يعمل على تقييد ممارسة المنظمات لحقها في حرية التأسيس والنشاط، باعتبار أنها شريكة للدولة في تحقيق أهداف الدستور في مجال التنمية، تعزيز الديمقراطية، وتعزيز وحماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية([40])، فإن الحكومات المتعاقبة قامت بوضع العديد من العراقيل والقيود أمام منظمات المجتمع المدني في حرية التأسيس والنشاط عن طريق مواد القانون ولائحته التنفيذية والقرارات الإدارية، والتي تسلب منهم ما تم منحهم من حقوق وحريات من خلال مواد الدستور، الأمر الذي جعل العلاقة بين منظمات المجتمع المدني والدولة ليست علاقة شراكة، وإنما علاقة تبعية([41]).

ومع ذلك، تمكنت تلك المنظمات في كل مرحلة من مراحل الحياة السياسية اليمنية من تجاوز تلك العراقيل والقيود، والخروج من الطوق الذي رسمته لها الحكومة، والمساهمة في الحراك السياسي والاجتماعي في البلاد.

 

واستخدمت منظمات المجتمع المدني التجمعات السلمية بأشكالها المختلفة في حراكها السياسي والاجتماعي، فقد نظمت ثلاث منظمات مجتمع مدني: منظمة صحفيات بلا قيود، ومنظمة التغيير للدفاع عن الحقوق والحريات، والهيئة الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات (هود)، وبمشاركة عدد آخر من منظمات المجتمع المدني، وكذلك الناشطين والسياسيين والإعلاميين خلال الفترة من عام 2007 وحتى أواخر عام 2010 أكثر من 80 اعتصامًا في الساحة، التي أسموها ساحة الحرية، وهي الساحة المقابلة لمجلس رئاسة الوزراء، والتي كان يتم تنظيمها بالتزامن مع عقد مجلس الوزراء لاجتماعه الأسبوعي في يوم الثلاثاء من كل أسبوع. وجاءت هذه الاعتصامات للتضامن مع المعتقلين من الصحفيين والناشطين الحقوقيين، وللمطالبة بالإفراج عنهم، وكذلك المطالبة بإطلاق الصحف التي تمت مصادرتها وإيقافها، وللمطالبة بإلغاء المحكمة الاستثنائية المتخصصة في الصحافة.

كما نظمت المنظمات الثلاث وقفات احتجاجية أمام مجلس الوزراء ومجلس النواب، للتضامن مع مهجري أبناء منطقة العنسين بالجعاشن في محافظة إب، والتي شهدت تهجير خمسين أسرة من أبنائها برجالها ونسائها وشيوخها وشبابها وأطفالها من قِبل شيخ المنطقة، والذي استولى على منازلهم ومزارعهم وأملاكهم، وقام بتهجيرهم خارج المنطقة، ومنحها لآخرين، وطالبت تلك المنظمات بإعادة تلك الأسر إلى قراهم، وإنصافهم، وإغلاق سجون الشيخ الخاصة، ووضع حد لاعتداءاته على المواطنين، وفي بعض المرات، كان يتم تحويل تلك الاعتصامات إلى مسيرات تجوب شوارع العاصمة صنعاء، وقد تعرض بعض رؤساء وأعضاء تلك المنظمات للاعتداء من قِبل قوات الأمن، كما تم اعتقال بعضهم، ومن ثم الإفراج عنهم([42]).

كما نظمت منظمة صحفيات بلا قيود والهيئة الوطنية للدفاع عن الحقوق والحريات (هود) مؤتمرًا صحفيًّا حول ضحايا السجون الخاصة بأبناء الجعاشن، والتي استعرض فيها المهجرون الأساليب التي ينتهجها شيخ الجعاشن ضدهم بحبسهم في زنازينه الخاصة، وحرمانهم من الأكل والشرب، وكذا تشريدهم وهدم منازلهم ونهب ممتلكاتهم وتهديهم بالقتل.

ومن الإجراءات التي قامت بها الحكومة تجاه الحراك السياسي والاجتماعي لمنظمات المجتمع المدني ما يلي:

أ. ضرورة إعادة تسجيل المنظمات سنويًّا:

استخدمت الحكومة نظام التسجيل وتجديد التسجيل لتعويق وجود منظمات غير موالية لها، أو إنهاء وجود منظمات معارضة لها، وتهدف من ذلك إلى الإمساك بوسائل ضغط دائمة على منظمات المجتمع المدني، وتكبيلها بالمزيد من القيود، حيث تربط حق المنظمة في مزاولة النشاط واستمراره بالحصول على تصريح مدته سنة واحدة فقط، وتفرض على المنظمات تجديده سنويًّا، ولا يُجدد التصريح السنوي إلا بتسليمها التقرير السنوي عن نشاط المنظمة، فخلال عام 2005، تم إغلاق العشرات من الجمعيات والمؤسسات الأهلية، وبحسب التصريحات الرسمية لمسؤولي وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، فإنه تم إلغاء تسجيل 148 منظمة، وبين حين وآخر يجري التهديد بإلغاء تسجيل المنظمات التي لم تُجدد تسجيلها، وفي عام 2007، رفضت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل تسجيل منظمة التغيير للدفاع عن الحقوق والحريات، بسبب أن المؤسس من أعضاء مجلس النواب غير المنتمين إلى الحزب الحاكم، كما أنها أعاقت تجديد تسجيل منتدى الإعلاميات اليمنيات([43]).

ب. حصر تقديم الدعم المالي والعيني في المنظمات الموالية لها:

على الرغم من أن قانون الجمعيات والمؤسسات الأهلية قد نص في (المادة 18) منه على أن تقوم الدولة بتقديم الدعم المالي والعيني، فإن الدعم الحكومي يقتصر على عدد محدود من الجمعيات والمؤسسات الأهلية الموالية للحكومة أو التابعة للحزب الحاكم، ويجري استبعاد المنظمات غير الموالية، فمثلًا تم حرمان الجمعية الفلسفية والاجتماعية من الدعم الحكومي بعد مُضي أكثر من عشر سنوات على مزاولتها لنشاطها، حيث أعاقت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل تسجيل الجمعية من خلال تسجيلها لجمعيتين مواليتين، الأولى تحمل اسم الجمعية الفلسفية، والثانية تحمل اسم الجمعية الاجتماعية، وتم تحويل الدعم المعتمد للجمعية الفلسفية والاجتماعية إلى الجمعيتين المستحدثتين، وعجزت الجمعية عن التوصل إلى حكم قضائي لإلغاء القرارات الإدارية الصادرة عن الوزارة([44]).

كما أن الدعم الخارجي يُسخر للمنظمات الموالية للحكومة، والتي تقوم بإنشاء منظمات مجتمع مدني ترتبط بها، وتوكل إليها مهمة تمثيل المجتمع المدني أمام المانحين([45])، ومثال ذلك مشروع الدعم الانتخابي المقدم من الدول المانحة عبر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، الذي تم بموجبه اعتماد الدعم لمنظمات المجتمع المدني للمشاركة في التوعية الانتخابية للانتخابات الرئاسية والمحلية عام 2006، فلم تشارك أية منظمة مجتمع مدني معارضة([46]).

  1. القبيلة:

لعبت وتلعب القبيلة في اليمن دورًا كبيرًا في التأثير في الحياة السياسية في البلاد، وعلى مر تاريخ اليمن كانت القبيلة مشاركة في صنع القرارات السياسية والعسكرية، وحتى الاقتصادية، ولم يستطِع أي حاكم في اليمن أن يتجاهل دورها وقوتها، بل سارع معظم من حكموا اليمن إلى الارتماء خلفها لترسيخ حكمهم، كما فعل الرئيس علي عبدالله صالح، في المقابل كانت فترة حكم الرئيس الأسبق إبراهيم الحمدي مرحلة مواجهة مع القبيلة، ورفض أن يكون هناك مكان لها في حكمه، كونها تعمل على إعاقة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ولذلك منعهم من دخول العاصمة صنعاء.

وفي عهد الرئيس السابق علي عبدالله صالح تم إنشاء مصلحة شؤون القبائل في مطلع الثمانينيات من القرن الماضي، وهي عبارة عن مصلحة تعمل على توزيع أموال شهرية على عشرات المشايخ المسجلين في كشوفاتها، وقد بلغ عدد الشيوخ المسجلين لديها حتى عام 2005 قرابة 399 شيخًا، ولكل شيخ حق اعتماد من 300 إلى 500 حالة، يتم صرف رواتب لهم من خزينة الدولة، وتبلغ ميزانية المصلحة ما يُقارب 13 مليار ريال، يتم اعتمادها في الموازنة العامة للدولة في كل عام([47]).

واستخدمت القبيلة اليمنية المؤتمرات القبلية في حراكها السياسي والاجتماعي، وتمثل هذه المؤتمرات الأسلوب الرئيسي الذي تستخدمه القبائل للتعبير عن مطالبها، أو للضغط على الحكومة، بهدف الحصول على منافع شخصية، فردية وجماعية([48])، ومن أسباب تنظيم هذه المؤتمرات، استشعار بعض التجمعات القبلية أنها مهمشة سياسيًّا، وغير مشاركة في صنع القرار السياسي، وأن السلطة تسعى إلى الانتقاص من دورها السياسي، والحد من نفوذها، ولذلك تسعى إلى توجيه رسالة واضحة عبر هذه المؤتمرات إلى السلطة بضرورة الالتفات إليها([49]).

وقد عقدت القبائل اليمنية عدة مؤتمرات قبلية منذ عام 1990، من أبرزها: مؤتمر التضامن للقبائل اليمنية في تشرين الأول/أكتوبر 1990، مؤتمر التلاحم الوطني في كانون الأول/ديسمبر 1991، مؤتمر سبأ للقبائل اليمنية في منتصف عام 1992، المجلس الموحد لقبائل بكيل اليمنية في تشرين الأول/أكتوبر 1993، والمجلس الأعلى للقبائل اليمنية في آذار/مارس 1994، وعلى الرغم من أن اللغة التي صيغت بها وثائق كل تلك المؤتمرات وقراراتها كانت صياغة وطنية، فإن كثيرًا من هذه المؤتمرات تشكل آلية من آليات الضغط على الحكومة، لتنفيذ مطالب قبلية أو عائلية أو فردية، وغالبًا ما تكون تلك الوثائق غير معبرة بالضرورة عن المطالب الحقيقية للشيوخ المنظمين لتلك المؤتمرات([50]).

وقد شهد عام 2007 حراكًا سياسيًّا قبليًّا في العديد من المناطق القبلية، وظهور كيانات ذات طابع سياسي واجتماعي قبلي، وعقدت العديد من الملتقيات والمهرجانات الجماهيرية القبلية السلمية. ففي 29 تموز/يوليو 2007 بدأت فعاليات المؤتمر التأسيسي الأول لمجلس التضامن الوطني، الذي يتزعمه النائب البرلماني الشيخ حسين الأحمر على رأس لجنة تحضيرية مكونة من عدد من مشايخ القبائل اليمنية، وبمشاركة آلاف من شيوخ القبائل، وفي بيان صحفي، أكد المجلس على أنه كيان اجتماعي، وتجمع وطني شعبي قائم على تعميق روح الثورة والجمهورية والوحدة بين أوساط المجتمع، ويهدف إلى الحفاظ على الوحدة الوطنية، ومبادئ النظام الجمهوري، وحماية الدستور والقانون، وتوحيد قبائل اليمن، وبث روح المحبة والتعاون والتكافل والمساهمة في حل مشاكل الثأر([51]).

وفي تشرين الثاني/نوفمبر 2007، انعقد ملتقى أبناء مأرب والجوف برئاسة الشيخ على ناجي الصلاحي، وأصدروا بيانًا تضمن واحدًا وعشرين مطلبًا حقوقيًّا وتنمويًّا، أهمها مطالبة الدولة برفع مخصصات المحافظة من عائدات النفط، وتوظيف أبنائهم في الشركات العاملة في حقول النفط، واتفقوا على إنشاء المجلس الأعلى لمؤتمر تحالف قبائل مأرب والجوف، والذي يهدف إلى الدفاع عن حقوقهم، وقد شارك في هذا المجلس بعض قبائل شبوة. كما ظهر الملتقى التضامني لأبناء المناطق الوسطى المتضررين من الصراع السياسي وحرب صيف 1994، وملتقى مشايخ خولان الطيال، وملتقى قبائل كندة في حضرموت في كانون الأول/ديسمبر 2007([52]).

وفي 30 تموز/يوليو 2011 وخلال ثورة التغيير تم إشهار “تحالف قبائل اليمن”، برئاسة الشيخ صادق الأحمر شيخ مشايخ قبائل حاشد، وهو تجمع قبلي معارض لنظام الرئيس علي عبدالله صالح([53]).

ومن الإجراءات التي قامت بها الحكومة تجاه الحراك السياسي والاجتماعي للقبيلة، عقد مؤتمرات قبلية موالية لها، حيث قام عدد من مشايخ ووجهاء قبائل اليمن، وبإيعاز من السلطة، بتنظيم مؤتمر قبلي في 13 آب/أغسطس 2007 برئاسة الشيخ ناجي عبدالعزيز الشايف شيخ مشايخ قبائل بكيل، والذي أعلن فيه رفضه لما سُمي بمجلس التضامن الوطني، الذي أعلنه الشيخ حسين الأحمر في 29 تموز/يوليو 2007، وأكد في البيان الصادر أن أهداف المجلس والقائمين عليه هم أشخاص ليس لهم تأثير في المجتمع، وبين قبائل اليمن ووجهائها، وأن المصادر التي قامت بتمويل هذا المجلس والإنفاق عليه مشبوهة، وهذه المصادر معروفة لأبناء اليمن قاطبة، والعالم أجمع، وسبق أن دعمت بالمال والسلاح أطرافًا معروفة في اليمن لممارسة مثل هذه الأعمال الهمجية، واليوم تلقى القائمون على مجلس التضامن الوطني التمويل المالي بمئات الملايين من ذلك المصدر، وهو للأسف دولة عربية غير جارة -يقصد ليبيا- ويعلم الجميع بما يمارسه نظامها من أعمال، وما ينفقه من أموال شعبه على الإرهاب والتخريب والتدخل في شؤون الدول والشعوب، وزرع القلاقل والإنفاق على إثارة المشاكل والنعرات([54]).

وخلال ثورة التغيير، نظم الشيخ ناجي عبد العزيز الشايف شيخ مشايخ قبائل بكيل مؤتمرًا قبليًّا في 16 آب/أغسطس 2011 تحت اسم “المؤتمر الوطني لقبائل اليمن”، لدعم نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح، وهذا المؤتمر جاء مناوئًا لـ”مؤتمر تحالف قبائل اليمن”، الذي أعلنه الشيخ صادق الأحمر شيخ مشايخ قبائل حاشد في 30 تموز/يوليو 2011([55]).

بالإضافة إلى ذلك، عملت السلطة على صناعة ما يُسمى بالمشايخ الجدد، لا سيما في قبيلة حاشد، كما قام رئيس الجمهورية بتعيين الشيخ جليدان محمود جليدان، والشيخ صالح أبو عوجاء وكيلين لمحافظة عمران، وهما من المشايخ المناوئين لأبناء الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر([56]).

  1. الشباب:

تعتبر الجمهورية اليمنية من الدول الشابة، حيث تمثل فئة الشباب، ذكورًا وإناثًا، الشريحة الأكبر في المجتمع اليمني، إذ تصل نسبتهم إلى 30 في المئة من إجمالي عدد السكان، إلا أن واقع الممارسة أثبت أن مشاركتهم في الحياة السياسية تعتبر منعدمة.

ومثَّل انتصار الثورة في تونس ضد نظام الرئيس زين العابدين بن علي في 14 كانون الثاني/يناير 2011، وانتصار الثورة في مصر ضد نظام الرئيس محمد حسني مبارك في 11 شباط/فبراير 2011، بارقة الأمل التي أوصلت ثورات الربيع العربي إلى الجمهورية اليمنية ضد نظام الرئيس علي عبدالله صالح، والتي أطلق فيها الشباب شرارة ثورة 11 شباط/فبراير 2011.

واستخدم الشباب اليمني العديد من الآليات والوسائل في حراكهم السياسي والاجتماعي، ومن ذلك:

أ. الخروج في مسيرات سلمية وتحويلها إلى اعتصامات دائمة:

مع انتصار الثورة التونسية، وهروب الرئيس التونسي في 14 كانون الثاني/يناير 2011، خرجت في اليوم التالي مسيرة طلابية من جامعة صنعاء، جابت عددًا من شوارع العاصمة، وصولًا إلى السفارة التونسية بصنعاء، وذلك للتهنئة بنجاح الثورة التونسية، والإعلان عن تأييدها، ودعوة الشعب اليمني إلى الاقتداء بالشعب التونسي، والتحرك العاجل للإطاحة بالنظام. وقد شارك في هذه المسيرة كل من: اتحاد طلاب اليمن، منظمة صحفيات بلا قيود، منظمة التغيير للدفاع عن الحقوق والحريات، إلى جانب عدد من السياسيين والحقوقيين والنساء([57]).

ومع إعلان الرئيس المصري التنحي عن السلطة في 11 شباط/فبراير 2011، خرجت في مساء نفس اليوم مظاهرات شبابية واتجهت إلى السفارة المصرية بصنعاء، وسارت في اليوم التالي مظاهرات طلابية وشبابية كبيرة في كلٍّ من العاصمة صنعاء ومحافظة تعز، وفي نفس اليوم حوّل شباب تعز المظاهرات إلى اعتصام دائم، قالوا إنهم لن يفضوه إلا مع سقوط النظام، وقد أطلقوا على الساحة التي اعتصموا فيها اسم ساحة الحرية. أما في العاصمة صنعاء، فقد استمرت المظاهرات بصورةٍ يومية، حتى تاريخ 19 شباط/فبراير 2011، والتي حوّلوا فيها المظاهرات إلى اعتصام في ميدان جامعة صنعاء، وأطلقوا عليه اسم ساحة التغيير([58]).

ب. إنشاء مكونات شبابية في ساحات الحرية والتغيير:

عندما بدأ الشباب في تحويل المظاهرات إلى اعتصامات دائمة، تم تأسيس عدد من الحركات والتكتلات الشبابية، ومن أبرزها: المجلس التنسيقي لشباب ثورة التغيير (تنوع)، المنسقية العليا للثورة اليمنية (شباب)، مجلس شباب الثورة السلمية، ولكل من هذه الحركات والتكتلات أهدافها ومطالبها للمرحلة الانتقالية، والتي لا تخرج عن هدفين، الأول إسقاط النظام بالطرق السلمية، وشعاره “الشعب يريد إسقاط النظام”، والثاني بناء دولة مدنية ديمقراطية، وشعاره “الشعب يريد بناء يمن جديد”.

وبعد أحداث جمعة الكرامة التي وقعت في 18 آذار/مارس 2011 والتي راح ضحيتها ما لا يقل عن 52 متظاهرًا، وإصابة نحو 200 آخرين من شباب ساحة التغيير بالعاصمة صنعاء، أعلنت العديد من الشخصيات السياسية والاجتماعية استقالتها من المؤتمر الشعبي العام (الحزب الحاكم)، وانضمامها إلى الثورة الشبابية، وما هي إلا أيام قليلة، حتى لحقت بهم أحزاب المعارضة، والحراك الجنوبي، والقبيلة، إلى جانب فئات أخرى، كعلماء الدين، والحوثيين “أنصار الله”، والقوات المسلحة والأمن، كأفراد ووحدات.

ومن الإجراءات التي قامت بها الحكومة تجاه الحراك السياسي والاجتماعي للشباب اليمني، دعوة الشباب إلى تشكيل أحزاب سياسية شبابية، وطرح مطالبهم من خلالها، بالإضافة إلى ذلك، أعلن رئيس الجمهورية عن توفير 60 ألف وظيفة.

ولكن كان الأسوأ، هو الاعتداءات على المعتصمين، وهي كثيرة بدءًا من مرحلة المظاهرات والمسيرات، وانتهاءً بمرحلة الاعتصامات، فقد شهد يوم 14 شباط/فبراير 2011 أول اعتداء على المعتصمين في ساحة الحرية بمحافظة تعز، وأصيب فيها 23 من المعتصمين، وفي اليوم التالي، تم الاعتداء على الطلاب وأعضاء هيئة التدريس المتظاهرين في حرم جامعة صنعاء([59]). وتواصلت الاعتداءات على المعتصمين في مختلف الساحات الثورية، وكان أبرزها اعتداءان تعرض لهما الشباب المعتصمون، وهما: مجزرة جمعة الكرامة في ساحة التغيير بصنعاء، ومحرقة ساحة الحرية بمحافظة تعز.

ففي 18 آذار/مارس 2011، نظم عشرات الآلاف من المتظاهرين اليمنيين مظاهرة أطلقوا عليها اسم “جمعة الكرامة”، وكانت تلك هي أكبر مسيرة تشهدها ساحة التغيير، ومع انتهاء المعتصمين من صلاة الجمعة، بدأ مسلحون ملثمون في إطلاق النار عليهم من عدة أماكن: من الشارع، ومن أسطح المنازل، وعلى مدار ثلاث ساعات، قتل المسلحون ما لا يقل عن 52 متظاهرًا، وأصابوا نحو 200 آخرين. وفي 29 أيار/مايو 2011، أقدمت كتائب عسكرية ووحدات أمنية، وبتعزيز من الألوية العسكرية المرابطة في كلٍّ من الحديدة والمخاء، بمحاصرة محافظة تعز من كل الاتجاهات، ومن ثم العمل على التغلغل وسط المحافظة، وتطويق ساحة الاعتصام من مختلف مداخلها، وبعد ذلك القيام بهجوم في مساء ذلك اليوم من كل الاتجاهات، مستخدمين كافة أنواع الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة، واقتحام الساحة، وإحراق جميع الخيام المنصوبة في الساحة بكافة محتوياتها([60])، وقد سقط أكثر من 60 شهيدًا، وجرح 160 آخرون.

  1. المرأة:

تمثل المرأة في الجمهورية اليمنية أكثر من نصف المجتمع، وعلى الرغم من ذلك، فإن مشاركتها في الحياة السياسية في مواقع صنع القرار ما زالت قاصرة، حيث إن تمثيل المرأة في السلطة التشريعية بغرفتيها، مجلس النواب المنتخب شعبيًّا، ومجلس الشورى المعين من قِبل رئيس الجمهورية، ما زال ضعيفًا جدًّا، حيث تمثل المرأة نسبة 0.3% في الأول، و1.8% في الثاني، والأمر نفسه ينطبق على تمثيلها في السلطة التنفيذية، إذ إن تمثيلها في الحكومة وصل إلى 8.8%، وفي المجالس المحلية وصل إلى 0.9%، وهكذا في السلطة القضائية، والذي وصل إلى 1.6%.

واستخدمت المرأة اليمنية العديد من الآليات والوسائل في حراكها السياسي والاجتماعي، فخلال فترة ما قبل عام 2011، انحصر دور المرأة اليمنية في السعي إلى إلغاء التمييز ضدها في التشريعات والقوانين النافذة، وتحقيق المساواة بينها وبين الرجال في الحقوق المدنية والسياسية، ولذلك أطلقت اللجنة الوطنية للمرأة مع عدد من منظمات المجتمع المدني حملة موسعة لتعديل التشريعات القانونية، والتي تمثل تمييزًا ضد المرأة، في قوانين: الانتخابات العامة والاستفتاء، السلطة المحلية، السلك الدبلوماسي والقنصلي، الأحوال الشخصية، الجنسية، العمل، التأمينات والمعاشات، التأمينات الاجتماعية، الجرائم والعقوبات، الإجراءات الجزائية، والمرافعات والتنفيذ المدني، واستطاعت تلك المؤسسات بالضغط على الحكومة ومجلس النواب، إجراء تعديلات في بعض القوانين التي تمثل تمييزًا ضد المرأة، بهدف إزالة التمييز ضد المرأة من الناحية القانونية.

ولكن مع بداية عام 2011، وانطلاق شرارة الثورة الشبابية، ومشاركتها جنبًا إلى جنب الشباب ومختلف فئات المجتمع اليمني للمطالبة بالتغيير، وبناء يمن جديد، يقوم على العدالة والمساواة، تغيرت مطالبها من السعي إلى تعديل التشريعات والقوانين النافذة، إلى ضرورة مشاركتها في الحياة السياسية، وإقرار كوتا نسائية بنسبة 30% على الأقل، واشتراطها ضرورة وجود النساء بهذه النسبة في مختلف مواقع صنع القرار، ولذلك عملت المرأة اليمنية على تأسيس عدد من الائتلافات والتحالفات والشبكات لدعم ومناصرة حقوق المرأة السياسية، وضرورة تضمينها في مخرجات الحوار الوطني، ومن ثم في الدستور الجديد، بهدف دعم إشراك النساء في مواقع صنع القرار بنسبة لا تقل عن 30% في سلطات الدولة الثلاث: التشريعية والتنفيذية والقضائية، وفي مختلف مؤسسات الدولة، وعلى مستوى الأطر التنظيمية العليا للأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني، وعمدت تلك المكونات النسائية إلى استخدام حملات الدعم والمناصرة لهذه القضية، والتي استطاعت من خلالها إلى لفت انتباه الرأي العام إلى هذه القضايا.

ومن الإجراءات التي قامت بها الحكومة تجاه الحراك السياسي والاجتماعي للمرأة اليمنية ما يلي:

أ. إنشاء هيئات حكومية معنية بالمرأة:

في آب/أغسطس 1996، قامت الحكومة بتأسيس اللجنة الوطنية للمرأة، كآلية مؤسسية حكومية معنية بالنهوض بأوضاع المرأة. واستجابةً لمطالب اللجنة الوطنية للمرأة، أصدر رئيس الوزراء في عام 1999 توجيهات بإنشاء إدارات للمرأة في الوزارات والمؤسسات الحكومية، وذلك بهدف تعزيز مشاركة النساء في مواقع اتخاذ القرار، ولذلك أُنشئت إدارات تُعنى بالمرأة في عدد من الوزارات والمؤسسات الحكومية.

وفي عام 2000، تم إعادة هيكلة اللجنة وإنشاء المجلس الأعلى لشؤون المرأة، برئاسة رئيس الوزراء، وعضوية ثلاثة من الوزراء، ورئيسة اللجنة ونائبتها، وعدد من الشخصيات النسائية، وتتمثل المهمة الرئيسية للمجلس في إدماج قضايا المرأة في السياسات العامة للدولة من أجل تحسين حالة المرأة السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية. وفي عام 2003، تم إعادة هيكلة المجلس الأعلى، وتوسيع عضويته، ليضم سبعة وزراء مختصين، ووكيل وزارة، وممثلًا للاتحاد العام للغرف التجارية، وكذلك رئيسات فروع اللجنة بالمحافظات، وفي هذا القرار تم تعريف اللجنة الوطنية للمرأة بكونها الجهاز الاستشاري والتنفيذي للمجلس الأعلى([61]).

ب. تعيين نساء في الحكومات المتعاقبة:

في عام 2001 تم منح المرأة اليمنية أول حقيبة وزارية، حيث تم تعيين وزيرة لحقوق الإنسان في حكومة الدكتور عبد القادر باجمال الأولى، ليستمر الأمر كذلك في حكومة باجمال الثانية في عام 2003، ويرتفع إلى وزيرتين في حكومة باجمال الثالثة في عام 2006، حيث تم إسناد وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل إلى جانب وزارة حقوق الإنسان إلى النساء، ويستمر الأمر في حكومة الدكتور علي محمد مجور في عام 2007.

ج. إجراء تعديلات قانونية:

قامت الحكومة بتشكيل لجنة من وزارة الشؤون القانونية ووزارة الأوقاف والإرشاد واللجنة الوطنية للمرأة لإعادة النظر في عدد من التشريعات القانونية، والتي تمثل تمييزًا ضد المرأة، وقد أقر مجلس الوزراء تعديلها، وتم رفعها إلى مجلس النواب، وفي 29 تشرين الأول/أكتوبر 2007، استمع مجلس النواب إلى المذكرة التفسيرية المرفوعة من الحكومة بشأن تعديل بعض القوانين المتعلقة بالمرأة، مثل: قانون الجرائم والعقوبات، قانون السجون، قانون السلك الدبلوماسي والقنصلي، قانون هيئة الشرطة، قانون التأمينات الاجتماعية، قانون التأمينات والمعاشات، قانون الأحوال الشخصية، قانون العمل، قانون المرافعات والتنفيذ المدني([62]).

وقد أقر مجلس النواب بعضها، كقانون العمل، قانون التأمينات الاجتماعية، قانون التأمينات والمعاشات، قانون السلك الدبلوماسي والقنصلي، وقانون السلطة المحلية، بينما بقية التعديلات تم إحالتها إلى اللجنة المختصة بالمجلس لدراستها ومناقشتها، في حين أن هناك بعض التعديلات القانونية تم رفضها، كقانون الجرائم والعقوبات([63]).

د. اعتماد كوتا نسوية:

في 24 أيلول/سبتمبر 2007 أعلن رئيس الجمهورية، علي عبدالله صالح، عن مبادرة لإجراء تعديلات دستورية تهدف إلى تطوير النظام السياسي، وتضمنت المبادرة ما يتعلق بالمرأة، على أن يتم تخصيص نسبة 15% للمرأة في الانتخابات النيابية، ويتم النص على ذلك في قانون الانتخابات([64]).

وانطلاقًا من هذه المبادرة تم إعداد مشروع التعديلات الدستورية في عام 2008، وقد نصت (المادة 31) من مشروع التعديلات على أن “النساء شقائق الرجال، ولهن من الحقوق وعليهن من الواجبات ما تكفله وتوجبه الشريعة وينص عليه القانون، وتعمل هيئات الدولة والمجتمع على دعم المرأة، وخاصةً مشاركتها في الهيئات التمثيلية، بما يكفل إسهامها في بناء المجتمع وتقدمه”.

 

 

المحور الثاني

مشاركة الحركات الاجتماعية في عملية الانتقال السياسي في الفترة (2011-2014)

 

شاركت الحركات الاجتماعية المتمثلة في: النقابات العمالية، الحراك الجنوبي، منظمات المجتمع المدني، القبيلة، والمرأة، إلى جانب الشباب في ثورة التغيير التي انطلقت في 11 شباط/فبراير 2011، ونتيجةً للدور المتزايد لتلك الحركات في الحراك السياسي والاجتماعي في الجمهورية اليمنية خلال الفترة من 2005 وحتى عام 2011، فلم تغفل الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية، والتي تم التوقيع عليها في 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2011 من قِبل السلطة ممثلةً في المؤتمر الشعبي العام وحلفائه، والمعارضة ممثلةً في أحزاب اللقاء المشترك وشركائه، على أهمية مشاركة تلك الحركات في مرحلة الانتقال السياسي، وضرورة إفساح المجال لها للمشاركة في رسم ملامح اليمن الجديد، من خلال النص صراحةً على ضرورة مشاركة كل من: الحراك الجنوبي، الشباب، النساء، منظمات المجتمع المدني في مؤتمر الحوار الوطني جنبًا إلى جنب الأحزاب السياسية المختلفة(*)([65]).

وقد اقتصرت مشاركة الحركات الاجتماعية في المرحلة الانتقالية على أهم مرحلة من مراحلها، والمتمثلة في مؤتمر الحوار الوطني، ولذلك سيتم قصر الحديث في هذا المحور على مشاركتها فيه، وموقع تلك الحركات في المؤتمر، ونتائج مشاركتها فيه.

  1. موقع الحركات الاجتماعية في مؤتمر الحوار الوطني:

استنادًا إلى نص الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية، وفي إطار التهيئة لعقد مؤتمر الحوار الوطني، أصدر رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي عددًا من القرارات، ومن ذلك القرار الصادر في 14 تموز/يوليو 2012 بإنشاء اللجنة الفنية للإعداد والتحضير لمؤتمر الحوار الوطني، والتي كان من مهامها اتخاذ كافة الخطوات التحضيرية الضرورية لانعقاد المؤتمر، وتحديد المكونات المشاركة في المؤتمر، وعدد الممثلين عنها.

وأقرت اللجنة الفنية ضرورة أن تكون كل قائمة مقدمة من الأحزاب السياسية والمكونات الاجتماعية المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني، تضم ما لا يقل عن 50% من أبناء الجنوب، وما لا يقل عن 30% من النساء، وما لا يقل عن 20% من الشباب، وأية قائمة تأتي مخالفة لذلك تعتبر مرفوضة، ويجب تصحيحها وفقًا لتلك المعايير حتى يتم اعتمادها وقبولها، كما أقرت اللجنة الفنية توزيع مقاعد مؤتمر الحوار الوطني على المكونات السياسية والاجتماعية المشاركة فيه على النحو التالي:

 

الجدول رقم (3): عدد ممثلي المكونات المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني

م المكون المقاعد النسبة م المكون المقاعد النسبة
1. المؤتمر الشعبي العام وحلفاؤه 112 19,82% 9. تنظيم العدالة والبناء 7 1,24%
2. التجمع اليمني للإصلاح 50 8,85% 10. المجلس الوطني لقوى الثورة السلمية 4 0,71%
3. الحزب الاشتراكي اليمني 37 6,55% 11. الحراك الجنوبي 85 15,04%
4. التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري 30 5,31% 12. الحوثيون 35 6,19%
5. التجمع الوحدوي اليمني 4 0,71% 13. الشباب 40 7,08%
6. اتحاد القوى الشعبية 4 0,71% 14. النساء 40 7,08%
7. حزب الحق 4 0,71% 15. منظمات المجتمع المدني 40 7,08%
8. حزب الرشاد اليمني 7 1,24% 16. قائمة الرئيس(*) 66 11,68%
    المجموع 565 100,0%

المصدر: التقرير الفني للجنة الفنية للإعداد والتحضير لمؤتمر الحوار الوطني، صنعاء، اللجنة الفنية للإعداد والتحضير لمؤتمر الحوار الوطني، كانون الأول/ديسمبر 2012، ص 14، 15.

من خلال الجدول السابق، نلاحظ أن اللجنة الفنية أقرت أيضًا منح الحراك الجنوبي 85 مقعدًا، وبنسبة 15%، ومنح كل من: الشباب المستقل، المرأة المستقلة، منظمات المجتمع المدني 40 مقعدًا لكل منها، وبنسبة 7%. وبالتالي نجد أن الحركات الاجتماعية مجتمعة حصلت على 205 مقعد من إجمالي مقاعد مؤتمر الحوار الوطني البالغ عددها 565 مقعدًا، بما نسبته 36.3%.

 

ويمكن توضيح موقع الحركات الاجتماعية ممثلةً في الحراك الجنوبي، الشباب، المرأة، ومنظمات المجتمع المدني في مؤتمر الحوار الوطني من خلال التركيز في موقعهم في القرارات الجمهورية المتعلقة به، الصادرة قبل انعقاده، وأثناء انعقاده، وبعد انتهائه، وذلك كما هو موضح في الجدول التالي:

 

الجدول رقم (4): عدد ممثلي الحركات الاجتماعية في اللجان المختلفة قبل عقد مؤتمر الحوار الوطني وأثناء انعقاده وبعد انتهائه

م اللجنـة تاريخ إنشائها عدد أعضائها ممثلو الحراك ممثلو الشباب ممثلو

المرأة

ممثلو المنظمات
1. لجنة الاتصال 6 أيار/مايو 2012 8 1 0 2 0
2. اللجنة الفنية للإعداد والتحضير لمؤتمر الحوار الوطني 14 تموز/يوليو 2012 31 6 4 6 0
3. الأمانة العامة لمؤتمر الحوار الوطني 18 كانون الثاني/يناير 2013 3 0 2 1 1
4. هيئة رئاسة مؤتمر الحوار الوطني 17 آذار/مارس 2013 9 1 0 1 0
5. لجنة التوفيق 2 حزيران/يونيو 2013 25 4 2 6 1
6. لجنة تحديد الأقاليم 27 كانون الثاني/يناير 2014 23 3 1 2 1
7. لجنة صياغة الدستور 8 آذار/مارس 2014 17 1 1 4 0
8. الهيئة الوطنية للرقابة على تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار 24 نيسان/إبريل 2014 82 11 4 23 4

المصدر: من إعداد الباحث بالاعتماد على قرارات رئيس الجمهورية، ووثيقة الحوار الوطني، صنعاء، مؤتمر الحوار الوطني، كانون الثاني/يناير 2014، ص 332-346.

 

ويُلاحظ من خلال الجدول السابق أن عدد ممثلي الحركات الاجتماعية متفاوت من لجنة إلى أخرى، وذلك على النحو التالي:

أ. الحراك الجنوبي:

من خلال الجدول السابق، يتضح أن جميع اللجان التي تم تشكيلها كان فيها ممثلون عن الحراك الجنوبي، باستثناء الأمانة العامة لمؤتمر الحوار الوطني، فقد ضمت لجنة الاتصال عضوًا واحدًا عن الحراك الجنوبي، بما نسبته 12,5%، بينما ضمت اللجنة الفنية للإعداد والتحضير لمؤتمر الحوار الوطني 6 أعضاء، بما نسبته 19,4%، وقد كانت هذه النسبة أعلى نسبة تمثيل لهم بين هذه اللجان، في حين ضمت هيئة رئاسة مؤتمر الحوار الوطني ممثلًا واحدًا عن الحراك الجنوبي، بما نسبته 11,1%، بينما ضمت لجنة التوفيق في عضويتها 4 أعضاء من ممثلي الحراك الجنوبي، بنسبة 16%، وقد جاءت عضوية الممثل الأول بحكم موقعه في هيئة رئاسة المؤتمر، أما عضوية الممثل الثاني، فكان بحكم رئاسته لأحد فرق الحوار الوطني، وهو فريق القضية الجنوبية، بينما كانت عضوية الممثل الثالث والرابع بنص قرار رئيس الجمهورية بتشكيل لجنة التوفيق.

 

في حين كانت النسب قريبة في اللجنتين الأخريين، ففي لجنة تحديد الأقاليم، ضمت في عضويتها ثلاثة أعضاء من ممثلي الحراك الجنوبي، بنسبة 13,04%، والأمر نفسه في الهيئة الوطنية للرقابة على تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، إذ ضمت في عضويتها 11 عضوًا من ممثلي الحراك الجنوبي، بنسبة 13,4%، أما في لجنة صياغة الدستور، فقد كانت النسبة متدنية، إذ ضمت في عضويتها واحدًا من ممثلي الحراك الجنوبي بنسبة 5,9%، مع العلم بأن الحديث هنا يقتصر على الحراك الجنوبي فقط، وليس على الجنوبيين بشكلٍ عام، والذي وصل تمثيلهم إلى 50% في المؤتمر، وفي أغلب اللجان.

ب. الشباب:

من خلال الجدول السابق، نلاحظ أن عدد ونسبة ممثلي الشباب متفاوت من لجنة إلى أخرى، ونلاحظ أيضًا أن هناك لجنتين لم يكن للشباب أي تمثيل فيهما، في حين أن هناك ست لجان ضمت في عضويتها أعضاء من فئة الشباب. فلجنة الاتصال، وهيئة رئاسة مؤتمر الحوار الوطني، لم تتضمن أي ممثل عن فئة الشباب في عضويتها، ويعود السبب في الأولى، إلى أن مهمة هذه اللجنة هي التواصل مع الحركات الشبابية في ساحات الحرية والتغيير من أجل إشراكهم في مؤتمر الحوار الوطني، ويعود السبب في الثانية، إلى أنه تم الاكتفاء بتمثيل ثمانية مكونات إلى جانب رئيس الجمهورية: المؤتمر الشعبي العام وحلفائه، التجمع اليمني للإصلاح، الحزب الاشتراكي اليمني، التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري، الحراك الجنوبي، الحوثيين، المرأة، وقائمة الرئيس، حيث تم تمثيل رؤساء تلك المكونات، بينما لم يتم تمثيل المكونات الثمانية الأخرى في هيئة الرئاسة: الأحزاب السياسية الصغيرة، والأحزاب السياسية حديثة النشأة، المجلس الوطني لقوى الثورة السلمية، الشباب، ومنظمات المجتمع المدني.

أما اللجنة الفنية للإعداد والتحضير لمؤتمر الحوار الوطني، فقد ضمت 4 شباب، بما نسبته 12,9%، وتعتبر هذه النسبة جيدة جدًّا، لأنها المرة الأولى التي يشارك ممثلون عن فئة الشباب في لجنة حكومية، في حين وصلت نسبة تمثيلهم إلى 66,67% في الأمانة العامة للمؤتمر، حيث ضمت عضوين من أصل ثلاثة أعضاء، فقد حصل الشباب على منصب الأمين العام لمؤتمر الحوار، من خلال تعيين أحمد عوض بن مبارك، كما حصلوا على منصب النائب الثاني للأمين العام، من خلال تعيين ياسر الرعيني، وكلا الشخصيتين من شباب الثورة، وينتمي الأول إلى مجلس التنسيق لشباب ثورة التغيير (تنوع)، وينتمي الثاني إلى المنسقية العليا للثورة اليمنية (شباب). بينما ضمت لجنة التوفيق في عضويتها اثنين من فئة الشباب، وبنسبة 8%، وقد جاءت عضوية الشاب الأول من خلال نص قرار رئيس الجمهورية بتشكيل اللجنة، أما الشاب الثاني، فقد جاءت عضويته بحكم موقعه رئيسًا لإحدى فرق الحوار الوطني.

في حين كانت النسبة متدنية في اللجان الثلاث الأخرى، فلجنة تحديد الأقاليم، ضمت في عضويتها ممثلًا واحدًا من الشباب، وبنسبة 4,35%، والأمر نفسه في لجنة صياغة الدستور، إذ ضمت في عضويتها واحدًا من الشباب، بنسبة 5,9%، في حين ضمت الهيئة الوطنية للرقابة على تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني 4 أعضاء من الشباب، بنسبة 4,88%، وجميع هذه اللجان تم تشكيلها بعد انتهاء مؤتمر الحوار الوطني، حيث لم تلتزم قرارات رئيس الجمهورية بالنسبة المقررة في مؤتمر الحوار لتمثيل الشباب في مواقع صنع القرار المختلفة والبالغة 20%.

ج. المرأة:

من خلال الجدول السابق، نلاحظ أن عدد ونسبة ممثلات النساء متفاوت من لجنة إلى أخرى، ونلاحظ أيضًا أن جميع اللجان التي تم تشكيلها ضمت في عضويتها ممثلات عن النساء. فلجنة الاتصال قد ضمت في عضويتها امرأتين، بنسبة 25%، وهذه النسبة يعتبرها البعض نسبة كبيرة في بلد يُصنف على أنه مجتمع ذكوري لا يقبل تمثيل المرأة. بينما ضمت اللجنة الفنية للإعداد والتحضير لمؤتمر الحوار الوطني الشامل في عضويتها 6 نساء، نصفهن مستقلات، والنصف الآخر يتبعن الأحزاب السياسية والمكونات الاجتماعية الأخرى، ووصلت نسبة تمثيلهن إلى 19,35%، كما يلاحظ أن هذه النسبة كانت أقل من النسبة التي منحت للمرأة في لجنة الاتصال، في حين وصلت نسبة تمثيلهن في الأمانة العامة لمؤتمر الحوار الوطني إلى 33,3%، حيث ضمت في عضويتها امرأة واحدة من أصل ثلاثة أعضاء، وهذه المرأة تمثل مكون منظمات المجتمع المدني وليس المرأة المستقلة، وتعتبر هذه اللجنة أول لجنة يتم تشكيلها بعد إقرار اللجنة الفنية نسبة تمثيل النساء بنسبة لا تقل عن30% في كل المكونات والفعاليات.

كما ضمت هيئة رئاسة مؤتمر الحوار الوطني ممثلة واحدة عن المرأة، بما نسبته 11,1%، في حين ضمت لجنة التوفيق في عضويتها 6 نساء، بنسبة 24%، خمس منهن مستقلات، وواحدة منهن تتبع الأحزاب السياسية والمكونات الاجتماعية الأخرى، وكانت عضوية المرأة الأولى بحكم موقعها في هيئة رئاسة المؤتمر، أما عضوية النساء الثانية والثالثة والرابعة، فكانت بحكم رئاستهن لثلاثة فرق من فرق الحوار الوطني، بينما كانت عضوية المرأة الخامسة والسادسة بنص قرار رئيس الجمهورية بتشكيل لجنة التوفيق.

بينما ضمت لجنة تحديد الأقاليم في عضويتها امرأتين فقط، واحدة تمثل النساء المستقلات، والأخرى تمثل المكونات الأخرى، بنسبة 8,7%، فإنها تعتبر أول لجنة يتم تشكيلها بعد انتهاء مؤتمر الحوار الوطني، وقد جاء تشكيلها بعد اختتام المؤتمر لأعماله بيومين فقط، ومع ذلك لم يلتزم قرار رئيس الجمهورية بالنسبة المقررة في مؤتمر الحوار لتمثيل المرأة في مواقع صنع القرار المختلفة والبالغة 30%. في حين ضمت لجنة صياغة الدستور في عضويتها 4 نساء، نصفهن مستقلات، والنصف الآخر يمثلن الأحزاب السياسية والمكونات الاجتماعية الأخرى، ووصلت نسبة تمثيلهن إلى 23,5%، وهذه ثاني لجنة تم تشكيلها بعد انتهاء مؤتمر الحوار الوطني الشامل، ولم يلتزم قرار رئيس الجمهورية أيضًا بالنسبة المقررة في المؤتمر لتمثيل المرأة في مواقع صنع القرار المختلفة والبالغة 30%، ولكن اقتربت منها، وضمت الهيئة الوطنية للرقابة على تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني في عضويتها 23 امرأة، بنسبة 28,05%، منهن 7 يمثلن النساء المستقلات من غير المنتميات إلى أحزاب سياسية، إلى جانب 16 امرأة ممن ينتمين إلى الأحزاب السياسية والمكونات الأخرى.

د. منظمات المجتمع المدني:

من خلال الجدول السابق، يتضح أن هناك 4 لجان لم يكن لمنظمات المجتمع المدني أي تمثيل فيها، في حين أن هناك 4 لجان ضمت في عضويتها أعضاءً من منظمات المجتمع المدني. فلجنة الاتصال، واللجنة الفنية للإعداد والتحضير لمؤتمر الحوار الوطني، وهيئة رئاسة مؤتمر الحوار الوطني، ولجنة صياغة الدستور لم تتضمن أي ممثل عن منظمات المجتمع المدني في عضويتها.

أما الأمانة العامة لمؤتمر الحوار الوطني، فقد ضمت عضوًا واحدًا من أصل ثلاثة أعضاء، بما نسبته 33,3%، وتعتبر هذه النسبة ممتازة جدًّا، لأنها المرة الأولى التي يشارك فيها ممثلون عن منظمات المجتمع المدني في أية لجنة، في حين ضمت لجنة التوفيق في عضويتها واحدًا من ممثلي منظمات المجتمع المدني، بنسبة 4%، وقد جاءت عضويته بحكم موقعه رئيسًا لفريق التنمية الشاملة، بينما لجنة تحديد الأقاليم، ضمت في عضويتها ممثلًا واحدًا من ممثلي منظمات المجتمع المدني، بنسبة 4,30%، في حين ضمت الهيئة الوطنية للرقابة على تنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني 4 أعضاء من ممثلي منظمات المجتمع المدني، بنسبة 4,88%.

  1. نتائج مشاركة الحركات الاجتماعية في مؤتمر الحوار الوطني:

من خلال مشاركة الحركات الاجتماعية في مؤتمر الحوار الوطني، استطاعت تحقيق عدد من المكاسب لأفرادها، ويمكن رصد أهم مخرجات الحوار الوطني من خلال تقارير فرق الحوار التسعة، وذلك على النحو التالي:

أ. الحراك الجنوبي:

من أهم ما جاء في مخرجات الحوار الوطني فيما يتعلق بالقضية الجنوبية، تأكيدها على ضرورة الالتزام بحل القضية الجنوبية حلًّا عادلًا في إطار دولة موحدة على أساس اتحادي وديمقراطي جديد وفق مبادئ دولة الحق والقانون والمواطنة المتساوية، وذلك عبر وضع هيكل وعقد اجتماعي جديدين، يرسيان وحدة الدولة الاتحادية الجديدة وسيادتها واستقلالها وسلامة أراضيها، وسوف تمثل هذه الدولة الاتحادية الجديدة قطيعة كاملة مع تاريخ الصراعات والاضطهاد وإساءة استخدام السلطة والتحكم في الثروة.

 

كما أكدت على أنه وبعد تبني الدستور الاتحادي، يجب أن يُمثَّل الجنوب بنسبة 50% في كافة الهياكل القيادية التنفيذية والتشريعية والقضائية، بما فيها الجيش والأمن، وضرورة معالجة عدم المساواة في الخدمة المدنية والقوات المسلحة والأمن على المستوى المركزي عبر قوانين ومؤسسات، وبما يضمن إلغاء التمييز وتحقيق تكافؤ الفرص لجميع اليمنيين([66]).

بالإضافة إلى ذلك، فقد أكدت على ضرورة النص في الدستور على تكافؤ الفرص في الوظائف العامة وتقسيم المناصب العليا في الدولة مناصفةً بين الشمال والجنوب، وضرورة التمثيل العادل لجميع المناطق اليمنية، ولكن مع مراعاة المناصفة بين الشمال والجنوب([67]).

كما أقرت مخرجات الحوار الوطني على ضرورة إعادة جميع المتقاعدين والمقصين والمنقطعين الجنوبيين قسرًا جراء حرب 1994 إلى أعمالهم ووظائفهم، ومنحهم كافة مستحقاتهم من رواتب وتسويات، وتعويضهم عن الفترة السابقة، وتطبيق إستراتيجية المرتبات عليهم([68]).

ب. الشباب:

من أهم ما جاء في مخرجات الحوار الوطني فيما يتعلق بالشباب، تأكيدها على أن تكفل الدولة المشاركة الفعالة للشباب في جميع شؤون الدولة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وضرورة أن يتم تمثيلهم بنسبة لا تقل عن 20% في سلطات الدولة الثلاث، وضرورة النص في القانون على تمكين الشباب دون سن الأربعين في هيئات الأحزاب والمنظمات بنسبة لا تقل عن 20%([69]).

كما أكدت على إنشاء مجلس أعلى للشباب، ومنحه الاستقلالية التي تكفل له دوره التوجيهي والإشرافي، بما يكفل إيجاد سياسات وآليات واضحة لمشاركة الشباب من خلال المجلس في صنع القرارات العامة، والرقابة على تنفيذها([70]).

بالإضافة إلى ذلك، فقد أكدت على أن تضمن الدولة توفير كافة الفرص الملائمة لتمكين الشباب من استثمار أوقات فراغهم، وتنمية ملكاتهم وقدراتهم بدنيًّا واجتماعيًّا ودينيًّا وثقافيًّا وتعليميًّا وسياسيًّا، والتأكيد على دعمها لمشروعاتهم، وحقهم في السكن، وإعانتهم ضد البطالة، وتوفير كافة الفرص المتاحة لهم للعمل والحياة الكريمة والتنشئة السليمة، من خلال إلزام الدولة بحماية وتنمية وتطوير صندوق الشباب العاطل عن العمل، وكذلك إنشاء بنوك التمويل الأصغر لتقديم خدمات الإقراض لمشاريع الشباب بدون أرباح([71]).

ج. المرأة:

من أهم ما جاء في مخرجات الحوار الوطني فيما يتعلق بالمرأة، تأكيدها على ضرورة أن يتم تمثيل المرأة بنسبة لا تقل عن 30% في سلطات الدولة الثلاث، كما أكدت على ضرورة أن تلتزم الدولة بتمثيل المرأة بما يمكنها من المشاركة الفعالة في مختلف الهيئات وسلطات الدولة والمجالس المنتخبة والمعينة بما لا يقل عن 30%([72]). كما أكدت على ضرورة أن تمثل المرأة في عضوية قيادة الهيئات المستقلة بما لا يقل عن 30%([73])، وضرورة أن تعطى المرأة نسبة لا تقل عن 30% في الأجهزة الرقابية أسوةً بسلطات الدولة الأخرى، وكذلك ضرورة النص في القانون على تمكين المرأة في هيئات الأحزاب والمنظمات بنسبة لا تقل عن 30%([74]).

بالإضافة إلى ذلك، فقد أكدت على ضرورة أن تتخذ الدولة الإجراءات القانونية التي من شأنها تمكين النساء من ممارسة كل حقوقهن السياسية، والمشاركة الإيجابية في الحياة العامة وفقًا لأحكام الدستور، وضرورة تغيير النظام الانتخابي الخاص بالانتخابات التشريعية، والأخذ بنظام القائمة النسبية المغلقة، وضرورة أن تمثل المرأة في كل القوائم المتنافسة على مقاعد الهيئة التشريعية بما لا يقل عن 30%، وتلتزم المكونات السياسية بترتيب قوائمها الانتخابية بما يضمن وصول نسبة 30% على الأقل من النساء إلى المجالس الانتخابية، ويكون ترتيب المرشحين والمرشحات في القوائم الانتخابية كالتالي: امرأة واحدة على الأقل من كل ثلاثة مرشحين، ولا تقبل قوائم المكونات السياسية المخالفة لهذا([75]).

د. منظمات المجتمع المدني:

من أهم ما جاء في مخرجات الحوار الوطني فيما يتعلق بمنظمات المجتمع المدني، تأكيدها على أن للمواطنين حق تأسيس منظمات المجتمع المدني بمجرد الإخطار، وتمارس نشاطها بحرية، وتكون لها الشخصية الاعتبارية، ولا يجوز للسلطات حلها أو حل هيئاتها إلا بحكم قضائي بات([76])، ولهذا جاء في مخرجات الحوار الوطني التأكيد على إنشاء هيئة مستقلة خاصة بشؤون الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني، تتولى فحص الطلبات المقدمة لتسجيل منظمات المجتمع المدني للتحقق من توافر الشروط المقررة قانونيًّا، كما تتولى الهيئة بناء قدرات منظمات المجتمع المدني بما يُمكنها من تأدية دورها كشريك فاعل في تنمية المجتمع([77]).

واعترفت المكونات السياسية والاجتماعية المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني بشراكة منظمات المجتمع المدني للدولة، إذ جاء في مخرجات الحوار الوطني التأكيد على أن تلتزم الدولة بإنشاء هيئة وطنية مستقلة بالشراكة مع منظمات المجتمع المدني للدفاع عن حقوق الإنسان وحمايتها، ويحق للهيئة إبلاغ الجهات القضائية عن أي انتهاك لتلك الحقوق، ولها أن تتدخل بالدعاوى المدنية إلى جانب المتضرر، وأن تطعن لمصلحته في الأحكام([78]). كما جاء في مخرجات الحوار الوطني التأكيد على أن تقوم الدولة بإنشاء المجلس الاقتصادي والاجتماعي كإطار مؤسسي يُنظم الشراكة بين القطاع الخاص والحكومة ومنظمات المجتمع المدني على مستوى الجمهورية والمحافظات([79])، والنص في الدستور على الشراكة الكاملة لقطاع المجتمع المدني ومنظماته، لتعزيز المشاركة المجتمعية في جهود التنمية الشاملة، ولتطوير دوره في الرقابة الشعبية كأداة للضغط، ولتحقيق الصالح العام في ظل توازن وتكامل دوره مع القطاعين الحكومي والخاص([80]).

بالإضافة إلى ذلك، تمكنت منظمات المجتمع المدني ومن خلال مشاركتها الفعالة في مؤتمر الحوار الوطني من تضمين الكثير من الإصلاحات في وثيقة الحوار الوطني، والتي ناضلت من أجلها في الفترة السابقة.

ففي مجال الحقوق السياسية للمرأة اليمنية، تمكنت تلك المنظمات من خلال وسائلها المختلفة في حراكها السياسي والاجتماعي من إقرار كوتة نسائية، وضرورة تمكين المرأة ومشاركتها في مواقع صنع القرار بنسبة لا تقل عن 30% سواء كانت تلك المواقع منتخبة أم معينة. وفي مجال الحريات الإعلامية، تمكنت تلك المنظمات من الحصول على توافق المكونات المختلفة على إلغاء وزارة الإعلام، وتشكيل هيئة وطنية مستقلة للإشراف على الإعلام.

وفي مجال مكافحة الفساد، تمكنت منظمات المجتمع المدني من إقرار ما يلي:

  • إعادة النظر في المنظومة التشريعية المتعلقة بمكافحة الفساد، وإزالة أي تعارض فيما بينها، ومواءمتها مع الاتفاقيات الدولية.
  • إلغاء قانون إجراءات اتهام ومحاكمة شاغلي وظائف السلطة التنفيذية العليا رقم (6) لسنة 1995 لتعارضه مع مضمون وروح قوانين مكافحة الفساد.
  • عدم منح القيادات العليا للدولة في السلطات الثلاث أية حصانة على تصرفاتهم تجاه المال العام والوظيفة العامة وإمكانات الدولة وحقوق المواطنين.
  • عدم سن تشريعات أو قوانين تسمح بالتنازل عن عقارات الدولة وممتلكاتها أو منحها أو بيعها.
  • ضرورة إصدار قانون حماية المبلغين والشهود والمحققين في قضايا الفساد.

هـ. النقابات العمالية:

من أهم ما جاء في مخرجات الحوار الوطني فيما يتعلق بالنقابات العمالية، تأكيدها على أن للعمال والموظفين الحق والحرية في تكوين النقابات والاتحادات بمجرد الإخطار، وأن لكل مواطن الحق أن يُنشئ أو ينتمي إلى أية نقابة تمثله، وأن يشارك بكل حرية في الأنشطة والفعاليات النقابية([81])، على أن ينظم القانون العمل النقابي والمهني، ولا تنشأ لتنظيم المهنة سوى نقابة مهنية واحدة، تقوم بالدفاع عن حقوق أعضائها.

واعتبرت مخرجات الحوار الوطني أن الإضراب السلمي هو إحدى الوسائل المشروعة قانونيًّا للعمال والموظفين ومنظماتهم النقابية للدفاع عن حقوقهم ومصالحهم القانونية في حالة تعرضها للانتهاك والمصادرة، ولا يجوز فرض أية عقوبات على العمال والموظفين وأعضاء منظماتهم النقابية بما في ذلك عقوبة الفصل من العمل بسبب ممارسة نشاطهم النقابي أو بسبب ممارستهم للإضراب أو الدعوة إليه، ولا يحق لأية جهة التدخل في أعمال المنظمات النقابية بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، كما لا يحق لها إكراه أي شخص على الانضمام إلى المنظمة النقابية أو الانسحاب منها أو عدم ممارسة الحقوق النقابية، ولا يجوز للسلطات حل هيئاتها الإدارية إلا بحكم قضائي بات([82]).

و. القبيلة:

من أهم ما جاء في مخرجات الحوار الوطني فيما يتعلق بالقبيلة، تأكيدها على ضرورة الإلغاء الفوري لمصلحة شؤون القبائل، لأنها تعزز من سلطة القبيلة على حساب سلطة الدولة وسيادتها، ووضع قواعد وأسس قانونية تحول دون تغول القبيلة وتدخلها في سلطات الدولة واختصاصاتها من أجل بناء الدولة المدنية([83]). كما أكدت على ضرورة خضوع التشكيلات الاجتماعية المختلفة بما فيها شيوخ القبائل لقانون منظمات المجتمع المدني أو قانون خاص يرتكز على مبادئ العمل الديمقراطي، والذي ينظم طريقة انتخابهم ومهامهم([84]).

 

الخاتمة:

من خلال ما جاء في محوري الورقة البحثية، نجد أن الحركات الاجتماعية التي ظهرت على الساحة اليمنية خلال الفترة من 2005 إلى 2011، كان لها دور مؤثر في الاحتجاجات، وفي عملية الانتقال السياسي في البلاد، فمن خلال الآليات والوسائل التي استخدمتها في حراكها السياسي والاجتماعي، استطاعت تحقيق أمرين:

 

الأمر الأول: استطاعت أن تفرض نفسها كقوى سياسية واجتماعية جديدة على الساحة السياسية اليمنية، باعتبارها حركات تسعى إلى إحداث تغيير في السياسات والممارسات القائمة، وبالتالي لم يكن في الإمكان تجاوزها.

 

الأمر الثاني: استطاعت تلك الحركات الاجتماعية تحقيق العديد من المكاسب لأفرادها خصوصًا، وللمجتمع اليمني عمومًا. فجميع تلك الحركات الاجتماعية خرجت من مؤتمر الحوار الوطني، والذي يعتبر أحد المحطات الرئيسية في عملية الانتقال السياسي، بمكاسب عديدة، منها:

  1. استطاع الجنوبيون حل القضية الجنوبية ببعديها السياسي والحقوقي، إذ استطاعوا استعادة الشراكة في السلطة والثروة التي فقدوها بعد حرب صيف 1994، واستطاعوا ضمان معالجة ما لحق بهم من مظالم.
  2. استطاع الشباب الحصول على الاعتراف بحقهم في المشاركة في الحياة السياسية وبنسبة 20%، بالإضافة إلى إيجاد آليات ووسائل لمشاركتهم في صنع القرارات العامة، إلى جانب ضمان الدولة توفير كافة الفرص لهم للعمل، بما يحقق لهم الحياة الكريمة.
  3. استطاعت المرأة أن تنتزع حقها في المشاركة في الحياة السياسية في مختلف سلطات الدولة وهيئاتها المنتخبة والمعينة وبنسبة 30%.
  4. استطاعت منظمات المجتمع المدني أن تستعيد مكانتها الطبيعية وفقًا لوظيفتها المحددة في الدستور، وهي أن تكون شريكًا للدولة في تعزيز وحماية حقوق الإنسان، وتحقيق التنمية الشاملة.
  5. استطاعت النقابات العمالية أن تعزز حقوق وحريات العمال والموظفين للدفاع عن حقوقهم القانونية في مواجهة الدولة، وبعيدًا عن الخوف من الفصل من الوظيفة، أو النقل التعسفي من العمل.

 

وعلى الرغم من أن مؤتمر الحوار الوطني قد أسفر عن نتائج ومخرجات توافقية في كثير من القضايا، فإنه عجز عن الوصول إلى توافق حول عدد قليل من القضايا الخلافية، الأمر الذي أدى إلى دخول البلاد في صراع جديد منذ 21 كانون الثاني/يناير 2015، وما تلاه من تدخل خارجي بقيادة المملكة العربية السعودية في 26 آذار/مارس 2015، التي قادت تحالفًا لدعم الشرعية في اليمن، وتستمر تداعيات هذا الصراع حتى اليوم، ولذلك، ومن أجل الحفاظ على ما تحقق للحركات الاجتماعية من مكاسب، فإن الباحث يوصي بأنه وبعد مرحلة الصراع التي تعيشها البلاد، يجب أن يكون أي حوار قادم بين القوى السياسية لإنهاء الصراع سقفه ومرجعيته مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، التي توافقت عليها كافة القوى السياسية والاجتماعية، والتي تحول بعض منها إلى نصوص في مسودة دستور اليمن الجديد.

 

 

قائمة المراجع

 

أولًا: الوثائق

  1. الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية، 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2011.
  2. وثيقة الحوار الوطني، صنعاء، مؤتمر الحوار الوطني، كانون الثاني/يناير 2014.

 

ثانيا: الكتب

  1. الحربي، أحمد محمد. اليمن: ماضٍ يرفض أن يرحل ومستقبل يعاق مجيئه، صنعاء، مركز عبادي للدراسات والنشر، 2013.
  2. الدريمين، سعيد عباس. الجنوبيون والقضية الجنوبية، صنعاء، مركز عبادي للدراسات والنشر، الطبعة الثانية، 2013.
  3. الشميري، سمير عبد الرحمن. سوسيولوجيا الثورة الشعبية اليمنية، صنعاء، مركز عبادي للدراسات والنشر، 2012.
  4. الشرجبي، عادل مجاهد وآخرون. القصر والديوان: الدور السياسي للقبيلة في اليمن، صنعاء، المرصد اليمني لحقوق الإنسان، 2009.
  5. بن شنظور، علي زين. القضية الجنوبية والوحدة اليمنية وانعكاسات ثورة التغيير السلمية، صنعاء، سكرين إستار للطباعة والنشر، 2012.
  6. بامرحول، فوزية. التقرير الوطني حول النقابات في اليمن، [د.م]، [د.ن]، [د.ت].
  7. حيدر، قادري أحمد. اليمن في تحولات السياسة والواقع: قراءة نقدية في علاقة الدين بالسياسة والسلطة بالمجتمع، صنعاء، الآفاق للطباعة والنشر، 2011.
  8. المخلافي، محمد أحمد. التغيير.. الإصلاح الديمقراطي في اليمن: ضروراته ومعوقاته، صنعاء، الآفاق للطباعة والنشر، 2011.
  9. المخلافي، محمد أحمد. المركز القانوني للمنظمات غير الحكومية لحقوق الإنسان وأثره على الشراكة في اليمن، كتاب واقع المنظمات غير الحكومية لحقوق الإنسان وأثره على الشراكة في اليمن، الجزء الأول، تعز، مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان، 2006.
  10. الظاهري، محمد محسن. المجتمع والدولة في اليمن: دراسة لعلاقة القبيلة بالتعددية السياسية والحزبية، القاهرة، مكتبة مدبولي، 2004.
  11. محمود، هند وشيماء طنطاوي. دليل المبادرات النسوية الشابة، مصر، نظرة للدراسات النسوية، 2016.

 

ثالثًا: التقارير

  1. التقرير الإستراتيجي اليمني 2007، صنعاء، المركز اليمني للدراسات الإستراتيجية، 2008.
  2. التقرير الإستراتيجي اليمني 2008، صنعاء، المركز اليمني للدراسات الإستراتيجية، 2009.
  3. التقرير الإستراتيجي اليمني 2009، صنعاء، المركز اليمني للدراسات الإستراتيجية، 2010.
  4. التقرير الإستراتيجي اليمني 2011، صنعاء، المركز اليمني للدراسات الإستراتيجية، 2012.
  5. التقرير السنوي الأول لأوضاع المرأة اليمنية لعامي 2006-2007، صنعاء، مؤسسة أوام التنموية الثقافية، 2008.
  6. التقرير السنوي الثاني لأوضاع المرأة اليمنية لعام 2008، صنعاء، مؤسسة أوام التنموية الثقافية، 2009.
  7. التقرير السنوي لحقوق الإنسان والديمقراطية في اليمن 2007، صنعاء، المرصد اليمني لحقوق الإنسان، نيسان/إبريل 2008.
  8. التقرير السنوي لحقوق الإنسان والديمقراطية في اليمن 2008، صنعاء، المرصد اليمني لحقوق الإنسان، أيار/مايو 2009.
  9. التقرير السنوي لحقوق الإنسان والديمقراطية في اليمن 2009، صنعاء، المرصد اليمني لحقوق الإنسان، حزيران/يونيو 2010.
  10. التقرير السنوي لحقوق الإنسان والديمقراطية في اليمن 2010، صنعاء، المرصد اليمني لحقوق الإنسان، 2011.
  11. تقرير الحق في التجمع السلمي 2008، صنعاء، المرصد اليمني لحقوق الإنسان، تشرين الثاني/نوفمبر 2008.
  12. تقرير المحاكمة العادلة وضماناتها بين الواقع والتشريع، صنعاء، الشبكة اليمنية لحقوق الإنسان، 2010.
  13. تقرير فريق استقلالية الهيئات ذات الخصوصية، وثيقة الحوار الوطني، صنعاء، مؤتمر الحوار الوطني، كانون الثاني/يناير 2014.
  14. تقرير فريق أسس بناء الجيش والأمن ودورهما، وثيقة الحوار الوطني، صنعاء، مؤتمر الحوار الوطني، كانون الثاني/يناير 2014.
  15. تقرير فريق بناء الدولة، وثيقة الحوار الوطني، صنعاء، مؤتمر الحوار الوطني، كانون الثاني/يناير 2014.
  16. تقرير فريق التنمية الشاملة والمتكاملة والمستدامة، وثيقة الحوار الوطني، صنعاء، مؤتمر الحوار الوطني، كانون الثاني/يناير 2014.
  17. تقرير فريق الحقوق والحريات، وثيقة الحوار الوطني، صنعاء، مؤتمر الحوار الوطني، كانون الثاني/يناير 2014.
  18. تقرير فريق الحكم الرشيد، وثيقة الحوار الوطني، صنعاء، مؤتمر الحوار الوطني، كانون الثاني/يناير 2014.
  19. تقرير فريق القضية الجنوبية، وثيقة الحوار الوطني، صنعاء، مؤتمر الحوار الوطني، كانون الثاني/يناير 2014.
  20. التقرير الفني للجنة الفنية للإعداد والتحضير لمؤتمر الحوار الوطني، صنعاء، اللجنة الفنية للإعداد والتحضير لمؤتمر الحوار الوطني، كانون الأول/ديسمبر 2012.

 

رابعًا: المصادر الإلكترونية

1. إبراهيم القديمي، عمال اليمن يضربون لتحسين أوضاعهم، موقع الجزيرة نت، 25 أيار/مايو 2010، نُشر في: https://bit.ly/3rKXHE8
2. الأجوبة الواردة من اليمن على قائمة المسائل والأسئلة المتعلقة بتقريرها الجامع للتقريرين السابع والثامن: اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة، قاعدة بيانات الأمم المتحدة الخاصة بالهيئات المنشأة بموجب معاهدات حقوق الإنسان، 19 آب/أغسطس 2020، نُشر في: https://bit.ly/3GEPdGc
3. توكل كرمان، مهجرو الجعاشن والجزيرة وطلاب الجامعة ثلاثي التغيير والثورة في اليمن، موقع مأرب برس، 26 آذار/مارس 2012، نُشر في: https://bit.ly/3Vam9fP
4. رئيس الجمهورية يعلن عن مبادرة لتعديلات دستورية تهدف لتطوير النظام السياسي الديمقراطي، المركز الوطني للمعلومات، 24 أيلول/سبتمبر 2007، نُشر في: https://bit.ly/3t8V1EX
5. عادل مجاهد الشرجبي، التحولات في خريطة توزيع القوة السياسية للقبائل اليمنية، موقع السفير العربي، 25 تموز/يوليو 2012، نُشر في: https://bit.ly/3MkSOLB
6. مأرب الورد، هل يلغي اليمن مصلحة شؤون القبائل، موقع الجزيرة نت، 18 أيلول/سبتمبر 2013، نُشر في: https://bit.ly/3SMAo9b
7. محمد القاضي، الأطباء ومدرسو الجامعات في اليمن يواصلون الإضراب للمطالبة بزيادة رواتبهم، موقع جريدة الرياض، 3 آذار/مارس 2005، نُشر في: https://bit.ly/3VfynUk
8. محمد القاضي، البرلمان اليمني يصوت على تحديد 20 ألف ريال كحد أدنى لأجور ومرتبات موظفي الدولة، موقع جريدة الرياض، 27 حزيران/يونيو 2005، نُشر في: https://bit.ly/3CiwDkH
9. محمد القاضي، ملتقى قبلي بزعامة حسين الأحمر، موقع جريدة الرياض، 30 تموز/يوليو 2007، نُشر في: https://bit.ly/3rFzjnv
10. محمود جمال أحمد عبدالعال، دور الحركات الشبابية في التعبئة الجماهيرية، موقع المركز الديمقراطي العربي، 3 تموز/يوليو 2014، نُشر في: https://bit.ly/2KIByza
11. مشايخ اليمن يتبرؤون من مجلس التضامن وأهدافه المشبوهة، المؤتمر نت، 13 آب/أغسطس 2007، نُشر في: https://bit.ly/3VdIAk7
12. يوسف قاضي، مئات المعلمين يعتصمون أمام البرلمان للمطالبة بتنفيذ إستراتيجية الأجور، موقع المصدر أونلاين، 23 آذار/مارس 2010، نُشر في: https://bit.ly/3CH8llF

__________________________________

([1]) محمود جمال أحمد عبدالعال، دور الحركات الشبابية في التعبئة الجماهيرية، موقع المركز الديمقراطي العربي، 3 تموز/يوليو 2014، نُشر في: https://bit.ly/2KIByza

([2]) هند محمود وشيماء طنطاوي، دليل المبادرات النسوية الشابة، مصر، نظرة للدراسات النسوية، 2016، ص28.

([3]) فوزية بامرحول، التقرير الوطني حول النقابات في اليمن، [د.م]، [د.ن]، [د.ت]، ص 4، 5.

([4]) التقرير الإستراتيجي اليمني 2007، صنعاء، المركز اليمني للدراسات الإستراتيجية، 2008، ص66.

([5]) فوزية بامرحول، مرجع سبق ذكره، ص6.

([6]) محمد القاضي، الأطباء ومدرسو الجامعات في اليمن يواصلون الإضراب للمطالبة بزيادة رواتبهم، موقع جريدة الرياض، 3 آذار/مارس 2005، نُشر في: https://bit.ly/3VfynUk

([7]) إبراهيم القديمي، عمال اليمن يضربون لتحسين أوضاعهم، موقع الجزيرة نت، 25 أيار/مايو 2010، نُشر في: https://bit.ly/3rKXHE8

([8]) محمد القاضي، البرلمان اليمني يصوت على تحديد 20 ألف ريال كحد أدنى لأجور ومرتبات موظفي الدولة، موقع جريدة الرياض، 27 حزيران/يونيو 2005، نُشر في: https://bit.ly/3CiwDkH

([9]) يوسف قاضي، مئات المعلمين يعتصمون أمام البرلمان للمطالبة بتنفيذ إستراتيجية الأجور، موقع المصدر أونلاين، 23 آذار/مارس 2010، نُشر في: https://bit.ly/3CH8llF

([10]) فوزية بامرحول، مرجع سبق ذكره، ص7.

([11]) التقرير السنوي لحقوق الإنسان والديمقراطية في اليمن 2009، صنعاء، المرصد اليمني لحقوق الإنسان، حزيران/يونيو 2010، ص153.

([12]) المرجع نفسه، ص17.

([13]) فوزية بامرحول، مرجع سبق ذكره، ص6.

([14]) التقرير السنوي لحقوق الإنسان والديمقراطية في اليمن 2009، مرجع سبق ذكره، ص149.

([15]) التقرير الإستراتيجي اليمني 2007، مرجع سبق ذكره، ص62.

([16]) سعيد عباس الدريمين، الجنوبيون والقضية الجنوبية، صنعاء، مركز عبادي للدراسات والنشر، الطبعة الثانية، 2013، ص 53- 65.

([17]) علي زين بن شنظور، القضية الجنوبية والوحدة اليمنية وانعكاسات ثورة التغيير السلمية، صنعاء، سكرين إستار للطباعة والنشر، 2012، ص 153، 154.

([18]) سعيد عباس الدريمين، مرجع سبق ذكره، ص 71، 72، 73.

([19]) المرجع نفسه، ص58.

([20]) التقرير السنوي لحقوق الإنسان والديمقراطية في اليمن 2009، مرجع سبق ذكره، ص23.

([21]) علي زين بن شنظور، مرجع سبق ذكره، ص 159، 161.

([22]) التقرير السنوي لحقوق الإنسان والديمقراطية في اليمن 2009، مرجع سبق ذكره، ص20.

([23]) سعيد عباس الدريمين، مرجع سبق ذكره، ص 141، 142.

([24]) التقرير الإستراتيجي اليمني 2009، صنعاء، المركز اليمني للدراسات الإستراتيجية، 2010، ص39.

([25]) التقرير الإستراتيجي اليمني 2008، صنعاء، المركز اليمني للدراسات الإستراتيجية، 2009، ص64.

([26]) المرجع نفسه، ص59.

([27]) سعيد عباس الدريمين، مرجع سبق ذكره، ص 95، 96.

([28]) المرجع نفسه، ص 108، 109.

([29]) التقرير السنوي لحقوق الإنسان والديمقراطية في اليمن 2009، مرجع سبق ذكره، ص23.

([30]) تقرير الحق في التجمع السلمي 2008، صنعاء، المرصد اليمني لحقوق الإنسان، تشرين الثاني/نوفمبر 2008، ص24.

([31]) تقرير المحاكمة العادلة وضماناتها بين الواقع والتشريع، صنعاء، الشبكة اليمنية لحقوق الإنسان، 2010، ص 82، 100.

([32]) التقرير السنوي لحقوق الإنسان والديمقراطية في اليمن 2009، مرجع سبق ذكره، ص20.

([33]) التقرير السنوي لحقوق الإنسان والديمقراطية في اليمن 2010، صنعاء، المرصد اليمني لحقوق الإنسان، 2011، ص113.

([34]) التقرير السنوي لحقوق الإنسان والديمقراطية في اليمن 2008، صنعاء، المرصد اليمني لحقوق الإنسان، أيار/مايو 2009، ص 142، 143.

([35]) المرجع نفسه، ص 124، 125.

([36]) قادري أحمد حيدر، اليمن في تحولات السياسة والواقع: قراءة نقدية في علاقة الدين بالسياسة والسلطة بالمجتمع، صنعاء، الآفاق للطباعة والنشر، 2011، ص 288، 289.

([37]) التقرير السنوي لحقوق الإنسان والديمقراطية في اليمن 2008، مرجع سبق ذكره، ص142.

([38]) التقرير السنوي لحقوق الإنسان والديمقراطية في اليمن 2009، مرجع سبق ذكره، ص22.

([39]) سعيد عباس الدريمين، مرجع سبق ذكره، ص 104، 105.

([40]) التقرير السنوي لحقوق الإنسان والديمقراطية في اليمن 2007، صنعاء، المرصد اليمني لحقوق الإنسان، نيسان/إبريل 2008، ص143.

([41]) محمد أحمد المخلافي، المركز القانوني للمنظمات غير الحكومية لحقوق الإنسان وأثره على الشراكة في اليمن، كتاب واقع المنظمات غير الحكومية لحقوق الإنسان وأثره على الشراكة في اليمن، الجزء الأول، تعز، مركز المعلومات والتأهيل لحقوق الإنسان، 2006، ص 56، 57، 58.

([42]) توكل كرمان، مهجرو الجعاشن والجزيرة وطلاب الجامعة ثلاثي التغيير والثورة في اليمن، موقع مأرب برس، 26 آذار/مارس 2012، نُشر في: https://bit.ly/3Vam9fP

([43]) محمد أحمد المخلافي، التغيير.. الإصلاح الديمقراطي في اليمن: ضروراته ومعوقاته، صنعاء، الآفاق للطباعة والنشر، 2011، ص 105، 106.

([44]) المرجع نفسه، ص 107، 108.

([45]) التقرير السنوي لحقوق الإنسان والديمقراطية في اليمن 2007، مرجع سبق ذكره، ص142.

([46]) محمد أحمد المخلافي، التغيير.. الإصلاح الديمقراطي في اليمن، مرجع سبق ذكره، ص108.

([47]) مأرب الورد، هل يلغي اليمن مصلحة شؤون القبائل، موقع الجزيرة نت، 18 أيلول/سبتمبر 2013، نُشر في: https://bit.ly/3SMAo9b

([48]) عادل مجاهد الشرجبي وآخرون، القصر والديوان: الدور السياسي للقبيلة في اليمن، صنعاء، المرصد اليمني لحقوق الإنسان، 2009، ص 65، 68، 69.

([49]) محمد محسن الظاهري، المجتمع والدولة في اليمن: دراسة لعلاقة القبيلة بالتعددية السياسية والحزبية، القاهرة، مكتبة مدبولي، 2004، ص386.

([50]) عادل مجاهد الشرجبي وآخرون، القصر والديوان: الدور السياسي للقبيلة في اليمن، مرجع سبق ذكره، ص 65، 68، 69.

([51]) محمد القاضي، ملتقى قبلي بزعامة حسين الأحمر، موقع جريدة الرياض، 30 تموز/يوليو 2007، نُشر في: https://bit.ly/3rFzjnv

([52]) التقرير الإستراتيجي اليمني 2007، مرجع سبق ذكره، ص71.

([53]) عادل مجاهد الشرجبي، التحولات في خريطة توزيع القوة السياسية للقبائل اليمنية، موقع السفير العربي، 25 تموز/يوليو 2012، نُشر في: https://bit.ly/3MkSOLB

([54]) مشايخ اليمن يتبرؤون من مجلس التضامن وأهدافه المشبوهة، المؤتمر نت، 13 آب/أغسطس 2007، نُشر في: https://bit.ly/3VdIAk7

([55]) عادل مجاهد الشرجبي، التحولات في خريطة توزيع القوة السياسية للقبائل اليمنية، مرجع سبق ذكره.

([56]) التقرير الإستراتيجي اليمني 2007، مرجع سبق ذكره، ص71.

([57]) التقرير الإستراتيجي اليمني 2011، صنعاء، المركز اليمني للدراسات الإستراتيجية، 2012، ص 55، 60.

([58]) المرجع نفسه، ص 55، 56.

([59]) سمير عبد الرحمن الشميري، سوسيولوجيا الثورة الشعبية اليمنية، صنعاء، مركز عبادي للدراسات والنشر، 2012، ص79.

([60]) أحمد محمد الحربي، اليمن: ماضٍ يرفض أن يرحل ومستقبل يعاق مجيئه، صنعاء، مركز عبادي للدراسات والنشر، 2013، ص214.

([61]) الأجوبة الواردة من اليمن على قائمة المسائل والأسئلة المتعلقة بتقريرها الجامع للتقريرين السابع والثامن: اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة، قاعدة بيانات الأمم المتحدة الخاصة بالهيئات المنشأة بموجب معاهدات حقوق الإنسان، 19 آب/أغسطس 2020، نُشر في: https://bit.ly/3GEPdGc

([62]) التقرير السنوي الأول لأوضاع المرأة اليمنية لعامي 2006- 2007، صنعاء، مؤسسة أوام التنموية الثقافية، 2008، ص17.

([63]) التقرير السنوي الثاني لأوضاع المرأة اليمنية لعام 2008، صنعاء، مؤسسة أوام التنموية الثقافية، 2009، ص 10، 11.

([64]) رئيس الجمهورية يعلن عن مبادرة لتعديلات دستورية تهدف لتطوير النظام السياسي الديمقراطي، المركز الوطني للمعلومات، 24 أيلول/سبتمبر 2007، نُشر في: https://bit.ly/3t8V1EX

(*) شاركت النقابات العمالية في مؤتمر الحوار الوطني الشامل من خلال قائمة منظمات المجتمع المدني، كما شاركت القبيلة اليمنية في مؤتمر الحوار الوطني، إما من خلال قوائم الأحزاب السياسية، وإما من خلال قائمة الرئيس البالغ عدد أعضائها 66 عضوًا.

([65]) الآلية التنفيذية للمبادرة الخليجية، 23 تشرين الثاني/نوفمبر 2011.

(*) قائمة الرئيس: هي القائمة التي قام رئيس الجمهورية باعتمادها، والهدف منها الحرص على تحقيق التوازن وتمثيل فئات قد لا تكون ممثلة في قوائم المكونات الأخرى، واحتوت القائمة على: قيادات قبلية، علماء، الفئات المهمشة، أحزاب سياسية جديدة، رجال أعمال، فنانين، نازحين، مغتربين، ذوي الاحتياجات الخاصة، وغيرهم.

([66]) تقرير فريق القضية الجنوبية، وثيقة الحوار الوطني، صنعاء، مؤتمر الحوار الوطني، كانون الثاني/يناير 2014، ص 38، 39، 40.

([67]) تقرير فريق الحكم الرشيد، وثيقة الحوار الوطني، صنعاء، مؤتمر الحوار الوطني، كانون الثاني/يناير 2014، ص 103، 104، 111.

([68]) تقرير فريق أسس بناء الجيش والأمن ودورهما، وثيقة الحوار الوطني، صنعاء، مؤتمر الحوار الوطني، كانون الثاني/يناير 2014، ص128.

([69]) تقرير فريق الحكم الرشيد، مرجع سبق ذكره، ص118.

([70]) تقرير فريق استقلالية الهيئات ذات الخصوصية، وثيقة الحوار الوطني، صنعاء، مؤتمر الحوار الوطني، كانون الثاني/يناير 2014، ص 156، 157، 172.

([71]) تقرير فريق الحقوق والحريات، وثيقة الحوار الوطني، صنعاء، مؤتمر الحوار الوطني، كانون الثاني/يناير 2014، ص 192، 199، 209.

([72]) المرجع نفسه، ص192.

([73]) تقرير فريق استقلالية الهيئات ذات الخصوصية، مرجع سبق ذكره، ص160.

([74]) تقرير فريق الحكم الرشيد، مرجع سبق ذكره، ص118.

([75]) تقرير فريق بناء الدولة، وثيقة الحوار الوطني، صنعاء، مؤتمر الحوار الوطني، كانون الثاني/يناير 2014، ص 91، 94، 95، 97.

([76]) تقرير فريق التنمية الشاملة والمتكاملة والمستدامة، وثيقة الحوار الوطني، صنعاء، مؤتمر الحوار الوطني، كانون الثاني/يناير 2014، ص222.

([77]) تقرير فريق استقلالية الهيئات ذات الخصوصية، مرجع سبق ذكره، ص171.

([78]) تقرير فريق الحقوق والحريات، مرجع سبق ذكره، ص 212، 193.

([79]) تقرير فريق التنمية الشاملة والمتكاملة والمستدامة، مرجع سبق ذكره، ص244.

([80]) تقرير فريق الحكم الرشيد، مرجع سبق ذكره، ص108.

([81]) تقرير فريق بناء الدولة، مرجع سبق ذكره، ص91.

([82]) تقرير فريق الحقوق والحريات، مرجع سبق ذكره، ص 189، 199، 200.

([83]) تقرير فريق الحكم الرشيد، مرجع سبق ذكره، ص 112، 114.

([84]) تقرير فريق التنمية الشاملة والمتكاملة والمستدامة، مرجع سبق ذكره، ص233.

Start typing and press Enter to search